خاص بآفاق البيئة والتنمية/ غزة

الطيور من المخلوقات التي لها أهمية كبيرة في نظامنا المعيشي والبيئي والاقتصادي، والتي خلقها الله سبحانه وتعالى وأودع سرّه فيها لتكون ذات فوائدٍ عظيمة للإنسان، فيأكل من لحومها، ويستفيد من بيضها وريشها وتضفي الجمال الى الطبيعة بمنظرها وصوتها الرائع، ومن بين أجمل الطيور وأكثرها فائدةً على الإطلاق طائر السمان، أو كما يُعرف عند الغزيين بطائر الفر.
والسمان هو طائر صغير الحجم يقارب في حجمه زغاليل الحمام ويتميز بامتلاء جسمه باللحم، وهو من الطيور سريعة الطيران ويعمّر فترة طويلة قد تصل حتى عشر سنوات، ويتواجد طائر السمان في العديد من القارات في العالم مثل آسيا وأوروبا وإفريقيا.
ويوجد من السمان (الفر) أنواع وسلالات عديدة منتشرة في العالم أشهرها:
- السمان الأوروبي:
هذا النوع يتكاثر في جميع أنحاء أوروبا في الصيف، وتهاجر الملايين منه في الشتاء بحثا عن الدفء في رحلة عبر البحر المتوسط وتستقر في العديد من الدول العربية مثل (فلسطين – مصر- ليبيا – الجرائر-...) ,.
- السمان الياباني:
موطنه شرق آسيا في اليابان، وهو في الوقت الحاضر يُستخدم لإنتاج اللحم والبيض على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وكما يستخدم كحيوان تجارب في أبحاث التسمم بالمبيدات الحشرية وفي دراسة علوم الأجنة والوراثة والتغذية، ويمتلك مواصفات جيدة، فمتوسط حجم السمانة 550 جرام، وإنتاج البيض يبلغ 300 بيضة سنويا.
وهناك مميزات عديدة لتربية السمان من أبرزها:
- تربية السمان غير مكلفة، فهو لا يحتاج الى مساحات كبيرة لتربيته، ففي المتر المربع الواحد يُربّى 80 طائراً، وهذا رقم كبير مقارنة بنظرائه من الطيور التي تُربى في المزارع.
- يتميز السمان بقدرته العالية على مقاومة الأمراض الوبائية وتحمّله للظروف البيئية الصعبة.
- إنخفاض نفقات التغذية والرعاية والتربية مقارنة بالدجاج والطيور الأخرى المستأنسة.
- إنتاج عالٍ من البيض (250 – 300 بيضة) في السنة الإنتاجية.
- مدة التفريخ في السمان تعتبر أقصر مدة من جميع أنواع الطيور حيث تصل إلى 16 – 17 يوماً من بداية وضع البيضة في المفرخ وحتى الحصول على كتاكيت أو صيصان.
- دورة رأس المال للسمان سريعة، حيث أن دورة حياته والتفريخ قصيرة، ويكون النضج الجنسي مبكراً للطير، حيث ينضج في عمر 45 يوماً.
- السمان مصدر سريع ورخيص لإنتاج البروتين الحيواني من لحم وبيض، ويلعب دوراً كبيراً في الحد من أزمة اللحوم في بعض الدول التي تهتم بتربيته.
تربيته تزيد من خلق فرص جديدة للعمل خاصة للشباب في مجالي الإنتاج والتسويق
القيمة الغذائية للسمان:
بالرغم من صغر حجم السمان، إلا أن قيمته الغذائية عالية جداً، ويعتبر لحم وبيض السمان من الأطعمة الشهية والمليئة بالبروتين والفيتامينات.
أولا: القيمة الغذائية للحم السمان ومميزاته:

- لحم السمان يعد مصدراً جيداً للبروتين الحيواني ونسبة الدهون والكولسترول فيه منخفضة.
- فاتح للشهية وذو نكهة لذيذة، فالسمان من اللحوم الفاتحة للشهية، وهذا لأنه يحتوي على نسبة عالية من فيتامين ب المركب، وأيضا ب 6.
- غني بالمعادن المفيدة واللازمة لبناء الجسم مثل الحديد والبوتاسيوم والفسفور والكالسيوم، ويحتوي على فيتامين ب 6 ومجموعة فيتامين (ب) المركبة، علاوة على احتوائه على الأحماض الأمينية وبعض الأحماض الدهنية الأساسية.
- يوجد في السمان نسبة من الكوليسترول والدهون غير المشبعة اللازمة لحرق الدهون المتراكمة في الجسم

ثانياً: القيمة الغذائية لبيض السمان ومميزاته:
- غني بالبروتين المهم للنظام الغذائي، والذي نحتاجه لعمليات لا تعد ولا تحصى في أجسامنا.
- يقلل من خطر الإصابة بفقر الدم، يساعد بيض السمان في الحد من خطر الإصابة بفقر الدم لأنه غني بالحديد (3).
- ينقي الجسم من السموم، يساعد الجسم على التخلص من بعض المعادن المضرة والسموم (4).
- تقوية جهاز المناعة، فهو غني بمضادات الأكسدة، الأحماض الدهنية الحيوية، وفيتامين أ ، ب
- يمتاز بيض السمان بزيادة نسبة الصفار إلى البياض مقارنة مع باقي الطيور.
- يستخدم بيض السمان على مائدة المطاعم والفنادق كفاتحات للشهية، ويتم تقديمه مع المأكولات الأخرى وذلك بعد سلقه وتقشيره مع إضافة بعض التوابل عليه.

تربية السمان واستئناسه من قبل المربين في قطاع غزة
في العقود المنصرمة اعتاد الصيادون على نصب شباكهم قبالة شاطئ القطاع، لتستقبل الطيور المهاجرة من أوروبا حيث المناطق الباردة، وتمر هذه الطيور على سواحل قطاع غزة مع بداية فصل الخريف، ومنها السمان حيث يمرّ في طريقه إلى شواطئ القطاع بعد رحلة سنوية متعبة، ويتم اصطياد جزء كبير منه عند وصوله الى الشاطئ، ويشكّل هذا الموسم فرصةً ومصدر رزقٍ لعدد من العائلات في غزة ، إذ اعتادوا على بيع هذه الطيور في الأسواق أو في أماكن الصيد.
إلا أن الأعداد التي تصل قطاع غزة في هذه الأيام، في انخفاض حاد ومستمر وأقل بكثير من تلك التي كانت تصلها قبل عقد من الزمن، وهذا كان نتيجة حتمية للصيد الجائر الذي يتعرض له هذا النوع من الطيور قبل عودته إلى موطنه الأصلي.
غير أن العقلية "الغزاوية" التي اعتدنا عليها لا تعرف المستحيل، ولا تقف عند المشكلات بدون إيجاد حلول ناجعة، فقد بدأ الناس هناك في التفكير بحلول. ومن هنا؛ فقد التفت العديد من الشباب والهواه والمربين الى تربية الفر داخل المزارع وفي البيوت وفق الطرق والأساليب الحديثة، والتي بفضلها أصبح يتوفر الفرّ على مدار العام حيث يتم الاستفادة من لحمه وبيضه بصورة مستدامة.
تجربة ناجحة في قطاع غزة
أبو أحمد من سكان حي النصر بمدينة غزة، هو من المنتجين للفر، يقول أن فكرة تربية هذا الطائر، كانت في بدايتها مجرد هواية تكميلية لهوايته في تربية الطيور، الا أن الفرّ لفت انتباهه من بين الطيور لسماعه بفوائده الكبيرة. وقد اعتاد أبو أحمد أن يصطاد الفر خلال موسم هجرة هذا الطائر، لكن كانت الكمية التي يستطيع الحصول عليها غير كافية، لذلك بدأ في تربية هذا الطائر في منزله عام 2002، وكانت الكمية قليلة لا تتجاوز الـ 10 طيور في ذلك الحين. بقي أبو احمد على هذا العدد الذي ارتفع قليلاً، لكن ظلّ مقتصراً على أهل بيته وأصدقائه، حتى عام 2018 ، حين بدأ أبو أحمد بفكرة الاستثمار في تربية الفر.
ويقول: "ما جذبني الى الاستثمار في طائر الفرّ عدة أمور هي":
-الفائدة الصحية التي شعرت بها من خلال تناول لحم الفر وبيضه ورد فعل من كان يجربه.
-انخفاض نسب المخاطرة في المشروع، فتكلفة رأس المال والمستلزمات الأخرى منخفضة، وأيضا مقاومة الفر للأمراض مرتفعة.
-سهولة تربية الفر، فهو لا يحتاج الى مساحة كبيرة، فقد يستوعب المتر المربع الواحد من 60 طائراً أو يزيد.
-الفرّ لا يستهلك الكثير من العلف ونسبة اللحم لديه مرتفعة.
-مدة نضوج الفرّ قصيرة، فبعد 35 يوماً من الفقس يمكن بيعه كلحم للاستهلاك.
- يبدأ الفرّ بوضع البيض بعد 45 يوماً من الفقس، ويتم البدء ببيع البيض إما للاستهلاك، او للتفقيس لأصحاب الفقاسات
ويشير إلى أن الفر بالرغم من فوائده الصحية الكثيرة ومذاقه الرائع؛ إلا أن سعره في السوق منخفض، فيصل سعر الزوج من (6-8 )شواقل، وهذا السعر المنخفض مقارنة بالطيور الأخرى فرصة مشجعة للكثير من المستهلكين لتناوله وادخاله ضمن وجباتهم.
خياران في الاستثمار بالفر
وأشار أبو أحمد إلى أن التسويق تم عبر صفحة لديه على الفيسبوك في البداية، ثم بدأ يتواصل مع أصحاب محلات بيع اللحوم في منطقته، ويضيف، أن أصعب مرحلة واجهته هي مرحلة تسويق المنتج، فهو شيء جديد على أغلبية سكان مدينة غزة، وخاصة تسويق البيض للأكل. فشكل بيض السمان بصورته المختلفة عن بيض الدجاج التي اعتاد الناس على تناوله كان يشكل تحدياً عند المستهلكين في تجربته، الا أن هذا التسويق بدأ يتحسن مع الوقت، وثقافة السكان آخذة بالتوسع في هذا المجال.
يضيف، من يريد أن يدخل في مجال تربية الفرّ فالأمر هيّن، ولكن عليه أن يذهب للمتخصصين وأهل الخبرة من أصحاب المعرفة السابقة، للإلمام بكافة الخطوات من بداية المشروع حتى الوصول لمرحلة التسويق.
لابد أن يعلم المبتدئ في تربية الفر أن أمامه خياران للاستثمار، النوع الأول: التسمين والنوع الثاني: التربية المتكاملة، فالتسمين يبدأ بشراء كتكوت الفر عمر يوم او اكثر بقليل من مربي تفريخ البيض، ويكون سعره ( 1الى 1.5) شيقل وسيتولى المربي تسمينه لمده 30 أو32 يوما وبيعه عندما يصل الى عمر 35 يوما، وهذا النوع لا يحتاج الى تكلفة عالية ولا مساحة كبيرة، وقد تفي بالغرض مساحة غرفة من(3*2)م ومبلغ قد لا يتجاوز 1000 شيكل في البداية، وهنا سيحصل على العائد بعد شهر واحد فقط.
والنوع الثاني هو التربية المتكاملة، وهنا سيكون لدى المربي: الأمهات والفقاسة ومكان التحضين، ويتطلب رأس مال أعلى من النوع الأول، الا أنه في النهاية سيحصل على عائد أكبر من النوع الأول، ورأس المال سيكون منخفضاً مقارنة بالاستثمار في مشاريع مماثلة كتربية الدجاج أو الحبش.
ويختم أبو أحمد بقوله: "أدعو الشباب المهتمين الى خوض تجربة تربية الفرّ فهي فرصة أمامهم للتغلب على البطالة... وأدعو الجهات المعنية كوزارة الزراعة والمختصين إلى نشر المعلومات المفيدة والمتعلقة بلحوم وبيض الفر، وزيادة الوعي لدى الناس عن فوائده الصحية ومساندة أصحاب المشاريع.
المراجع:
1 https://www.organicfacts.net/health-benefits/animal-product/quail-eggs.html
2 <p class='err_new'>Incorrect link or contains illegal characters>
3http://www.earthjournals.in/ijpt_314.pdf
4 http://phcogfirst.com/sites/default/files/PJ_7_2_4.pdf
5 موقع الدواجن http://www.thepoultry.net/