"فلسطين ع البسكليت" تنظم كل أسبوع مسارًا إلى مدينة أو قرية جديدة، للتعرف على البلدان، ولقاء أهلها، وزيارة مواقعها الجميلة، وتحظى دائمًا باستقبال حافل، وتنضم إليها مجموعات جديدة من عاشقي الدراجات. المجموعة الشبابية تلتزم بالزي الأخضر والبرتقالي الموحد، فيما تغطي الخوذ السوداء والنظارات القاتمة الرؤوس، وتلتف الأطراف بوسائل حماية، ويحضر المسعفون.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
راح أعضاء فريق "فلسطين ع البسكليت" يُذللون طريقًا وعرًا بفقوعة شرق جنين، في مغامرة جديدة لممارسة الرياضة، وتنفيذ تجوال على موقع جديد. من بعيد، كان واضحًا الزي الأخضر والبرتقالي الموحد للمجموعة الشبابية، فيما غطت الخوذ السوداء والنظارات القاتمة الرؤوس، والتفت الأطراف بوسائل حماية، وحضر المسعفون.
الموظف في مؤسسة أجنبية برام الله فادي أديب، عبر عن سعادته باستخدام دراجة هوائية برفقة أعضاء المجموعة، في أول انضمام له للفريق، فهي" تجربة حلوة ومغامرة لطيفة."
وأضاف وهو يحتمي بخوذة، ويصعد منحدرًا: "سنجتاز اليوم 35 كيلومتراً، وسنتعرف على مناطق جديدة، واستعمال الدراجة مع مجموعة فكرة جيدة، وتجعل صاحبها يهرب من الروتين اليومي، وينضم إلى مجموعات جديدة من الأصدقاء، المهتمين بالرياضة والبيئة".
فيما نشطت أقدام أحمد سمار، في صعود طريق وعر محاط بأشجار الخروب، وقال: "هذه المرة الأولى التي التحق فيها بزملاء وأصدقاء وشركاء في هواية جميلة، تدعو الناس للتفكير بوسائل المواصلات المستخدمة في حياتهم، فيتوقفون عن حرق الوقود وتلويث البيئة".
وتابع: "سيشجعني هذا الفريق لتبني الدراجة كوسيلة مواصلات في حياتي اليومية، وتبدو الفكرة تستحق التضحية بيوم العطلة."
الدراجون الفلسطينيون
حراك أسبوعي
وأشار مسؤول الفريق عكرمة أسمر إلى إن "فلسطين ع البسكليت" تنظم كل أسبوع مسارًا إلى مدينة أو قرية جديدة، للتعرف على البلدان، ولقاء أهلها، وزيارة مواقعها الجميلة، وتحظى دائمًا باستقبال حافل، وتنضم إليها مجموعات جديدة من عاشقي الدراجات.
وأضاف: "بدأنا قبل سنتين، وكنا أربعة صهيب سمارة، وفادي أديب، ومحمد مخلوف، وأنا، وتضاعف عددنا اليوم إلى ثلاثين في كل جولة".
وتشجع المجموعة العودة إلى وسائل المواصلات الصديقة للبيئة، والتخفيف من تلوث المدن وازدحامها، وممارسة الرياضة، واستكشاف البيئة المحيطة.
ووفق أسمر، وهو مسؤول النادي الفلكي بجامعة بيرزيت، فإن المسافة الأطول التي قطعتها المجموعة كانت بين قلنديا والعقبة الأردنية، ( 259 كيلو متراً)، تليها من جنين إلى رام الله بنحو (100 كم)، فيما تعكف المجموعة على الإعداد لمسار دراجات من الخليل إلى جنين.
وتابع: "اعتدنا على الجلوس في المكاتب والمنازل، وركوب السيارات، لكن المياه الراكدة كما تخبرنا الطبيعة ليست عذبة، لذلك نحتاج إلى الحركة، والتعرف على محيطنا، وحين ندخل المواقع الجديدة، يعرفنا عليها أهلها، ونحظى باستقبال حافل، ويقدم لنا المزارعون الخيار والبندورة كما في أريحا والأغوار".
وبحسب أسمر، المتخصص في الفيزياء، ومُطور المعروضات العلمية في مؤسسة عبد المحسن القطان، فإن عدد المركبات في فلسطين يتضاعف كل يوم، ويزداد الزحام في الطرقات، ما يدفعه للتنقل بين عمله وبيته بالدراجة.
الفتاة نعمة في مجموعة فلسطين ع البسكليت
رسائل خضراء
وزاد: "أتنقل بدراجاتي يوميًا إلى عملي، وأقطع 30 كيلو مترًا في الذهاب والإياب، وأهرب من الزحمة، وأوفر تعب السيارات، ولا أساهم في حرق الوقود وزيادة التلويث."
واستناًدًا إلى أسمر، فإن أي فكرة جديدة لا تحظى بقبول أو جدية سريعة، ففي بدايات ( فلسطين ع البسكليت) تعرض المشاركون لإلقاء الحجارة في إحدى القرى، واستخف أهلها بلباسهم وبفكرتهم، لكنهم أصروا على مسيرهم الأسبوعي، والتأثير على رأي الناس.
وتابع منسق الفريق: "كان أعضاء المجموعة أول الأمر يخجلون من التنقل داخل المدن، لكنهم اليوم يمارسون قناعاتهم وهوايتهم، ويسعون لنشر أفكارهم وأهدافهم، والتخفيف من التلوث".
وبحسب أرقام أسمر، فإن التنقل بالدراجة من المنزل إلى العمل رياضة واقتصاد أيضًا، إذ يوفر سنويًا نحو 4 آلاف شيقل بدل مواصلات، كما يعفي البيئة من حرق مئات اللترات من الوقود، ويحافظ راكب الدراجة على لياقته البدنية.
وأضاف: "سمعنا تعليقات جارحة، ولكننا لم نتأثر بها، وفي السابق كانت تشاركنا فتاة واحدة في المسار، وازداد العدد اليوم إلى أربع."
وتتوزع مواقع أعضاء الفريق على المحافظات، كما تتفاوت أعمارهم بين الثالثة عشرة والأربعين، وتتفاوت تخصصاتهم العلمية ووظائفهم، لكن خططهم المستقبلية المشتركة رفع كفاءة الفريق، وزيادة تدريبه.
وقال العشريني إبراهيم حنتولي، إنها المرة الثانية التي يشارك فيها بهذا النشاط الممتع، وأصبح يتنقل بين أريحا، ورام الله، ونابلس، وجنين على عجلاته.
دراجو فلسطين ع البسكليت
خوذ ناعمة
واجتازت الموظفة في أحد بنوك رام الله، هنادي سهيل إحدى الطرق الوعرة في المنطقة الفاصلة بين فقوعة ودير غزالة شرق جنين، وقالت إنها تعتاد كل أسبوع على استعمال الدراجة، وانضمت إلى المجموعة قبل سنة، وقادت عجلاتها في طولكرم، وجنين، ونابلس، والخليل، ورام الله والبيرة.
وأضافت: "الدراجة تجعلنا نهتم بالرياضة، وهي صديقة للبيئة، كما أنها توفر المال، وتحسن المزاج."
وأبدت هنادي تخوفًا أول الأمر من التعليقات السلبية التي تحيط بقيادة الفتاة للدراجة وارتداء خوذ الحماية، ووصلت ردودٌ من زميلاتها في العمل تقول إن "الدراجة للأطفال"، لكنها استمعت أيضًا لتشجيعٍ من المارة وأهالي حيها في بيتونيا، وحين شاهدت إعلانً "فلسطين ع البسكليت" على مواقع التواصل قررت الالتحاق، واستأجرت دراجة، ثم اشترت واحدة.
وزادت: "أحاول تشجيع رفيقاتي للانضمام إلى مجموعتنا، والمشاركة في التجوال الأسبوعي، وانضم قسم منهن بالفعل، ولم تستطع أخريات إقناع عائلاتهن."
وسجلت هنادي أطول مسافة على دراجتها بين بيتونيا ودير غسانة، بنحو 40 كيلو مترًا، وترفض شراء دراجة كهربائية، ولا تتحمس لاقتناء سيارة، واستخدمت دراجتها خلال مشاركتها في تمرينات فرقة الدبكة.
زحام وشتاء
ووقفت دارسة الحاسوب في جامعة النجاح، نعمة أبو سليم في زاوية أخرى من شارع ترابي وهي تركب دراجتها، وقالت إنها تحرص منذ عام ونصف على التجوال الأسبوعي، وخلاله زارت كل المحافظات.
وتابعت: "أسكن نابلس، واستخدم دراجتي في الذهاب من مركز المدينة إلى الجامعة، وأتجنب الزحام، ولا تهمني التعليقات السلبية، وتسعدني عبارات الإشادة من فتيات أصادفهن في طريقي، ولا تلوث مركبتي البيئة، ولا تكلف صاحبها أعباءً مالية، وتجعله يتجنب الزحمة."
وأضافت: علّمت ابنة أختي ركوب الدراجة، وستبدأ باستخدامها خلال تنقلها إلى الجامعة، وعند أخوتي عجلات مماثلة. وأنهت: "بعد حصولي على رخصة القيادة، لن أتخلى عن دراجتي، وسأتدرب في الأيام القادمة على صعود المناطق الوعرة، كما أتقنت بها نزول الدرج."
وأشار الطفل مجدي صلاح ( 10 سنوات) المقيم في جنين القديمة إلى إنه انضم للمجموعة حديثًا، وتجول معها في المدينة، وأحب الدراجات الأقل كلفة من السيارات، ويراها هواية ممتعة وسيستمر فيها.
وشارك محمد مخلوف القادم من رام الله، في تحدي الوصول إلى العقبة الأردنية، الرحلة التي استغرقت ثلاثة أيام وقطع 540 كيلو مترًا، تخللها نصب خيام، ونقل الدراجات عبر معبر الكرامة، كما زار الداخل المحتل، والخليل وجنين.
وقال مخلوف، الموظف في شركة صيانة: "الدراجة الهوائية تحرك الجسم، وتنظّف البيئة، وتقوي روح التحدي والمغامرة."
aabdkh@yahoo.com