خاص بآفاق البيئة والتنمية

منجل الحصاد وجز العشب التراثي
حصاد
تجد منجل والدك الضائع بعد 3 سنوات إلا قليلًا من مرارة رحيله. لم تتغير أداة الحصاد وجز العشب، وبقي مقبضها الخشبي- يدوي الصنع- صامدًا في وجه الشمس والريح والمطر. مكان العثور له رمزيته الرفيعة، في عمق "جورة البطمة"، وقرب شجرة البطم التي أصرت على النمو مجددًا، وهو المكان الذي أمضى فيه نهارات طويلة لاستصلاح الأرض الوعرة، وغرسها بأشجار السماء، واعتاد أن يحضر لنا منه الأقحوان الأصفر (البسباس) كل ربيع. صحيح أن كل أمكنة سيد الروح زحف إليها الإسمنت وأفسد سكينتها، إلا إن الحضور الدائم لوالدك يسكن جدران القلب وأخاديد الروح.
تسترد أهزوجة تراثية ارتبطت بالحصادين سمعت مقطعها من والدك رحمه الله، وتقول كاملة وفق موقع "تراثنا الطبيعي": منجلي يا منجلاه راح للصايغ جلاه/ ما جليتو إلا بكفي والمعرص ماجلاه/ منجلي يا منجلاة راح للصايغ جلاه/ ماجلاة إلا بعلبة ريت هالعلبة فداه/ ما جلاه الا بعنزه اريت هالعنزه عشاه/ منجلي يا ابو خراخش ياللي في الزرع طافش/ منجلي يا ابو رزه ياللي شريتك من غزه/ الندى لولا الندى كان زرعي بددا/ يا صباح الخير دايم صبحت من كان نايم/ صبحت عيسى بن مريم هلي في ارظ القدس نايم.

جرائم إبادة الغزلان في الضفة الغربية وثقها الناشط محمد الشعيبي
إبادة
تتابع جرائم ضد الغزلان وطائر الحجل، وثقها الناشط محمد الشعيبي. فقد نشر صورًا لاصطياد جائر في قريته دير غسانة، وفي بيت ريما، والقرى المحيطة: كفرعين، وقراوة بين زيد، وكفر الديك، وبورقين، ودير بلوط، وعابود، التي تضم أراضيها محمية وادي الزرقاء العلوي. ويدور الحديث عن أربع جرائم تم تسجيلها خلال أسبوع لقتل غزلان، وأبشعها قتل أنثى غزال بالرصاص من مسافة بعيدة وهروبها منهم ثم موتها مع جنينها.

جرائم ضد الغزلان
تكشف الصور مدى حاجتنا لتربية بيئية تبدأ منذ الصغر، وقانون رادع يعاقب كل المعتدين على تنوعنا الحيوي.

نبتة كف الدب الشوكية
زهرة
تلتصق بك نبتة كف الدب Acanthus syriacus الشوكية منذ الطفولة، فقد أطلقت عليها "زهرة عزيزة"؛ تيمنًا بشغف أختنا الكبرى، التي كانت ترعى الزهرة، وتزين بها حواف بيتنا. تنمو في قطاع محدود من الدرب الموصول إلى أرضنا، وانقرضت من جوارها شجرة زعرور يتيمة، وتختفي في غالبية المناطق. تزهر بين آذار وأيار، مهددة بفعل الرعي الجائر. ما أحوجنا لمعرفة نباتاتنا، ومسح تنوعنا الحيوي الثري.
اختراعات
يستوقفك خلال أيام في مطلع نيسان إعلان أفراد وشركات وجامعة عن تطوير أجهزة تنفس إصطناعي. بعد أيام تنشر شركتان محليتان أنهما ستكشفان قريبًا عن "حلول عملية في العديد من المجالات عالميًا في جميع مناحي الحياة"! تسأل مدير عام مؤسسة المواصفات والمقايسس، م. حيدر حجة عن دقة هذه "الاختراعات" وصحتها؟، فيرد:" الموضوع تحت الدراسة والمتابعة، ما تم إنتاجه هو نموذج اولي سوف يخضع للفحص والتقييم. تم تشكيل فريق عمل لمتابعة المصادقة على النماذج التي تم تصميمها، وفي حال الموافقة على أي نموذج سيتم البدء بإنتاجه."
نتمنى أن نتحول إلى دولة صناعية، ولكن قبل هذا بحاجة لوقف الإدعاءات، ووضع معايير واضحة تحاسب من يدعي ابتكار أو تطوير نموذج غير موجود، وبعيد عن الدقة، ومجرد إعلانات لا رصيد لها.
كساد
هوت في النصف الثاني من نيسان أسعار البترول في سابقة خطيرة. ووفق هيئة الإذاعة البريطانية تراجعت أسعار النفط الأمريكي إلى ما دون الصفر للمرة الأولى في التاريخ، وهو ما يعني أن شركات النفط تدفع للعملاء كي يحصلوا على منتجاتها خشية تراكم مخزون الخام لديها خلال الشهر المقبل. وتراجع الطلب على النفط ومشتقاته خلال الأشهر الماضية بسبب إجراءات الإغلاق في مختلف دول العالم إثر تفشي وباء كورونا واضطرار الناس للبقاء في منازلهم، وتوقف العمل في العديد من المصانع. واضطرت شركات النفط إلى استئجار ناقلات نفط ضخمة لتخزين الخام الفائض، ولذا أصبحت الشركات تدفع للمشترين لنقل الخام بعيدا عن منشآتها تفاديًا لدفع أموال أكثر لتخزينه. وفي الولايات المتحدة وصل سعر برميل النفط إلى - 37.63 دولارًا.
يذكرك هذا بما كان يحدث في وطننا من كساد للخضروات والفاكهة، فخلال بعض مواسم تصدير البطيخ إلى الأردن والخليج، كان سائق الحافلة يعود إلى المزارع ويخبره بأن كل شحنته لم تكمل أجرة نقل المنتج، والتي وصلت حينها إلى نحو 150 دينارًا وأحيانًا 200.
يخبرك زميل الدراسات العليا محمد ملحم، عن كساد مماثل في بلدة كفر راعي، التي كانت تشتهر بالدراق والكرز، حيث يضطر المزارع لدفع المال من جيبه؛ لتدني الأسعار.
تكرر هذا في مواسم أخرى كالبندورة، والملوخية، والملفوف، واللفت، والخيار الذي أتلفها أصحابها، حيث عجزوا عن توفير ثمن نقلها إلى الأسواق.
يدفعنا الكساد المتكرر إلى ضرورة التخطيط لما نزرعه من أصناف، وتطوير الصناعات الزراعية لاستيعاب الفائص، والتحول نحو أنماط تخزين جديدة غير مكلفة، كالتجفيف، والتمليح.

مائدة رمضانية
أطباق
تشاهد ترويجًا لكثير من البرامج على المحطات الفضائية لشهر رمضان، المشترك بينهم برامج الطهو، والتي غالبًا ما تكون مُكلفة، ولا تناسب أصحاب الدخل المحدود، وتحتوي دائمًا على لحوم وشحوم بشكل مفرط. تُرسل (كاتب المقال) إلى إحدى القنوات: لماذا لا تقترحون لنا وصفات من تراثنا، ومما اعتاد عليه الأجداد والآباء؟ وهل أجريتم يومًا حسابًا لتكلفة الأطباق التي تقترحونها لموائد رمضان؟ وكيف تصورون للمشاهد العادي أن مطبخنا الشرقي تدخل اللحوم في كل مفاصلة؟ ومتى آخر مرة روجتم فيها لأطباق نباتية أو وجبات من تراثنا؟ وماذا عن الحلويات والسكاكر التي تفرطون فيها؟
ليتنا نروج لما هو مناسب لجيوبنا، وصحتنا، وواقعنا، وتراثنا، والأهم صحتنا التي نستنزفها بكل ما هو ضار، دون أدنى حساب.
aabdkh@yahoo.com