التزمت السلطة الفلسطينية بتنفيذ أجندة التنمية وأهداف التنمية السبعة عشر التي أقرتها الأمم المتحدة، وبناءً على قرار مجلس الوزراء الفلسطيني في جلسته رقم 90 في شهر فبراير عام 2016، تم تشكيل فريق وطني لقيادة وتنسيق الجهود الوطنية لتنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، بهدف المساهمة في تعميمها وتحقيق أهدافها بمراعاة الصلة بين الخطة وما يتصل بها في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وبلورة الأولويات الوطنية للتنمية بتعزيز التنسيق والتعاون بين الشركاء ذوي العلاقة من مؤسسات وطنية ودولية، والتأكد من إدماج أهداف التنمية المستدامة في الإستراتيجية الوطنية.
وقد اقرّت الحكومة الفلسطينية أجندة السياسات الوطنية ( 2017 – 2022) والتي حملت شعار المواطن اولا، وقد تقاطعت في معظم أهدافها مع أهداف التنمية المستدامة.
وفي شهر تموز من عام 2018 قدمت دولة فلسطين استعراضها الوطني الطوعي الأول؛ حول أهداف التنمية المستدامة أمام المنتدى السياسي رفيع المستوى المنعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، كجزء من التزامها بمتابعة تنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030 التي اعتمدها رؤساء الدول والحكومات في قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والتي عقدت في سبتمبر 2015، وخلص التقرير إلى "أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير، وتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة على أرضها وحدودها ومواردها، يمثل شرطا ضروريا ومسبقا لتمكين فلسطين من تحقيق أولوياتها الوطنية للتنمية المستدامة، وهو شرط لا يمكن تحقيقه دون قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه إلزام إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية؛ وفي مقدمتها إنهاء احتلالها للأرض الفلسطينية.
في اجندة السياسات الوطنية، اوردت الحكومة الفلسطينية محاور التنمية المستدامة، وقد تناولت إحدى الأولويات موضوع البيئة:
التنمية المستدامة
|
الأولويات الوطنية
|
السياسات الوطنية
|
التدخلات السياساتية
|
مجتمع قادر على الصمود والتنمية
|
توفير الأمن والامان للوطن والمواطن وتعزيز سيادة القانون
|
حوكمة قطاع الأمن وضمان الاستخدام الأمثل للموارد
|
توفير الاحتياجات الاساسية للتجمعات السكانية
|
ربط التجمعات السكانية بشبكات المياه النظيفة وشبكات الصرف الصحي.
ربط التجمعات السكانية بمصادر الطاقة التي يمكن الاستفاده منها.
|
ضمان استدامة البيئة
|
- ضبط معدلات التلوث والحد من انبعاث غازات الدفيئة
- التوسع في ادارة النفايات الصلبة والمياه العادمة واعادة تدويرها واستخدامها
- ادارة الموارد الطبيعية وحمايتها
- تخضير فلسطين
- زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجدده
|
النهوض بالزراعة وبالمجتمعات الريفية
|
- زيادة الانتاج الزراعي
- حماية المزارعين ودعمهم خاصة بالمناطق المهمشة والمهددة
|
التحديات والصعوبات نحو تحقيق التنمية المستدامة في فلسطين:
تواجه المناطق الفلسطينية تحديات وصعوبات كبيرة نحو تحقيق التنمية المستدامة، حيث أعاق الاحتلال الإسرائيلي وبشكل مستمر جميع أوجه التنمية في الأراضي الفلسطينية، واستنفذ مصادر الشعب الفلسطيني وطاقاته، كما أضر بالبيئة الفلسطينية، وعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة.
عمل الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة والضفة الغربية والقدس وبشكل مبرمج على منع الفلسطينيين من السيطرة على الأراضي، والمياه، والأجواء الفلسطينية، تمثلت في: إغلاق نقاط العبور، والحد من حركة المواطنين والبضائع، كما أغلقت ودمرت قوات الاحتلال مطار وميناء غزة، وأعادت احتلال معظم المدن الفلسطينية.
اغتيال البيئة الفلسطينية:
منذ الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين بدأت عملية الاغتيال المنظم للبيئة الفلسطينية، حيث استخدم الاحتلال كافة الأدوات المتوفره لديه، فارضاً سيطرته على المصادر الطبيعية الفلسطينية واستنزافها، علما أن الاحتلال بذلك يخالف القانون الدولي واتفاقيات جنيف؛ حيث لا يحقُّ للإسرائيليين إجراء اي تغيير في معالم الارض مهما كانت الأسباب.
اشكال الاغتيال الاسرائيلي للبيئة الفلسطينية:
تعددت وتنوعت اشكال وأدوات الاحتلال في اغتيال البيئة الفلسطينية وتدميرها، سأتناول هنا مجموعة من الاعتداءات التي يمارسها الاحتلال بحق البيئة الفلسطينية:
- السيطرة على موارد المياه:
صادرت سلطات الاحتلال أراضٍ فلسطينية كثيرة، وسيطرت على أهم مصادر المياه فيها بحجة المحافظة على المناطق الطبيعية، وكانت الغاية الحقيقية استغلال مصادر المياه في ري الأراضي التي صودرت من الفلسطينيين وأقامت عليها المستوطنات، حتى أصبح حوالي 90% من ينابيع الضفة الغربية خاضعاً لسيطرة الاحتلال الذي يسخرها وفقاً لاحتياجاته.
سلطات الاحتلال سيطرت على المياه الجوفية، وذلك بعدم منح أي ترخيص لحفر آبار ارتوازية جديدة أو تعميق الآبار الارتوازية التي حفرت قبل عام 1967، كما قامت بتحديد كميات المياه التي يسمح باستخراجها من هذه الآبار وذلك بتركيب عدّاد على كل بئر للمراقبة، وقامت السلطات الإسرائيلية بإجراء تعديلات على القوانين التي تتناول حقوق المياه، وأصدر الاحتلال أمر رقم 291 عام 1967، الناص على أن جميع مصادر المياه في الأراضي الفلسطينية أصبحت ملكاً للدولة وفقاً للقرار الإسرائيلي عام 1959.
قال تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2015، إن نصيب الفرد الإسرائيلي من المياه، يساوي سبعة أضعاف نصيب الفرد الفلسطيني، علما أن إسرائيل قد وقعت عدة اتفاقيات بشأن المياه مع الجانب الفلسطيني، إلا أنها لم تطبق هذه الاتفاقيات. واعتبرت إسرائيل أن الماء والنفط سيان لأهميتهما لدى الجانبين.
- الاستيطان:
تركت المستوطنات آثاراً مدمرة طالت جميع عناصر البيئة الفلسطينية، فبالإضافة إلى مصادرة الأراضي ومنع المواطنين الفلسطينيين من دخولها وممارسة أنشطتهم المختلفة، فإن هناك الكثير من مظاهر التدمير البيئي الفلسطيني، فقد قدّر عدد الأشجار المثمرة والحرجية التي اقتلعت لإقامة المستوطنات بما يقارب 3.5 إلى 4.5 مليون شجرة مثمرة وحرجية عدا عن النباتات والأعشاب والزهور البرية التي تعيش في هذه المناطق المزروعة بالمستوطنات، كما لوثت المستوطنات بالمياه العادمة ومخلفات المصانع العديد من المياه السطحية والجوفية في الضفة الغربية، عدا عن سيطرتها على خزانات المياه الجوفية والتحكم في كمية المياه للسكان الفلسطينيين، كما أدى ذلك إلى تقليص الأراضي الزراعية الفلسطينية وتصحرها، وأجمع العديد من علماء النباتات أنه يوجد في فلسطين أكثر من 33 ألف نوع من النباتات البرية، يوجد منها حصراً مجموعة فقط تعيش على رؤوس الجبال؛ أدى وجود الاستيطان فيها إلى اختفائها أو تدني عددها.
- النفايات الصلبة والتي يستخدم الاحتلال اراضي الضفة الغربية كمكب لها.
- جدار الفصل العنصري:
الذي فصل الأرض الفلسطينية وصادر الأراضي خاصة الزراعية، وأثر على حركة وتنقل الحيوانات البرية، إضافة إلى قطع كميات كبيرة من الأشجار لبناء هذا الجدار.
- المياه العادمة:
خاصة مياه المستوطنات والتي تصب في باطن الأرض مسببةً تلوث المياه الجوفية.
- الثروة الحيوانية:
هدم المزارع ومصادرة الاراضي والمراعي، بل واطلاق النار على الحيوانات بشكلٍ مباشر.
- مناطق التدريب العسكري التي صادرها الاحتلال بحجة تحويلها لمعسكرات تدريب لجيش الاحتلال.
- الأسمدة والمبيدات السامة التي يستخدمها الاحتلال ويسوقها في السوق الفلسطينية مسبباً آثاراً تدميرية على الزراعة والبيئة.
- سرقة الرمال الصفراء:
الرمال الصفراء عنصر مهم من عناصر البيئة في قطاع غزة، ومن أهم مصائد الأمطار في فصل الشتاء، بالإضافة إلى استخدامها في صناعة مواد البناء والزجاج.
الشكل التالي يوضح العلاقة العضوية بين الاحتلال وتدهور الوضع البيئي في فلسطين:
متطلبات تحقيق التنمية المستدامة في فلسطين على الصعيد البيئي [1]:
1- تدخل المجتمع الدولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية.
2- دعم الإستراتيجية البيئية الفلسطينية لحماية المصادر الطبيعية من جميع مصادر التلوث، لتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية بطريقة بيئية مستدامة.
3- ضرورة إدارة وتطوير الموارد المائية في الحاضر والمستقبل، دعم جهود تنمية مصادر المياه المتجددة والغير متجددة، والعمل على تطوير تقنيات جديدة لتجميع مياه الأمطار، وإعادة الاستخدام للمياه العادمة.
4- المساعدة في نقل تكنولوجيا صديقة للبيئة في مختلف المجالات كالزراعة، والصناعة، وتشجيع آليات وتقنيات الإنتاج الآمن والنظيف.
5- المساعدة في وضع أسس سليمة للتخطيط العمراني بما يضمن الاستخدام الأمثل للمصادر الطبيعية وتجنب الإضرار بالبيئة.
6- دعم خطط الحد من تلوث الهواء والماء والتربة، وذلك بوضع إجراءات للتقليل من التلوث الصناعي ومصادر التلوث الأخرى.
7- العمل على حماية البيئة البحرية، والطمر الصحي للنفايات الصلبة، والعمل على توسيع شبكات الصرف الصحي، وإصلاح الشبكات القائمة.
دور التوعية والتعليم البيئي:
لابد من خلق حالة من التوعية البيئية الفلسطينية والتي تبدأ من البيت إلى المدرسة للمجتمع الفلسطيني، ومن خلال التوعية والتعليم البيئي يمكن:
- إعادة إدخال مادة البيئة كمتطلب في التعليم المدرسي والجامعي.
- إقامة دورات ولقاءات بيئية مع المعلمين.
- تشجيع إقامة المزيد من الجمعيات والأندية البيئية.
- تفعيل أنشطة بيئية في المدارس والجامعات.
ختاماً:
البيئة هي الحيز المفروض ان يكون مُهيأً وآمنا لتنمو فيه وتعيش شجرة التنمية، وتكون أقدر أن تؤتي اُكلها.
المراجع:
- البيئة والتنمية المستدامة، أحمد عادل عبد العظيم، ط1، القاهرة، مؤسسة طيبة للنشر والتوزيع 2018
- اغتيال البيئة الفلسطينية، مصطفى سعد الدين قاعود، ط1، دمشق، صفحات للدراسات والنشر،2008
- المؤتمر الفلسطيني الثاني للتوعية والتعليم البيئي(المسؤولية البيئية للشباب) ط1، فلسطين،2011
- البيئة والتنمية المستدامة في فلسطين 2014، جهاز الإحصاء الفلسطيني، فلسطين، 2014
- أجندة السياسات الوطنية 2017- 2022، فلسطين،2016
- الاقتصاد الفلسطيني في المرحلة الانتقالية،محمد اشتية، ط3، فلسطين،2011
- المشهد الفلسطيني الراهن الاقتصاد (الاجتماع، السياسة، الثقافة، المقاومة، غازي الصوراني، ط1، القاهره، 2010م
[1] التقرير الوطني الاول للتنمية المستدامة في فلسطين