هناك عشرات المشاغل الفلسطينية التي تلقي مخلفات الأقمشة دون الإستفادة منها أو إعادة إستخدامها، ما يؤدي إلى تراكمها والإضرار بالبيئة، لذلك، وللحد من التلوث الناجم عنها، بدأت عائشة دويكات من نابلس بتصميم الألعاب التربوية والحقائب النسائية والشالات وأكياس خاصة بالتسوق بدلاً من الأكياس البلاستيكية، بالإضافة لمنتجات منزلية كثيرة مثل المخدات ومعلقات الحائط والمنتجات المنزلية المختلفة المستوحاة من التراث الفلسطيني، لكن ما يميّز هذه التصميمات، أنها مُنتجة من بقايا أقمشة تراكمت أمام مشاغل الخياطة.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية

ألعاب تربوية صنعتها عائشة دويكات من مخلفات الأقمشة
كأي مصمم يهمه الحفاظ على الموروث الثقافي الفلسطيني، أرادت المصممة عائشة دويكات من نابلس خريجة الديكور الداخلي في جامعة النجاح الوطنية، أن تقدم لمسة خاصة بها عبر إبراز التراث الوطني بطريقة عصرية.
اذ بدأت تصميم المجوهرات من الفضة والتطريز على خشب الزيتون بالإضافة إلى الشالات والحقائب والمنتجات المنزلية المختلفة المستوحاة من التراث الفلسطيني، لكن ما يميّز هذه التصميمات، أنها مُنتجة من بقايا أقمشة تراكمت أمام مشاغل الخياطة.

ألعاب تربوية مبتكرة من مخلفات الأقمشة صنعتها عائشة دويكات
قطع تراثية من بقايا أقمشة!
بدأت دويكات بمشروع تصميم منتجات مختلفة باستخدام مخلفات الأقمشة التي يلقيها أصحاب محلات المفروشات وورش الخياطة، اذ تقول "هناك عشرات المشاغل التي تلقي مخلفات الأقمشة دون الإستفادة منها أو إعادة إستخدامها، ما يؤدي إلى تراكمها والإضرار بالبيئة، لذلك استعنتُ بها للحد من التلوث الناجم عنها".
تعتمد دويكات على 70% من مخلفات الأقمشة التي تسعى من خلال استخدامها لحماية البيئة والحفاظ عليها من ناحية، وإظهار التراث باضفاء لمسات فنية قديمة وعصرية تعبّر عن البيئة الثقافية الفلسطينية من ناحية أخرى.

ألعاب تعليمية صنعتها عائشة دويكات من مخلفات الأقمشة المتراكمة في مشاغل الخياطة بمدينة نابلس
الحفاظ على البيئة ليس دافع دويكات الوحيد وراء استخدام مخلفات الأقمشة في تصميم المنتجات فحسب، لكن بسبب تكلفتها القليلة مقارنة بغيرها، اذ تقول، "على الرغم من أن بقايا الأقمشة شبه مجانية، لكن أحياناً كثيرة أشتريها بالكيلو من المحلات ومشاغل الخياطة، وذلك يعتمد على نوعها، لكنها تبقى أقل كلفة من أقمشة التجار".
وتصمم دويكات منتجاتها بناءً على طلب الزبائن عبر المعارض المختلفة التي تنظمها وتشارك فيها بين الحين والآخر، فيما تطمح مستقبلا لبيع المؤسسات المختلفة وان يتوسع نطاق عملها بهدف تشجيع ودعم المنتج المحلي والحفاظ على البيئة.

المصممة عائشة دويكات بين مشغولاتها المنوعة والغنية التي صنعتها من بقايا أقمشة تكومت أمام مشاغل وورشات الخياطة في نابلس.
ألعاب تربوية صديقة للبيئة
شاركت دويكات في ورشة تدريبية في ذات الاختصاص، وترشحت بعدها لتكون المدرّبة لمشروع ألعاب تربوية من بقايا الأقمشة لطلاب المدارس والأطفال.
لكن عدم امتلاك دويكات الخبرة الكافية حول كيفية تصميم الألعاب من الأقمشة، وضعها أمام تحدٍ استطاعت ان تتخطاه بعد أن اطلعت على تجارب مصممين عبر مواقع الانترنت، وتمكنت من انتاج قطعٍ فنية هادفة بمساعدة سيدات من جنين اشتركن في المشروع نفسه، والذي بدأ منذ أربع سنوات لتحسين أوضاعهن المادية.

حقائب نسائية صنعتها عائشة دويكات من مخلفات الأقمشة
"التجربة لم تكن سهلة كونها الأولى في هذا المجال، باعتبار أنني كنت المصممة التي عليها أن توفر الأقمشة وتشرف على 12 سيدة، لكن هدفي كان انجاح المشروع الذي استمر لمدة عامين ونصف، ودعم سيدات عمِلن لتحسين أوضاعهن وقد استطعتُ تحقيق ذلك " تقول دويكات.
تعد هذه الألعاب التربوية وسائل تعليمية صديقة للبيئة لا تدخل فيها أي منتجات تضر الأطفال أو البيئة، منها ألعاب الأحرف في اللغة العربية والإنجليزية، بالإضافة إلى ألعاب الأقمشة الخاصة في مادة الرياضيات وتحديدا الجمع والطرح، وأيضا ألعاب خاصة بالأشكال الهندسية والطقس والتقويم وغيرها الكثير.

حقائب نسائية من مخلفات الأقمشة صنعتها عائشة دويكات
لم تكتفِ المصممة دويكات بالألعاب التربوية فحسب لكن اتجهت لتصميم الحقائب النسائية وأكياس خاصة بالتسوق بدلاً من الأكياس البلاستيكية، بالإضافة لمنتجات منزلية كثيرة مثل المخدات ومعلقات الحائط والإكسسوارات. وتستخدم دويكات مختلف أنواع الأقمشة مثل البوليستير والمخمل والجلد في تصميمها للمنتوجات.

معلقات الحائط أنتجتها عائشة دويكات من مخلفات الأقمشة
انعدام الوعي البيئي
ترى دويكات ان مجتمعنا ليس لديه وعي بيئي كافٍ، كما ويفتقر للمبادرات والمشاريع التي تدعم الحفاظ على البيئة، وانطلاقا من تجربتها، فتعتقد ان الأقلية هي التي تملك هذا الوعي، لذا تدعو الأفراد والمؤسسات والجهات المعنية إلى دعم أي فكرة من شأنها أن تناصر البيئة وتحميها حتى لو كانت بسيطة.

معلقة تراثية صنعتها عائشة دويكات من مخلفات الأقمشة
"أصحاب المشاغل وورش الخياطة ليس لديهم الوعي الكافي حول إمكانية إعادة استخدام الأقمشة، مضيفةً أن ثقافة إعادة التدوير واستخدام المخلفات هي ثقافة جديدة في مجتمعنا، أما إقليميا فهناك مبادرات بدأت تظهر في هذا المجال مثل لبنان والأردن والمغرب ومصر".
وتضيف دويكات، عادةً لا يكون لدى الزبائن معرفة حول ما الذي يمكن أن نصممه من بقايا الأقمشة، إلى ان يروا القطع المختلفة التي يتم تصميمها.
يذكر أن دويكات شاركت بعدة معارض نظمت مثل بازار القنصلية الأمريكية السنوي لدعم النساء الفلسطينيات، ومهرجان الروزنا السنوي في بيرزيت، كما شاركت في برنامج لليونيدو الهادف إلى تطوير الحرف والتراث في مدينتي بيت لحم ونابلس.
وقد حصل مشروع "عائشة ديزاين" على جائزة أفضل مشروع لعام 2015 الذي كان ممولاً من قبل مؤسسة "سبارك" وبنك فلسطين بالشراكة مع منتدى سيدات الأعمال.

منتجات منزلية كثيرة وإكسسورات صنعتها عائشة دويكات من مخلفات الأقمشة

وسادة صنعتها عائشة دويكات من مخلفات الأقمشة