خاص بآفاق البيئة والتنمية

زهرة السوسنة
آذار المُتطرف
عشنا شتاءً غريبًا هذا الموسم، وانقلبت المعادلة بعد أمطار كانون الثاني وشباط رأسًا على عقب، فلم يشهد آذار (حتى الـ 27 منه) أية أمطار تذكر، وتجاوزت درجات الحرارة معدلها المعهود بـ 16 درجة مئوية في بعض الأيام، وكانت السمة العامة لهذا الشهر الشتوي والربيعي، الجفاف والحرارة المرتفعة.
في كل يوم من هذا الشهر، تتحسر على ضياع فرص الأمطار، وتشاهد الغطاء النباتي في طريقه إلى الجفاف قبل أن يبدأ فصل الربيع فعليًا، أما سطح التربة فقد جف تمامًا وبدأت الشقوق الكبيرة تبان بوضوح، ومع أن التوقعات الجوية للأيام المتبقية من شهر الأزهار وبداية فصل الربيع تبشر بعودة الأمطار الخجولة، إلا أن خسارة آذار باتت حقيقة مرة.
اللافت في آذار الماضي التذبذب الكبير في درجات الحرارة، التي هبطت وصعدت بنحو 4-16 درجة في وقت قياسي، وأصبحت هذه الحالة تستوجب دراسة للتعرف على تداعياتها الخطيرة، وتتبع انعكاساتها على التنوع الحيوي، وخاصة أن توزيع الأمطار لهذا الموسم لم يكن جيدًا.
إحدى شواهد "جنون آذار" السريعة: الإزهار المبكر للكثير من الأزهار، التي كانت تزورنا في نيسان، ونضوج ثمار الإسكدنيا قبل الأوان، وتراجع الغطاء النباتي بسرعة كبيرة.

احتجاجات ضد مكب زهرة الفنجان قضاء جنين
حراك أخضر
تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي، في 24 آذار الماضي، الوقفة الاحتجاجية للمئات من مواطني جنوب جنين المحيطين بمكب زهرة الفنجان. وقال النشطاء في تدويناتهم "إن التظاهرة ضد المكب الواقع بين بلدتيّ عجة وعرابة تأتي جراء الروائح المنتشرة والأمراض المسرطنة، التي يتهم سكان عجة، وعنزا، والزاوية، والمنصورة، وفحمة، وعرابة، ومركة، المكب التسبب بها".
وبحسب ما نشر، فقد "أغلق المحتجون مدخل المكب ومنعوا شاحنات القمامة من الدخول إليه لتفريغ حمولتها، لإيصال رسالتهم للجهات المختصة، بضرورة وضع حد للتجاوزات التي تتم بداخله، حسب شعاراتهم التي رددوها، وأكد المحتجون إنهم سيواصلون حراكهم حتى إغلاق المكب ".
وأقيم المكب بين بلدتي عجة وعرابة جنوب جنين عام 2007، ويتعرض لانتقادات شعبية وإعلامية تربط بينه وبين انتشار الروائح الكريهة والأمراض المتسرطنة في المنطقة.
أحد الحلول قصيرة المدى للنفايات الصلبة، ولزهرة الفنجان وسواها، فرز النفايات وتوجيه العضوية منها لصناعة الكمبوست، وتقييد تصنيع المواد البلاستيكية فعندها يمكن التخلص من كل الروائح، وسيقلل فرز المواد البلاستيكية والكرتونية والمعدنية التي لا تصدر روائح، من انتشار الحشرات الممرضة.

التمر المجهول
"نفط" فلسطين
تمضي يومًا في الأغوار وتتوقف عند نخيله، وتحاور نبيل عبد الرازق، المدير العام لشركة "قطاف" الذي قال إن قطاع النخيل يزدهر بسرعة كبيرة في الأغوار، إذ تنتشر قرابة 300 ألف شتلة على نحو 22 ألف دونم، وتوفر 5 آلاف فرصة عمل.
مما تسمعه أن التمر المجهول بدأ في المغرب، لكن هذا النوع تعرض للانقراض بسبب آفة البيّوض، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة، التي أهدت دولة الاحتلال حاوية أشجار منه، وبدأ بالوصول إلى الضفة الغربية.
واللافت أن تسميته تعود إلى الولايات المتحدة، فيما سبق أن أطلق عليه المغاربة (ملك التمور)، وينمو في جنوب أفريقيا، ومصر، ويحتاج لظروف مناخية تتوفر في الأغوار، التي يضم دونم النخيل الواحد فيها 12 شجرة، وينتج طنًا واحدًا سنويُا، فيما تسعى وزارة الزراعة إلى زيادة رقعة المساحات بحلول عام 2022 من هذا الصنف لتصل إلى 15 ألف دونم.

رقم صادم
وفق رئيس مجلس فقوعة، بمحافظة جنين بركات العمري فإن القرية نظمت منتصف آذار الماضي مهرجان السوسنة الثاني، وهي الزهرة الوطنية التي تنفرد بها فقوعة، وتزامن المهرجان مع احتفال إسرائيلي بالزهرة. يقدم حديث العمري، فجوة كبيرة بين المشاركين، فالاحتلال، الذي سلب قسمًا كبيرًا من أراضي القرية عام 1948، حشد أعدادًا هائلة من المحتفلين، أما في فقوعة فقد كان العدد متواضعًا. يأمل العمري أن تتغير المعادلة، وأن يلتفت الناس إلى بيئتهم وأرضهم.

احتجاجات الأهالي ضد مكب زهرة الفنجان قضاء جنين
ساكوت
تنفذ مسارًا بيئيًا إلى عين الساكوت في الأغوار الشمالية للمشاركين في دورة الإعلام الجديد، التي انطلقت في شباط الماضي، وتواصلت حتى منتصف آذار، وفيه وسار أربعون طالبًا ومشرفا وأعضاء مجلس الطلبة من محيط عين البيضاء إلى موقع قرية الساكوت، التي دمرها جيش الاحتلال عام 1967، وحرم أصحابها من عين الماء والأراضي الخصبة، وشاهدوا الغطاء النباتي من الأقحوان الأصفر، والجرجير، والعكوب، وشقائق النعمان، وعشرات النباتات البرية، واستمعوا إلى شرح حول التنوع الحيوي في فلسطين الذي يضم أربعة أقاليم نباتية: المتوسط، والصحراوي، والسوداني، والإيراني، بأكثر من 2700 نبتة وشجرة وشجيرة.
وبيّن محمد صدقي، المولود عام 1962 في قرية أم عشيش القريبة، أن الساكوت التي أقامت فيها عائلته، ووصل عدد مواطنيها إلى 1688 قبل النكسة، اعتمدت على زراعة القمح، والبطيخ، والشمام.
وتابع: "لم يعد المزارعون إلى أرضهم إلا عام 2016، حين انتزعت محافظة طوباس والأغوار الشمالية قراراً باسترداد عشرات الدونمات، وبدأ المتنزهون بالوصول إليها، بعد أن كانت حكرًا للمستوطنين، ولا ينسى الأهالي تدمير عدة قرى خلال النكسة كجباريس، والحمة، وقاعون، والدير."
والتقط المتدربون أفلامًا وصوراً لعين المياه والحقول التي عادت لأصحابها، ولعشرات اللافتات التي تحذر من الألغام، أو الوصول إلى المناطق الحدودية، وحاوروا أصحاب الأراضي ورعاة الأغنام.
وقالت المتدربة نسرين دراغمة إن الاحتلال لا يكتفي بمصادرة الأراضي في هذه المنطقة، بل يطارد الرعاة، ويدعي أنه يحمي البيئة ويفرض غرامات باهظة على قاطفي العكوب!
aabdkh@yahoo.com