خاص بآفاق البيئة والتنمية

نفذت فعاليات جنين الاقتصادية مهرجانًا للتسوق مطلع أيار الفائت، وقبيل شهر رمضان، بمشاركة 50 شركة ومؤسسة. تتجول (آفاق) في المعرض، وتفتش عن الزوايا البيئية فيه: حضورها، وغيابها، وتتبع الأسباب.
يسرد بركات نصر موظف المبيعات في شركة النصر، حكاية شركته التي تأسست عام 1983 في قرية عجة بمحافظة جنين، ثم تحولت إلى شركة تصدر البقوليات والزعتر والمفتول، وتستورد البهارات.
وقال: "نصدر اليوم منتجاتنا إلى دول الخليج وأوروبا وكندا والولايات المتحدة، ولدينا مختبر خاص لفحص ما نشتريه من بضائع، وللتأكد من سلامتها وشروطها الصحية، ومنتجاتنا خالية من أي إضافات كيماوية."
ووفق نصر، فإن الشركة تزرع مساحاتها الخاصة من الزعتر والفريكة، وتشتري ما ينقصها من المزارعين، وتصل طاقتها الإنتاجية لعشرة آلاف طن من الفريكة في اليوم الواحد، ويعمل فيها 60 موظفًا.

أعشاب وحبوب طبيعية
استيراد
وأضاف: تعاقدنا مع جمعيات نسوية في جنين والخليل لصناعة المفتول، وننتجه ونصدره للكثير من الدول، لكننا صرنا نستورد ما كانت تصدره بلادنا قديمًا كالسمسم والعدس، وفي السنوات القادمة نخشى من أن مساحات القمح المزروعة ستعجز عن توفير ما نحتاجه لصناعة الفريكة.
ووقف فراس شقو، وهو حفيد نبيل شقو الذي بدأ جده قبل 150 سنة بصناعة الحلويات والسكاكر، والجديد فيما أنتجته الشركة، الراحة السورية والتركية، التي كانت قبل وقت قصير تستورد من هذين البلدين.
وتابع: طوّرنا حلوى بإضافات ورق الورد، والعصفر، والفستق، والنعناع، والفراولة، والرمان ونتخصص في إنتاج العلقوم، وهي حبات الحلقوم الصغيرة، بمذاقات عديدة، ونلتزم بعدم إضافة أصباغ لمعظم ما ننتجه، وما نصنعه يأتي من الطبيعة بشكل أساسي، لكننا نستورد ما لا يزرع في بلادنا كالفستق الحلبي، والزنجبيل.
وأضاف: "الزبائن لا يفرقون بين ما نصنعه في نابلس، وبين ما يحضرونه من إسطنبول، واستطعنا أن نقدم سلعة محلية بسعر أقل وبجودة مماثلة، وعندنا اليوم قائمة من 50 صنفًا."

السلع البلاستيكية من أكبر مصادر التلوث البيئي
حلوى
وقص إحسان عنبتاوي، مؤسس شركة حلويات عام 1983 في الأردن، تجربته في صناعة يدخل السكر في كل تفاصيلها، وقال: يطلب البعض منا صناعة حلوى "دايت" لمن يعانون سكر الدم، لكننا نخبرهم أن هذا غير واقعي، فلا يمكن إنتاج حلوى إلا بالسكر.
وأضاف: "لا ندخل الأصباغ إلى ما نقدمه لزبائننا، ونبقي على اللون الطبيعي لمصنوعاتنا، وكل مكوناتنا من الطحين، والسكر، والنشا."
فيما عرض الأخوان أسامة وخالد أبو الرب محصولهما من الفراولة، وعينات من النبات المعلق الذي أدخلاه إلى مزرعتيهما في بلدة قباطية بمحافظة جنين.
وقال محمد أبو الرب: "لدينا اليوم 14 دونماً كلها فراولة معلقة، وفي هذا النوع يتضاعف الإنتاج عن الدفيئات، كما نربي الأسماك."
وتابع: يحتاج دونم الفراولة ثلاثة عمال للمتابعة والقطاف، وينتج سنويًا 4 أطنان من الفاكهة الحمراء الشهية، وتبدأ دورة المحصول من أيلول وحتى حزيران.

الترويج لأنطمة الطاقة الشمسية في مهرجان جنين للتسوق
طاقة
وقال المهندس الشاب عمر جرار: أسست هذا العام شركة لأنظمة الطاقة الشمسية، ونروج في المهرجان للطاقة النظيفة، ونخبر من يزورنا أن فلسطين تقع ضمن الدول الواقعة بمنطقة (الحزام الشمسي)، وهي المحصورة بين خطي عرض 40 شمالًا و40 جنوبًا، وتزيد أيامنا المشمسة عن 300 يوم سنويًا بسطوع 8 ساعات.
وأضاف: يصل متوسط الإشعاع الشمسي في اليوم إلى 5,4 كيلو واط على المتر المربع الواحد، ما يعادل 1950 كيلو واط لكل ساعة، وهذا يعني أن فلسطين من أفضل الأماكن لاستغلال طاقة الشمس.
وتابع جرار: "الاستثمار في الشمس مسألة بيئية واقتصادية، ويمكن تغطية كامل فاتورة الكهرباء للمشترك، لتصبح صفرًا ضمن نظام (صافي القياس)."
وقال: الألواح الشمسية هي المكون الرئيس لنظامنا الشمسي، ونستخدم ألواحًا ومحولات ألمانية، وبوسع من يتبني أنظمة الطاقة النظيفة أن يسترد رأس ماله بعد 5 سنوات، ويحصل على طاقة مجانية 20 سنة.
وأنهى جرار: "المسألة مجدية جدًا لمن يستهلكون طاقة شهرية أقل من 500 شيقل شهريًا، ويكفي أنها طاقة لا تلوث البيئة، ولا تسبب الضوضاء."

ركن الأراجيل المؤذية صحيا وبيئيا في مهرجان جنين للتسوق
سجائر
ليس بعيداً عن طاقة الشمس، يعرض منتجون محليون ومستوردون سلعًا غير صديقة للبيئة، فتعلو ملصقات للسجائر وللتمباك محلي الصنع، أما الأراجيل المستوردة فتتزاحم على استغلال حيز من واجهات الأجنحة، وفي مساحات قريبة يروج شبان ومتطوعات للزراعة وللمنتجات البلدية.
وعلّق المتسوق صالح إبراهيم: "بإمكانك أن تقرر ما تختاره، فإما تتبنى نظام طاقة شمسية، أو تتحول إلى مدخن نهم."
في ركن ثان، يروّج نضال جبارين لصناعات بلاستيكية تنتجها شركته، وقال: لدينا 300 صنف وأكثر، ونحافظ على توجهات إعادة معالجة البلاستيك واستخدامه، وقللنا بشكل كبير من استيراد المواد الخام.
وأضاف: يوفر تدوير البلاستيك الكثير على البيئة، ولا تحتاج مثلا الأطباق التي نصنعها إلى ماء ومواد تنظيف ووقت، وما نلقيه من نفايات نستعيده بنسبة كبيرة، من مكب زهرة الفنجان، ونطمح أن نصل إلى وضع حاوية خاصة في المنازل والأسواق مخصصة للبلاستيك؛ لنعيد صناعة كل ما نسوقه من جديد. وكجزء من التزامنا بتقليل الاعتماد على النايلون؛ صرنا ننتج كاسات من الورق المقوى.
وأكمل جبارين: "استعمال البلاستيك يحتاج إلى وعي والتزام من المواطنين، ويبدأ من التوقف عن إلقاء النفايات العشوائي، ويتطور لعمليات الفرز وإعادة التدوير."

مهرجان جنين للتسوق
بصمات
وعرضت منسقة مشروع (بصمة خير) ريما دلبح أفكار مؤسساتها وأهداف الإطار الشبابي الخيري، وقالت: "نشجع الشباب، ونبحث معهم عن آفاق عمل جديدة، ونقدم لهم إرشادات وتدريبات، وأسسنا صندوق ادخار لتوفير تمويل لأنشطتنا الخيرية، ودعم الفئات المجتمعية الضعيفة، ونحرص على ترفيه الأطفال، والترويج لمصنوعات تراثية."
فيما أخذت زميلتها في الجمعية سوزان حسن صلاح تروج لصناعتها من الصابون البارد، وأشارت إلى أن المشاريع الصغيرة تساهم في تحسين الظروف الاقتصادية للأسرة، وتقدم نماذجَ لأفكار ومبادرات تنموية.
وقالت مسؤولة جمعية العمل النسوي هيام رأفت، إن جمعيتها تضم 75 سيدة في هيئتها العامة، وتنسق منذ سنوات مع جمعيات إيطالية لتطوير أعمال ومبادرات خاصة.
وتابعت: لم نملك أول الأمر أي تمويل، وتصادف ذلك مع عدوان الاحتلال الواسع على مدننا وقرانا ومخيماتنا عام 2002، فوفرنا بشكل ذاتي وبقروض مبالغ بسيطة، واقترح الإيطاليون علينا تأسيس مطبخ خاص لإنتاج الصابون بالطريقة الباردة، خلافًا لما اعتادت عليه أمهاتنا وجداتنا، وتتميز طريقتنا بأن التفاعلات الناتجة بين المواد لا تتحول إلى مواد حارقة.
وأكملت رأفت: "اكتشفنا خلال إنتاجنا للصابون بأنواعه المختلفة، دخول الكيماويات إلى معظم المحاصيل كالزيتون، وورق الغار، والميرمية، والزعتر، والنعناع، واللافندر، وبدأنا بزراعة مساحات صغيرة لما نحتاجه لنكتشف الفارق الكبير، فورق الغار الطبيعي، والنعناع يقطران كمية كبيرة من الزيت النقي، وصرنا نشترك مع جمعية النحالين للحصول على نباتات ومنتجات طبيعية."

أناناس من بلدة الزبابدة قضاء جنين
أناناس
وقالت مديرة مشروع حاضنة الأعمال في الهيئة الاستشارية عرين أبو الرب إن بلدة الزبابدة أنتجت لأول مرة فاكهة الأناناس الاستوائية منذ العام الماضي، وقدم خلالها مروان محاجنة تجربة عملية لهذه الفاكهة بدونم تجريبي واحد.
وأضافت: "يحتاج الدونم الواحد إلى 4500 شتلة، وتعاقدنا مع شركة عدل في رام الله لتسويق منتجاتنا، إذ نبيع الثمرة الكبيرة بـ 25 شيقلاً، والصغيرة بـ 15، وصرنا ننتج الفسائل ونبيع الواحدة بأربعة شواقل."
والأناناس، وفق العارضين، نبات عشبى معمر وحيد الفلقة شأنهُ شأن الموز، ويتراوح ارتفاع نباته الناضج من 90 إلى 140 سم، وينمو في دائرة قطرها 130 أو 150 سنتيمترًا، أما الأوراق فتحمل في صورة دائرية على محور الساق، ما يصعب معه رؤية الساق، ويزهر النبات ويعطي ثماره مرة واحدة ( من 15 إلى 18 شهرًا)، وبعدها تعطي الخلفات النامية بجوار النبات محصول السنوات التالية.
وبحسب نشرة تعريفية، فإن المهرجان "من أهم الفعاليات الاقتصادية، التي تنفذها المؤسسات في شمال الضفة، ويعرّف المتسوقين بالمنتج الوطني، ويعزز قدرة القطاع الخاص التسويقية، ويطور ثقافة التسوق المسائي في جنين، ويعزز العلاقة بين جنين والبلدات والمدن في الداخل المحتل."
وتضم هيئته التنظيمية: الغرفة التجارية، والمحافظة، والاقتصاد الوطني، والزراعة، والرؤية العالمية، والهيئة الاستشارية لتطوير المؤسسات، وفق إستراتيجية أعدها منتدى التنمية الاقتصادي، الذي يشمل 12 مؤسسة.
aabdkh@yahoo.com