خاص بآفاق البيئة والتنمية

يذكرنا ماضينا الزراعي بأن الفلاحة من غير حيوانات هي مثل محاولة قيادة سيارة من دون وقود. ويعدُّ إتباع الدورة الزراعية في زراعة المحاصيل ومحاصيل الغطاء الحيوي و"ترييح" الأرض من فترة لفترة بمثابة استراتيجيات استخدمها أجدادنا لإبقاء الإنتاجية في المزرعة، إلا أن البقرة الحلوب، قطيع الدجاج وبعضاً من الخنازير شكلوا الضمان للخصوبة الدائمة للأرض.
عند القيام بذلك بالطريقة الصحيحة، فإن تربية الحيوانات في أرض صغيرة يوفر خصوبة دائمة ومتوازنة، وبنفس الوقت منتجات طعام ذات جودة. فالحيوانات تأكل من المراعي ومخلفات المنتجات الأخرى من الأرض، وتوفر خصوبة ومنتجات طعام هائلة للإنسان. وظيفة الحيوانات في العملية الصناعية المركزة لإطعام الحيوانات هي بكل بساطة لإنتاج بروتين بأسرع ما يمكن. وعلى مستوى صغير، في تصميم البيرماكلتشر، فإن الحيوانات (كجزء من النظام الكلي) لها عدة وظائف، منها: طعام/ بروتين، خصوبة، تنوع، زراعة طبيعية/ حراثة الأرض، تحكم بالأعشاب الضارة.
الثور الأمريكي
تعتبر تربية الحيوانات الصغيرة حول العالم بمثابة سبب أولي للتصحر، تآكل التربة، بالإضافة لاعتبارها مستقبلة لمشاكل بيئية أخرى. ولكن عندما يكون التصميم صحيحاً، فإن الحيوانات تساهم ببناء نظام صحي متكامل، ومن أشكال هذه المساهمة في الطبيعة "قطعان الثيران" التي كانت تحوم في السهول العظيمة في أميركا، حيث عاش السكان الأميركيون الأصليون بتوافق مع قطعان الثيران والذين كانوا يقدرون بالملايين. الثور الأميركي كان يشكل المصدر الأساسي للطعام للسكان الأصليين، وكان أيضاً مصدراً للمأوى والملبس. وأيضاً عظام الثور الأميركي كانت تستخدم بشكل كبير كأدوات مطبخ.
الثور الأميركي لم يساهم في صحة ورفاه الإنسان المحلي والسكان فقط، بل كان يشكل راعياً أساسياً للنظام البيئي الخاص بالبراري التي كانوا ينتشرون فيها. ومن خلال ترحالهم، كانت قطعان الثيران تزيد نظام البراري البيئي خصوبة. فمن خلال الجز الدوري الناتج عن رعيهم، سمحت الثيران للنظام بأن يتعافى بشكل طبيعي من أي اضطرابات متقطعة ضرورية للنظام البيئي.
عندما قام المستوطنون البيض بقتل قطعان الثيران، قاموا باستبدالها بماشية وقاموا بإبقائها داخل حقول مغلفة بسياج. حقول البراري هذه كانت متنوعة ومرنة وتم استبدالها بالنظام الأحادي للأعشاب ومن ثم بمحاصيل البقوليات لإطعام الحيوانات.
كانت النتيجة؛ تدهور بيئي كبير في سهول البراري العظيمة والتي تجسدت بوعاء الغبار في الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث تم مسح التربة العلوية وبالتالي خسارة التنوع الغني للبراري المرنة. الرعي المفرط من قبل الأعداد الكبيرة من الماشية في مساحات مغلقة أدى إلى تآكل كبير في التربة وتدهور الأراضي. بينما كانت النظم الإيكولوجية تزدهر، وتدعم أعداداً كبيرة من الثيران والسكان الأصليين؛ فإن نسبة التصحر تزيد بسرعة في بعض الأماكن في السهول العظمى الآن.
من خلال تصميم البيرماكلتشر على أراضي أصغر بكثير من السهول العظمى، فإن مدخلات الحيوانات للمساهمة في مرونة وصحة النظام البيئي تستطيع أن تتبع مثل قطعان الثيران في تصميمها، وبينما أصبحت عقولنا الصناعية تصدّق أن الماكينات هي أفضل وأكفأ طريقة للقيام بأي عمل، فإن التعلم من خلال مراقبة الميول الطبيعية للحيوانات، وتوجيه هذه السلوكيات النمطية نحو نظام كامل متكامل هو جانب مهم يجب على كل من يطبق البيرماكلتشر أن يتعلمه.
الحظيرة كعنصر لها عدة وظائف:
الحظيرة بالعادة تعبّر عن الحياة الريفية، وعن الفلاحين وطريقة حياتهم. وبينما كان للحظيرة دور مهم لدى الفلاحين على مدى السنين، فإن البيرماكلتشر تحاول اكتشاف المهام العديدة التي يمكن للحظيرة أن تقدمها على قطعة أرض. الحظيرة هي بالعادة مسكن للحيوانات خلال الليل والأوقات الباردة والجافة عندما لا تكون المراعي متوافرة. ويعتمد تصميم الحظيرة بشكل كبير على الطقس، الوقت الذي تنوي فيه تربية الحيوانات، بالإضافة لتخوفات معينة من الحيوانات المفترسة. في الأماكن ذات الشتاء الطويل البارد، يجب أن تكون الحظيرة مغلقة تماماً لحماية الحيوانات من البرد. في الأماكن ذات درجات الحرارة المعتدلة والدافئة يجب ترك مجرى للهواء، الأمر الذي يساعد في خلق جو صحي أكثر للحيوانات.
للحظائر مهمات أخرى، فأرضية الحظيرة تعتبر ماكينة سماد طبيعي فبدلاً من أن يقوم بعض الناس بنقل سماد الحيوانات وإضافته لكومة السماد الطبيعي فإن هناك طريقة أقل جهداً وهي إنتاج السماد الطبيعي تحت الحيوانات مباشرة. فضلات الحيوانات غنية جداً بالنيتروجين، وعن طريق إضافة كمية كبيرة من الكربون، مثل القش أو أوراق الشجر، هذا سيسمح بتحلل هوائي لهذه المواد بالإضافة لزيادة خصوبة التربة.
لتتمكن من صنع السماد في مكانه، يجب إضافة كمية كبيرة من الكربون كل يومين، بناء على عدد الحيوانات التي تملكها وكمية الروث الذي ينتجونه. عندما تتكون لديك كومة على أرضية الحظيرة، تقوم بإخراج الحيوانات للرعي وتقوم بنقل كومة السماد مباشرة إلى الحديقة أو حول الأشجار. يمكن أن يستخدم سطح الحظيرة لحصد مياه الأمطار، أو كمكان لتجميع الطاقة الشمسية. وبشكل عام عند بناء الحظيرة، يجب الأخذ في الاعتبار الوظائف التي ستؤديها كجزء لا يتجزأ من النظام الكلي لتصميمك.