عضو التقييم العالمي للتنوع البيولوجي والخدمات الايكولوجية
تَنشأ أهمية المُحيطات للناس والكائنات الحية الأخرى على الأرض من كونها تُغطي نحو 71% من سطح كوكب الأرض كما تحوي المحيطات على نحو 97% من المياه على كوكب الأرض، وتوفر مكاناً لمعيشة نحو 200 مليون صنف حيوي. ويَعتمد أكثر من ثلاثة مليارات شخص بشكلٍ مباشر على التنوع البيولوجي البحري والساحلي لكسب عيشهم، كما ويَعتمد نفس العدد من الناس على المحيطات كمصدر رئيسي للبروتين. تُسهم زيادة التلوث والصيد الجائر والأنواع الغازية والتنمية الساحلية غير المستدامة في فقدان التنوع البيولوجي وفي تَدهور الصحة البيئية في المحيطات.
لذلك، اقترح المجتمع الدولي نَهج الاقتصاد الأزرق كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة.
مساهمة المحيطات في النمو الاقتصادي وسبل العيش
- يَعتمد نحو أكثر من ثلاثة مليارات شخص على التَنوع البيولوجي البحري والساحلي في سبل عيشهم.
- على الصعيد العالمي: تُقدر القيمة السوقية للموارد والصناعات البحرية والساحلية بنحو ثلاثة تريليونات دولار أمريكي سنوياً وهو ما يُعادل نحو 5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي (GDP).
- تَمتَص المُحيطات نحو 30% من ثاني أكسيد الكربون الذي يُنتجه البشر، وهو ما يُقلل من آثار الاحتباس الحراري.
- يَعتمد أكثر من ثلاثة مليارات شخص على المحيطات كمصدر رئيسي للبروتين.
- تُوظف المصايد البحرية بشكلٍ مباشر أو غير مباشر أكثر من 200 مليون شخص.
التَنمية الغير مُستدامة ما هي إلا تَهديد للمجاري المائية
تُسهم زيادة التلوث والصيد الجائر والأنواع الغازية والتنمية الساحلية غير المستدامة، وتغير المناخ بشكلٍ كبير، في فقدان التنوع البيولوجي والوظائف البيئية، وفي تَدهور الصحة البيئية في المحيطات.
فعلى سبيل المثال: تَتَدفق أكثر من 80% من مياه الصرف الصحي في العالم وتَصل هذه النسبة لنحو أكثر من 95% في بعض البلدان الأقل نمواً، مباشرةَ إلى الأنهار والبحيرات وفي نهاية المطاف المحيطات (الأمم المتحدة، 2017).
كما أن الإحتباس الحراري الناجم عن زيادة انبعاثات غازات الأنشطة البشرية يزيد من تَفاقم المحيط وتَدهور السواحل، ويُسهم في زيادة حمضية المحيطات بطريقة سريعة، وهو ما يَعمل على تَغيير أنظمة المحيطات في العالم تغيراً جذرياً.
استجابةً لهذه المُشكلة العالمية، اجتمع المُجتمع الدولي لاعتماد سياسات واتجاهات عالمية للإدارة المُستدامة للمحيطات، فهناك وعي مُتزايد بضرورة دعم وتَحليل الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية للأنشطة البحرية.
الاقتصاد الأزرق طريق من أجل التنمية المستدامة
الإدارة المُستدامة للمحيطات هي أمر بَالغ الأهمية لتَحقيق التنمية المُستدامة. فكيفية تَحقيق التَوازن بين التنمية الاقتصادية المُستمرة والاستدامة البيئية والدمج الاجتماعي، يُشكل تَحديات فكرية وعملية كبيرة للمجتمع الدولي ومُمارسي التنمية.
وقد اقترح المجتمع الدولي نَهج الاقتصاد الأزرق لمعالجة التوازن بين الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة.
ويُشير الاقتصاد الأزرق إلى مفهوم يَسعى إلى تَعزيز النمو الاقتصادي والدمج الاجتماعي، والحفاظ على سبل العيش وتَحسينها مع ضمان الاستدامة البيئية للمحيطات والبحار في الوقت ذاته (البنك الدولي، 2017).
في الاقتصاد الأزرق، تُسهم البحار والمحيطات في القضاء على الفقر عن طريق إيجاد سُبل عيش مُستدامة، وعمل لائق وتَوفير الغذاء والمعادن، وامتصاص غازات الإحتباس الحراري، والتَخفيف من آثار التَغيرات المناخية، وتَحديد أنماط الطقس ودرجات الحرارة، والعمل كطرق سريعة للتجارة الدولية المنقولة بحراً.
من الأمور الأساسية في مَنهج الاقتصاد الأزرق، الربط بين التَنمية الاجتماعية والاقتصادية، وحفظ النظم الإيكولوجية البحرية وإعادة تَأهيلها.
فالإقتصاد الأزرق يُقيم ويَتضمن القيمة الحَقيقية لرأس المال الطبيعي "الأزرق"، في جميع جَوانب النشاط الاقتصادي، بما في ذلك التَصور والتَخطيط وتَطوير البنية التَحتية والتَجارة والسَفر واستغلال الموارد المتجددة وإنتاج واستهلاك الطاقة.
ويمكن تَعريف رأس المال الطبيعي، بأنه مخزون العالم من الأصول الطبيعية والتي تَشمل الجيولوجيا والتربة والهواء والماء وجميع الكائنات الحية، ويَستمد البشر من هذا الرأسمال الطبيعي مجموعة واسعة من الخدمات، وهي ما تُسمى بخدمات النظام البيئي أو خدمات النظم الإيكولوجية (Ecosystem Services) والتي تَجعل حياة الإنسان مُمكنة، وتَشمل خَدمات النظم الإيكولوجية الأكثر وضوحاً كالطعام الذي نأكله، والمياه التي نَشربها، والمواد النباتية التي نَستخدمها للوقود، ومواد البناء والأدوية الخ.
وفقًا لنهج الإقتصاد الأزرق فإنه لا يَتِم استخدام الموارد والمواد البحرية الطبيعية ومصدرها إلا في حالة استخدام خيارات الطاقة المُنخفضة والمُستدامة وذلك للإستخدام الفعال والأمثل للموارد.
ويَشمل التَقييم الإقتصادي للموائل السَاحلية مثل غَابات المَانجروف والشعاب المُرجانية والأعشاب البحرية وأنواع الأراضي الرطبة الأخرى الإستخدام المُباشر وغير المُباشر لمواردها الطبيعية. وتَتَضمن سلعُ وخَدمات النِظام البيئي من هذه الموائل الساحلية؛ السياحة والتَرفيه ومَصائد الأسماك، وحماية السواحل، والتَنوع البيولوجي وتخزين الكربون. إذا تم إستخدام هذه الخدمات الايكولوجية بشكل صحيح ومستدام؛ فإن هذه الموائل سوف تَستمر في توفير خدمات النظام البيئي للبشر والكائنات الحية الأخرى.
وتُعتبر إمكانات المحيطات والبحار لتَلبية احتياجات التَنمية المُستدامة واعدة للغاية، شريطة أن يتم صيانتها وإعادتها إلى حالتها البيئية السليمة. في سبتمبر 2015 اعتمد قادة العالم سبعة عشر هدفاً للتنمية المستدامة (SDGs) بحلول عام 2030 والتي تُغطي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية، ويَتعلق الهدف الرابع عشر من هذه الأهداف بالحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها بشكل مستدام.
وفي إطار هذا الهدف الرئيسي تركز الفقرة السابعة منه (14.7)على تعزيز المنافع الاقتصادية للدول الساحلية الصغيرة النامية (SIDS) والبلدان الأقل نمواً (LDCs) من الاستخدام المستدام للموارد البحرية، وذلك من خلال الإدارة المستدامة لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والسياحة. بينما تتناول الفقرة التاسعة من الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة (14.9) تَعزيز وصول صِغار الصيادين إلى الموارد البحرية والأسواق.
لم يتم ذكر الاقتصاد الأزرق ضمناً من قبل أهداف التنمية المُستدامة، لكنه وسيلة لتَحقيق الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة وغيرها من الأهداف الأخرى. كما أن هناك حَاجِة إلى تَعزيز تَنفيذ الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي.