خاص بآفاق البيئة والتنمية
تتفاخر طوباس والأغوار الشمالية بتدشين صناديق توفير، وتأسيس مجموعات إقراض ذاتية منذ سنوات، فيما بدأت مطلع السنة الحالية في صندوق استثمار ريفي، يشجع المنافسة على إطلاق مشاريع اقتصادية ذاتية.
وقالت منسقة جمعية الادخار والتسليف، حنين غريب لـ(آفاق) إن المركز الفلسطيني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية أطلق مشروعًا للتوفير والتسليف بدأ الأول عام 2001، وتضم كل مجموعة بين 10-25 سيدة تربطهن علاقات معرفة وثيقة، ويقمن في البلدة ذاتها، ثم ينتخبن هيئة إدارية: رئيسة، وأمينة صندوق، وأمينة سجل، وعدادتا نقود.
المركز الفلسطيني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يحفز إطلاق صناديق الادخار في الأرياف الفلسطينية
أسهم وحسابات
تستند الفكرة على اختيار موقع تنشط فيه نساء، يقدم لهن المركز صندوقًا معدنيًا مزود بأقفال ثلاثة مختلفة المفاتيح، وقرطاسية، وسجل أسهم بعدد الموفرات، وأختامًا لختم الأسهم، وحاسبة، وتتلقى السيدات تدريبًا على طريقة شراء الأسهم ومتابعة لفترة ثلاثة أشهر، ثم يدرنه ذاتيًا، ويمنحن رقمًا لحسابهن، ويُمنع فتحه إلا بحضور أعضاء ثلاثة.
وأضافت غريب: "تحدد النساء اجتماعًا أسبوعيًا لإيداع التوفيرات، وشراء الأسهم، ويشترط أن لا تتعدى الأسهم خمسة لكل موفرة خلال الأسبوع، وبقيمة 10 شواقل، يجري دفعها وتسجيلها، حسب قدرة السيدات، وبعد سنة يجري فتح الصندوق وتوزيع ما فيه."
ووفق غريب، ففي المحافظة 34 صندوق إدخار: 3 في بردلا، و2 في كردلا، وواحد في عين البيضاء، و28 في طمون، وتياسير، وعقابا، ومخيم الفارعة، ووادي الفارعة.
وأضافت: "يُسمح للمشتركات في الصناديق الحصول على قرض بعد 3 أشهر من فتحه، وقيمته ثلاثة أضعاف ما جرى توفيره، وتتمتع المشتركات بحرية تحديد وجهة القرض، التي تكون غالبًا للتعليم، وللعلاج، ولشراء ملابس، ولتأسيس أعمال خاصة، وغيرها، ويجري السداد بعد ثلاثة أشهر، قابلة للتمديد."
واللافت أن الصندوق سينتقل إلى إدارة شؤونه بنفسه، من خلال وكيلة لمتابعته، تتلقى راتبها من توفيرات الأعضاء في الصندوق الاجتماعي، مقابل الإشراف العام، ومتابعة عمليات شراء الأسهم، وتوزيع القروض.
وأكدت غريب أن عدد المشاركات في الصناديق 200 عضو بينهم 42 رجلأ، تدعم كل واحدة منهن الصندوق الاجتماعي بشيقل واحد أسبوعيًا، ويخصص للهدايا والواجبات الاجتماعية، ولمساعدة الفقراء.
توفير
150 قرضًا
واستنادًا إلى أرقام المركز الفلسطيني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإن موجودات الصناديق بلغت 178 ألف شيقل، لمئتي مستفيدة، بينهم 150 قرضًا، تدخل كلها إلى موقع عالمي إلكتروني.
وقالت غريب إن نظام صندوق القرية ينتشر في مصر، ودول أفريقيا، وبإمكان الأعضاء الدخول إلى النظام ومعرفة حجم المبالغ المدخرة.
وسردت قصص النجاح لمقترضات، أسسن متاجر لصيانة الأجهزة الهاتفية في عين البيضاء، وأقمن مزارع للزعتر والأفوكادو، واشترت إحداهن شاحنة لزوجها بالتقسيط، وافتتحت نساءٌ مطعمًا بيتيًا، ومتجرًا لصيانة الأجهزة الخلوية، وإكمال الأقساط الجامعية للأبناء، وأدت مجموعة مقترضات العمرة.
فيما تشكل اعتبار صوافطة قصة نجاح لافتة، فهي تقيم في بردلا، وأسست معرضًا للهواتف النقالة في قريتها، واستفادت من توفيراتها في وقت قصير في تطوير عملها، وإعانة أسرتها.
وأكد إبراهيم علي، المقيم في الأغوار الشمالية أن زوجته تساعده منذ سنوات لتأمين الدراسة الجامعية للأبناء، وغالبًا ما تأتي نقود التوفيرات في "عز وقتها"، وخاصة أن العمل في القطاع الزراعي ليس بالجيد في الفترة الراهنة، بسبب تذبذب الأسعار الكبير.
صندوق ادخار
تنمية وتمكين
وقال مدير المركز في طوباس، جمال خورشيد إن نجاح صندوق القرى، طوّر صندوق الاستثمار الريفي، المنفذ بالشراكة مع "أوكسفام"، والفارق أن هذا الصندوق ينشط على مستوى أكبر، وتصل قيمة كل سهم 50 شيقلًا، وبدل الصندوق المعدني تودع الأموال في حساب بنكي فرعي تابع للمركز، وحدد مجموع الأسهم الأعلى بخمسة أسبوعيًا.
وأضاف إن صندوق الاستثمار الريفي ينشط في 9 تجمعات في محافظة طوباس والأغوار الشمالية، وفي كل واحد نحو 30 سيدة، يخترن ممثلة واحدة عنهن، تحتفظ بدفاتر التوفير للمجموعة، وتنقل بدورها التوفيرات إلى منسقة المركز، لإيداعها في البنك.
وأوضح خورشيد أن "أوكسفام" اقترحت لتشجيع النساء في الصندوق الريفي دفع 100 ألف شيقل لتمويل القروض، شريطة أن تكون تجارية، وأن يكون المركز شريكًا في الربح والخسارة، وأن تقدم المقترضات دراسة جدوى عن مشاريعهن للجنةٍ مختصة.
وقال: "نظرًا لكبر المبلغ الموفر، قررت السيدات عدم الاحتفاظ به في بيوتهن، فوفرت 122 سيدة في أسبوع 9900 شيقل، وهذه بداية مُشجعة".
وأضاف خورشيد: "يهدف الصندوق إلى إنشاء شركات تنموية، وتشجيع فرص تمويلية لصغار المنتجين والشباب ذوي الأفكار المبدعة، وخاصة الشابات الرياديات في محافظة طوباس والأغوار الشمالية. كما يسعى إلى تعزيز الحركة الاقتصادية وتطويرها في المناطق المستهدفة، وفتح آفاق التنمية المستدامة ودعم صمود أبنائها، لإعادة الاستثمار برأس المال، بما يعيد الربح على المساهمات بطريقة الشراكة في الربح والخسارة، ودون فوائد ربوية."
وأنهى خورشيد: "بدأت فكرة صناديق توفير القرية من مستر هيو، وهو بريطاني دشّن مجموعات توفير في الدول الأفريقية الفقيرة، ثم انتقلت إلى صعيد مصر وفلسطين (الدولة العربية الثانية التي تطبق الفكرة)، وقد زارنا هيو، وأشاد بنجاحات نساء الأغوار وطوباس، وقدرتهن على التوفير والاستثمار في ظل ظروف اقتصادية صعبة".
aabdkh@yahoo.com