يستعين مستشفى "مار يوسف-الفرنساوي" بالطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، مستغلاً سطح المبنى القديم ليضع 100 لوح شمسي، تُنتج مجتمعة حوالي 103 كيلو واط /ساعة، على مساحة 1000 متر مربع. هذه التجربة الريادية في مدينة القدس المحتلة توفر على المشفى نصف قيمة فاتورة الكهرباء تقريبا، خاصة إذا ما علمنا أن حجم استهلاك المشفى الشهري من الكهرباء يبلغ 200,000 كيلو واط. مستشفى "الفرنساوي" يُعتبر أول مبنى خدماتي عربي في المدينة يستخدم هذا النظام، ومنذ بدء العمل بنظام الطاقة الشمسية بالمشفى صيف عام 2015 وحتى شهر يناير/كانون ثاني 2018، أنتج النظام 407 ميجا واط ساعة، ووفرت المشفى حوالي 325000 ألف شيكل إسرائيلي- 92 ألف دولار أمريكي تقريبا-، إذا ما علمنا أن سعر الكيلو واط 0.8 أغورة.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
 |
الخلايا الشمسية لتوليد الكهرباء تنتشر على أسطح المستشفى الفرنسي في القدس المحتلة |
كتجربة أولى في مشافي مدينة القدس المحتلة، يستعين مستشفى "مار يوسف-الفرنساوي" بالطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، مستغلاً سطح المبنى القديم ليضع 100 لوح شمسي، تُنتج مجتمعة حوالي 103 كيلو واط /ساعة، على مساحة 1000 متر مربع.
هذه التجربة الريادية في المدينة المحتلة وإن وُصفت بالمتواضعة بسبب محدودية المساحة التي لا تسمح بتغطية كامل احتياجات المستشفى من الكهرباء، إلا أنها توفر عليها نصف قيمة فاتورة الكهرباء تقريبا، خاصة إذا ما علمنا أن حجم استهلاك المشفى الشهري من الكهرباء يبلغ 200.000 كيلو واط.
بحسب المهندس الطبي وسيم كمال، مندوب الأمن والسلامة البيئية في المستشفى الذي يُعتبر أول مبنى خدماتي عربي في المدينة يستخدم هذا النظام، فإن كل لوح مستخدم في النظام الشمسي يحتوي على 36 خلية ضوئية، وظيفتها استشعار أشعة الشمس وتحويلها إلى تيار كهربائي، وهكذا يُنتج كل لوح شمسي حوالي 100 كيلو واط /ساعة.
وبحسب المهندس عماد بريك مدير مركز بحوث الطاقة في جامعة النجاح الوطنية، فإن لوح الطاقة الشمسية كإحدى أنظمة الطاقة المتجددة، ينتج لنا ما بين 4-5 كيلو واط /ساعة باليوم كمتوسط خلال العام، ويزداد معدل الإنتاج خلال الصيف ليصل إلى 8 كيلو واط /ساعة، بينما في الشتاء تمنحنا الشمس 3 كيلو واط /ساعة.
ومنذ بدء العمل بنظام الطاقة الشمسية بالمستشفى صيف عام 2015 وحتى شهر يناير/كانون ثاني 2018، أنتج النظام 407 ميجا واط ساعة، ووفرت المشفى حوالي 325000 ألف شيكل إسرائيلي- 92 ألف دولار أمريكي تقريبا-، إذا ما علمنا أن سعر الكيلو واط 0.8 أغورة.

المهندس وسيم كمال مندوب الأمن والسلامة البيئية من المستشفى الفرنسي بالقدس المحتلة
الأثر البيئي
الخليّة هي أهم مكون في نظام توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، وهذه الخلية يجب أن يكون فيها مواد شبه موصلة مثل السيلكون، ولديها خاصية توصيل الكهرباء وبنيتها الذرية تتألف من ذرة حرة، ويلعب تصميم النظام الشمسي دوراً مهماً في الإنتاج إذ يجب أن تُصمّم الألواح وتوضع بشكل عمودي وبزوايا صحيحة ودقيقة.
ولا يمكن تجاهل الأثر البيئي عند الحديث عن الطاقة الشمسية كواحدة من أنظمة الطاقة المتجددة، التي ستحمي البيئة التي نعيش في كنفها، فوفقا للمهندس بريك، فإن كل واحد كيلو واط /ساعة يتم توليده من الطاقة الشمسية، يوفر حوالي 0.07 من غاز ثاني أكسيد الكربون في محطات التوليد، وهذا بالتأكيد أمرٌ محفزٌ على الاستثمار في القطاع.
ومن تجربة المستشفى الفرنساوي بالقدس، نجد أن نظام الطاقة الشمسية لديهم قد جنّب البيئة منذ بدء استخدامه وحتى منتصف يناير 2018، 522,334 كيلو غرام من ثاني أكسيد الكربون، و 42,68 كيلو غرام من أكسيد النيتروجين، و1,41 كيلو غرام من ثاني أكسيد الكبريت.
ومن الفوائد البيئية للنظام ذاته خلال الفترة ذاتها، أن الطاقة الشمسية المنتجة كافية لتحريك 11500 مركبة خلال عام، وطاقة كافية لتشغيل 3,133 جهاز كمبيوتر خلال عام أيضا، وتشغيل أجهزة تلفاز لـ 2,830,964 ساعة.

توليد الكهرباء الشمسية في المستشفى الفرنسي بالقدس المحتلة
الجدوى الإقتصادية
عموما، تبلغ تكلفة إنتاج 1 كيلو واط حوالي 1000$، وفترة استرداد رأس المال اللازم لأي مشروع طاقة شمسية تتراوح ما بين 4 و 5 سنوات، بينما العمر التشغيلي للنظام يصل إلى قرابة العشرين عاما.
بالفعل، فإن التكلفة المادية لمشروع المستشفى الفرنساوي بالقدس لا تعتبر كبيرة، فقد كلف ووفقا للمهندس الكهربائي الاستشاري مدحت الشريف، حوالي 150 ألف دولار أميركي، لكن هذا المبلغ يمكن تعويضه خلال ثلاث سنوات تقريبا، خاصة وأن النظام يوفر حوالي 20% من احتياجات المستشفى من الكهرباء.
وبحسب المهندس الشريف فإن أكثر التحديات التي تواجه التوسع في مثل هذا النوع من المشاريع هو توفر المساحات الكافية كالأسطح، وكذلك هناك تحدي القدرة الإنشائية للمباني عموما، علما أن جميع المواد المستخدمة في بناء النظام الشمسي وإن كانت مستوردة لكنها معفاة من الضرائب الجمركية، بسبب التشجيع الدولي على مثل هكذا نوع من المشاريع التي تحمي عالمنا.
جميع ما سبق بالإضافة إلى وجود الأنظمة والقوانين المشجعة على الاستثمار في قطاع الطاقة الشمسية، ومنها نظام التعرفة المحفزة، يولد توجها عند المستثمرين لمزيد من الاستثمارات في هذا القطاع، وربما نصل إلى مرحلة تعتمد فيها شركة الكهرباء على المواطنين لتزويدها بالكهرباء بسعر 1.54 أغورة، وفقا للمهندرس بريك.
كذلك، فإن الأقبال الشعبي في فلسطين على مثل هكذا مشاريع يعتبر جيداً، لكن نظام البناء في مجتمعنا، واكتظاظ الأماكن السكنية والاستخدام المنزلي للأسطح يقلل من إمكانية الاستفادة من المساحات المتوفرة لدينا، لأن كل كيلو واط يحتاج إلى عشرة أمتار مربعة من المساحة.
وفي حال اعتمد المواطن نظام توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية على سطح منزله، فإن كل ما يحتاجه لاحقا لا يتعدى الصيانة الدورية والتنظيف المتواصل للنظام، مع تنويه المهندس بريك إلى أن التنظيف يجب أن يكون في فترات إشعاع شمسي منخفض، لأن تنظيفها في ذروة الإشعاع الشمسي يعرض بعض الخلايا للتلف.
يقول المهندس بريك، أنه في فلسطين عموما، هناك شح في مصادر الطاقة، لذلك الاستثمار في الطاقة المتجددة مهم جدا وأحد الحلول المستقبلية للطاقة البديلة.
لكن، وإلى جانب غياب المساحات وعدم وجود شركات تقدم خدمات الصيانة لأنظمة توليد الطاقة الشمسية، يعتبر التقسيم السياسي للمناطق "أ، ب، ج" من أعقد المشاكل لتدني فرص الاستثمار في هذا المجال، وإن كان هناك أراضٍ تابعة لإدارة السلطة الفلسطينية ويمكن الاستفادة من موقعها لاستخدامها كمحطات للتوليد، إلا أن إيجادها يحتاج إلى بحث وطواقم متخصصة.

مساحات كبيرة من الخلايا الشمسية على أسطح المستشفى الفرنسي
معطيات شركة كهرباء محافظة القدس
في القدس، ووفقا لشركة كهرباء محافظة القدس، فإن 13 مشتركا من مشتركي الشركة، يستخدمون الطاقة المتجددة منزليا، وتولد أنظمة الطاقة الشمسية لديهم مجتمعين حوالي 200 كيلو واط، وهم من أصل 219 جهة حاصلة على امتيازات الشركة.
وتبلغ حاجة الفلسطينيين من الكهرباء حوالي 500 ميجا واط، لا تنتج أنظمة توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية كواحدة من أنظمة الطاقة المتجددة إلا 6 ميجا واط فقط، وهذا يجعل الضرورة ملحة لاستحداث أنظمة طاقة متجددة.
وتشير المهندسة سماح دشت، مدير دائرة الفحص والمواصفات الفنية في شركة كهرباء محافظة القدس، إلى أنه وبالرغم من أن فائدة استخدام الأنظمة الشمسية ملموسة بشكل أكبر في القطاع التجاري لكن مستوى استثمار هذا القطاع بالمدينة للطاقة المتجددة يبقى متدنيا، وهذا مرده إلى التكلفة التي تعتبر عالية مقارنة بدخل هذه الجهات، والعراقيل التي يضعها الاحتلال ومنها الحاجة إلى تراخيص محددة يمنحها هو.
ووفقا للمهندسة دشت، فإن احتياج القطاعان التجاري والصناعي من الكهرباء أكبر، وإن استثمروا في قطاع الطاقة الشمسية فإنهم سيوفرون ما بين 40-60% من قيمة فاتورة الكهرباء، لأن أنظمة الضغط المستخدمة في هذه المنشآت قدرتها التحملية أكبر، ما يجعل كفاءة الأنظمة وجدواها أكبر.
ومن فوائد اعتماد هذه الأنظمة في هذه القطاعات، التقليل من الأحمال، والتخفيف من الاعتماد على شراء الكهرباء من الجانب الإسرائيلي وخفض فاتورة الكهرباء من القطرية الإسرائيلية.
تعمل ضمن امتياز شركة كهرباء محافظة القدس، محطة البحر الميت، بمتوسط قدرة إنتاج تصل إلى 708 كيلو واط ساعة، أنشئت عام 2014، ويستفيد من هذه المحطة 3000 مشترك من أبناء البلدة القديمة بالقدس حيث يتم تزويدهم بالكهرباء للتقليل من الأعباء المادية على الأسر وبهدف دعم صمودهم، حيث توفر الشركة ما بين 50-100 شيكل من فاتورة الكهرباء لكل عائلة مستفيدة.
كذلك، يوجد للشركة محطة أرضية لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، بقدرة تصل إلى 1500 كيلو واط، وهو مشروع ينفذ بالتعاون مع بلدية مدينة أريحا، وهذه المحطة توفر على البلدية 500 ألف شيكل من تكاليف الإنارة.
وتتعاون شركة كهرباء محافظة القدس مع العائلات الفلسطينية في القدس أو في مناطق امتيازها في رام الله وبيت لحم وأريحا، وتشجعهم على التأسيس لأنظمة طاقة متجددة، وطالما تتوفر المساحة ورأس المال وأوراق ثبوتية لملكية المنزل وإمكانية التصرف به، يبقى لها الدور الرقابي والإشرافي على الأنظمة، إلى جانب إعطاء فواتير خاصة بأنظمة الطاقة.