المعمل المركزي للمناخ الزراعي/ مركز البحوث الزراعية (مصر)
تَحتوي غابات الأمازون على أكبر الغابات المَطيرة المُتبقية على الكوكب والتي تَضم تَنوعاً لا مثيل له من الأنواع والموائل، ولا يُوجد لغابات الأمازون مثيل من حيث الحجم والتَعقيد وأهميتها الايكولوجية المعروفة عالمياً.
تُهيمن على غابات الأمازون الغابات الاستوائية الكثيفة الرطبة، ولكنها تَشمل أيضاً العديد من أنواع الموائل الفريدة الأخرى مثل غابات المُونتان (تُشير الى الانظمة البيئية الموجودة بالجبال) وغابات الأراضي المنخفضة وغابات السهول الفيضية والأراضي العشبية والمُستنقعات وغابات بامبو والنخيل.
تَجلب هذه الغابات المطيرة الأمطار والمياه العذبة إلى المدن والمزارع في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية، وتَنتشر غابات الأمازون المطيرة على مساحة أكبر بنحو 50٪ من مساحة دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة مما يُساعد على الحفاظ على تَوازن المناخ العالمي. لا يحتوي الأمازون على ما يقرب من نصف الغابات المطيرة المتبقية في العالم فحسب؛ بل يَحتوي أيضاً على أكبر حوض نهر على سطح الأرض.
ويُعدّ نهر الأمازون أكبر نهر في العالم من حيث حجم المياه التي يَصرفها في البحر والتي تَبلغ في متوسطها نحو 219 ألف متر مكعب في الثانية، وهي تُعادل نحو 15- 16٪ من إجمالي تَصريف أنهار العالم في المحيطات. ويُعتبر هذا النهر هو شريان الحياة في الغابات المطيرة حيث يَعيش أكثر من 30 مليون شخص في جميع أنحاء المنطقة ويَتحدثون أكثر من 280 لغة مختلفة، كما أن 9٪ من سكان الأمازون (2.7 مليون شخص) يتكونون من أكثر من 320 مجموعة من السكان الأصليين، 60 مجموعة منهم ما زالوا يَعيشون في عزلة طوعيةً.
المَوقع الجغرافي
تَمتد غابات الأمازون لمساحة 6.9 مليون كيلومتر مربع في تسعة دول (بوليفيا والبرازيل وكولومبيا والإكوادور وغيانا الفرنسية وجويانا وبيرو وسورينام وفنزويلا) كما في الشكل التالي:

التنوع البيولوجي
تُعتبر غابات الأمازون أكبر الغابات من حيث التنوع البيولوجي الأرضي والمائي في العالم، حيثُ تضم منطقة الأمازون نسبة 10٪ من التنوع البيولوجي المعروف في العالم بما في ذلك النباتات والحيوانات البرية المهددة بالانقراض، كما ان بها أيضاً عدد كبير من الأنواع التي لا تَزال غير معروفة للعلماء خاصةً في المناطق المعزولة. تَضم ثروة الأمازون البيولوجية الهائلة الكثير والكثير حيثُ تَحتوي على نحو 56 من 200 منطقة بيئية عالمية (Global 200 Ecoregions) كما تُوجد بها ستة مواقع تراث عالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) وما يزيد عن 10 مناطق استيطان طبيعية للطيور، كما تَتَكون المنطقة من أكثر من 600 نوع مختلف من الموائل الأرضية والمياه العذبة.
يَعيش عدد كبير من النباتات والحيوانات في العالم في منطقة الأمازون حيث تمَ العثور على ما لا يَقل عن 40.000 نوع من النباتات، 75٪ من هذه النباتات هي نباتات مستوطنة في المنطقة، بالإضافة إلى ذلك هناك نحو 427 حيوان ثديي و 1300 طائر و 378 من الزواحف وأكثر من 400 من البرمائيات وما لا يَقل عن 3000 نوع من الحيوانات التي تم تَصنيفها علمياً في هذه المنطقة، كما تَحتوي على أكبر عدد من أنواع أسماك المياه العذبة في العالم وأيضاً اللافقاريات، كما تَم العثور على 365 نوعًا من 68 جنساً من النمل في حوالي خمسة هكتارات من غابات الأمازون المطيرة.
الأمازون تحت التهديد
الأمازون هو مكان هش على نحو متزايد حيث يتم تدمير أكبر غابة استوائية في العالم للماشية والمحاصيل المختلفة. بكل المقاييس وبالمقارنة مع الغابات الاستوائية الأخرى حول العالم فإن الأمازون في حالة جيدة نسبياً، إلا أن هناك تآكلاً كبيراً في مساحات الأمازون، حيثُ تم تَدمير نحو 930 ألف كيلومتر مربع أي ما يَقرب من 16% من غابات الأمازون خلال 50 عامًا فقط. وهذه مساحة أكبر من مساحة فنزويلا أو ضعف مساحة إسبانيا.
السبب الرئيسي لهذا التحول هو التوسع السريع في الأسواق الإقليمية والعالمية للحوم وفول الصويا والوقود الحيوي، مما أدى إلى زيادة الطلب على الأرض للزراعة وتَربية الماشية. وتُشير كافة التقارير الدولية إلى أن تربية الماشية المُكثفة في كل بلد في منطقة الأمازون هي السبب الرئيسي لإزالة الغابات.
بحلول عام 2000 تم استبدال نحو 80% من الـ 930 ألف كيلومتر مربع من غابات الأمازون بالمراعي وسط تَزايد الطلب المحلي والخارجي على لحوم الأبقار، حيث ارتفعت أعداد الماشية في الأمازون بأكثر من الضعف لتَصل إلى 57 مليون رأس منذ عام 1990.
جَاءت البرازيل في المرتبة الأولى في إنتاج اللحوم حيث تَستحوذ على نحو 84% من مساحة أراضي المراعي ونحو 88% من إجمالي قطيع الأمازون، في حين أتت بيرو وبوليفيا في المرتبتين الثانية والثالثة من حيث إنتاج اللحوم في منطقة الأمازون. وبجانب تربية الماشية؛ فإن الممارسات الزراعية والإفراط في استخدام الكيماويات الزراعية، تسبب في تآكل التربة وتلويثها وتلويث المجاري المائية العذبة.
ثاني أكبر محرك لتحويل الغابات هو الزراعة، وتُعتبر الزراعة في الأمازون متنوعة للغاية، فهناك محاصيل عديدة تُزرع بالأمازون مثل الكسافا والفاصوليا والأرز والذرة والقهوة والموز والفواكه الأخرى، ومن ناحية أخرى فإن التَوجه نحو التَصنيع الزراعي له تَأثير كبير للغاية على التوسع في إزالة غابات الأمازون.
كما أن هناك سلسلة من التهديدات الأخرى لها أثر كبير بدرجةٍ كبيرة على غابات الأمازون، مثل التغيرات المناخية والبنية التحتية للنقل على نطاق واسع ومشاريع الطاقة، كما أن التعدين للاستفادة من الاحتياطيات الهامة من المعادن الصناعية له تأثير أقلّ أهمية على غابات الأمازون.
أهمية غابات الأمازون
تُعد غابات الأمازون ذات أهمية كبيرة في الحفاظ على تَوازن الحياة على الأرض وذلك كونها مسؤولة عن تَصفية وإعادة معالجة ثاني أكسيد الكربون الضار الذي يُنتج من الأنشطة البشرية الضارة.
يُؤثر الأمازون على أنماط الطقس العالمية ويُساعد على استقرار مناخ الكوكب. لذلك من الضروري الحفاظ على غابات الأمازون إذا أردنا مُعالجة تغير المناخ العالمي.
لماذا تَنتشر الحرائق في غابات الأمازون؟
كانت الرغبة في الحصول على أرض جديدة لتربية الماشية ولزراعة المحاصيل هي المحرك الرئيسي لإزالة الغابات في منطقة الأمازون البرازيلية منذ سبعينيات القرن الماضي. وتُشير كافة التقارير العلمية الى ان العدد المتزايد من الحرائق في غابات الأمازون، ما هو إلا نتيجة لإزالة الغابات بشكل غير قانوني لإستغلالها في الزراعة، حيث يتم إشعال الحرائق عمداً لتنتشر بسهولة في موسم الجفاف.
شهدت غابات الأمازون المطيرة في البرازيل قفزة هائلة في عدد الحرائق خلال العام 2019 حسبما تُشير بيانات وكالة الفضاء البرازيلية. وأشارت بيانات المعهد الوطني لأبحاث الفضاء أن بيانات الأقمار الصناعية أظهرت زيادة الحرائق في البرازيل بنسبة 84% عن نفس الفترة من عام 2018.
وتُشير بيانات الشكل التالي إلى عدد الحرائق في أمازون البرازيل خلال الفترة من 2013- 2019

التحرك الفوري الدولي مطلوب الآن
إن الخسارة المدمرة للتنوع البيولوجي لا تُؤثر فقط على البرازيل، بل يُؤدي فقدان الغطاء النباتي من الأمازون إلى تقليل الأمطار مباشرة عبر أمريكا الجنوبية ومناطق أخرى في العالم.
فكوكب الأرض يفقد أحد مصادر تخزين الكربون الهامة فالحرائق تضخ الكربون مباشرة في الغلاف الجوي، وإذا لم تَتَكاتف دول العالم أجمع وتتمكن من إيقاف نزيف إزالة الغابات في منطقة الأمازون والحرائق المرتبطة بها، فسوف يُثير ذلك أسئلة حقيقية حول قدرتنا على الوصول إلى اتفاق باريس لإبطاء التغير المناخي.
وضعت الحكومة البرازيلية هدفاً طموحاً لوقف إزالة الغابات بشكل غير قانوني وتشجير نحو 4.8 مليون هكتار من أراضي الأمازون المُتدهورة بحلول عام 2030. إذا لم تتم معالجة هذه الأهداف بعناية الآن فسوف يؤدي ذلك الى عواقب وخيمة لا يعلم مداها إلاّ الله.