خاص بآفاق البيئة والتنمية
هطلت خلال الثلث الأول من حزيران أمطار في بعض مناطق فلسطين، وتجاوزت المتساقطات 36 ملم في عسقلان، فيما شهدت مناطق أخرى كما في لبنان فيضانات عارمة.
وتعد أمطار حزيران أمرًا غير معتاد، لكنها تتكرر عشرات المرات آخرها في21 حزيران 2017، حين شملت الأمطار مناطق عديدة من فلسطين، طالت بعض مناطق الأردن حسب أرشيف الخرائط.
ووفق سجلات الأرصاد الجوية، التي سردها أحمد عيايدة فقد سجل 1 حزيران 2014 أمطارًا متفرقة على مناطق من بلاد الشام طالت الأردن وفلسطين.
وفي الأرشيف عشرات الحالات المطرية خلال الشهر السادس من العام، وهو أمر غير طبيعي إلا انه حدث ويحدث.
وهنا قائمة السنوات التي زارت الأمطار خلالها بعض مناطق بلاد الشام، ومنها فلسطين التاريخية منذ مطلع الثمانينيات: 12 حزيران 1983، و13 حزيران 1986، و23 حزيران 1988، و17 حزيران 1992، و7 حزيران 1993، و12 حزيران 2008، و15 حزيران 2009، و1 حزيران 2014، و29 حزيران 2015، و10 حزيران 2016، و 21حزيران 2017.

آثار الجفاف الفلسطيني في شهر حزيران
جفاف وتصحر
يصادف اليوم العالمي لمكافحة الجفاف والتصحر في الـ 17 من حزيران كل عام. وهو اليوم، الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة واعتمدته نهاية عام 1994 للفت الأنظار إلى التداعيات الخطيرة للتصحر والجفاف، في ضوء الارتفاع في معدلات درجات الحرارة، وتراجع سقوط الأمطار وتذبذبها.
ووفق الإحصاءات الأممية، سيشرد نحو 50 مليون شخص خلال السنوات العشر القادمة نتيجة للتصحر، فيما تقدر وتيرة تدهور الأراضي الصالحة للزراعة بمعدل يتراوح بين 30 و35 ضعف المعدل التاريخي. كما يعتمد نحو ملياري شخص على النظم البيئية في مناطق الأراضي الجافة حيث يعيش 90% منهم في البلدان النامية، ومن المرجح أن تؤدي زيادة وتيرة وشدة حالات الجفاف الناجمة عن تغير المناخ المتوقع إلى زيادة تفاقم التصحر.

الجفاف في شهر حزيران
كما يتعرض أكثر من 250 مليون شخص للتأثر مباشرة بالتصحر، ويواجه نحو بليون شخص في أكثر من مائة بلد الخطر. ويشمل هؤلاء العديد من أفقر سكان العالم وأكثرهم تهميشاً وأضعفهم مواطنة سياسياً.
ويصل مجموع المساحات المتصحرة في العالم، بحسب الأمم المتحدة إلى حوالي 46 مليون كيلو متر مربع يخص الوطن العربي منها حوالي 13 مليون كيلومتر مربع (28% من مجموع المناطق المتصحرة في العالم). كما سيؤدي إلى خسارة تصل إلى 40 مليار دولار سنويا في المحاصيل الزراعية وزيادة أسعارها، ففي كل سنة يفقد العالم حوالي 690 كم مربعاً من الأراضي الزراعية نتيجة لعمليات التصحر.

حصاد مائي
حصاد مائي
أوردت نشرة تعريفية لمركز التعليم البيئي / الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة إرشادات خاصة للاستخدام الأمثل للمياه، كري النباتات والأشجار بفاعلية، من خلال إتباع سياسات الحصاد المائي والري بالتنقيط، وتجنب الري في أوقات الحر، وتفادي سقاية المزروعات بطرق عشوائية أو بدائية، واللجوء إلى طمر المساحات المروية بطبقة من التراب الجاف، واستخدام الأعشاب الجافة في حماية جذور النباتات من أشعة الشمس الحارقة، وطلاء سيقان الأشجار بالجير (الشيد) والجنزارة (سلفات النحاس)؛ للوقاية من الحشرات، وتقليل ضرر الحيوانات التي تهاجم السيقان، ومكافحة العديد من الأمراض الفطرية، ومنع ظهور الطحالب الخضراء، وتقليص تأثير أشعة الشمس، والمحافظة على الرطوبة، وسد الشقوق والجروح.
وأضافت النشرة: يعد اختيار أصناف الأشجار والنباتات المزروعة أمرًا هامًا، من حيث انتقاء أصناف أصيلة كالخروب والسريس والبطم والزعرور والقيقب والبلوط، وتفادي الأنواع الدخيلة والمهجنة، أو التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، وتجنب زراعة المحاصيل في غير مواعيدها، وتقليل فترات الري والاعتماد على الأمطار.
وذكرت إن الأشجار الأصيلة تقاوم الجفاف بشكل لافت، ولا تتطلب ريًا تكميليًا إلا في سنواتها الأولى، كما أن الأصناف البلدية من المزروعات لا تحتاج للمياه بالكميات نفسها التي تتطلبها الأنواع الدخيلة أو المهجنة، ويكفي الإشارة كمثال لما يحتاجه (خيار البيبي) من مياه مقارنة بالنباتات والمحاصيل الأصيلة.
وأوضحت أن الري التكميلي للأشجار ضروري للغاية فهو يزيد من الإنتاجية، ويُسرع النمو الخضري، ويمنع جفاف الأشجار حديثة الزراعة، ومن الضروري، أن يترافق بطمر المساحات المروية وتغطية الجذور بطبقة سميكة من التراب أو بالأغصان والأعشاب الجافة؛ للمحافظة على الرطوبة لأطول وقت ممكن، ولتقليل استهلاك المياه.
وزادت: إن موجات الحر المتكررة تحتم البدء بتغيير أنماط الزراعة، والتخطيط لإدارة فعّالة تبدأ بانتقاء محاصيل قليلة استهلاك المياه، والتوجه للزراعات البيئية والعضوية والمائية، وتحديد المساحات المزروعة بالأصناف شديدة الطلب على المياه.
وقالت النشرة إن الحصاد المائي يساهم في التخفيف من وطأة الجفاف، من خلال حفر آبار جمع لمياه الأمطار في مختلف المناطق التي تعاني شح المياه، وإقامة البرك، والتخطيط لإنشاء السدود، واستثمار مياه الأمطار بشكل فعال في المنازل، وإعادة استخدام المياه الرمادية والسوداء بعد معالجتها، وخاصة في المدارس والجامعات والمؤسسات.
وتابعت: إن الزحف العمراني العشوائي على الأراضي الزراعية الخصبة يهدد الأمن الغذائي، ويُسرع من وتيرة التصحر، ويلحق أضراراً فادحة بالغطاء النباتي، الذي يساهم في تقليل تداعيات ارتفاعات الحرارة.
واختتمت النشرة بسرد إجراءات للتخفيف من آثار التصحر، في مقدمتها الإدارة السليمة للموارد الطبيعية والمائية، والمحافظة على الغطاء النباتي وخاصة من الرعي والقطع الجائر، وحظر استخدام مبيدات الأعشاب الكيماوية، والتوقف عن حرق الغطاء النباتي، وتوسيع إنشاء المراعي، ومضاعفة غرس الأشجار الأصيلة، وإعادة الاعتبار للزراعات التقليدية، وتطوير الاقتصاد الأخضر، وتنفيذ برامج تنمية مستدامة، وتعزيز دور المرأة في المناطق التي تعاني الجفاف والتصحر للتخفيف من عبء المواطنين في استخدام الموارد الطبيعية، وخاصة المياه.

غيوم وأمطار شهر حزيران في جنين
مواسم وتداعيات
ترصد نتائج حصاد 2018 لمزروعات صيفية وشتوية، يبدو الحال بائسًا بالرغم من كميات الأمطار الجيدة التي هطلت الشتاء الماضي، وكرر مزارعون كثر حاورتهم (آفاق البيئة والتنمية) مثلًا شعبيًا يلخص ما حدث "بتغل على جمر، وبتمحل على نهر" في إشارة إلى أن الأمطار ليست هي السبب الرئيس لمحصول وفير.
وقال مزارعون من مرج ابن عامر كأحمد حسن، وعلاء خلف إن البطيخ لم يتخط نصف إنتاجيته الطبيعية، فيما تراجع محصول البطاطا بنسبة كبيرة، ولم يحظ موسم الفريكة بإنتاج جيد مقارنة بالعام الماضي، وتضرر الخيار بنسب ملحوظة.
وأورد المهندس الزراعي خالد حمدان: بعد زيارتنا لمزارع العنب وما حصل للمزارع، تم التشخيص بعد الإصابات المتكررة للبياض الزغبي وغيرها من الأمراض، وأصبح أكثر من 80% من الأوراق مصابة وضعف أدائها الوظيفي ما أدى إلى ضعف في مناعة الشجرة، وتراجع مقاومتها للأمراض، وخاصة الصنف البيروتي، وتعرض الثمر لأشعة الشمس المباشرة . والحل تغطية المحصول بالشبك خلال شهري حزيران وتموز، أو الحذر عند التوريق، وخاصة لصنف البيروتي.
وقال حمدان: أدت التغييرات الجوية والمناخية، والفارق الكبير في درجات الحرارة مع ندى الكثيف في بعض الأحيان إلى تقلبات لدى النبات، وتسببت بأمراض فطرية متتالية.
وأضاف: أصيبت بشكل عام كل المزروعات بنسب متفاوتة، وكان التأثير أكثر وضوحًا على العنب والخيار الربيعي والفقوس، وأثر على نسبة عقد الثمار، التي كانت دون المعدل الطبيعي.
وتبدو أشجار اللوزيات ليست بأحسن حال، فقد أثرت عليها موجات الحرّ المتكررة، فأصفرّت الأوراق واحترق بعضها، وتساقطت كميات كبيرة من الثمار قبل الأوان، وتصمّغ قسم منها، وجف جزء من الأشجار، واحتاجت إلى ري تكميلي على غير العادة.
تحتاج تداعيات الحر وتقلبات الطقس الحادة إلى دراسة علمية، لفحص قدرة النباتات على التأقلم مع موجات الحر المتكررة، واستخلاص العبر، وتقديم إرشادات وقائية للمزارعين.

مؤشرات التصحر في قضاء جنين
انقلاب وحر
صادف الانقلاب الصيفي لهذا العام في الحادي والعشرين من حزيران، وبالتحديد الساعة 1:07 ظهراً .ويومها أشرقت الشمس من أقصى الزاوية الشمالية الشرقية ومقدارها (61) درجة الساعة 5:30 دقيقة، وغابت عند أقصى الزاوية الشمالية الغربية ومقدارها 299 درجة الساعة 7:45، وكان طول النهار14:15 ساعة، وهو أطول نهار خلال العام بينما كان طول الليل 9:45 ساعة وهو أقصر ليل خلال العام.
ومع بداية الانقلاب الصيفي تكون الشمس عمودية تمامًا على مدار السرطان الذي يقع شمال خط الاستواء بمقدار 23,5 درجة تقريبًا. ويبدأ في هذه الفترة تأثير الموجات الحارة والتي يكون مصدر الرياح فيها غالبًا من شمال الجزيرة العربية نظراً لامتداد تأثير المنخفض الموسمي الهندي والذي قد يصل تأثيره أحيانا إلى أواسط أوروبا حيث ترتفع درجات الحرارة إلى مستويات عالية قد تصل خلال الموجات الحارة إلى حاجز 45 درجة مئوية وأكثر أحياناً في بعض المناطق خاصة الأغوار وأريحا.
ووفق السجلات المناخية، بلغ عدد الموجات الحارة التي شهدتها فلسطين خلال الصيف 66 موجة حر خلال 96 سنة ماضية كان آخرها عام 2017.
aabdkh@yahoo.com