خاص بآفاق البيئة والتنمية
خبراء ومختصون ومسؤولون محليون رسموا لـ "آفاق البيئة والتنمية" صورة قاتمة للوضع المائي في فلسطين، مع تراجع الموسم المطري الحالي، وسط توقعات بارتفاع درجات الحرارة نتيجةً للتغيرات المناخية التي يشهدها العالم. وأجمع المختصون أن انعكاسات التغير المناخي أصبحت واضحة على شتاء فلسطين، الذي تغيرت معالمه، فيما نشهد هذا الموسم إزاحة لنضوج المحاصيل وتبكيرها قبل نحو شهرين من موعدها. في التقرير التالي، نرصد التوقعات حول الصيف القادم، ونحاول أن نصل إلى جوابٍ شافٍ بخصوص الممارسات الزراعية الضرورية لتقليل تداعيات التغير المناخي.
|
 |
شتاء خجول |
رسم خبراء ومختصون ومسؤولون محليون لـ"آفاق" صورة قاتمة للوضع المائي في فلسطين، مع تراجع الموسم المطري الحالي، وسط توقعات بارتفاع درجات الحرارة نتيجة للتغيرات المناخية التي يشهدها العالم.
وأجمع المختصون أن انعكاسات التغير المناخي أصبحت واضحة على شتاء فلسطين، الذي تغيّرت معالمه، فيما نشهد هذا الموسم إزاحة لنضوج المحاصيل وتبكيرها قبل نحو شهرين من موعدها.
ترصد "آفاق البيئة والتنمية" توقعات حول الصيف القادم، وتحلّل معطيات أمطار جنين وحرارتها على مدار أكثر من نصف قرن، محاولة البحث عن إجابة شافية بشأن الممارسات الزراعية الضرورية لتقليل تداعيات التغير المناخي.

يوسف أبو أسعد مدير عام الأرصاد الجوية في مناطق السلطة الفلسطينية
شكل الصيف لا يرتبط بالمواسم المطرية
يقول يوسف أبو أسعد مدير عام الأرصاد الجوية، إنه لا يمكن التنبؤ بشكل الصيف القادم؛ لأن التوقعات الفصلية لدرجات الحرارة والأمطار ما هي إلا نماذج لا تتجاوز في دقتها 25%، بينما تصل دقة احتمالية التوقعات لأربعة أيام أكثر من 90%.
وأشار إلى أن النماذج العالمية لا تستطيع رسم توقعات بعيدة المدى، حتى أن الأرصاد البريطانية تنشر تحذيرات في موقعها من أن نشراتها الفصلية مجرد توقعات لا يُبنى عليها وغير دقيقة ولا يمكن الاعتماد عليها.
وأكد أبو أسعد أن المواسم المطرية "لا ترتبط بفصول الصيف، ولا يمكن الجزم بأن فصول الشتاء قليلة الأمطار ستتبعها بالضرورة فصول صيف حارة"، بل يعتمد الأمر على حركة الغلاف الجوي والكتل الهوائية، التي تتشكل في فروقات الضغط الجوي والكتل الهوائية بين مناطق الضغط المرتفع والمنخفض، وتعتمد درجات الحرارة على مرورها بمناطق حارة أو جافة أو رطبة، كمنخفض الهندي الموسمي الذي يرفع درجات الحرارة في فلسطين.
ومضى في شرحه موضحًا: "أي فصل صيف لا يخلو من موجات حارة تتفاوت من موسم لآخر"، وتتشكل بارتفاع الحرارة عن معدلها فترة من الزمن، وهناك تصنيفات للموجات الحارة بين خفيفة إذ زادت 5 درجات على معدلها واستمرت أكثر من 3 أيام، ومتوسطة إذا كانت فوق 7 درجات وامتدت 5 أيام، وشديدة إذا ارتفعت 10 درجات واستمرت أكثر من 6 أيام، ولا يُتنبأ بها إلا قبل حدوثها بـ 3-4 أيام كالمنخفضات الجوية".

شتاء جنين 2019
شتاء جنين وصيفها على مدار 54 عامًا
بعد تواصل مراسل "آفاق البيئة والتنمية" مع "الأرصاد الجوية"، حصل على بيانات غير منشورة سابقًا بخصوص كميات الأمطار ومعدلات درجات الحرارة العليا والدنيا لمدينة جنين منذ عام 1967 وحتى عام 2021.
فمعدل درجات الحرارة الصغرى في جنين على مدار 54 عامًا كان في معدله عمومًا 16,9 درجة، وكان متوسط الدرجات 5,9 ، والمتوسط الأعلى 27.7 درجة.
في المقابل، كان معدل الدرجات العظمى في جنين في الفترة نفسها 26,3 (8,2 درجة الأقل، و36,2 الأعلى).
وسجلّت متوسطات درجات الحرارة الصغرى في شهور السنة على النحو الآتي:
كانون الثاني 8,7، وشباط 9.5، ونيسان 30,9، وأيار 34,7، وحزيران 34,4، وتموز 36,2، وآب 36,2، وأيلول 34,8. وتشرين الأول 19,9، وتشرين الثاني 14,5ـ وكانون الأول 10,3.
أما درجات الحرارة العظمى فكانت كما يلي:
كانون الثاني 19,5، وشباط 21,4، وآذار 25,4، ونيسان 30,9، وأيار 34,7، وحزيران 34,4، وتموز 36,2، وآب 36، وأيلول 34,8، وتشرين الأول 33,2، وتشرين الثاني 29,3، وكانون الأول 21,6.
وحول معدل الهطولات المطرية بالملميتر في جنين من عام 1996 حتى عام 2021:
في كانون الثاني 120,9، وشباط 94,1، وآذار 45,9، ونيسان 20,4، وأيار 6,4، وحزيران 1,1، وتموز 0، وآب 0، وأيلول 0.9، وتشرين الأول 21,4، وتشرين الثاني 46,7، وكانون الأول 91,5.

ابتسام ابو الهيجاء مديرة دائرة التغير المناخي ورصد الجفاف في وزارة الزراعة الفلسطينية
"الزراعة": الحصاد المائي والري التكميلي ضروريان
بدورها، أكدت ابتسام أبو الهيجاء مديرة دائرة التغير المناخي ورصد الجفاف في وزارة الزراعة، أن الأوضاع المناخية الراهنة تتطلب العمل الفوري على الري التكميلي للمزروعات البعلية، التي تشكل 80% من حقول الضفة الغربية.
وترى أن من الأهمية بمكان تشجيع المزارعين على الحصاد المائي، ليتمكنوا من سقي محاصيلهم في الفترات الحرجة التي تتطلب وجود ري تكملي بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة فوق معدلها.
وأوضحت أن الخضراوات لا تستهلك كميات كبيرة من المياه، إلا أن هناك سوء إدارة من بعض المزارعين، الذين لا يسقون خضراواتهم حسب الحاجة، ولا يتبّعون برامج للري بمساعدة مرشدين زراعيين، "ولو وجدت "إدارة ري" لخفضّت من استهلاك الأسمدة والمواد الكيميائية وقلّلت من التكلفة" تقول أبو الهيجاء.
والمعضلة الكبيرة وفق حديثها، ليست في المحاصيل الحولية "بل في أشجار النخيل والجوافة والمانجا والأفوكادو، التي تتطلب ريًا على مدار العام، وتستهلك كميات كبيرة صيفًا".
وأشارت إلى أن الدونم الواحد من محاصيل الخضار يتطلب 700 متر مكعب طوال موسمه، بينما يحتاج دونم الأشجار كمية تتفاوت من 1500 إلى 2000 متر مكعب.
وتحدّثنا عن دور وزارة الزراعة: "تعمل الوزارة على زيادة كميات المياه عبر برامج الحصاد المائي واستخدام المصادر غير التقليدية كالمياه المالحة، والمياه المعالجة، ورفع كفاءة إنتاجية وحدة المياه، فضلًا عن تشجيع المزارعين على استخدام أنظمة ري حديثة تخفف من الفاقد، وإعادة تأهيل الخطوط الناقلة.
وعدّت أبو الهيجاء إعادة استخدام الأصناف البلدية في المحاصيل الحقلية والأعلاف والأشجار والمراعي والغابات مسألة مُلّحة؛ كونها متوافقة مع ظروف البيئة المحلية، وقادرة على تحمل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة المرتفعة.
وبدورها انتقدت إدخال أصناف جديدة لا تتناسب مع ظروفنا المحلية، لأن تلك الأصناف حسب رأيها "تستنزف مصادرنا المائية".
وتذّكر في هذا الصدد بإستراتيجية وزارة الزراعة القديمة، التي ستُحدّث، إذ ينصّ الهدف الثالث بموجبها على "موارد طبيعية مُدارة بكفاءة ومتوائمة مع التغيرات المناخية، وتراعي المياه والأراضي والغابات والمراعي".
والمختلف في الحالة الفلسطينية، أنها لا تجابه التغيرات المناخية فحسب، بل تواجه وضعًا قاسيًا فرضه الاحتلال علينا، فيما كان سيختلف الأمر لو أننا نتمتع بسيادة على أرضنا ومواردنا، تبعًا لكلامها.

مياه شحيحة
العودة لممارسات أجدادنا
وأمام التغيرات المناخية الراهنة، دعت مديرة دائرة التغير المناخي ورصد الجفاف إلى "تحسين إنتاجية المزارعين ورفع عوائد إنتاجهم لمساعدتهم على الصمود وعدم هجرة أرضهم، مما يستدعي البحث عن تقنيات بسيطة وغير مكلفة.
وتشدد أبو الهيجاء على أهمية العودة لممارسات أجدادنا في التعامل مع الأرض والمياه، والتدقيق في طرق اختيار المحاصيل كالزراعات المتباينة بين الأشجار، وجمع المياه، وبرأيها أن تلك الممارسات تتفوق على الحلول التكنولوجية التي تساهم آلاتها في رفع تهديد التغير المناخي بانبعاثات غازاتها.
وتزيد بالقول: "تنفيذ مشاهدات للمزارعين تقارن بين الأنماط التقليدية والحديثة من شأنها إقناعهم بتبنيها؛ لأنها أقل تكلفة وأكثر فاعلية، وقد سبق أن نفذّنا مشاهدات لأنظمة ري حديثة ثمنها منخفض وتوفيرها للمياه عالٍ، وحاجتها للأسمدة الكيميائية قليل، وقد اقتنع المزارعون باستخدامها".

اسكدنيا- إثمار مبكر-جنين
وفي سؤالها عن السيناريو المتوقع للتغير المناخي توقعّت ارتفاع معدل درجات الحرارة من ( 2-4.5 درجة)، مشيرة إلى سيناريوهات صعبة لارتفاعات أكبر "نأمل ألا تتحقق".
وكشفت عن تنفيذ مشروع لتقليل انبعاثات الغازات من حقول الزيتون، وتقليص تكاليف شجرة الزيتون لتصبح أرباحها مرتفعة.
وأردفت قائلة: "تذبذب أمطار الموسم الحالي أثرَّ على المحاصيل البعلية، التي ستنتج البذور ولكنها ستعجز عن تأمين الأعلاف والقش، كما أن الأشجار ستثمر قبل موعدها، فقد أزهر الزيتون في آذار بدلًا من أيار، ولا نعرف مدى تضرره بالحرارة ورياح الخماسين، فيما بدأ تلقيح النخيل قبل شهر من موعده".
 |
 |
إزهار قبل الأوان |
إزهار مبكر |
وأفادت أن "الموسم الحالي شهدَ إزاحةً لبعض المحاصيل بين شهر وشهرين"، لافتة إلى أن ارتفاع درجة الحرارة أدى إلى تقليل دورة المحصول، وتسريع نموه من 4 أشهر في بعض الأنواع إلى شهر وشهرين، ما سيؤدي إلى فجوة في محصول الخضروات بين المحاصيل الشتوية والصيفية، ويرفع أسعارها.

د. عبد الرحمن التميمي مدير عام مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين
"الهيدرولوجيين": الموسم المطري تغيّر
من جهته، قال عبد الرحمن التميمي مدير عام مجموعة الهيدرولوجيين، إن التغير المناخي أحدث "إزاحة لموسم المطر"، موضحًا: "كان يبدأ قبل عشر سنوات في شهور أيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني، ثم أصبح في تشرين الثاني وحتى نيسان، وحدث تذبذب ليس كبيرًا في سقوط الأمطار، لكن الموسم المطري نفسه تغيّر، وهو ما سينعكس على الزراعة من حيث الممارسات، والموسم، ونوع الزراعات، والحصاد، والتوقيت، وسنشهد تغيرات إيجابية وسلبية على حدٍ سواء".
وأشار إلى أن المزارعين "ليس لديهم المعرفة الكافية بكيفية التصرف إزاء ما يعرف بــ "إزاحة الموسم المطري"، في وقت تقتصر الاستفادة من الأمطار على الزراعة البعلية، أو بتخزينها في الآبار الجوفية"، معربًا عن أسفه جراء القيود التي يفرضها الاحتلال واتفاق أوسلو، "إذ لا نستطيع الاستفادة من الجريان السطحي، وبطبيعة الحال نُمنع من إنشاء السدود، وليس بوسعنا استخدام مياهنا الجوفية إلا بتراخيص خاصة" وفقًا للتميمي.
وواصل حديثه: "80% من مياهنا منهوبة نهبًا مباشرًا بسبب الآبار الجوفية التي تخدم المستعمرات وتتزايد، دون علمنا بحجم ما يُضخّ فيها، كما أن مياهنا السطحية تتجه مباشرة نحو الساحل، علاوة على أن الاحتلال يضع قيودًا على حفر الآبار في الحوض الغربي".
وأفاد التميمي أن حصتنا من المخزون المائي لا تتجاوز 15%، فيما نستهلك نحو ( 120-150 ) مليون متر مكعب سنويًا، بينما ينهب المحتلون نهبًا مباشرًا وغير مباشر قرابة 600 مليون متر مكعب، علمًا أنه يبلغ معدل استهلاك الفلسطيني للمياه في الضفة الغربية 65 لترًا و20 لترًا في غزة، بينما عالميًا 100 لتر.
ووصف التغير المناخي بــــ "حمّال أوجه"، وهو أمر طبيعي يحدث كل ( 100-150 ) عامًا، فمن الوارد ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع الهطولات المطرية أيضًا، كما قد تتأثر معدلات سقوط الأمطار من حيث الموسم، وربما تزيد من حيث الكميات".
ويوصي التميمي بضرورة تغيير ممارساتنا الزراعية كافة، وإدارتنا للمصادر المائية، في حال ارتفاع درجات الحرارة وتراجع الأمطار، لأنه عندئذ ستصبح المياه السطحية أهم من الجوفية، وسترتفع كمية الهطولات في اليوم الواحد بوضوح، ويصبح الأهم كيفية "اصطياد المياه" بحصاد مائي.

أحمد ابو ظاهر المكلف بملف التغير المناخي في سلطة جودة البيئة الفلسطينية
"جودة البيئة": الوعي بالتغير المناخي غائب
بالانتقال إلى أحمد أبو ظاهر المكلّف بملف التغير المناخي في سلطة جودة البيئة، يقول إن عمل السلطة لا يتدخل في التفاصيل الفنية للتغير المناخي، بل يضع السياسات ويعد التقارير الوطنية المتصلة به كتقرير الزراعة والتغير المناخي، الذي يركز على الزراعة الذكية مناخيًا، والزراعة المقاومة للتغير المناخي.
وأضاف أن "جودة البيئة" وضعت ست خطط قطاعية للتغير المناخي تتصل بالزراعة والمياه والنفايات، والمياه العادمة، والمواصلات، وتترك تفاصيلها للوزارات، كما تساعد في بناء القدرات، والوصول إلى التمويل.
وأكد أبو ظاهر وجود "خطة وطنية للإنتاج والاستهلاك المستدامين، كان القطاع الزراعي أساسيًا فيها، وتناولت مراحل الإنتاج، والتخزين، والنقل، والنفايات فيها، وأُوكل تنفيذها لوزارة الزراعة".
وبّين أن المشاركات الفلسطينية في مؤتمرات التغير المناخي تهدف إلى الاطلاع على الممارسات والتكنولوجيا الدولية في التعامل مع التغير المناخي خاصة في قطاعي الزراعة والنقل والمواصلات.
ويرى أن ارتفاع التفاعل الرسمي والأهلي والخاص مع التغير المناخي ومستتبعاته على الصعيد الفلسطيني بات ملحوظًا، وهذا يُترجم بتوجهات وسياسات وممارسات من قبيل زيادة الاهتمام بالطاقة المتجددة، والزراعة الذكية، وتقليل هدر المياه، والصحة.
ومن وجهة نظره أننا "لسنا مطالبين بتقليل الانبعاثات، ولا نساهم فيها بنسبة تذكر عالميًا".
ويقر أن الوعي بالتغير المناخي والبيئي عمومًا غائب، بحيث يحتاج الاستثمار في البيئة لسنوات طويلة حتى تتضح آثاره.
ويأمل أن يتحلى الجميع بالإيمان العميق بأن العمل البيئي لا يصب في مصلحتنا فقط، بل من أجل أطفالنا وأحفادنا، مما يتطلب بذل جهد على المستوى التربوي والثقافي والقانوني.
وختم حديثه بالقول: "فلسطين هي المكان الوحيد في العالم الذي يتدخل الاحتلال في بيئته، ويستنزفها ويدمرها ويسيطر عليها ويلوثها ويعرقل مشاريع الاستثمار فيها".

تراجع التدفق المائي في نبع بتير قضاء بيت لحم
سلطة المياه: وضعنا المائي لا نُحسد عليه
من جانبه، قال عمر زايد مدير عام المصادر في سلطة المياه: "نحن في وضع لا نُحسد عليه، بسبب سيطرة الاحتلال على أكثر من 85% من مصادرنا، إضافة إلى منعنا من تطوير مصادر جديدة، ووضع تعقيدات على تنفيذ مشاريع في مناطق (ج)".
ويضيف: "شحّ الأمطار سيفاقم خطورة وضعنا المائي؛ لأن المياه الجوفية تعتمد أساسًا على مياه الأمطار التي تزداد في الهطولات المرتفعة، وفي حال شحّها ستنعكس سلبًا على تغذية الأحواض الجوفية، وستؤثر على كميات السحب من الآبار".
وأشار إلى أن "الحفر العشوائي للآبار" لا يصل بسهولة لطبقات الآبار العميقة، التي تزوّدنا بمياه الشرب، لكنها عند الآبار الزراعية السطحية، كما في محافظتي جنين وأريحا، تتأثر بالحفر العشوائي، وتضغط أكثر على مصادرنا المائية".
وبيّن أنه من غير المنطقي الحديث عن ترشيد استهلاك المياه في فلسطين، "لأننا لا نحصل على حقوقنا ولا نصل إلى المعدل المُوصى به عالميًا".
ووفق زايد، فإن الكمية المتاحة سنويًا في الضفة وغزة عام 2021 كانت 440.2 مليون متر مكعب، ووصلت كمية الضخ من الآبار الجوفية 299,6 مليون متر مكعب، وكان التدفق السنوي للينابيع 37 مليون متر مكعب، و7,5 مليون متر مكعب مياه محلاّة، و96.1 مليون متر مكعب مشتراة من شركة المياه الاحتلالية (ميكروت)، و250,7 مليون متر مكعب مزودة للقطاع المنزلي، بينما بلغت حصة الفرد اليومية 86,3 لترًا، وبلغ العجز الحقيقي في تغطية الاستخدام المنزلي 116,1 مليون متر مكعب.

جفاف
وطالب مدير عام المصادر في سلطة المياه بضرورة اتخاد رزمة من الإجراءات لتخفيف مستتبعات التغير المناخي والجفاف تبدأ بحفر "بئر جمع" في كل منزل ليكون بديلًا وقت الأزمات.
وتحدّث عن إستراتيجيات وطنية كمشروع الحصاد المائي، وإنشاء سدود صغيرة تُستخدم للزراعة، وتحويل مياه الزراعة للشرب، وإعادة استخدام المياه المعالجة التي تُعد مصدرًا مهمًا لتعويض النقص، لكن ثقافة المجتمع ترفضها غالبًا، فيما تُستخدم في أريحا لري النخيل.
ورجّح زايد عدم تأثر الآبار الجوفية بشح الأمطار على المدى القريب، لكن المشكلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ستكون مضاعفة، بسبب التغير المناخي والاحتلال معًا، معقبًا: "بالرغم من ذلك، وُضعت سياسات وطنية لإدارة متكاملة ومستدامة لمصادر المياه، أبرزها الحصاد المائي، وتأهيل المصادر، وتقليل الفاقد، ورفع نسبة التزود، بالانسجام مع المشاريع التي تنفذّها السلطة ضمن المساهمات المحددة وطنيًا للتخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية، الذي انعكس على تنفيذ مشاريع تأهيل الشبكات.
وذكر أن "المحاسبة المائية وكفاءة استخدام المياه" مشروعٌ مشترك بين سلطتي المياه وجودة البيئة ووزارة الزراعة والأرصاد الجوية، ومن المقرر أن يُنفّذ على مدار 4 سنوات.
خاتمًا حديثه: "يتوجب أن نستخدم مياه أقل ونعظّم الاستفادة من كل قطرة، لأن الزراعة مصدر أساسي للدخل الوطني لا يمكن الاستغناء عنه أو إهماله".