خاص بآفاق البيئة والتنمية
"انقلاب"
امتاز أيار 2019 بالانقلاب الحاد، فقد تدنت في أوله الحرارة عن معدلها بنحو 6-8 درجات، وارتفعت في نصفه الثاني إلى 12 درجة فوق معدلها. عمليًا، بتنا ننتقل من الشتاء إلى الصيف، وغاب عنا الربيع باعتداله، وبالرغم من الهطولات المطرية فوق المعدل، في غالبية المناطق، هذا الموسم، إلا أن الأعشاب جفت بسرعة، واحتاجت الأشجار حديثة العهد لري تكميلي.
في الشهر ذاته، وخلال عام 2015، دق الحر أبوابنا، وعشنا ثمانية أيام "رهائن" موجتين حارتين قويتين جاءتا من شبه الجزيرة العربية.
وقتها، تجاوزت الحرارة في القدس 36 درجة مئوية، بينما قفزت في الأغوار والبحر الميت وأريحا وأجزاء واسعة من النقب إلى منتصف الأربعينيات. وسجلت مناطق مرج ابن عامر، وجنين، وطولكرم، وقلقيلية، والمثلث، وبجيرة طبريا، وبيسان درجات حرارة تجاوزت الـ 40 مئوية في ساعات الظهيرة.
وحينها، وصف موقع "طقس العرب" درجات الحرارة المسجلة في فلسطين الأعلى، بالنسبة لشهر أيار، منذ 12 عامًا.
بينما، سجلت الأمطار الغزيرة التي هطلت على غالبية مناطق فلسطين، في أيار 2014 رقما قياسيا جديدا في كمية الأمطار الهاطلة خلال ذلك الشهر، ولم يسبق أن هطلت هذه الكمية في يوم واحد منذ عام 1920.
وتأثرت فلسطين بمنخفض جوي، هطلت خلاله كميات كبيرة جدًا من الأمطار على كثير من المناطق، وتسببت الأمطار الغزيرة التي هطلت على صحراء النقب ووادي عربة بمحاصرة عشرات السائحين قبل أن يتم إنقاذهم. وكانت الأمطار مصحوبة بعواصف رعدية، مع انخفاض في درجات الحرارة لتصبح أدنى من معدلها السنوي العام بحدود خمس درجات مئوية. واللافت، أن الأرصاد الجوية حذرت من تشكل السيول في الأودية والمناطق المنخفضة.
ووفق أرشيف (آفاق) الإذاعي، فإن عدد الموجات الحارة في أيار تبلغ 12 بالمعدل، وتتفوق على مثيلاتها في تموز وآب، أما درجة الحرارة الأعنف خلاله فسجلت في 21 منه في جنين عام 1970، إذ وصلت إلى 46,5 درجة.
يحتاج أيار المتقلب إلى دراسة مُعمقّة، تبحثُ (كاتب المقال) في معطيات الشهر الخامس من العام لأكبر عددٍ متاح من السنوات، لنتعرف بدقة على الفترات التي نعمت فلسطين فيها بفصل ربيع فعلي.
أرقام
يصادف يوم البيئة العالمي في الـ 5 من حزيران، ويحمل هذا العام قلق التلوث البيئي، ويدعو إلى توسيع تبني خيار الطاقة المتجددة والتقنيات الخضراء لتحسين جودة الهواء، والحد من الانبعاثات جراء استعمال الكهرباء التقليدية، التي يترافق إنتاجها من مصدرها بحرق الفحم الحجري.
يوم البيئة العالمي
ووفق أرقام الأمم المتحدة، يتسبب تلوث الهواء بوفاة ما يقرب من 7 ملايين شخص حول العالم كل عام، فـ 92 % لا يتنفسون هواءً نظيفَا في العالم، فيما يكلف تلوث الهواء الاقتصاد العالمي 5 تريليونات دولار سنوياً من تكاليف الرعاية الاجتماعية، ويتوقع أن يؤدي تلوث طبقة الأوزون من مستوى الأرض إلى خفض المحاصيل الزراعية الأساسية بنسبة 26 % بحلول 2030.
وبحسب تقرير المنظمة الدولية حول تلوث الهواء في آسيا والمحيط الهادي، يمكن لتنفيذ 25 سياسة تكنولوجية أن يؤدي إلى تخفيض بنسبة 20 % في ثاني أكسيد الكربون وانخفاض نسبة انبعاثات الميثان بنسبة 45 % عالمياً، ما يؤدي إلى خفض ثلث درجة مئوية من الاحترار العالمي.
تسويق
تتجول في معرض جنين الثاني للتسوق، وتبحث عن الجوانب البيئية وغير البيئية فيه، فتراها لم تتغير عن النسخة الماضية. خلال حوارات عديدة مع مسوقين لشركات المنظفات، والمواد البلاستيكية، والمسليات، والحلويات، تستمع إلى إجابات لا تهتم كثيرًا بالأبعاد البيئية والصحية، وتُعنى بالجانب التجاري.
وقال أحد المروجين إن "الضرر الوحيد" لمسليات الأطفال، أنها تسد شهية من يأكلها، وتمنعه من الإقبال على الغذاء.
وأفاد آخر بأن شركته حصلت على براءة اختراع ل ـ"ماء نار جل"، بتركيبة أقل أضرارًا وبرائحة الليمون. فيما تشمل منتوجات كيماوية أخرى تحذيرات للمستخدمين، وتوفر قفازات مجانية لاستعمالها.
تسأل مدير التسويق: هل فكرتم يومًا في استخلاص منظفات طبيعية 100% مستخلصة من الليمون ومضافا إليها الملح أو الخل؟ يرد: لا.
وذكر مروج ثانٍ أن الطحينية طبيعية 100%، ولا تدخل فيها أية مواد غريبة أو مضرة، وهناك مادة مسموح بها هي" مني تول"، لكن الحلاوة تحتوي على سكر بنسبة كبيرة.
وينشط آخر في تسويق بضائع مستوردة من باكستان، منها أرز مٌعتق، وتوابل يقول إنها طبيعية وبجودة أعلى من المنتجات الأخرى، فيما تحتاج البضائع 45 يومًا حتى تصل من موطنها، وهذا يرفع التكلفة.
وتعرض شركة أخرى 95 صنفًا لأدوات ومستلزمات مصنوعة من البلاستيك، ويختفي عن غالبيتها المكونات، وعدد المرات المسموح باستعمالها، والتحذير من استخدامها للمواد الحارة.
وتقدم مؤسسة أخرى منتجاتها من الأزهار الطبيعية، وتقول إنها المبادرة الأولى في جنين، إذ ينتج الدونم الواحد 125 ألف زهرة في الموسم، تسوق بغالبيتها في رام الله.
أما الجمعيات النسوية والريفية، فتكرر عرض أشغال يدوية تتنقل في كل المعارض، ويغلب عليها التطريز، والصابون، والصناعات الغذائية، والحلوى المنزلية، فيما تغيب الأفكار الجديدة.
تحتاج معارضنا للمسات تنموية، والاهتمام أكثر بالبيئة، والكف عن طباعة "كاتلوجات" وأدلة إرشادية، وورق سرعان ما يذهب إلى الأرض كنفايات عشوائية، وتقليل استعمال البلاستيك من أكياس ومواد دعائية، والتوجه نحو الورق، وإعادة التدوير.
ندوة حول الحرائق
مبادرة
تطرح مبادرة في طوباس لتنفيذ أعمال تطوعية في نيسان الماضي، تساهم في تقليل خطر اشتعال النيران في الأعشاب الجافة، وتقطع الطريق على الزواحف والأفاعي لإيجاد ملاذ فيها.
توجه الدعوة لمؤسسات المحافظة ذات الصلة، وتنسق مع المتحدثين، ولسوء الطالع يتصادف موعد الدعوة للمبادرة مع مناسبتين أخريين، فيفضل المعظم التوجه حيث الأضواء والكاميرات.
بعد أيام من طرح المبادرة، ينشط مجلس بلدي طوباس الشبابي في دعمها، وتتصاعد ألسنة النيران في الأغوار الشمالية جراء تدريبات الاحتلال، وتشتعل جبال النصارية، وتمتد ألسنة النيران في عين البيضاء، وغيرها.
ولسوء الطالع، تميل الشريحة الأوسع من مجتمعنا إلى تجاهل الأرض وهجرتها، وعدم العمل في تنظيفها من الأعشاب الضارة، وتركها دون الحد الأدنى من الرعاية، حتى في قلب المدن والتجمعات السكانية، فترى الأعشاب فارعة الطول كقنابل موقوتة، قد تشتعل في أية لحظة، وتمتد ألسنتها على نطاق واسع.
aabdkh@yahoo.com