خاص بآفاق البيئة والتنمية
وعي وحاويات
تشاهد حاويتين متجاورتين، في الأولى قرر سكان المنزل المجاور أن يضعوا شماعة ملابس بداخلها، وفي الثانية تخلصوا من ستارة كاملة بحديدها وقماشها وخيوطها. تسأل عامل النظافة: هل ترون أشياء كهذه دائمًا؟ فيجيب: على الأغلب يضع لنا الناس أطقم كنب، وأغصان أشجار، وفراش تالفة، ومخلفات مواد بناء. السؤال: كيف يمكن لنا أن نتحدث لأطفالنا حول البيئة النظيفة، ورمي القمامة في مكانها؟ ومتى سنصل مرحلة فرز النفايات؟
تطرف كبير
إن استمر تطرف درجات الحرارة الحالي كما هو خلال الصيف القادم، فقد نحتاج إلى تغيير الكثير من عاداتنا. وقد نتحول إلى (خليج رقم 2)، ولكن دون نفط وثراء فاحش وسيارات فارهة ومتاجر ضخمة وناطحات سحاب عملاقة وإعلام عريض وعتاد عسكري... نتحدث عن فوارق تتجاوز الـ 14 درجة أحيانًا عن معدلها!
حظ وورق
لا معنى لأخبار امتحان التوظيف: كتفقد زيد وعمرو للقاعات، وأعداد المتنافسات والمتنافسين، ولون عيونهم، وعدد سنوات تقدمهم للامتحان، وخبرتهم كبدلاء، والنسب المئوية لأحلامهم بالوظيفة ( التي تشبه فرصة العثور على الإبرة في كومة القش). تسأل متنافسة تقدمت للمرة العاشرة لنيل وظيفة معلمة: " زهقتي..."؟ ترد: "لا، صار معنا دكتوراه في امتحان التوظيف"! في كل مرة يكون نصيب هذه المتنافسة المكان الثالث بين المرشحين، ولسوء الطالع يجري تعيين الأول في الترتيب أو الاكتفاء بتعيينه بديلًا لفترة قصيرة.
بعيدًا عن أحلام المرشحين، والنسبة المتدنية في حظ وصولهم إلى الوظيفة، تسأل نفسك: كم استهلكنا من الورق والحبر خلال عشر سنوات؟ وما المنطق في أن يعيد الناجح بالامتحان الكرّة عشر مرات ليثبت نجاحه مرة أخرى؟
عبوات الأغذية والعصائر ومياه الشرب البلاستيكية تحت الشمس الحارقة
صحة وشمس
يكرر بعض التجار سلوكًا غريبًا، فهؤلاء يتركون بضائعهم تحت الشمس الحارقة، لفترات طويلة. والسلع المتروكة عادة: عصائر يدعي صناعها أنها طبيعية، ومشروبات غازية، ومواد تنظيف، وغيرها.
تسأل أحد هؤلاء: ألا تخشى أن تتلف البضائع، وتؤثر على صحة المستهلك؟ يرد: بابتسامة، ويقول: "عادي"!
شرط صعب
أطلقت فعاليات نابلس مبادرة جميلة لتنظيف المقبرة الشرقية من الأعشاب والنفايات. تقترح لإنجاح الحملة (هي وغيرها) حظر الكاميرات والهواتف النقالة خلال العمل، فالأغلبية العظمى تستقطع وقتًا طويلًا لالتقاط الصورة وأخذ "السيلفي"، والبحث عن "الواي فاي" لتحميلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
طعام مجاني
علاقة الناس بالأكل غريبة عجيبة: لماذا يتهافتون على الأطباق المجانية في الأعراس والمؤتمرات والمناسبات الحزينة؟ ولماذا يفرحون بأنفسهم وهم يلتقطون "سيلفي" للحظات الغذاء التاريخية؟ كأننا نسير على خطى معدتنا قبل قدمنا!
صورة منتحلة
مهنية عالية
ارتكب موقع إخباري ذائع الصيت مخالفة مزدوجة حين نشر مجموعة صور. الأولى: الإدعاء أن صاحب المشاهد المبهرة من الهواة، وهو ليس كذلك. والثانية: عدم الإشارة إلى زمان الصورة قبل عامين، والتعامل معها أنها طازجة. هذا طبعًا إضافة إلى إخفاء مصدر الصور! الأمر يستوجب الاعتذار من القراء، والكف عن النسخ واللصق الأعمى من صحافة المحتل.
فوزية: 99 عامًا
تقترب المُعمرة فوزية صادق أبو محسن من إكمال قرن من عمرها، وتبث تجاعيد وجهها وذكرياتها العتيقة بحال طوباس وأهلها قبل عقود.
تروي، وهي على سرير الشفاء بفعل هشاشة العظام:" ولدت أنا وابنة عمي في المالح، يوم انكسرت تركيا بالحرب، وسمى عمي كامل ابنته (تركيا)، وشاهدت في أول حياتي الإنجليز وهو يخلطون القمح والشعير والزيت مع بعضهم البعض، ليعركسوا ( يخربوا) على الناس."
ووفق أبو محسن، فقد ساهمت مع أخوتها في تهريب قمح العائلة من قلب طوباس الصغيرة إلى أطرافها في حمامات المالح ومنطقة الثغرة في محيط المدينة، فكانت تضع الحبوب المهربة في تنك الماء، وقبل أن يكتمل الإناء تغلقه بإحكام ثم تُموه على ما في داخله بالقليل من الماء في وعاء صغير.
تتابع: أكثر ما يعز عليّ بيوت الشعر، وصناعة الزبدة والسمن، وغزل البُسط (السجاد)، ولا أنسى يوم وضعت أمي فريدة الوشم، وتوقفت قبل عشرين سنة عن ارتداء زي طوباس (الردان، واليانس، والمنديل الأخضر، والدماية، والتشبر، والصمادي).
تحتفظ المعمرة بتفاصيل حياة البداوة، وتسرد أدوات العمل والرعي، وتتوقف مطولاً عند الغربال، والكربالة، والناطح، والمذارة، والشاعوب، ولوح الدراس، والمدرس، والجاروشة، والسراج، والقدر، والمغزل. ولا تسقط من ذاكرتها طريقة صنع البُسط، فتقول: كنا نأخذ صوف الماعز، ونطرقه بالمطارق (عصي من أعواد الرمان)، ثم نلفه ونغزله على أيدينا، ونحضر المنساج (أداة خشبية للنول)، وكنت أستعمل قرن الغزال الذي يصطاده زوجي لنضع عليه الصوف.
توالي أبو محسن، التي أسقط تقدير العمر ثلاث سنوات من بطاقة هويتها: كانت بيوت الشعر (الخيام) تقسم إلى الشق (للرجال) والرُبعة (لمبيت النساء)، وشق للسخول الصغيرة، وحين كان زوجي يذبح السخول والخرفان كنا نأخذ جزءا من المعلاق واسمه (المنساة) ننشفه ونضعه في الحليب بعد تفتيره لصناعة الجبن.
لم تلتقط المعمرة صورة شخصية لها إلا بعد إنجاب ثمانية أولاد، مثلما حافظت على نظام غذائي خاص بها، فقد اعتادت تناول خبز الشراك بالسمن البلدي وقشطة الحليب، وتناول البرتقال بقشوره، وأجادت صناعة خير الكراديش من الذرة البيضاء، وحرصت على جمع العكوب والجعدة والخبيزة من الأغوار، ولم تأكل الخضروات والفاكهة إلا في وقتها، واشتهرت بطريقة تخزين البندورة بالتمليح، والبامية والملوخية بالتجفيف، واحتفظت بالذبائح في عمود الخيمة لوقت قصير، وتفتقد هذه الأيام السليقة (القمح المسلوق والمضاف إليه السكر) والذي يحضّر احتفالًا ببروز أسنان الأطفال.
aabdkh@yahoo.com