استطلاع للرأي: غالبية تعتقد بأن الاحتلال الإسرائيلي وأطراف فلسطينية وعربية معا يتحملون مسؤولية البؤس الإنساني والبيئي المريع في قطاع غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية

بين استطلاع أخير للرأي أجرته مجلة آفاق البيئة والتنمية في عددها الصادر في آذار الماضي، بأن حوالي 66% من المستطلعة آرائهم يعتقدون بأن الاحتلال الإسرائيلي وأطراف فلسطينية وعربية معا يتحملون مسؤولية البؤس الإنساني والاقتصادي والبيئي المريع في قطاع غزة. وفي المقابل، 16% يعتقدون بأن الاحتلال الإسرائيلي وحده يتحمل مسؤولية البؤس الإنساني والاقتصادي والبيئي في القطاع ونحو 14% يعتقدون بأن الاحتلال الإسرائيلي وأطراف فلسطينية معا يتحملون المسؤولية، وحوالي 4% يعتقدون بأن أطراف فلسطينية و/أو عربية وحدها تتحمل المسؤولية عن الأوضاع الانسانية والبيئية المزرية في القطاع.
وبلغ حجم العينة المبحوثة 321 موزعة على بضع فئات مختلفة هي: طلاب، باحثون، صحفيون، ناشطون بيئيون، منظمات غير حكومية، قطاع خاص، مزارعون، ومسؤولون حكوميون / قطاع حكومي.
وتشير نتيجة الاستطلاع إلى أن غالبية المستطلعة آرائهم (نحو 66%) لديهم وعي بحقيقة الأطراف المتسببة في تدهور الأوضاع الحياتية والإنسانية والبيئية في قطاع غزة.
وقد برز هذا الوعي لدى فئة لناشطين البيئيين الذين شاركوا في الاستطلاع وعددهم 66، إذ أن 98% منهم يعتقدون بأن الاحتلال الإسرائيلي وأطراف فلسطينية وعربية معا يتحملون مسؤولية البؤس الإنساني والاقتصادي والبيئي في قطاع غزة، بينما أجاب شخص واحد فقط (من فئة الناشطين البيئيين) بأن الاحتلال الإسرائيلي وأطراف فلسطينية معا يتحملون المسؤولية؛ في حين لم يقل أحد من الناشطين البيئيين بأن الاحتلال وحده أو أطراف فلسطينية و/أو عربية وحدها تتحمل المسؤولية .
في المقابل، يعتقد 50% من الطلاب الذين شاركوا في الاستطلاع وعددهم 139 بأن الاحتلال الإسرائيلي وأطراف فلسطينية وعربية معا يتحملون مسؤولية البؤس الإنساني والاقتصادي والبيئي في قطاع غزة، بينما يعتقد 21% من الطلاب بأن الاحتلال الإسرائيلي وحده يتحمل مسؤولية البؤس الإنساني والبيئي في غزة، وذات النسبة من الطلاب أيضا (21%) تعتقد بأن الاحتلال الإسرائيلي وأطراف فلسطينية معا يتحملون المسؤولية؛ بينما يعتقد نحو 8% من الطلاب بأن أطراف فلسطينية و/أو عربية وحدها تتحمل المسؤولية.
واللافت أن اتجاه تصويت المسؤولين الحكوميين والقطاع الحكومي كان مختلفا بالمقارنة مع الناشطين البيئيين والطلاب، إذ أن 32% فقط من أفراد القطاع الحكومي الذين شاركوا في الاستطلاع (وعددهم 34) قالوا بأن الاحتلال وأطراف فلسطينية وعربية معا يتحملون مسؤولية البؤس الإنساني والاقتصادي والبيئي في غزة، بينما 59% يعتقدون بأن الاحتلال وحده يتحمل المسؤولية، مقابل 9% يعتقدون بأن الاحتلال الإسرائيلي وأطراف فلسطينية معا يتحملون المسؤولية، ولم يقل أحد من القطاع الحكومي بأن أطراف فلسطينية و/أو عربية وحدها تتحمل المسؤولية.
وكما في حال الناشطين البيئيين والتنمويين، فإن غالبية الصحافيين (90%) الذين تفاعلوا مع الاستطلاع (وعددهم 39) أكدوا بأن الاحتلال وأطراف فلسطينية وعربية معا يتحملون مسؤولية البؤس الإنساني والاقتصادي والبيئي في غزة؛ بينما يعتقد 10% بأن الاحتلال الإسرائيلي وأطراف فلسطينية معا يتحملون المسؤولية. واللافت أن أحدا من الصحفيين لم يقل بأن الاحتلال الإسرائيلي وحده أو أطراف فلسطينية و/أو عربية وحدها يتحملون المسؤولية.
وفي المحصلة، تشير نتائج الاستطلاع إلى أن معظم المبحوثين يعتقدون بأن الاحتلال الإسرائيلي وأطراف فلسطينية وعربية معا يتحملون مسؤولية البؤس الإنساني والبيئي المريع في قطاع غزة. فبالإضافة لدور الاحتلال في الأوضاع الإنسانية والمعيشية البائسة في قطاع غزة، تتحمل أطراف عربية (وبخاصة النظام المصري) دورا رئيسيا في استمرار الحصار والتجويع المفروضين على قطاع غزة. يضاف إلى ذلك العجز الفلسطيني الرسمي في رام الله وغزة عن إدارة البنى التحتية القائمة؛ فالانقسام والخلاف بين سلطتي رام الله وغزة حول مراكز القوة والسيطرة في القطاع يزيدان المشهد تعقيدا وخطورة. فقد بات معروفا أن الأزمات الكهربائية والمائية والمعيشية والاقتصادية والبيئية الحالية في قطاع غزة، تفاقمت خلال الأشهر الأخيرة بسبب تقليص كمية الكهرباء التي تزودها إسرائيل لقطاع غزة، إثر طلب السلطة الفلسطينية برام الله ذلك (من خلال تخفيض السلطة الفلسطينية لحجم الدفعات المالية التي تدفعها لإسرائيل مقابل تزويد غزة بالكهرباء)، بالإضافة إلى إجراء السلطة في رام الله تقليصات كبيرة على رواتب موظفيها في غزة، بمعدل نحو ثلث قيمة الراتب، وإحالة الآلاف إلى التقاعد؛ وذلك بهدف الضغط على سلطة حماس.
وخلال الأشهر الأخيرة تفاقمت في قطاع غزة أزمة مياه الشرب والمياه العادمة المتفاقمة أصلا، وذلك لأسباب سياسية وأخلاقية تتعلق بالاحتلال الإسرائيلي بالدرجة الأولى، وبالسلطة الفلسطينية في رام الله بالدرجة الثانية.
تقليص كمية الكهرباء المزودة لقطاع غزة لا يزال ساري المفعول منذ بضعة أشهر. وإحدى النتائج الكارثية لذلك هي إصابة محطات تنقية المياه العادمة هناك في مقتل، وبالتالي توقفها التام عن العمل. لذا، فإن أكثر من 110 مليون لترا (110 ألف م3) من المياه العادمة غير المعالجة تتدفق يوميا إلى شواطئ قطاع غزة، ما يلوث مياه البحر تلويثا رهيبا. كما تجري المياه العادمة في الوديان بالقطاع، وبالتالي تخترق الأرض لتصل إلى مياه الخزان الجوفي الساحلي الفلسطيني الذي يمر جزئه الجنوبي في قطاع غزة؛ علما أن هذا الخزان يعتبر مصدر مياه الشرب الأساسي لأهالي قطاع غزة.
المواطنون في قطاع غزة لا يملكون خيارا سوى شرب المياه الملوثة التي ازدادت تلوثا مع تفاقم تدفق كميات هائلة من المياه العادمة خلال الأشهر الأخيرة. ومع استمرار الوضع الحالي سيتفاقم حتما تفشي الأمراض الناجمة عن شرب وملامسة المياه الملوثة.