تميزت جمعية العقربانية النسوية بالزراعات البيئية، وهي لا تؤمن بالزراعات الكيماوية التي تعتمد على المحصول الواحد، وتستنزف التربة بفعل المضافات الكيماوية، بخلاف الزراعة البيئية التي يتعب صاحبها عليها مرة واحدة في حياة المشروع، ولكن تزيد خصوبة التربة عامًا بعد عامًا من تلقاء نفسها، فيما تعمل المحاصيل المتداخلة على حماية بعضها البعض من الآفات الزراعية. أول الأمر كانت الزراعة البيئية بالنسبة للجمعية "فكرة مجنونة"، بدأت بربع دونم تجربة، وبعد أن وجدت إقبالًا كبيرًا على محصولها، زادت المساحات، وضاعفت الأصناف، ولاحظت الجمعية تغير وعي المستهلكين وإيمانهم بالمحصول؛ وهي تراهن على أن نشر ثقافة الزراعة البيئية سيجعلنا نتخلى عن الكيماويات.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تقف إيمان تركمان على رأس جمعية العقربانية النسوية، وتتفاخر بتجربتها هي وزميلاتها في إطلاق زراعات بيئية، وتحقيق اكتفاء ذاتي لأسرهن، ونشر ثقافة جديدة في محيطهن.
وقالت: نزرع الزعتر بنمط عضوي منذ ثماني سنوات، وصرنا نضاعف المساحة، وحصلنا على شهادة المنتج العضوي، واليوم نسوقه بعد تجفيفه، وتوسعنا في الأصناف، وزدنا عدد العاملات في حقولنا.
تنمية وتمكين
وأضافت تركمان: توجهنا إلى الزراعة البيئية داخل الدفيئات الزراعية وخارجها، وفي رصيدنا 4 دونمات ونصف دفيئات، ودونمان ونصف مكشوفة نزرعها، تعمل فيها 15 سيدة، تقدم كل واحدة ربع رأسمال مشروعها، وتمول الجمعية الباقي. وفي السنة الثانية تدفع 10% من الأرباح لتمويل نشاطات الجمعية، التي تضم أربع مناطق: الجفتلك، والنصارية، وبيت حسن، وعين شبلي.
وبدأت إيمان، التي تحمل الدرجة الجامعية الأولى في التربية الابتدائية، في جمعيتها عام 2010، وشرعت في تنفيذ أنشطة خيرية لتنمية المرأة وتمكينها اقتصاديًا واجتماعياً وتنمويًا.

الزراعة البيئية في العقربانية
وقالت: "نسوق محاصيلنا داخل العقربانية وخارجها، وتعاقدنا مع شركتي تسويق تنشط في التجارة العادلة للزراعات العضوية، ونبيع خضرواتنا الطازجة لشركة عدل للزراعات البيئية، التي تبيع المحصول في بيت لحم ورام الله، ونسعى لتأسيس شبكة تسويق خاصة بنا، دون الحاجة لشركات تتحكم في أسعار منتجاتنا."
وقارنت تركمان بين الزراعات التقليدية والبيئية: "الزراعات الكيماوية تعتمد على المحصول الواحد، وتستنزف التربة بفعل المضافات الكيماوية، أما الزراعة البيئية فإن صاحبها يتعب عليها مرة واحدة في حياة المشروع، ولكن تزيد خصوبة التربة عامًا بعد عامًا من تلقاء نفسها، فيما تعمل المحاصيل المتداخلة على حماية بعضها البعض من الآفات الزراعية".
وتابعت: "لو نظرنا إلى الطبيعة لوجدنا نباتاتها متداخلة مع بعضها، دون أن تصاب بآفات، ويكفي في الزراعة البيئية أن ننظر إلى شكل ورائحة النبتة التي تستمر دورة حياتها فترة أطول من الزراعة الكيماوية، أما الثمار فتصمد طويلاً دون تلف، لكن الثمار المنتجة بالكيماويات تتلف في الثلاجة بعد وقت قصير."

بندورة بيئية من إنتاج جمعية العقربانية النسوية
فكرة مجنونة
وأضافت تركمان: "أول الأمر كانت الزراعة البيئية بالنسبة للجمعية "فكرة مجنونة"، بدأت بربع دونم تجربة، وبعد أن وجدت إقبالًا كبيرًا على محصولها، زدنا المساحات، وضاعفنا الأصناف، ولاحظنا تغير وعي المستهلكين وإيمانهم بالمحصول، ونُراهن أن نشر ثقافة الزراعة البيئية، سيجعلنا نتخلى عن الكيماويات".
ووفق إيمان، فإن قسمًا كبيرًا من أهالي العقربانية، تحولوا في وقت قصير للبحث عن منتجات آمنة صحياً وبيئيًا، وخاصة بعد أن شاهدوا رونق الأشتال المزروعة بيئيًا، التي أصبحت ذات "هيبة" وتلقى اهتمامًا أكبر من صاحبها، وتتميز برائحة قوية، أما الكيماويات فيخافون حتى من شكل نبتتها، وعمرها قصير، وهي "زراعات مُهانة".

زعتر عضوي في حقل تابع لجمعية العقربانية النسوية
وتعمل سيدات الجمعية، وعددهن سبع، على إدارة المزارع الآمنة، وتنقل رائدة سيطان تجربة جارتها التي لم تصدق ما حصل بثمار الفاصولياء العضوية، التي صمدت لشهر في الثلاجة دون أن تتلف أو يتغير لونها وطعمها. وتتميز رائحة الخيار والبندورة البيئية وسائر الخضروات المنتجة بهذه الطريقة برائحة قوية.
وأفادت عضو الجمعية صالحة أنيس: "نحصل على معظم غذائنا من مزرعتنا البيئية، وحين نطبخ الملفوف والزهرة والبروكلي واللفت، نكتشف الفارق، ونجد أن الطعم مُختلف كثيرًا عن بضائع الأسواق."
وتبعًا لصالحة، فهي وزميلاتها بدأن بالاعتماد على ما يزرعنه في توفير غذاء العائلة، فلديهن القرنبيط، والبركلي، والبصل، والملفوف، والبطاطا، واللفت، والخس، والشمندر، والبازيلاء، وغيرها.
ونقلت عايشة الوحيدي، الناشطة في الجمعية تجربتها في زراعة الخيار دون كيماويات، إذ يتميز محصولها برائحة وطعم أطيب من نظيره الكيماوي.

محصول الخس البيئي في العقربانية
سوق أسبوعي
وقارنت الوحيدي بين الثمار المنتجة ذاتيًا والكيماوية من حيث البذور والتكاثر، فالبذور البيئية تعطي ثمارًا أجود، وأكثر قدرة على مقاومة الآفات، وتنتج ثمارًا أكبر دون أية مضافات.
وقالت إيمان تركمان: "تشرف كل واحدة منا على مزرعة خاصة بها، وننتج الكثير من الأصناف، واستطاع المشروع الاعتماد على نفسه، ونوفر بهذا النمط الزراعي الماء، ولا نحتاج للحراثة، أو للأيدي العاملة على نطاق واسع، وصرنا ننتج الأشتال ذاتيًا، وكل الأصناف التي نزرعها تكون مكسبًا لنا، وتعود للنمو في الموسم التالي."

نساء جمعية العقربانية النسوية يعملن في الزراعة البيئية
وبحسب تركمان، فإن فكرة الزراعة البيئية جاءت خلال بحثهن عن سوق للزعتر العضوي، وخلال اجتماعهن تحت شجرة صفصاف طلبن من شركة (عدل) استشارة حول الزراعة البيئية، فأوصلتهن إلى المهندس سعد داغر، فوجدن دعماً فنياً لكنهن لم يجدن دعماً مالياً. وتضيف تركمان: "صممنا على تنفيذ تجربة بجمع القش والحطب، ولم يستوعب من شاهدنا ما نفعله، وخاصة أننا زرعنا في المسطبة (المساحة) الواحدة بأكثر من صنف، ولم نجد عمالًا للحفر، فأنجزنا المساطب بأيدينا، واستمعنا إلى تعليقات شككت بنجاحنا، لكن أصحابها صاروا يشاهدون الاختلاف، والنتائج الإيجابية، وبدأت مجموعة من الأهالي والمعلمين تستمع إلى محاضرات المهندس سعد داغر، وعندما شاهدت نتائج زراعاتنا بدأت تتسوق، وافتتحنا سوقًا أسبوعيًا صغيرًا".
واختتمت تركمان: "منذ تشرين الثاني لعام 2017 وحتى اليوم حققنا اكتفاءً ذاتيًا في معظم الخضروات، ولم نتوجه إلى الأسواق، وأطلقنا على مزرعتنا أرض الطيبات، ونخطط لتصميم ملصق خاص بنا، وافتتاح مركز تسويق للجمعية، ونستطيع إدارة مزارعنا من الألف إلى الياء، وهو ما نفعله اليوم لنثبت لكل الأغوار الوسطى أننا قادرات".
aabdkh@yahoo.com