تحقيق استقصائي: دراسات تقييم الأثر البيئي في فلسطين تحت مجهر آفاق...هل أضحت جسر عبور المستثمر على حساب البيئة؟
كسارة كور تتوسط أراضي مزروعة بالزيتون
اعداد: ربى عنبتاوي وعزيزة نوفل
خاص بآفاق البيئة والتنمية
زيارة واحدة لكسارة كور غربي طولكرم المقامة منذ عشر سنوات على سبيل المثال، ورؤية حجم الأذى الذي لحق بمحصول الزيتون الممتد على مئات الدونمات والذي يشكل مصدر الرزق الأول لكثير من الريفيين الفلسطينيين، ستقودنا للتساؤل حول معايير الموافقة على إنشاء تلك الكسارة من قبل الجهات الرسمية وتحديداً سلطة جودة البيئة، من خلال ما يعرف بدراسة تقييم الأثر البيئي الذي قامت معدتا التحقيق بمراجعتها من خلال خمس دراسات تشمل ثلاث كسارات ومصنع للمواد الصلبة وآخر للإسفلت، وتقصي مدى تخصص وجاهزية الشركات الهندسية التي أعدتها -بتمويل من المستثمر- بالبيئة والتنوع الحيوي.
من خلال البحث، تبين أن جميع الكسارات والمنشآت الاقتصادية المرخصّة التي أقيمت بعيد عام 2000 خضعت لسياسات تقييم الأثر البيئي ومن ضمنها كسارة كور، فيما تستثنى المنشآت القائمة قبل هذا الوقت، والمستمرة بفعل التقادم، والخاضعة للتدقيق البيئي لمراقبة سير عملها.
في البداية، ينص "تقييم الأثر البيئي" في قانون البيئة الفلسطيني، الفصل الثاني مادة (2) بند 3 بشكل صريح: "أن تحافظ المنشأة المقامة على التنوع الحيوي والطبيعة الجمالية، بالإضافة إلى المحافظة على الاستخدام المستدام للمصادر الطبيعية". من هنا يثار الجدل حول مدى مطابقة القانون مع الدراسة ونتائجها على أرض الواقع.
كسارة كور
ركزت معدتا التحقيق ومن خلال زيارات ميدانية متكررة على كسارة كور كمدخل لتحقيقهما، كونها الكسارة الأكثر إثارة للاحتجاجات الشعبية من قبل السكان المجاورين، ويمكن توثيق أضرارها بصرياً.
|
|
بئر جوفي مغطى بالأتربة البيضاء |
شجر مكسو بالأتربة البيضاء |
|
|
مزارع يضطر وضع كمامة في موسم الحصاد لتجنب استنشاق الأغبرة.
لم تفلح جهود المحتجين والمعترضين من سكان المنطقة ولجانها الشعبية منذ عام 2005 أي إنشاء الكسارة للآن، في وقف العمل بها، وخاصة أن كسارة جديدة قريبة ستقام في المنطقة.
احتجاجات وقضاء
المحامي حسن السفاريني المتضرر الأكبر من الكسارة حاول أيضا إيقاف الكسارة دون جدوى، حيث يملك مع عائلته ما يزيد عن الـ 400 دونم في قرية سفارين التي تضم مئات أشجار الزيتون واللوزيات في الجبل والوادي الملاصق للكسارة من الناحية الغربية والشمالية، كما تمتلك العائلة أيضا 4 آبار مياه لتجميع مياه الأمطار.
"بعد أن كان إنتاج الزيت يصل إلى 8 أطنان انخفض إلى 1.2 طن" يقول السفاريني الذي قام برفع عدة دعاوى قضائية بسبب ما أحدثته الكسارة من تلويث لأرضه وإنتاجها من الزيت
رد صاحب كسارة كور
يدير الكسارة الشاب سليم التكروري قريب صاحبها، الذي أكد في لقاء مع معدتي التحقيق أنه يرى كسارته مثالية من حيث التراخيص والالتزام بالشروط البيئية كزراعة حزام أخضر حول الكسارة ووضع سواتر ترابية والحد من انبعاثات الاغبرة وتأهيل الطريق للكسارة ورش متواصل للمياه. كما أن الأرض التي أقيمت عليها الكسارة من وجهة نظره مناسبة جداً من حيث كونها صخرية وجرداء.
وحول أراضي الزيتون المتضررة من الكسارة، نفى التكروري بدايةً الأمر برمته، لكن مع مواجهته من قبل معدتي التحقيق بالصور، أعلن عن استعداده رش الشجر المتأذي بالمياه والتسوية مع المجاورين عبر إيجاد حلول مُرضية لهم. مؤكداً أن كل القضايا التي رفعت ضدهم لإيقاف عملهم نهائياً لم تنجح لعدم إثبات إضرارهم بالبيئة. وعندما طلبت معدتا التحقيق من التكروري الحصول على الدراسة الخاصة بتقييم الأثر البيئي من مالك المنشأة رفض اطلاعهما عليها.
أصل المشكلة
ما كتب في دراسات تقييم الأثر البيئي للمشاريع الاقتصادية المفترض أن تنحاز للبيئة وبين النتيجة على أرض الواقع، كان السبب وراء هذا التحقيق الاستقصائي والذي سعى إلى إثبات الفرضية التالية: " ثغرة في قانون تقييم الأثر البيئي الفلسطيني تغيّب وجود مواصفات محددة لشركات تقييم الأثر البيئي، أدى لدخول شركات غير متخصصة في هذا المجال تقدم دراسات غير مكتملة تقود لمشاريع ضارة بالبيئة ".
- أصل التقييم
يقصد بتقييم الأثر البيئي وفقاً للمادة (1) من القانون رقم (7) لسنة 1999 بشأن البيئة بأنه:" دراسة تفصيلية لتقدير الأثر البيئي المترتب على مزاولة أي نشاط".
وقد حظرت المادة (48) منح الترخيص لأي مشروع أو مؤسسة أو أي نشاط إلا بعد الحصول على موافقة بيئية من وزارة شؤون البيئة.
يفاقم الحال، وفقاً لمدير وحدة الدراسات البيئية في مركز العمل التنموي/ معا جورج كرزم تفرد الوزارات في عضوية لجنة التقييم البيئي والتي تراجع الدراسة وترفع التوصيات(المادة رقم 6 من قانون (ت.أ.ب )، بحيث يغيب عنها ممثلون وخبراء من المجتمع المدني (بما في ذلك الجامعات)؛ ما يضعف من شفافية وحيادية ومهنية التقييم البيئي؛ ويتيح الفرصة لاعتبارات اقتصادية ومالية خاصة بالحكومة.
والأهم من ذلك، وفق كرزم، لا يوجد نص قطعي يسمح للجمهور ممارسة حقه الأساسي في الحصول على المعلومات والبيانات الحقيقية الكاملة المتعلقة بالمشروع قيد الدراسة، وذلك عبر نشر مسودات الدراسات إلكترونيا قبل اعتمادها رسمياً، لإتاحة الفرصة للحصول على تغذية راجعة واعتراضات من الناس عموما، وأيضاً الجهات العلمية والمهنية والحقوقية ذات الصلة.
هذا الحجب، يكشف عن ثغرة بين ما ذكر في نص قرار المصادقة على سياسية تقييم الأثر البيئي الفلسطيني للعام 2000 والمادة رقم 6 من سياسة (ت.أ.ب) حول لجنة التقييم المقتصرة على الجهات الرسمية.
صورة عن قرار المصادقة على سياسة التقييم البيئية الفلسطينية رقم 27- 23-نيسان 2000،
- غياب مواصفات محددة لشركات تقييم الأثر البيئي في قانون البيئة
بعد اطلاع معدتي التحقيق على قانون تقييم الأثر البيئي، فقد وجدت ثغرة في عدم تحديد طبيعة الجهة المنفذة لدراسة تقييم الأثر البيئي، بحيث تكون مؤهلة ومختصة ومجهزة بالأجهزة والمعدات اللازمة للفحوصات والقياسات الحديثة والدقيقة المتبعة عالمياً.
أكدت على ذلك، الخبيرة في القانون الفلسطيني د. نور عدس حيث ذكرت: "عيب القانون البارز في غياب نصوص صريحة وواضحة حول شروط اعتماد الجهات المختصة بإجراء عمليات تقييم الأثر البيئي".
وهذا يتجلى في المادة (3) من سياسة تقييم الأثر البيئي، بند (4):
وحول تجارب دول أوروبية وأمريكية تشترط اعتماد مكاتب هندسية متخصصة من قبل سلطة البيئة وليس نقابة المهندسين فقط، أشار المستشار القانوني في سلطة جودة البيئة مراد المدني إلى أن الأمر مستحيل فلسطينياً لغياب التخصصية في المكاتب من حيث الخبرات المدنية والهيدرولوجية والتنوع الحيوي والبيئة والتربة، ما وضع حاجزاً أمام سلطة جودة البيئة لإقرارها كمكاتب معتمدة بشكل خاص للبيئة.
- مكاتب هندسية غير متخصصة
وبالعودة إلى هذه المكاتب ومن خلال مقابلة أجريت مع مكتب هندسي شهير له فروع في العالم العربي يقوم بإعداد دراسات تقييم أثر بيئي (رفض نشر اسمه)، فقد تبين عدم وجود أي خلفية بيئية في تخصصات الشركة، حيث تقتصر على المجال الهندسي المعماري والمدني والمجاري، والمياه، والطرق.
وأشار المكتب إلى أن هذه الدراسات تتم الموافقة عليها غالباً من قبل سلطة جودة البيئة، وتتفاوت تكلفتها بدءاً من 5 آلاف دولار لمنشأة عادية وحتى 20 ألف دولار لإعداد دراسة إنشاء مدينة كاملة على سبيل المثال.
فيما أطلعت معدتا التحقيق على سيرة ذاتية للمهندس صاحب شركة هندسية أخرى من شمال الضفة الغربية تعد دراسات التقييم البيئي، وكما يظهر للوهلة الأولى فلا يوجد أي معرفة أو خلفية أكاديمية بيئية.
وفي سؤال صاحب تلك الشركة الهندسية التي تأسست عام 1998 ودخلت مجال التقييم البيئي عام 2006 ، في سؤالهم عن مدى إلمامهم بهذا الجانب بعد إعداد 10 دراسات تمت الموافقة على جميعها من قبل سلطة جودة البيئة، فقد أكد أن مرجعيتهم هو قانون البيئة الفلسطيني، رغم أن ترخيصهم فقط كمكتب هندسي غير متخصص بالبيئة، معترفين أن خبرتهم غير كافية وبحاجة إلى تطوير.
ترخيص الشركات الهندسية المعدّة لدراسات تقييم الأثر البيئي
بالعودة إلى هذه الشركات وترخيصها من حيث التخصص بالبيئة، وجدت معدتا التحقيق أن شركة واحدة فقط مرخصة في نقابة المهندسين من أصل 380 مكتباً مسجلاً حتى عام 2008، بحسب مدير الدائرة الفنية في النقابة فيصل ذياب، عدا أنه لا يوجد في تصنيف النقابة مكاتب هندسية متخصصة بالبيئة.
وللتأكد وبالفعل، قامت معدتا التحقيق بمراجعة دليل موقع نقابة المهندسين الالكتروني، والبحث في قسم دليل المكاتب والشركات الهندسية، وعند كتابة تخصص "هندسة البيئة " في خانة البحث، لم يتم الحصول إلا على مكتب واحد متخصص بالهندسة البيئية وتقييم الأثر البيئي في محافظة رام الله. (شركة مركز الهندسة والتخطيط ).
والتصنيف في المكاتب الهندسية بحسب ذياب، يقصد به الترخيص من قبل نقابة المهندسين، فتخصص البيئة حتى الآن غير محدد ويشمل دراسات هندسية وأخرى غير هندسية، وحتى بالجامعات الفلسطينية لا يتم تدريس هذا التخصص ليخرّج مهندسين متمكنين من مفاهيم وأدوات تقييم الأثر البيئي.
وأشار ذياب إلى إن العمل جارٍ في محاولة لتنظيم هذا القطاع في النقابة وسلطة البيئة، وتابع: "ما لمسناه هو عدم وجود تنظيم وتخصص في العمل بهذا القطاع".
ولكن لا عدد محدد لهذه المكاتب، كما يقول ذياب، بسبب عدم مرور هذه الدراسات على النقابة. وأضاف: "لا نعرف من هي المكاتب التي تعمل بهذا المجال بالضبط".
ويوضح أن معيار تصنيف المكاتب الهندسية بالنسبة للنقابة، هو وجود مهندس خريج تخصص بيئة بخبرة معينة أو مساعد بيئي وهذا أمر غير متوفر.
شركة المركز للهندسة والتخطيط والتي لها فروع في الوطن والخارج، هي الشركة الوحيدة المتخصصة بالبيئة كما سبق وذُكر، حول ذلك، تشير المدير العام شيرين الشلة لمعدتي التحقيق إلى أن هذا التخصص اتسمت به شركتهم لتعاونهم مع منظمات دولية تشترط معايير بيئية متشددة كالبنك الدولي والوكالة الأمريكية للتنمية، ما اضطرهم للاستعانة بخبراء بيئيين من الجامعات الفلسطينية والمؤسسات البيئية وأحياناً خبراء أجانب عملوا في مجال تقييم الأثر البيئي، أما في حال كان المشروع لصالح مستثمر فلسطيني بصفة فردية، فيتم العودة لقانون البيئة الفلسطيني فقط.
- دراسات تقييم الأثر البيئي المنحازة للمستثمر
توجهت معدتا التحقيق لسلطة جودة البيئة للحصول على الدراسات، ولكن وبالرغم من إرسال كتابين رسميين من مؤسسة إعلامية تعمل بها إحدى الصحفيتين، فقد تم رفض السماح لهما باستعارة هذه الدراسات أو تصوير أجزاء منها ولكن سُمح لهما بالاطلاع عليها فقط دون ذكر أسماء الشركات الهندسية أو أصحاب المشاريع، وبالرغم من قرار عام 2000 المشار إليه سابقاً عند صدور القانون وضرورة إشراك الجمهور، إلا انه وفق المستشار القانوني مراد المدني، فإن المنع يأتي لكون تلك الدراسات مملوكة لأصحاب الشركات الإنشائية الذين غطوا تكاليفها المادية ولا يحق للجمهور الحصول عليها. ولكن لإيمان معدتي التحقيق بحقهما بالحصول على الدراسات بالنسخ الكاملة، تمكنتا من حيازة عددٍ منهم من مصادر أخرى خاصة.
- الدراسة الأولى : كسارة كور
عودة لدراسة تقييم الأثر البيئي لكسارة كور، وبعد اطلاع معدتي التحقيق على الملخص التنفيذي الخاص بها، وبالاستعانة بخبراء بيئيين لتدعيم وجهة نظرهما، فقد أهملت الدراسة والتي وصفت المنطقة بالجرداء ووجود كروم الزيتون المحيطة بالموقع والملاصقة له، وأهملت الغطاء النباتي الطبيعي والحياة البرية الحيوانية من أنواع مهددة فيها أو حتى المياه الجوفية. كما تجاهلت القيمة الأثرية والسياحية لقرية كور، ولم تعطِ أي اهتمام لبعض المواقع الأثرية والتكوينات الطبيعية المهمة في المنطقة.
دليل ذلك، ما ورد بالنص الصريح وعلى الرغم من اعتراف الدراسة بأن المنطقة تصنف زراعية، إلا أنها ركزت على الجانب الاقتصادي البحت من كون طبيعة المنطقة الجيولوجية تتميز بالحجر الأبيض المخصص لهذه الصناعة، وتوفير فرص عمل....الخ وهذا يتضح من النصوص التالية:
معاينة الكسارة على أرض الواقع وتوثيق إضرارها بالبيئة كما ذكر سابقاًـ يخالف الفصل الثاني، المادة رقم (2) من أهداف سياسة (ت أ ب)، بند 3: الحفاظ على التنوع الحيوي والطبيعة الجمالية، بالإضافة للمحافظة على الاستخدام المستدام للمصادر الطبيعية.
ويخالف أيضاً الملحق الثاني من ملاحق سياسية (ت، أ، ب) معيار 3 مراعاة عدم وقوع المشروع في أو بالقرب من مناطق حساسة بيئيا كالمحميات الطبيعية، أو المناطق الرطبة، أو المواقع الأثرية المسجلة، أو الأماكن التراثية. وأيضا معيار 4 حول عدم إحداث مستوى غير مقبول من التأثيرات السلبية على البيئة.
أيضاً تشير الدراسة، في الملخص التنفيذي بأن أصحاب المشروع سيقومون "بتركيب الرشاشات المائية والسدود الحجرية وذلك بغرض تخفيف الآثار المترتبة من عمل الكسارة، وقد صمم الموقع ضمن مواصفات تحد من انتشار الأغبرة، كما أن ماكنات الطحن والجرش من المعدات المصممة بغطاء خاص للحد من انتشار الأغبرة".
غير أنه يمكن لأي زائر للمنطقة حالياً، ملاحظة عدم كفاءة هذه الآلات في منع وصول أو انتشار الأغبرة إلى كل ما يحيط بالكسارة من أراضي ونبات وغيرها إلى مسافات بعيدة، وهذا ما وثقته معدتا التحقيق.
الدراسة الثانية مصنع للإسفلت في محافظة جنين
- في الملخص التنفيذي للدراسة الأولى في هذا المخلص وتحت بند الآثار البيئية يأتي ذكر عملية الإنتاج، وبأنها لن تؤثر على المياه الجوفية في المنطقة بعد القيام بالإجراءات التخفيفية، وبالعودة إليها، نرى أن الحديث أقتصر على تلوث الهواء فقط، ولم يتم ذكر أي إجراءات لتخفيف الضرر بالمياه أو التنوع الحيوي البري أو النباتي.
(مثال رقم 1)
مثال (2)
في هذه الدراسة يذكر أن الموقع مناسب بيئياً كونه منطقة جرداء.
وذلك يتناقض مع طبيعة محافظة جنين والتي تشتهر بتنوعها البيئي والحيوي، وفي نفس الدراسة هناك إشارة لوجود منطقة شجرية قريبة، ولكن التقليل من ذلك، بالإشارة إلى أنه من غير المتوقع أن تتأثر هذه الأشجار.
مثال (3)
مثال (4)
(مثال رقم 5 )
- وقوع المصنع على بعد 800 من آخر بيت سكني
لا يعتبر ذلك كافيا في ظل الحديث عن أضرار وتلوث حتمي للهواء، وفقا لهذه الدراسة ووفق قانون تقييم الأثر البيئي فيجب أن لا تقل المسافة عن كيلومتر عن المناطق الزراعية، فما بالكم بالمناطق السكنية التي يتعرض فيها الإنسان للأذى بشكل مباشر من الناحية الصحية، إلى جانب تميز المنطقة بهبوب الرياح كما هو موضح في الدراسة أيضا عند الحديث عن طبوغرافية المناخ.
(مثال رقم 6)
الدراسة الثالثة: مقلع و كسارة - جنين
- بالرغم من أن الصور المرفقة توضح وجود حياة بيئية وحيوية في المنطقة، إلا أن الدراسة خففت من التركيز عليها، وتحديدا عند الحديث عن سبب اختيار الموقع، والإشارة إلى أنها في الغالب طبيعة جبلية جرداء.
(مثال رقم 1) وهو ما يتناقض مع الحديث عن وجود نباتات وطيور في المنطقة في الصفحات التالية:
(مثال رقم 2)
- في الصفحة الثانية من الدراسة وخلال الحديث عن الآثار البيئية للمشروع تقول الدراسة: "تم إشراك جميع من لهم علاقة في هذا المشروع ( صاحب الكسارة والمؤسسات الحكومية وأصحاب الأراضي المجاورة) وكانت نتائج المشاركات تنحصر في الملوثات الرئيسية وبشكل خاص تلوث الهواء". وهو ما يتناقض مع جوهر إعداد الدراسات بالتركيز على التنوع الحيوي والبيئي للمنطقة بشكل كامل.
(مثال رقم 3)
- بالإشارة إلى نفس الفقرة السابقة، هناك تناقض واضح مع الفقرات اللاحقة، والتي تتحدث أيضا عن إمكانية تلوث المياه الجوفية، والتي تعد مصدراً رئيسياً للبلدة.
مثال رقم( 4)
وهو ما يشير إلى أسلوب التخفيف من الآثار السلبية للمشروع.
هذه الدراسة لم تتضمن توصيات واضحة، إنما ركزت على الإجراءات التخفيفية والتي توضع بالغالب "ديباجة جاهزة" لكل المشاريع المماثلة.
- ملاحظات عامة على الدراستين:
- قام بإجرائهما مكتب هندسي في مدينة جنين، وبعد التواصل مع نقابة المهندسين فهو غير مرخص كمكتب لإجراء دراسات الأثر البيئي، و أنما كمكتب هندسي تقليدي.
- في الدراستين السابقتين نلاحظ وجود أكثر من 60% من هذه الدراسات كديباجة جاهزة ( نصوص متشابهة تتغير فيها بعض المسميات والأرقام)، وخاصة خلال الحديث عن المقدمة وإجراء الدراسة وطبيعة المنطقة.
- الدراستين بنفس الكلمات والترتيب، تحدثتا عن الطبيعة الجغرافية لمدينة جنين بالكامل، وعن طبوغرافية المناخ دون التخصيص بالذكر عن البلدتين اللتين سيقام عليهما المشروع، وإن كان هناك أي تخصيص فلا يتعدى السطر أو السطرين.
- رغم أن الدراستين تشيران إلى تلوث هوائي محتمل، إلاّ أن الدراستين لم تأتيا على ذكر الفحوص العلمية التي استخدمت في توقع مستوى التلوث، أو أيه دراسات علمية سابقة استندت إليها، ولا عن خبراء تم التعاون معهم بهذا الصدد.
- كان هناك إسهاب كبير في الحديث عن الآثار الاقتصادية المتوقعة من المشروعين.
تعقيب خبير بيئي
تأكيداً على ملاحظات معدتي التحقيق، تم التعاون مع د. وليد الباشا خبير بيئي وتنوع حيوي والذي قدم الملاحظات التالية لذات الموقعين من خلال الزيارات الميدانية:
أولا: من الواضح بأن من أعد التقارير ليس لديه أدنى فكرة عن مفاهيم المحميات الطبيعية والتنوع الحيوي حيث أنه يتكلم عن منطقة جرداء وكأنها منطقة غير حيوية، ما يدلل أن الدراسة كانت مكتبية ولم يقم الطاقم بزيارات ليلية ولا نهارية لتحديد طبيعة الكائنات الحية التي تعيش بالمنطقة.
ثانيا: بعد الزيارة للمنطقة ودراستها، يتم دحض هذا الادعاء، حيث تعتبر المنطقة مهمة لاستقطاب طيور الصرد وهي من آكلات الحشرات والعديد من الطيور الجارحة الزائرة بالإضافة إلى الطيور المحلية، وكذلك الثديّات في المنطقة كالثعلب الأحمر والواوي والضبع والنيس، بالإضافة إلى أنواع عديدة من الوطواط"، وبعض النباتات النادرة.
ثالثا: اقتراح زراعة الأراضي المحيطة بالكسارات بالأشجار لتخفيف الأثر البيئي كما جاء في الدراسة يعد ضربا من الخيال، وخاصة أن الفترة الزمنية اللازمة لنمو أشجار مرتفعة وكثيفة تحتاج إلى عشر سنوات.
رابعا: حين يكون الحديث عن مصانع إنتاجية وكسارات في مناطق طبيعية، لا يمكن لأي من الإجراءات الوقائية التقليل من التأثير السلبي الناتج عن ضجيج وعمل المركبات من وإلى المنشأة.
الدراسة الرابعة : كسارة في محافظة الخليل (جنوب الضفة الغربية)
نلاحظ كالدراسات السابقة، محاباة الشركة الهندسية لصاحب المشروع بشكل صارخ، والسعي من خلال انتقاء النصوص المناسبة بالدفع باتجاه تنفيذ المشروع، وهذا أمر طبيعي ومتوقع ولكن ليس كما ورد بالنصوص التالية التي لم تتحر الموضوعية العلمية في التقييم.
بداية، جاء التركيز على أن طبيعة الأرض التي سيقام عليها المشروع في النص الأول هي ارض ذات طبقة ضحلة من التربة، بغطاء نباتي قليل ومحدود نسبيا
في الفقرة الثانية تناقض واضح، حيث تم الإقرار بأن التربة من نوع التيراروزا الزراعية المنتجة، ولونها احمر وردي مائل للبني المبيض...كيف يجتمع اللون الوردي مع المبيض!!!
نلاحظ في وصف المشروع كيل المديح لمنفذي المشروع وأنهم أصحاب خبرة في الإدارة السليمة، هل هذا كلام محايد أو مبني على أسس علمية ؟
تشير الفقرة التالية، إلى أن المشروع سيقام في منطقة تعج بالمشاريع المشابهة، ما يوحي بأن الحديث عن أضرار بيئية أو محاولة رفض المشروع لوجود حالات مشابهة أمر غير منطقي!
في الفقرة التالية، أشير إلى أنه تم زيارة الموقع وفحص أنواع التربة ( لم يتم الإشارة لأي خبير أو أكاديمي أعدّ الفحص، كما تم الإشارة لملاحظة التنوع الحيوي البري والنباتي استنادا على البيانات الرسمية، هل تقييم المنطقة بيئياً يستند عليه من خلال الجهاز المركزي للإحصاء ووزارة الاقتصاد، أم زيارات ميدانية يعدها خبراء في هذا المجال!!!
الدراسة الخامسة: مصنع مواد صلبة في محافظة نابلس
نلاحظ بالفقرة التالية الإشارة إلى أن المصنع يبعد عن التجمعات السكنية ا كيلو متر ، فيما يشير القانون إلى ضرورة ابتعادها ذات المسافة عن المناطق الطبيعية، فما بالكم السكنية والتي يجب أن تكون المسافة أكثر من ذلك .
اتجاه الرياح في منطقة الدراسة غربية، وكلنا يعرف بأن أن الرياح تهب من هذا الاتجاه، ما يعني أن أبخرة صهر المعادن من مدخنة المصنع تتجه من الغرب إلى الشرق حيث تقع القرية القائم عليها المصنع.
تم الإشارة في وصف المشروع صراحةً إلى عدم التطرق بشكل كبير للبيئة الحيوية، كون المشروع قائم على منطقة تصنف أنها "صناعية"، هل يجوز تجاهل الواقع الحالي إذا كان ما سبقه قد اضر بالبيئة، فتحصيل حاصل يتم اعتماد الوضع السابق بدلا من تحسينه؟
في هذا المثال، تناقض بين وصف الأرض بأنها زراعية من جهة، وبأنها ذات تربة ضعيفة من جهة أخرى، كيف تم الاستنتاج بذلك مع ورود معلومة عن بعض الحيازات الزراعية ؟؟
نلاحظ في الفقرة التالية، عند الحديث عن الحياة البرية، عدم تحري الدقة في تحديد أصناف الطيور والزواحف، بل جاء الحديث عنها غير مدعم بأي مراجع علمية ( الفقرة الثانية)، أما الفقرة الثالثة فتناقض الحديث السابق عن حيازات زراعية وأشجار زيتون ولوزيات، حيث ذكر أنه لم يلاحظ وجود مناطق زراعية ذات أهمية! ألا تعد أشجار الزيتون وبعض الحيازات الزراعية ذات أهمية لأصحابها، ومن يحدد مفهوم الأهمية ؟؟؟ هل هو المهندس الذي أعد الدراسة؟
إطار (1)
بعد اطلاع الخبراء البيئيين ذائعي الصيت فلسطينياً على الدراسات وهم: (د.مازن قمصية، د. محمد سليم اشتية، د.وليد الباشا) جاءت ملاحظاتهم كالتالي:
- الدراسات لم تأخذ الوقت الكافي للتخصص والبحث بل كتبت على استعجال ما يشير إلى أن من قام بتلك الدراسات أشخاص غير مؤهلين، كما أنها لم تقم وفق دراسات بحثية تطبيقية أي دراسة عناصر البيئة ومواردها بمنهجية علمية صحيحة، تغيب فيها خطوات البحث وتتصف النتائج بالضحالة.
- الدراسة يجب أن تناقش القضايا البيئية وفق 10 محاور مبنية على المعايير العالمية آنفة الذكر( إطار 2)، لكن ما تم قراءته هو نقاش 3-4 محاور فقط ( المياه، الرياح، التربة).
- أكثر من 70% من المادتين هما عمل مكتبي، والدليل هناك تشابه (تطابق) يتجاوز 90% بين اثنتين من هذه الدراسات بالرغم من اختلاف موضوعيهما (كسارة، مصنع إسفلت أو حصمة) واختلاف موقعيهما جغرافياً.
- كان يجب أن تتضمن الدراسة توصيفاً دقيقاً لما هو موجود في المنطقة وذكر أنواع النباتات والحيوانات فيها، ولإعطاء هذا التوصيف يجب زيارة المنطقة في فصول متعددة ما يستوجب وقتاً طويلاً يتنافى مع مدة إعداد الدراسات.
- الحديث عن الإجراءات التخفيفية الناتجة عن المنشأة لم يكن موفقاً، لأن الأصل غير سليم ولم يعتمد على بيانات صحيحة ولم يحصل على دراسات سابقة أيضا. كما أن الدراسة لم تضع آليات لعملية المراقبة ومتابعة تنفيذ ومراقبة الإجراءات التخفيفية. فيما تبدو بعض منها غير منطقية، فمثلا رش محيط المنطقة بالمياه، هو مطلب غير منطقي وخاصة إن مناطق الكسارات في الدراسات معروفة بشحها بالمياه.
- التقارير بشكلها العام ليست حيادية، وإنما تميل باتجاه نيل التراخيص والموافقة لصالح المنشأة.
- هذه الدراسات تأخذ إحداثيات الموقع بمعزل عن المحيط، فلا يوجد نظره شمولية لمفهوم البيئة لديهم.
-عند الحديث عن المحجر أو الكسارة ( إحدى الدراسات في مناطق الجنوب) فإن وجودها في مكان فيه مشاريع كسارات قائمة، لا يعتبر عذراً لإنشاء كسارة جديدة في المكان، كما جاء في دراسة الخليل.
|
- دراسات تقييم الأثر البيئي من منظور عالمي
يعرّف تقييم الأثر البيئي عالمياً والمستند على قوانين أوروبية وأمريكية لخصها البروفسور مازن قمصية في ورقة علمية زودها لمعدتي التحقيق بالتالي:
إطار (2)
التقييم البيئي "(EA) هو مصطلح يستخدم لتقييم الآثار البيئية (الإيجابية والسلبية) من خطة أو سياسة أو برنامج أو مشاريع ملموسة قبل قرار المضي قدماً في الأعمال المقترحة. في هذا السياق، يستخدم مصطلح "تقييم الأثر البيئي" (EIA) عادة على مشاريع ملموسة من قبل الأفراد أو الشركات. تخضع التقييمات البيئية لقواعد الإجراءات الإدارية المتعلقة بمشاركة القطاعين العام والمستقل، ويمكن أن تكون خاضعة للمراجعة القضائية. يأخذ بالاعتبار عند التقييم التأثيرات المترابطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية والصحية والبيئية.
تهدف دراسات تقييم الأثر البيئي إلى:
- التنبؤ بالتأثيرات البيئية في مرحلة مبكرة من التخطيط والتصميم للمشروع.
- مساعدة صناع القرار والعموم في المعرفة والتنبؤ وتقييم التأثيرات البيئية والنتائج على المشاريع التنموية المقدمة والخطط والسياسات.
- -البحث عن طرق ووسائل لتقليل التأثيرات المعاكسة.
- تشكيل المشاريع لتلائم البيئة المحلية وعرض التنبؤات والخيارات المقترحة على صناع القرار.
- تحقيق الأهداف البيئية والاقتصادية الممكنة.
عناصر دراسات تقييم الأثر البيئي
تتضمن الدراسات البيئية المحاور التالية:
- -استخدام الأرض، المشهد العام والجودة البصرية.
- -جيولوجيا وطوبوغرافيا التربة.
- -الهيدرولوجيا وجودة المياه وطرق معالجة المياه العادمة.
- -جودة الهواء والمناخ.
- -البيئة المائية والأرضية.
- -البيئة الحيوانية والنباتية.
- -وسائل النقل
- -الضجيج
- -التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية.
- -الآثار المتبادلة.
|
بناء على تلك المعايير العالمية أعلاه، وللمقارنة مع نموذج لدراسة تقييم أثر بيئي على المستوى العالمي ومدى مطابقتها للمعايير البيئية العالمية، تم قراءة دراسة تقييم اثر بيئي لمشروع تركي لإنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعي في مدينة انطاليا السياحية في تركيا. تحت عنوان اكسا انيرجي http://www.agaportal.de/pdf/nachhaltigkeit/eia/eia_tuerkei.pdf فقد لوحظ من الدراسة الشاملة أنها أخذت بعين الاعتبار 16 قانون ولائحة لحماية البيئة، و7 اتفاقيات دولية وقعت عليها تركيا، نذكر منها: تلوث الهواء، الضوضاء، تلوث الماء، النفايات الصلبة، حفظ المياه الجوفية، الكهرباء، الاتفاقية الدولية لحماية الأنواع المهددة بالانهيار، اتفاقية التنوع الحيوي، حماية التراث الطبيعي والثقافي...
ومن المهم الإشارة إلى أن قسم كامل في الدراسة كان تحت عنوان قاعدة البيانات البيئية، والتي تتضمن العناصر الفيزيائية والبيولوجية والاجتماعية والاقتصادية للبيئة، والتي يجب أن تستخدم كمعايير لرصد المستقبل.
ومنها عناصر التربة، علم المناخ، طبوغرافيا الأرض، نوعية الهواء المحيط، الضوضاء، التنوع النباتي والحيواني، الحياة البرية، الآثار والمعالم الحضارية. ومدى الإضرار بهذه العناصر.
كما تظهر الصفحات من 51-53 من ذات الدراسة جدولا كاملا بأنواع النباتات والحيوانات المتواجدة في المنطقة وإمكانية تعرضها للخطر.
جداول التنوع النباتي والحيواني في الدراسة التركية
وقد ورد في قسم البيولوجيا على سبيل المثال عن التنوع الحيوي النباتي والحيواني النص التالي: بلا شك سيؤثر انبعاث الهواء من المداخن خلال توليد الطاقة للمشروع على التنوع الحيوي، وستتأثر النباتات بشكل اكبر من الحيوانات، الأخيرة التي ستغير أماكن تواجدها وتتجه إلى أماكن اقل إزعاجا. ومع ذلك لا توجد نباتات أو حيوانات مهددة بالانقراض في موقع المشروع والتي ستتأثر بشدة من انبعاثات الهواء أو تصريف مياه التبريد.( ص 65-66).
إشراك الجمهور بالدراسات وفق القانون الأمريكي الخاص بتقييم الأثر البيئي
كما اطلعت معدتا التحقيق على القانون الأمريكي نقلا عن دورية التخصصات البيئية المجلد الثامن عام 2009 لتقييم الأثر البيئي، والذي بدء بتطبيقه عام 1969 في الولايات المتحدة، واتبعت تشريعاته في العديد من الدول والذي تبدأ بروتوكولاته من خلال السجل الفيدرالي (المنشور الرسمي الحكومي)، ومن ثم تخضع المسودة الأولى للفحص من قبل خبراء رسميين، ثم بعد ذلك ينشر للعموم والوكالة الأمريكية لحماية البيئة ومنظمات بيئية أخرى للمناقشة والاعتراض لمدة لا تزيد عن 90 يوماً، وبعد ذلك يصدر بيان الأثر البيئي القابل للمراجعة أيضا، وبعد ذلك يتم الإعلان عن سجل القرارات التي تنشر مجددا في السجل الفيدرالي.
يشدد القانون الأمريكي للتقييم البيئي على الفحص Scoping process، أي فحص نطاق العمل، البدائل alternative والتأثيرات التي يجب أخذها بعين الاعتبار impacts.
ويتضمن عملية التقييم البيئي أولا: عملية الفحص: مشاركة الاتحادات الفيدرالية، والوكالات المحلية، ودعوة المؤيدين والمعارضين للمشروع.
ثانياً: تحديد القضايا الهامة للتحليل.
ثالثاً: المراجعة البيئية للمشروع من خلال دراسات سابقة والتي لها علاقة بتقييم الأثر البيئي لهذا المشروع.
رابعاً: الإشارة لأهمية العلاقة بين توقيت دراسة تقييم الأثر البيئي وتخطيط الوكالات وصنع القرار.
رأي خبير
يرى البروفسور في التنوع الحيوي د. مازن قمصية فيما يتعلق بالجدل القائم حول دراسات (ت، أ، ب) الفلسطينية أن تحليل الموضوع بسيط ويتلخص بالسؤال التالي: "هل كانت نتيجتها جيدة بعد عشر سنوات من اعتماد تلك الدراسات؟... الجواب ومن خلال المعطيات والزيارات الميدانية على أرض الواقع يشير إلى أن الدمار كان ملحوظاً، فإذن تلك الدراسات ليست بناجحة والوضع البيئي أسوأ بلا شك في الـ 25 عاما الأخيرة.
وأضاف: "هناك كوارث أو نكبة بيئية في الضفة وغزة بناء على دراسات علمية معمقة، وذلك نتيجة وجود فجوة هائلة بين المعرفة والتطبيق".
الدمار في محافظات فلسطين الجنوبية والوسطى نتيجة عمل الكسارات ومقالع الحجر منذ سبعينيات القرن الماضي كما يظهر على الجوجل ايرث.
رد سلطة جودة البيئة
يشير مدير تقييم الأثر البيئي في سلطة جودة البيئة المهندس أمجد جبر إلى أن المحاجر والكسارات المقامة قبل صدور قانون البيئة عام 1999 لم تخضع للدراسات نهائياً، ولكن الأمر مغاير بعد تلك الحقبة رغم أن عددها محدود مقارنة بالفترة السابقة.
وحول الإضرار بالتنوع الحيوي والبيئة عموماً بفعل تلك المحاجر والكسارات، يشير جبر إلى أن هذا الأمر تحصيل حاصل كون 90% من أراضي الضفة الغربية تصنف بأنها زراعية فمهما ابتعدت تلك المنشآت ستظل قريبة من المناطق الطبيعية والتجمعات السكنية.
وحول رأيه بالمكاتب الاستشارية الهندسية فقال: "يفترض أن تكون متخصصة بالبيئة ...ولكن نحن نأمل تأهيل مكاتب بمواصفات متخصصة بالهندسة البيئية مستقبلاً".
المستشار القانوني " قوانين جيدة ولكن!"
تاريخ هذا القانون الذي صيغ عام 1999 -وفق المستشار القانوني في ذات السلطة مراد المدني - مستوحىً بدرجة كبيرة من القانون المصري لشمولية القانون الأخير الذي صدر عام 1994. وبالرغم من أن قوانين البيئة تجددت في العديد من الدول ومنها العربية في الـ15 عاماً الماضية، يقرّ المدني أن قانون البيئة الفلسطيني بقي على حاله.
إطار (3)
أعد القانون من قبل لجنة تألفت من قانونيين وفنيين من سلطة جودة البيئة اطلعوا على قوانين بيئية متداولة في الوطن العربي. قانون سياسات تقييم الأثر البيئي يعتبر مُحدداً تشريعياً بصيغة قانونية حول كيفية إجراء التقييم للحصول على الموافقة البيئية.
القانون حدّد الأدلة لصالح كل الفئات الضليعة بسياسات تقييم الأثر البيئي:
الأدلة الخاصة بالمستثمر ( كيف يحصل على الموافقة البيئية؟
-الأدلة الخاصة بالمكتب الاستشاري حول الإجراءات الواجب عليه إتباعها.
-الأدلة الخاصة بالجهة الحكومية كيف تراجع دراسة تقييم الأثر البيئي.
|
فوضى المكاتب وغياب التوافق
وفق المدني، سعت هذه الأدلة لخلق توافق وتوضيح بين المستثمر والمكتب الهندسي والمسؤول الرسمي. ولكن ما حدث أن المستثمر في واد والمكتب الهندسي بواد، ما صعب عمل الحكومة وكلفها الوقت والجهد والمال.
ثغرات القانون وفق المدني
-قانون البيئة هو تنظيم إجرائي فني علمي بإطار قانوني، ولذا فإنه لا يقرأ كنصوص قانونية بمقدار كونه نصوص فنية، وقد تكون هنا الثغرة التي تحتاج إلى تعديل.
- القانون الحالي يخلو من تراتبية النصوص، ولا يوجد محدّدات واضحة ولا معايير لتحديد آلية عمل المنشآت، كما إن معايير التنخيل فيه فضفاضة.
قيام صاحب المنشأة بتوكيل جهة لتقديم المعايير والمحددات التي يجب عليه الالتزام بها ليست نقطة ضعف بل معيار متبع عالمياً، ولكنها غير ملزمة، حيث تشترط سلطة البيئة إجراء تعديلات عليها للحصول على الموافقة.
يؤكد المدني:" كثير من الدراسات تأتي دون المستوى وندخل بصراعات مع مقدمها ونطلب العديد من التعديلات عليها بعد الفحص الميداني، وأحيانا تصل نسبة التعديل إلى 90%"
إطار (4) المطلوب لحل أزمة الدراسات
يوصي د.مازن قمصية بضرورة تطوير الكادر الإنساني المؤهل لدراسات تقييم الأثر البيئي بحيث يكون من داخل الحكومة وخارجها كخبراء مستقلين بالتوافق مع قانون البيئة الفلسطيني. وإتباع المعايير الدولية في هذه الدراسات.
وفق المستشار القانوني المدني فالمطلوب تكاتف كل الجهات من وزارات وهيئات رسمية وبيئية ومجتمع مدني، لتحديث القوانين والنهوض بها من كونها فنية بحتة إلى التركيز على الجانب القانوني والبيئي الشمولي.
وبحسب خبير المياه عبد الرحمن التميمي فحل أزمة الكسارات ليست مقصورة في الدراسات ومدى جودتها، بل في تنظيم هذا القطاع بحيث يتم تحديد خارطة ثابتة لمواقع صناعية محددة لعمل كسارات لا تتعدى على الأراضي الزراعية ومناطق تواجد المياه الجوفية.
|
"دراسات تقييم الأثر البيئي مهمة جدا في التشريعات البيئية في أي بلد، ولكنها مرتبطة بقانون جيد، ولوائح تنظيمية وممارسات مكتوبة على الورق والأهم على أرض الواقع". جون ستامب " دروس مستفادة من تقييم الأثر البيئي".