خاص بآفاق البيئة والتنمية
حرائق الأغوار في أيار الماض- عدسة أدهم الطموني
عادات
تزامن رمضان وعيد الفطر مع بدايات الصيف أواسط الثمانينيات، ثم صار يزحف نحو الربيع. في غرفة صفنا شديدة الاكتظاظ، كنا نقترب من الخمسين، أو نقفز عن العدد. ما ميز رمضان، وخاصة مع اقتراب عيده، اختفاء عبارات شهيرة كان يطلقها الأستاذ محمود عبيدي، في آخر حصة، تتحدث عن الإسراع في العودة لتناول الغداء ساخنًا. كان يستعير بشطر آية "فك رقبة" في مجازاته العذبة. في الاستراحة الضيقة أو (التنفس كما أسميناه)، كنا نتحدث عن نمط حياتنا الرمضاني، فمنا من كان يفضل الدراسة بعد السحور، أو يغريه النوم فيؤجل ذلك إلى ما بعد الإفطار. وراج ضرب المواعيد بيننا للذهاب إلى الحاووز قبيل المغرب لطلب الماء، أو لشراء الثلج من (المراح)، وقبلها نأخذ صحنًا فارغًا لشراء السمنة بالمفرق، وسبقتنا الأجيال الأكبر بابتياع الطحينية بالطريقة ذاتها، أما الدجاج فمصدره الوحيد الحاجة أم عوض وابنها رحمهما الله، واللحوم على قلتها من الحاج صالح العبد، او لاحقًا الحاج محمود السعيد رحمهما الله.
في المدرسة تعليم وامتحانات وسط الصوم، وحديث أيضًا عن الطبق الذي تُحضره الأمهات الجميلات للإفطار. كنا نتباهى بالطبق الأفضل، وقبيل العيد أي في ليلة التكبير كنا نضع الخطط للغد، وغالبًا ما كان يرافقها فوضى وإزعاج للأهل، واتفاق على المسليات التي نبيعها: شراب التمر هندي، والبوشار، والسحلب، وسحبة البلالين. العادة في نهارات العيد زيارة القبور، ليس خشوعًا أو ترحمًا على الراحلين بل طلبًا للمال، بعد قراءة القرآن. كنا لا نُسر بالصدقات العينية، ولا نُفضل ما توزعه الحاجة المرحومة خضرة (نسبة لزيها الأخضر) من حلقوم، ونفرح بالسيولة، وغالبيتنا كان يدعي أنه يقرأ سورة ياسين بوقت قياسي ليسرع إلى قبر ثانٍ.
الألعاب مصدرهما المرحومان العم أبو أحمد (محمود الطاهر) أو العربة المتجولة لأبي الحكم، أو (مراجيح) المرحوم أبو عماد. لم نكن نفضل العودة إلى المدرسة بعد العيد، لكن مع الإياب على غير المعدة من عطلة الفطر، كنا نذهب بالملابس الجديدة، ففي أيامنا لم نُجبر على أي زي، وسعيد الحظ من كان يرتدي بوتًا صينًيا (أبو أصابع)، أو يتحدث لرفاق الصف عن ذهابه إلى السينما أو الأتاري في جنين. وتطول التفاصيل، لكن دون إدمان الألعاب الإلكترونية، أو التواصل الافتراضي، أو حجر السيد المرعب (كورونا).
لعبة خشيبة يوم العيد في جنين عام 1933
قيظ
كانت رائحة خيام جنين تتفاعل مع شدة الحر، في مثل هذه النهارات قبل 28 عامًا، لكن صاحب اللحية السوداء، وغريب الأطوار الذي راح يدّعي أنه " الأهم عند الله، من السيد المسيح عليه السلام"، أنسانا القيظ والقيد، وخفف من قهر "تعليمات الاحتلال" كالجلوس المُستدام، وطيّ الفراش، والالتزام بالعدد المتكرر، وغيرها، وأدخلنا في نوبات ضحك. مما زعمه "كراماته" التي لا تُحصى، وقدراته الخارقة، وأنه "ظل الله في الأرض". سألته: لماذا لا تستثمر "معجزاتك" الآن، وتخرج نفسك –ونحن معك- من الأسر، أو على الأقل تلطف علينا من وهج الحر؟ رد: "هذا اختبار من الله!" ليتنا نسمع عن كرامات مزعومة في تحدي كوفيد 19، الذي يصول ويجول في كل دول الأرض.
مقياس بسيط لكمية المطر
أرقام
كان غيث برقين العامرة، وفق مقياسنا الخاص للموسم المطري الحالي: 709 ملم، 21 منها هطلت في أيار. حظنا الشتاء الفائت 864 ملم، ومعدل الربع الأول من القرن الماضي 493 ملم، والمعدل بين 1983-2008 وصل 467 ملم. والسنة الذهبية 1921 بـ 1234 ملم، والأقل 1947 (سنة المحل) 253 ملم.
بطيخ إسرائيلي فتك بالبطيخ الفلسطيني
أحوال
علاقة الفلسطيني بالبطيخ ليست على ما يرام. حين نزرعه يكون بـ "تراب المصاري" ولما نستورده يتساوى وسعر اللحوم والكافيار. ثمة المئات ممن عاشوا مواسم كساد. صحيح أنه شهد بعض الفترات الذهبية، ووصل من مرج ابن عامر إلى بيروت ودمشق وعمان والرياض، لكنه اليوم يطل علينا من صحراء النقب، واختفى بذره البلدي والجدوعي، وبات يتحد مع القرع لتفادي أمراض التربة. وزحف الإسمنت إلى قلب الأراضي الزراعية الخصبة. تضامنت مع صديقي الذي ابتاع بطيخة من السوق المركزي بثلاثين شيقلًا، لكن جوفها لم يسر البال، وضاع مخطط سحوره الرمضاني مع الجبنة. نشتاق اليوم لبائع متجول يقول: "مال جنين يا بطيخ، وع الموس منعلم البطيخ، وحلاوة وعسل".
حرائق الأغوار الفلسطينية- عدسة أدهم الطموني
نار
احترقت قرابة 60 ألف دونم من الأراضي الرعوية ونحو 1200 دونم من محاصيل القمح والشعير والبيقا في منطقة أم لقبا ومواقع عديدة في الأغوار الشمالية.
وانتشرت ألسنة النيران في الأغوار، وأتت على مناطق واسعة. ونقل مصورون ورجال إطفاء وحقوقيون من الأغوار صور النار المستعرة، والخسائر الناجمة عنها.
وتبعًا لمجلس قروي المالح في الأغوار الشمالية، فإن انفجار قذيفة من مخلفات الاحتلال، بسبب ارتفاع درجات الحرارة في منطقة البرج شرق المالح أدت إلى اشتعال النيران وامتدادها على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والرعوية.
وقال الناشط الحقوقي في الأغوار عارف دراغمة، إن الأهالي هبوا لإطفاء الحرائق إلى جانب رجال الدفاع المدني، وامتدت النيران من البرج إلى حمودة إلى مناطق شاسعة.
في كل عام يتكرر رعب النار في الأغوار وسواها، ونخسر الكثير من المحاصيل، وتتضرر مساحات شاسعة من المراعي.
تنوع حيوي
طبيعة
أصدر مركز التعليم البيئي / الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة نشرة تعريفية باليوم العالمي للتنوع الحيوي، الذي يصادف في 22 أيار كل عام. واعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1992.
ووفق النشرة، تتميز فلسطين بوجود 4 أقاليم نباتية، فيما يقدر عدد الأنواع الحيوانية التي تعيش فيها بـ30850 نوعًا، منها 30 ألف من اللافقاريات، و373 نوعًا من الطيور، و297 نوعًا من الأسماك، و92 نوعًا من الثدييات، و81 نوعًا من الزواحف، و5 أنواع من البرمائيات، وأكثر من ألفي نوع من النباتات.
وحث المركز على اتخاذ تدابير حكومية لوقف الصيد والقطف والرعي الجائر، ومنع المتاجرة بالنباتات والطيور والحيوانات خاصة المهددة بالانقراض، وزيادة التدخل لحماية التنوع الحيوي وتوسيع رقعة الأشجار الأصلية، على أن يجري تفقدها في مواسم الجفاف بحملات ري تكميلي، وتنفيذ مسح وطني شامل لعناصر التنوع الحيوي في فلسطين؛ لما يمثله ذلك الإجراء من أهمية تنموية وبيئية واقتصادية ووطنية.
ودعا إلى تنظيم المسارات البيئية بحيث تكون أكثر بعيدة عن العشوائية، ولا تساهم في استنزاف التنوع الحيوي أو تخريب موائل الطيور، أو القطف أو اقتلاع النباتات المهددة، أو ترك النفايات في المحميات ومناطق المسارات. كما طالب بالكف عن استخدام مبيدات الأعشاب المُدمرة للتنوع الحيوي، وتفادي إشعال النيران بالأعشاب الجافة خاصة خلال فترات الحر الشديد، وتجنب الأسمدة والمبيدات الكيماوية لصالح الأسمدة والمكافحة العضوية للآفات.
سجون الاحتلال
وأكدت النشرة أن انتهاكات الاحتلال تعد التحدي الأكبر أمام التنوع الحيوي، خاصة أن المصادرة، والتجريف، واقتلاع الأشجار، وتداعيات جدار الفصل العنصري، والسيطرة على المحميات، ونهب الموارد المائية والطبيعية، والتلويث، والمصانع الخطرة، والنفايات الطبية والخطرة، والإشعاعات النووية، ومجاري المستوطنات والمناطق الصناعية، تسمم البيئة الفلسطينية، وتمنع من تطويرها وحمايتها والتمتع بمقدراتها الطبيعية.
ولخصت أبرز مساهمات "التعليم البيئي" في حماية التنوع الحيوي والتعريف به، كإنشاء الحديقة النباتية، ومتحف فلسطين للتاريخ الطبيعي، وتدشين محطات دائمة وموسمية لمراقبة الطيور وتحجيلها في عدة مواقع، والتعاون الوثيق مع سلطة جودة البيئة في إعلان يوم وطني للبيئة، وطائر وطني لفلسطين، وإطلاق أسابيع وطنية لمراقبة الطيور وتحجيلها، وتأسيس مشتل للأشجار الأصيلة، وحملات الزراعة السنوية، فيما أنهى المركز مسابقة اليوم العالمي للتنوع الحيوي (صوّر، واكتشف، واحم)، التي تتزامن مع ظروف حرجة تمر بها فلسطين والعالم بسبب جائحة كورونا.
aabdkh@yahoo.com