شباب "نبض" و"سوسن فقوعة": أنا أتطوع أنا موجود...
"نبض" محاولة من مجموعات شبابية لإعادة الاعتبار للعمل التطوعي والتعاوني، وتنفيذ أنشطة مجتمعية وثقافية ووطنية، وتشجيع الشباب على المساهمة بدور اجتماعي واقتصادي فاعل، بعيدًا عن التعقيدات السياسية. تركز مجموعة "نبض" عملها على الأنشطة الاجتماعية والثقافية، والندوات حول التاريخ والقضية الفلسطينية، وتركز على العمل التعاوني، وتنظيم مسارات تعريفية ببيئتنا. وتهتم أيضا بما يحدث في العالم من تصحر واحتباس حراري وتهديد التنوع الحيوي، وانتشار المبيدات الكيماوية، وهذا يرسخ فيهم الإيمان بأن البيئة ليست قضية فردية، بل هي حالة عامة تؤثر في كل الناس، ولا تعرف أي حدود. التطوع قيمة إنسانية عليا، لكننا فقدناها منذ انتفاضة عام 1987، ونحاول اليوم استعادتها عبر الشباب.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
 |
شابات نبض يتطوعن للعمل الزراعي |
شقّت خطواتٌ لشبان وشاباتٍ طريقها في أزقة قرية فقوعة، شرق جنين، وتنافس أعضاء ملتقى "نبض" على غرس أشجار الخروب والبطم والزعرور، في مكانٍ ليس ببعيد عن جدار الفصل العنصري الذي التهم مساحات من أراضي القرية.
وقال منسق الملتقى المحامي عمرو السلعوس إن "نبض" محاولة من مجموعات شبابية لإعادة الاعتبار للعمل التطوعي والتعاوني، وتنفيذ أنشطة مجتمعية وثقافية ووطنية، وتشجيع الشباب على المساهمة بدور اجتماعي واقتصادي فاعل، بعيدًا عن التعقيدات السياسية.
وتابع: "تركز عملنا على الأنشطة الاجتماعية والثقافية، والندوات حول التاريخ والقضية الفلسطينية، ونركز على العمل التعاوني، وتنظيم مسارات تعريفية ببيئتنا."
والحديث للسلعوس، فقد أطلق مجموعات شبابية عام 2014 "نبض" في رام الله، ثم توسع الإطار لمحافظات أخرى ليشمل الخريجين، والعاملين، والأطباء، والمحامين، والمهندسين، الذين يؤمنون بالتنمية الاجتماعية والتطوع.
وأضاف: "واجهتنا صعوبات كثيرة، أدت لعدم تراكم الكثير من النجاحات، لكننا عقدنا في نابلس أكثر من 40 ندوة حوارية شبابية اجتماعية، واقتصادية، والإيجابي تناقل الأفكار من خلال حلقات دراسية حول تاريخ فلسطين، وطرق الخلاص من التبعية الاقتصادية للاحتلال، ونأمل الوصول إلى اختراق ثقافي لتغيير الواقع الحالي، ولا نسعى لخلق كيان سياسي".

شابات نبض يمارسن عمليا انتمائهن للأرض
قلق بيئي
وأشار العشريني السلعوس، وهو يساعد رفاقه في جمع نفايات عشوائية من حديقة عامة بقرية فقوعة: "نهتم بما يحدث في العالم من قلق التصحر، والاحتباس الحراري، وتهديد التنوع الحيوي، وانتشار المبيدات الكيماوية، وهذا يرسخ لنا الإيمان بأن البيئة ليست قضية فردية، بل هي حالة عامة تؤثر في كل الناس، ولا تعرف أي حدود، وإذا لم تكن بيئتنا المحيطة متزنة، فسندفع جميعًا الثمن، وعلينا أن نحافظ على التنوع الحيوي، لأنه أساس الحياة، ولا يجوز تدميره".
وتابع: البيئة قضية مركزية في العالم، وبدأت تدرك الأحزاب السياسية الخطأ الذي ارتكبته، من عدم اعتبار البيئة قضية أساسية كما فعلت الأحزاب الخضراء. ونؤمن بأن من حقنا المحافظة على محيطنا، لأنه ليس لنا وحدنا. ولا يمكن إهمالها، وهي ليست ترفاً، وعلينا مراعاتها، ولا معنى للنضال من أجل التحرر مع تدمير البيئة".
وأضاف: "جاءت مبررات إطلاق "نبض" في ظل غياب أي فعل ثقافي واجتماعي حقيقي من الأطر السياسية الموجودة، ونحاول صناعة سياق نتمنى أن يتكلل بحركة اجتماعية واسعة للعمل التطوعي والثقافي والاقتصادي".
وأنهى السلعوس بعبارة :" أنا أتطوع ..أنا موجود."

شابات نبض
تمويل ذاتي
ويدفع المنتسبون لـ"نبض" نفقات أنشطتهم من جيوبهم، ويحرصون على عدم التبعية لأي إطار، أو الخضوع لأي شروط لممولين، وعادة يرحلون الفائض إلى أنشطة قادمة، وكل القرارات التي يتخذونها ذاتية وتنطلق من حاجة المجتمع.
وقالت ياسمين، وهي طالبة قانون إن أعضاء الملتقى وجدوا تعاونًا كبيرًا من أهالي القرية والبلدات الأخرى، خلال غرس أشجار، وحملات تطوع، ونظافة، ورسم.
وقالت الصحافية سالي أبو الرب: "في ظل الاعتماد على التمويل، فقدنا جزءاً أساسيًا منا، ولم تعد قيمة التطوع حاضرة، ونحاول بالتدريج فعل شيء، ويفترض أن تبدأ الجهات ذات العلاقة الدعوة للتطوع والترويج له من مرحلة المدرسة".
وأضافت: "ينفّذ الملتقى مبادرات بسيطة لا تحتاج إلى تمويل كبير، وهو حاضنة شبابية للجميع".
وذكر القائمون على نبض أن عددهم غير ثابت، ففي نشاط العام الماضي بمحافظة رام الله شارك 700 من أعضاء الملتقى في فعالية تطوعية.
وقال المتطوع رؤوف حواري، إن ثقافة التطوع تراجعت عقب الكثير من التطورات التي عصفت بالمجتمع الفلسطيني، وهي اليوم تغيب بالتدريج ولا يمكن الحديث عن أي عمل دون مقابل مادي، لكن التطوع وفق حواري كان المحرك الأساسي والرافد للعمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
وقال فضل المصري، الذي يدرس الاقتصاد إن الملتقى نظم في السابق أنشطة متنوعة كعرض أفلام، ومناقشة كتب، ومسارات، وأعمال تطوعية، وله جمهور متنوع وواسع، في محاولة لصناعة وعي شبابي بأهمية التغيير والحفاظ على البيئة.

شباب وشابات نبض
سوسن فقوعة
ولم يخفِ منسق "سوسن فقوعة" مفيد جلغوم سعادته، وهو يوزع مع أعضاء من المجلس القروي أطباق المجدرة التراثية، وقال: "نأمل أن تكون هذه فاتحة خير، وأن ننشر ثقافة التطوع الغائبة بين شباننا."
وقال جلغوم إن التطوع قيمة إنسانية عليا، لكننا فقدناها منذ انتفاضة عام 1987، ونحاول اليوم استعادتها عبر الشباب. وقد غرس متطوعو "نبض" أشجاراً أصيلة كالبلوط، والسريس، والبطم، والخروب، والحور، كما نظفوا المقبرة، ورسموا جداريات فنية.
وأضاف: "اشتهرت قريتنا هذا العام بفضل سوسنها، وأسسنا فرقًا من متطوعين لاستقبال الزائرين والمشاركين في المسارات البيئية، وقدم المتطوعون مجهودًا كبيرًا للمشي مع الضيوف، واستقبالهم، وتوفير مستلزمات كثيرة."
ووفق جلغوم، فقد انضم عشرات الشبان إلى فرق المتطوعين، والعدد في ازدياد مستمر، ويضاعف المتطوعون الجهود أيام الخميس والجمعة والسبت، فيما بدأ توافد الزائرين من نهاية شباط، مع تفتح أول سوسنة، ويتواصل حتى اليوم.
وأكّد أن فقوعة استقبلت 50 متطوعًا من محافظات الوطن، ونفّذت فعاليات إعادة غرس الأشجار الأصلية، التي قدمها مركز التعليم البيئي، وهي المرة الأولى لغرس أشجار كانت مزروعة منذ مئات السنين لكنها شارفت اليوم على الانقراض.
وبحسب جلغوم، فإن منتدى سوسن فقوعة ساهم كثيرًا في ترتيب صفوف المتطوعين، وتنظيم العمل من الفردي إلى الجماعي، ومساعدة المجلس في تنسيق الزيارات، وتحمل أعباء المشاركين في المسارات البيئية، وتوفير مستلزماتهم، والحرص على تنظيم المناطق الجبلية من النفايات، وحماية الزهرة الوطنية من القطف الجائر.

متطوعو نبض أثناء عملهم الزراعي
مسارات وعونة
وبيّن رئيس المجلس القروي بركات العمري، أن فقوعة كانت هذا العام محظوظة بالوفود التي زارتها، واستندت إلى تنظيم صفوف شبابها للتطوع، واستقبال القادمين لمشاهدة الزهرة الوطنية لفلسطين، وزاد عدد الزائرين عن الثلاثة آلاف من محافظات مختلفة، والزيارات مستمرة.
وتابع: "عملنا بالشراكة مع منتدى السوسن، ونحرص على تنظيم المسارات البيئية في جبال فقوعة وأطراف مرج ابن عامر، ونذكّر في كل تجوال بتاريخ قريتنا، التي تبعد 11 كيلومترًا شرق جنين، ونحدثهم عن قصة زهرتنا، ومرج ابن عامر وتاريخه وجغرافيته وما يواجهه من تحديات الزحف العمراني".
وأكد العمري أن فقوعة بنت نفسها بنفسها، وحرصت أجيالها على "العونة" في العمل الزراعي، والبناء، كما تابع شبابها النهج ذاته في شق الشوارع، وإطلاق نظام جمع النفايات، ودخل التطوع لكل نظام حياتها، وهو اليوم يحقق انجازًا.
وذكر عضو المجلس القروي محمد الجالودي، إن فقوعة كانت هذا العام محظوظة بالوفود التي زارتها هذا العام، واستندت إلى تنظيم صفوف شبابها للتطوع، واستقبال القادمين لمشاهدة الزهرة الوطنية لفلسطين.
وأضاف: "نسعى إلى نشر التطوع في الأجيال الشابة، ومن بين نحو ثلاثة آلاف زائر، كان لدينا 50 متطوعًا".
وختم حديثه: "واجهتنا مشكلة إلقاء النفايات خلال المسارات البيئية، وعالجناها بوضع حاويات، ونطمح بإصدار قانون لحماية زهرتنا".