خاص بآفاق البيئة والتنمية
يعتبر "واد التين" الواقع إلى جنوب مدينة طولكرم من أهم المناطق الغنية بالتنوع الحيوي والبيئي والمائي في المحافظة. هذا المشهد المتكامل من نباتات وحيوانات نادرة ووفرة في مياه الينابيع، أضرّت به كسارة كور والتي زرعت في قلب هذا الوادي قبل أكثر من 15 عاماً، وسيزيد الطين بلّة كسارة أخرى ستجاور الأولى. |
يعتبر "واد التين" الواقع إلى جنوب مدينة طولكرم من أهم المناطق الغنية بالتنوع الحيوي والبيئي والمائي في المحافظة. هذا المشهد المتكامل من نباتات وحيوانات نادرة ووفرة في مياه الينابيع، أضرّت به كسارة كور والتي زرعت في قلب هذا الوادي قبل أكثر من 15 عاماً، وسيزيد الطين بلّة كسارة أخرى ستجاور الأولى.
"كسارة كور"، والتي تقع على الأراضي المتوسطة ما بين قرية كور التاريخية وبيت ليد وسفارين جنوبي المحافظة، خلفت وراءها كارثة بيئية حقيقة وخوف لدى الأهالي الذين تضررت حياتهم بالكامل بفعل التلوث، ما جعلهم يعلنون الإحتجاج عالياً حينما علموا بنية مستثمرين جدد إنشاء كسارة قريبة منها، ما سيشكل موتاً بطيئاً لثرواتهم الزراعية والحيوانية، إلى جانب تضاعف التأثير السلبي على صحتهم.
ومنذ سنوات طويلة يحاول الأهالي الاحتجاج على هذه الكسارة دون جدوى، وكنا في وقت سابق في مجلة آفاق البيئة والتنمية تناولنا الأبعاد البيئية لكسارة كور على المنطقة في عددها الصادر في شهر نيسان من العام 2013، إلا أننا لم نلمس أية ردود أفعال مجتمعية أو رسمية. من جديد عدنا للموقع لنلاحظ تفاقم الوضع دون أي حل يذكر في محيط تلك المنشأة التي تعود في ملكيتها لمستثمرين من فلسطيني 48 ضمن ما يعرف بشركة الموارد الاستثمارية التي تحمل بالأصل ترخيصًا إسرائيليا،
|
ومنذ سنوات طويلة يحاول الأهالي الاحتجاج على هذه الكسارة دون جدوى، وكنا في وقت سابق في مجلة آفاق البيئة والتنمية تناولنا الأبعاد البيئية لكسارة كور على المنطقة في عددها الصادر في شهر نيسان من العام 2013، إلا أننا لم نلمس أية ردود أفعال مجتمعية أو رسمية.
من جديد عدنا للموقع لنلاحظ تفاقم الوضع دون أي حل يذكر في محيط تلك المنشأة التي تعود في ملكيتها لمستثمرين من فلسطيني 48 ضمن ما يعرف بشركة الموارد الاستثمارية التي تحمل بالأصل ترخيصًا إسرائيليا، وتعمل على أراضٍ تصنف ب بحسب اتفاق أوسلو، وتحديدا على مساحة تقدر بنحو 90 دونما من أراضي قرية كور، وضمن المنطقة المعروفة باسم " السحايل" من حوض رقم 4 من أراضي القرية.
معاناة طويلة....
ياسر جمعه أحد الأهالي والمزارعين المتضررين من الكسارة بات يتحسر على أرضه وأشجار الزيتون فيها التي اكتست بطبقة من الغبار والأتربة المتطايرة لتصبح غير صالحة للاستهلاك البشري، ويمتلك جمعة ما يقارب الـ 300دونما مزروعة بالأشجار الرومية المعمّرة تقع بمحاذاة الكسارة.
يقول:" لقد انخفض إنتاج زيت الزيتون هناك من 500 طن في الموسم الزراعي إلى 60 طناً فقط"، وتساءل جمعة عن الآلية التي سوف يتم بها جني ثمار الزيتون في ظل اكتساء الأشجار بطبقة من الغبار والأتربة بسبب تلك الكسارة.
وتابع:" في العام الماضي أصبت أنا وعائلتي بمرض الربو أثناء جني ثمار الزيتون بسبب كمية الغبار الهائلة التي تملؤ المكان والأشجار، حيث اضطررت للعلاج في المستشفيات الفلسطينية ما كلفني مبالغ كبيرة وجهداً مضنياً".
تقرير طبي حول أمراض الجهاز التنفسي والربو نتيجة عمل كسارة كور جنوب طولكرم
رحلة معاناة...
وفي 23 من أيلول عام 2008م صدر قرار من محكمة البداية في طولكرم بسحب ترخيص الكسارة بشكل كلي كونها تشكل ضرراً جسيماً على الأرض الزراعية والبيئة الفلسطينية، إلا أن هذا القرار تم إيقافه والتراجع عنه على أثر المذكرة المرسلة من وزير الزراعة في حينه محمود الهباش ووزير الاقتصاد الوطني كمال حسونة، حيث توضح المذكرة عدم صلاحية موقع الكسارة للزراعة وأنه يصلح لإقامة الكسارة بناء على رأي اللجنة الزراعية.
|
وبدأت تلك الكسارة أعمالها في نهاية عام 2005م عبر قيام الشركة بشراء 10 دونمات بحجة إقامة مقلع للحجارة ليس أكثر، حيث قامت الشركة بنقل المعدات هناك والشروع بأعمال التجريف فيها.
لكن المزارعين والمجالس القروية في سفارين وكور، بالإضافة إلى مجلس الخدمات المشترك في منطقة الكفريات، تقدموا بشكوى عاجلة لرئيس سلطة البيئة ومحافظ طولكرم، إلاّ أن الصدمة كانت في الـ 22 من كانون الثاني من عام 2007م بقرار من وزارتي الاقتصاد الوطني والزراعة عبر إصدار رخصة إقامة كسارة تابعة للشركة الشرقية على مساحة 10 دونمات بحجة أنها لا تسبب أي ضرر بيئي محتم.
القرار جوبه بالرفض القاطع من أهالي الكفريات قاطبةً، حيث قُدّم اعتراض على قرار الترخيص لوزير الزراعة في حينه الدكتور محمد رمضان الأغا الذي بدوره قرر سحب ترخيص وزارة الزراعة، وأصدر كتاباً تفسيرياً يبين أسباب سحب الترخيص في 14 آذار 2007م.
وفي 23 من أيلول عام 2008م صدر قرار من محكمة البداية في طولكرم بسحب ترخيص الكسارة بشكل كلي كونها تشكل ضرراً جسيماً على الأرض الزراعية والبيئة الفلسطينية، إلا أن هذا القرار تم إيقافه والتراجع عنه على أثر المذكرة المرسلة من وزير الزراعة في حينه محمود الهباش ووزير الاقتصاد الوطني كمال حسونة، حيث توضح المذكرة عدم صلاحية موقع الكسارة للزراعة وأنه يصلح لإقامة الكسارة بناء على رأي اللجنة الزراعية.
هذا القرار جوبه بالرفض من المزارعين الذين تقدموا ببلاغ رسمي مدعم بالأوراق إلى هيئة مكافحة الفساد في حينه، وتم تحويل القضية إلى محكمة البداية في طولكرم، حيث نتج عن ذلك قرار بوقف أعمال التجريف من الشركة الشرقية، لكن القرار لم ينفّذ. بل على العكس تواصل الشركة نشاطاتها حتى اليوم بدعم مطلق من الجهات الرسمية دون اتخاذ أي قرار بحق التعديات الصادرة عن تلك الشركة
|
في تشرين الثاني 2011م قرر مجلس التنظيم الأعلى إيداع المخطط الهيكلي التنظيمي للكسارة في الصحف الرسمية، حيث يتضمن القرار تغيير صفة استعمال الأرض من زراعية إلى صناعية، ورغم الاعتراضات المقدمة إلا أنه في تاريخه لم يرد عليها، وفي الـ 17 من أيلول 2012 صدر قرار من وزير الحكم المحلي يرد جميع الاعتراضات كنتيجة على تحويل صفة استعمال الأرض من زراعية إلى صناعية.
لكن هذا القرار جوبه بالرفض من المزارعين الذين تقدموا ببلاغ رسمي مدعم بالأوراق إلى هيئة مكافحة الفساد في حينه، وتم تحويل القضية إلى محكمة البداية في طولكرم، حيث نتج عن ذلك قرار بوقف أعمال التجريف من الشركة الشرقية، لكن القرار لم ينفّذ.
بل على العكس تواصل الشركة نشاطاتها حتى اليوم بدعم مطلق من الجهات الرسمية دون اتخاذ أي قرار بحق التعديات الصادرة عن تلك الشركة.
كسارة كور تدمر المساحات الخضراء الغنية بالتنوع الحيوي في واد التين جنوب طولكرم
تدمير للتنوع البيئي والآثار الفلسطينية....
"تعتبر وجود مثل تلك المنشاة بين غابات الزيتون، بمثابة خطر حقيقي يطال كافة جوانب الحياة هناك، حيث يلجأ العاملون هناك إلى استخدام المتفجرات في تحطيم الصخور، وذلك تحت إشراف سلطات الاحتلال، كون المادة المستخدمة متفجرة وبحاجة إلى إذن منهم". |
وحول تداعيات وجود تلك الكسارة على أراضي قرية كور، تحدث عاهد زنابيط مدير الإغاثة الزراعية في محافظة طولكرم: "تعتبر وجود مثل تلك المنشاة بين غابات الزيتون، بمثابة خطر حقيقي يطال كافة جوانب الحياة هناك، حيث يلجأ العاملون هناك إلى استخدام المتفجرات في تحطيم الصخور، وذلك تحت إشراف سلطات الاحتلال، كون المادة المستخدمة متفجرة وبحاجة إلى إذن منهم".
والأخطر من ذلك – بحسب وجهة نظر زنابيط- هو أن تفجير الصخور لا يتم في وقت محدد، مما يخلق حالة رعب واسعة في المنطقة، ويعرض حياة عدد كبير من المزارعين ممن يفلحون أرضهم بالقرب من الكسارة إلى خطر محدق قد يطال حياتهم.
"تعتبر تلك المواد ذات تأثير سلبي واضح على التنوع البيئي في المنطقة، عبر هجرة أنواع كثيرة من الطيور للمنطقة بسبب كثافة الغبار والأتربة هناك". هذا بالإضافة إلى الإزعاج الصادر عن المتفجرات فيها، وحتى أنواع كثيرة من النباتات البرية التي تتميز بها المنطقة بدأت بالاختفاء
|
وحول تأثير الكسارة على التنوع الحيوي والبيئي في المنطقة يقول الأستاذ الجامعي غالب فقها الخبير في التنوع الحيوي والبيئي: "تعتبر تلك المواد ذات تأثير سلبي واضح على التنوع البيئي في المنطقة، عبر هجرة أنواع كثيرة من الطيور للمنطقة بسبب كثافة الغبار والأتربة هناك".
هذا بالإضافة إلى الإزعاج الصادر عن المتفجرات فيها، وحتى أنواع كثيرة من النباتات البرية التي تتميز بها المنطقة بدأت بالاختفاء.
وقال فقها إن المنطقة كانت تحوي 500 نوعاً من مختلف العائلات النباتية، مع العائلة النجلية والقرنية والقرنفلية والزئبقية، أما على صعيد الحياة الحيوانية البرية فكان هناك حوالي 13 عائلة من الثديات و45 عائلة من الطيور وهناك الطيور المقيمة والمهاجرة.
وبحسب التقارير المتوافرة في بلدية الكفريات، فإن المباني الأثرية وتحديدا في قرية كور كانت ضحية المتفجرات، حيث أن هناك عدداً من البيوت الأثرية التي تمتاز بها القرية قد تصدعت من شدّة المواد المتفجرة.
كسارة كور وأخرى مجاورة لها في واد التين جنوب طولكرم
نهب للموارد الطبيعية واستنزاف للأراضي الزراعية
كافة الثروات الطبيعية التي يتم استخراجها عبر الكسارة تذهب مباشرة للسوق الإسرائيلي، ولا يستفيد منها الفلسطينيون شيئاً. وأكد مرشد قيام المتصرفين بالكسارة بمحاولة توسيع رقعة الكسارة الحالية عبر الزحف إلى الأراضي المجاورة بصفتها أراضٍ مشاعية
|
من جهته أكد عبد الغني مرشد رئيس بلدية الكفريات لمجلة آفاق على أن كافة الثروات الطبيعية التي يتم استخراجها عبر الكسارة تذهب مباشرة للسوق الإسرائيلي، ولا يستفيد منها الفلسطينيون شيئاً.
وأكد مرشد قيام المتصرفين بالكسارة بمحاولة توسيع رقعة الكسارة الحالية عبر الزحف إلى الأراضي المجاورة بصفتها أراضٍ مشاعية، حيث تمتلك الشركة المالكة حِصصاً في تلك الأراضي عبر شرائها قطع زراعية من بعض المزارعين هناك.
ويضيف عبد الغني:" كنتيجة طبيعية على الاحتجاجات والضغوطات من قبل المجتمع المحلي، قامت لجنة السلامة العامة في محافظة طولكرم في الـ 26 من شهر أيلول الماضي، بزيارة إلى موقع الكسارة للاطلاع عن كثب حول آخر نشاط للكسارة والأخطار التي من المتوقع أن تنتج عنها، ولكن لا توجد أي نتائج عملية حتى الآن".
شركة الموارد الاستثمارية ترد
وفي رده عن آثار نشاطات الشركة وأثرها على البيئة والزراعة، قال سليم تكروري مدير شركة الموارد:" الكسارة تعتبر نموذجية، ولا يوجد أي تعديات على الأراضي المحيطة".
واستطرد بالقول:" هناك رشاشات للمياه وعدة غرابل تهدف إلى منع انتشار الغبار والأتربة في الأراضي المحيطة، ونحن نمتلك التراخيص والأوراق القانونية من الجهات ذات الاختصاص منذ ما يقارب الخمسة أعوام".
مناشدة الأهالي لرئيس الوزراء الفلسطيني لمنع ترخيص كسارة كور على اراضيهم
مخطط لإنشاء كسارة جديدة....
وكشف عادل زانبيط عن وجود مخططات لإقامة كسارة جديدة لصالح شركة الموارد الإسرائيلية على أراض قريتي كور وكفر صور، حيث تقدمت الشركة بطلب لتغيير صفة استعمال الأرض من زراعية إلى صناعية إلى اللجنة الإقليمية للتنظيم والبناء في محافظة طولكرم خلال شهر تموز من العام الحالي
|
وكشف عادل زانبيط عن وجود مخططات لإقامة كسارة جديدة لصالح شركة الموارد الإسرائيلية على أراض قريتي كور وكفر صور، حيث تقدمت الشركة بطلب لتغيير صفة استعمال الأرض من زراعية إلى صناعية إلى اللجنة الإقليمية للتنظيم والبناء في محافظة طولكرم خلال شهر تموز من العام الحالي، وقد طرح المخطط التنظيمي الجديد من قبل اللجنة الإقليمية للتنظيم والبناء في محافظة طولكرم للاعتراض خلال ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان، علما بأن المخطط الجديد يتربع على مساحة 636462 م2 زراعية.
وعلى أثر ذلك الإعلان تقدمت بلدية الكفريات باعتراض خطي، بالتوازي مع 100 اعتراض آخر من قبل المزارعين على هذا المشروع، ولكن في نهاية المطاف تم الموافقة عليه بصورة مبدئية من قبل اللجنة الإقليمية للتنظيم والبناء في محافظة طولكرم في نهاية شهر أيلول الماضي، وذلك بالتزامن مع موافقة أخرى على شق طريق بعرض 14 مترا يخترق منطقة واد التين باتجاه قرى كور وسفارين لصالح الكسارة الجديدة |
وعلى أثر ذلك الإعلان تقدمت بلدية الكفريات باعتراض خطي، بالتوازي مع 100 اعتراض آخر من قبل المزارعين على هذا المشروع، ولكن في نهاية المطاف تم الموافقة عليه بصورة مبدئية من قبل اللجنة الإقليمية للتنظيم والبناء في محافظة طولكرم في نهاية شهر أيلول الماضي، وذلك بالتزامن مع موافقة أخرى على شق طريق بعرض 14 مترا يخترق منطقة واد التين باتجاه قرى كور وسفارين لصالح الكسارة الجديدة، وتم إيداعه لدى اللجنة العليا للتنظيم والبناء في وزارة الحكم المحلي للدراسة.
القرار كان حكيما...
بحسب دراسة تقييم الأثر البيئي الصادرة عن سلطة البيئة الفلسطينية وتقرير وزارة الزراعة، فلا يوجد أي ضرر من إقامة مثل تلك الكسارة على الواقع البيئي في المنطقة (!!).
|
من جهته عقب السيد عدنان ربيع مدير الحكم المحلي ورئيس اللجنة الإقليمية للتنظيم والبناء في محافظة طولكرم على القرار المبدئي لترخيص الكسارة الجديدة بالقول:" إن الكسارة المنوي عملها بحسب المخطط المكاني تقع خارج المخطط الهيكلي، وهي أيضا بعيدة عن الأشجار".
وتابع إنه بحسب دراسة تقييم الأثر البيئي الصادرة عن سلطة البيئة الفلسطينية وتقرير وزارة الزراعة، فلا يوجد أي ضرر من إقامة مثل تلك الكسارة على الواقع البيئي في المنطقة (!!).