استطلاع للرأي: غالبية تؤيد تماما أو بتحفظ حرق إطارات "الكاوتشوك" في مسيرات العودة بغزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
بين استطلاع أخير للرأي أجرته مجلة آفاق البيئة والتنمية في عددها الصادر في أيار الماضي حول حرق إطارات "الكاوتشوك" في مسيرات العودة بغزة، بأن نحو 51% من المستطلعة آرائهم يؤيدون تماما أو بتحفظ حرق إطارات "الكاوتشوك"؛ وتحديدا 18% يؤيدون حرق الإطارات تماما، و33% يؤيدون بتحفظ. وفي المقابل، حوالي 49% لا يؤيدون حرق إطارات "الكاوتشوك" في المسيرات.
وبلغ حجم العينة المبحوثة 343 موزعة على بضع فئات مختلفة هي: طلاب، باحثون، صحفيون، ناشطون بيئيون، منظمات غير حكومية، قطاع خاص، مزارعون، ومسؤولون حكوميون / قطاع حكومي.
الملاحظ أن فئة الطلاب الذين شاركوا في الاستطلاع وعددهم 130 يؤيدون بغالبيتهم تماما أو بتحفظ حرق إطارات "الكاوتشوك"، وتحديدا 65% من الطلاب، بينما الباقي (35%) لا يؤيدون حرق إطارات "الكاوتشوك". في المقابل، 68% من الناشطين البيئيين الذين شاركوا في الاستطلاع وعددهم 74 لا يؤيدون حرق إطارات "الكاوتشوك"، و32% فقط يؤيدون بتحفظ؛ في حين لم يؤيد أي منهم تأييدا تاما حرق إطارات "الكاوتشوك" في المسيرات.
واللافت أن اتجاه تصويت المسؤولين الحكوميين والقطاع الحكومي كان بغالبيته غير مؤيد لحرق إطارات "الكاوتشوك" (70%)، مقابل 26% يؤيدون بتحفظ، و4% فقط يؤيدون تماما حرق إطارات "الكاوتشوك" في المسيرات.
وكما في حال الطلاب، فإن غالبية فئة الصحافيين الذين شاركوا في الاستطلاع وعددهم 38 يؤيدون بغالبيتهم تماما أو بتحفظ حرق إطارات "الكاوتشوك"، وتحديدا 66% من الصحافيين، بينما الباقي (34%) لا يؤيدون حرق إطارات "الكاوتشوك".
وفي المحصلة، تشير نتائج الاستطلاع إلى أن معظم المبحوثين يؤيدون تماما أو بتحفظ حرق إطارات "الكاوتشوك" في المسيرات العودة بغزة. ويمكننا الاستنتاج بأن للعامل السياسي في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي التأثير الأكبر على الرأي العام فيما يتعلق بحرق إطارات "الكاوتشوك" في المسيرات الشعبية المناهضة للاحتلال؛ وذلك رغم أن خبراء بيئيين ونشطاء فلسطينيين يقرُّون بأن الدخان الأسود الناجم عن إحراق إطارات السيارات هو عدو للبيئة، لكنهم ينتقدون تباكي دولة الاحتلال على الصحة العامة والبيئة، في حين أنها لا تتوقف عبر آلتها العسكرية التدميرية أو حصارها المستمر منذ 12 عامًا عن استهداف كل مجالات الحياة سواء البرية أو البحرية في قطاع غزة.
وأمام ذلك لم يجد الفلسطينيون بُداً من التفكير بوسائل احتجاج سلمية بسيطة ومنها إشعال آلاف الإطارات المطاطية لتمويه قناصة جيش الاحتلال، بينما أوجد آخرون حلًا بسيطًا للقضاء على قنابل الغاز الدخانية باستخدام كمامات من البصل الأخضر، ودلاء بلاستيكية فارغة.
دولة الاحتلال سعت لتشويه حراك المتظاهرين في غزة من خلال اتهامهم باستخدام وسائل غير بيئية تهدد الصحة العامة والبيئة؛ وذلك للتغطية على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يقترفها جنود الاحتلال ضد أهالي غزة المنتفضين سلميا من خلال استهداف الآلاف بالرصاص المتفجر الذي تسبب في تدمير شديد للعظام والأنسجة الرخوة، وجروح كبيرة بحجم قبضة اليد.
كما أن الغاز الإسرائيلي المستخدم ضد الفلسطينيين المشاركين في مسيرات العودة لم تعرف طبيعته؛ إذ أن الطواقم الطبية لاحظت آثاراً جانبية غريبة على عدد كبير من المصابين الذين تعرضوا للغازات ونقلوا إلى المشافي، مثل الاختناق والتقيئ، ورفع نسبة ضربات القلب لديهم، وتشنجات عصبية.
إسرائيل آخر من يحق لها التشدق بالقيم الإنسانية والأخلاقية والبيئية، وبخاصة أن جيشها اقترف في قطاع غزة، خلال العقد الأخير، مجازر همجية ضد شعب أعزل محاصر ومجوع، واستخدم أبشع الأسلحة الفتاكة المحرمة دوليا في حروبه العدوانية على غزة، مثل الأسلحة الكيميائية والقذائف الحارقة (الفسفورية وغيرها)؛ علاوة على القنابل العنقودية وقنابل "الدايم" التي تصنف عالميا باعتبارها من أسلحة الدمار الشامل؛ يضاف إلى ذلك القنابل الفراغية والارتجاجية.
القيم الإنسانية والأخلاقية والبيئية التي يزعم الإسرائيليون بأنهم حريصون- هذه القيم لا تستوي مع من يقتنص الأطفال ويقتلهم بدم بارد كما يقتل الصياد الطيور؛ كما لا تستوي مع من يذبح الأطفال بالجملة ويقصف المشافي والبيوت الآمنة، ويحاصر ويحشر ويُجَوِّع ويُذِّل أكثر من مليوني إنسان في مساحة جغرافية صغيرة وكثيفة السكان، ويقصفهم بكثافة ويحولهم إلى مختبر لفحص الأسلحة المحرمة دوليا.