هل سيطبق العالم اتفاق باريس لمكافحة التغير المناخي في حال انسحاب الولايات المتحدة منه؟

بون/خاص: بعد ستة أشهر على انتخاب دونالد ترامب الذي هدد بسحب بلاده من "اتفاق باريس لمكافحة التغير المناخي"، باشرت وفود 196 دولة في أيار الماضي في بون مناقشات تطبيق هذا الاتفاق للحد من ارتفاع درجات حرارة الكرة الأرضية.
وقال وزير البيئة في المالديف، طارق إبراهيم، عشية استئناف المفاوضات أن "هذا الاتفاق الدولي هو الأمل الأخير لبقاء الدول-الجزر الصغيرة" المهددة بالغرق من ارتفاع منسوب البحار، في تصريح يعكس القلق الشديد في الدولة الأكثر عرضة لآثار التغير المناخي والذي تعزز مع وصول رئيس أمريكي يشكك في صحة هذه الظاهرة.
وينص الاتفاق المبرم في يناير/كانون الاول 2015 على العمل لحصر متوسط ارتفاع درجات حرارة الأرض "دون درجتين مئويتين بكثير"، في نسبة ما زالت كفيلة بإثارة اختلالات واسعة النطاق، و"إن أمكن بدرجة مئوية ونصف" فقط، مقارنة بالمستويات السابقة للحقبة الصناعية. غير ان الالتزامات المقطوعة حتى الآن ستجيز ارتفاعا قدره 3 درجات لمتوسط الحرارة.
وتزامن انطلاق الاجتماعات التقنية حول قواعد تطبيق الاتفاق في أيار الماضي مع سريان تكهنات في اروقة مركز المؤتمرات الدولية في بون بشأن انسحاب الأمريكيين او بقائهم ضمن الاتفاق.
وفيما بدأ ترامب في تفكيك سياسة المناخ التي تبناها سلفه باراك أوباما، وما زال لم يحسم قراره بشأن مواصلة المشاركة في جهود "اتفاق باريس" وسط تضارب في مواقف المقربين منه بهذا الشأن.
وتمنى عددٌ من المراقبين في بون بقاء الولايات المتحدة في الآلية، لكنهم شددوا على ان ذلك لن يكون بالضرورة إيجابيا، لأن الأمريكيين يستطيعون من الداخل إضعاف ديناميكية أي عمل يهدف إلى ضبط ارتفاع حرارة الأرض، بما يخلفه ذلك من تأثيرات على المناخ.
وقال براندون و"اذا بقيت الولايات المتحدة في الاتفاق ووجهت إلى الدول الاخرى إشارة بإمكان تقليص أهدافها، فسنواجه مشكلة". غير أن باولا كاباييرو، الخبيرة لدى مؤسسة "وورلد ريسورسِز"، ترى أن "الانسحاب الأمريكي سيثير صعوبات، لكن تجاوزها لن يكون مستحيلا، ولن يبدل مجرى التاريخ". وأشارت إلى "وجود هوة بين خطط العمل الحكومية وهدف الدرجتين المئويتين"، مضيفة أن اجتماع "بون مرحلة مهمة لتحديد كيفية تعزيز مستوى الطموحات".
وحضر وفد أمريكي محدود إلى بون، برئاسة تريغ تالي، التي خدمت أثناء ولاية اوباما، لكن تفويضها ما زال مجهولا.
وأفاد مصدر في الخارجية الأمريكية ان بلاده تريد "التأكد من أن القرارات المتخذة لن تضر بسياستها وبالقدرة التنافسية لشركاتها وبشكل عام بنموها الاقتصادي".
ووقعت جميع الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ، باستثناء سوريا ونيكاراغوا، "اتفاق باريس". وبين 195 دولة طرفا صادقت عليه 144 تُصدر 83% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري حول العالم.
وبين الدول الأكثر اصدارا لتلك الغازات في العالم، وحدها روسيا (الخامسة بعد الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند) لم تصادق على نص الاتفاق بعد.
في المقابل جددت الصين والهند التزاماتهما التي تجيز كذلك مكافحة تلوث الاجواء وخفض الفاتورة النفطية.
وأوضح ألدن ميير الخبير لدى "يونيون أوف كونسيرند ساينتيستس"، أن "الصين تخضع لضغوط كبيرة على الصعيد الداخلي لخفض تلوث الهواء بسبب الفحم والوقود الأحفوري، وترى أهمية إستراتيجية في ريادة أسواق التكنولوجيات الحديثة "للطاقة النظيفة".
وأضاف "نيودلهي أيضا ترى منافع جمة في تطوير مصادر الطاقة المتجددة" لا سيما على صعيد نوعية الهواء وخفض واردات النفط."
وفي أيار الماضي نشر 200 مستثمر (صناديق استثمار وتقاعد، الخ) يديرون ما قيمته 15000 مليار دولار من الأصول رسالةً إلى دول مجموعة السبع ناشدتها السعي إلى تطبيق "اتفاق باريس".
وحث هؤلاء في رسالتهم حكومات العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، على تنفيذ الاتفاق، وقالوا "بصفتنا مستثمرين مؤسسيين نعمل على الأمد الطويل، فإننا نعتقد أن الحد من التغير المناخي أمرٌ ضروري لحماية استثماراتنا". وأضافوا "نحث كل الدول على احترام التزاماتها بموجب الاتفاق".
ومن بين الجهات التي وقعت على الخطاب نظام تقاعد موظفي الحكومة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وصناديق معاشات تقاعد في دول من السويد إلى أستراليا.
ووجه الموقعون الخطاب إلى حكومات دول مجموعة السبع قبل قمة عقدت في إيطاليا يومي 25 و26 مايو/أيار الماضي ولقادة مجموعة العشرين الذين سيجتمعون في ألمانيا في يوليو/تموز. ويبذل الاتحاد الأوروبي جهودًا حثيثة لإقناع ترامب، الذي يريد تعزيز قطاع الفحم في الولايات المتحدة، بعدم الانسحاب من الاتفاق.