المصور الغواص.. عَالمٌ آخر
خاص بآفاق البيئة والتنمية

الغواص البحري محمد أسعد
لست غواصًا في الأساس، لكن شغف البحث واكتشاف خبايا بحر غزة، تحرك عندي لأول مرة عندما كنت أصور تقريرًا عن "الصيّد بالمسدس البحري".
ولمجرد مرافقة هواة رياضة الغوص والاستمتاع بتجربتهم المثيرة؛ فُتِنتُ بالطبيعة البحرية، وقلت في نفسي "كم سيبدو الأمر رائعًا، هل تُجرب يا محمد؟"، لم يمضِ سوى أيامٍ قليلة؛ باشرتُ بعدها جمع المعدات اللازمة واحدة تلو الأخرى، ثم انطلقت.
عادةً قبل بدء أي رحلة، أُجرى سلسة تمارين على الشاطئ، ثم أرتدي معدات الغوص (البدلة والزعانف والنظارة) وبعد تحديد النقطة المراد التوجه إليها، أنطلق إلى عالمٍ مليء بجماليات الحياة المدهشة تحت البحر.
وبحكم ممارستي لهواية الغوص على ساحلٍ تتحكم به "إسرائيل" وتتخذ منه وسيلة لتضييق الخناق علينا، فإنني محروم من عدة مستلزمات، كأنابيب الأكسجين والدورات التعليمية التي لا تتوفر في غزة، ما يجعلني "محدود القدرات"، مثلًا أغوص لمدة دقيقة على عمق يتراوح بين 3 و 6 أمتار فقط، وهذا يمنعني من توثيق كائنات وظواهر كثيرة.
 |
 |
الغواص الغزي محمد أسعد بجانب سلحفاة بحرية |
الغواص الغزي محمد أسعد |
كاميرتي "غو برو"، التي حزت عليها في إحدى الجوائز العربية عن صورة التقطتها لغزة بعدوانٍ إسرائيلي، تمكنتُ عبرها من توثيق مشاهد لا وصفَ لجمالها، كالأسماك التي تسبح ببطء، وبيوت الأسماك، وألوان الطحالب، والقناديل وأنواعها، كذلك الرمال البحرية التي تكتسيها صخور مليئة بالطحالب، وغيرها.
كبر الحُب في داخلي وأصبحت "معلمًا" بحكم التجربة والبحث المعمق، وبدلًا من نقل مشاهد عفوية من عمق البحر، صورت فيلمًا وثائقيًا هو الأول من نوعه بعنوان "زعانف مبتورة"، يحكي عن بيئة غزة البحرية بثوبٍ جميل بعيدًا عن معاناتها وصور القتل والدمار.
 |
 |
الغواصون الفلسطينيون في أعماق بحر غزة |
عاشق الغوص في بحر غزة محمد أسعد |
ليس هذا فحسب، بل إن الخِفة التي أشعر بها حين أكون في رحلة بحرية، أضاءت لي فكرة إطلاق أول قناة فلسطينية تهتم بالبيئة البحرية في منصة يوتيوب، حتى يتسنى لي نقل تجربتي وكل ما أوثقه عن الحياة البحرية، أَسميتها قناة "مغامرات الغوص". آمل أن أحقق يومًا ما يتطلع إليه رفاقي في هذه الهواية، بأن تصبح فكرة "الغوص السياحي" رائجة في بلدنا.

غواصو بحر غزة
محمد أسعد/ مصور صحفي - غزة.