خاص بآفاق البيئة والتنمية
لا يوجد دليل على فعالية عمليات التعقيم الكيميائي لمكافحة فيروس كورونا في المناطق العامة والمساحات المفتوحة، فضلا عن احتمالية مرتفعة لتسبب تلك العمليات بأضرار بيئية وصحية. باعتقادنا، يجب إيقاف هذه الممارسة بشكلها الحالي، وهذا أيضا موقف العديد من خبراء البيئة والصحة في فلسطين والعالم.
|
|
تعقيم الشوارع والأحياء في مدينة نابلس |
كثر في الآونة الأخيرة رش المحاليل الكيميائية الكلورية والكحولية في الأحياء والشوارع والأماكن العامة لغرض التعقيم والتطهير ضد فيروس كورونا، دون أن يتنبه القائمون على هذه الممارسات إلى خطورة هذه المواد على الصحة العامة، فضلا عن التخوف الجدي من وصول المطهرات والمعقمات الكيميائية إلى مصادر المياه، وبالتالي تلوثها.
لا يوجد دليل على فعالية عمليات التعقيم الكيميائي لمكافحة فيروس كورونا في المناطق العامة والمساحات المفتوحة، فضلا عن احتمالية مرتفعة لتسبب تلك العمليات بأضرار بيئية وصحية. باعتقادنا، يجب إيقاف هذه الممارسة بشكلها الحالي، وهذا أيضا موقف العديد من خبراء البيئة والصحة في فلسطين والعالم.
حقيقة أن فيروس كورونا يمكن أن يستمر في الوجود لفترات معينة على أسطح مختلفة، وبخاصة تلك المصنوعة من البلاستيك والمعدن، أدى إلى ممارسة عمليات تعقيم واسعة النطاق. وتشمل هذه الإجراءات تعقيم الأماكن العامة، بما في ذلك الأرصفة والطرق، وغالبا ما يتم تنفيذها بمبادرة من السلطات المحلية.
لا يوجد دليل على أن هذه المعقمات فعالة ضد تفشي الفيروس؛ إذ يجب أن يؤخذ في الاعتبار بأن رش المعقمات، بشكل عام، لا يكون فعالًا، إذا لم ينفذ بعد عملية تنظيف الأسطح. والأخطر من ذلك، التخوف من وصول المطهرات الملوثة إلى مصادر المياه.
ينبغي أن تستند إجراءاتنا على العلم والأدلة العلمية، وليس على مجرد مخاوف غير مدعمة علميا. فلنركز على الأمور التي فائدتها مثبتة وأكيدة، مثل النظافة الشخصية والتباعد الاجتماعي، وتجنب الممارسات المشكوك بفعاليتها، بل إن ضررها أكثر من فائدتها، مثل الرش الكيميائي للأماكن العامة بالجملة.
تعقيم الشوارع والمرافق العامة في مدينة غزة
علاوة على ذلك، في أواخر آذار الماضي، نشرت مجلة Science المرموقة مقالًا علميا ناقش عمليات التعقيم حول العالم لمكافحة فيروس كورونا. الخبراء الذين تمت مقابلتهم شككوا بفعالية التعقيم الكيميائي للمواقع المختلفة في المجال العام؛ علما أن هذه المواقع شبه مهجورة خلال جائحة الكورونا تحديدا، وبالتالي فإن انكشاف الناس لها محدود أصلا. فلا أحد يمشي في الخارج ويلعق الأرصفة أو الطرقات. العديد من الخبراء يحذرون من الآثار الصحية-البيئية المترتبة على استخدام مواد مثل "هيبوكلوريت الصوديوم" الذي يستخدم لصنع المعقمات والمنظفات، مثل المبيضات. هذه المادة ومثيلاتها يمكن أن تسبب تهيجًا حادًا في أنسجة الجهاز التنفسي. واللافت أن السلطات الصحية الصينية أصدرت في شهر آذار الماضي توصية بوقف عمليات التعقيم في الأماكن العامة.
والمثير أن البعض يرش في الأماكن العامة مواد خطرة مثل الأمونيوم، والأنكى من ذلك رش مبيدات خطرة بل محظورة مثل "دورسبان".
حاليا، لا يوجد في المستوى الفلسطيني أي عملية تسجيل وتنظيم لاستخدام المعقمات، كما أن الإجراءات التي يتم تنفيذها في الأماكن العامة غير مضبوطة من قبل أي جهة مهنية رسمية واحدة.
السؤال المطروح: هل توجد جهة علمية معتمدة أجازت استخدام هذه المواد السامة والخطرة، ومن ذاك الذي قرر بأن فعاليتها قاتلة ضد فيروس كورونا؟ وهل بهدف مكافحة الفيروس يجب أن نلوث البيئة ونخربها وننشر أمراضا أخرى لا تقل فتكا عن فيروس كورونا؟