أصبحت قضايا البيئة من العوامل المؤثرة في العلاقات الدولية، واستقرار المجتمعات المحلية، ولا شك أن مسؤولية المحافظة على البيئة مسؤولية جماعية لا تتعلق بدولة أومجموعة من الدول، وإنما تشترك فيها جميع الدول ويشترك فيها جميع البشر في مشارق الأرض ومغاربها، وهي من القضايا القليلة التي يكاد الناس يجمعون عليها، وتجمع الدول والمنظمات على أهمية العناية بها والاهتمام بتطوراتها.
والبيئة من العوامل التي لا يمكن إهمالها عند النظر إلى تاريخ البشرية، وتطور الحضارة وتقدم الإنسانية. فقد كانت، وما زالت من أهم العوامل المؤثرة في عطاء الإنسان وإنتاجيته، وفي رقي المجتمعات وتطورها،حيث تزود الإنسان بالأجواء المناسبة والمساعدة على بذل الجهد والعطاء، وتقدم له الموارد الأولية، التي يعتمد عليها في حياته من ماء وغذاء وملبس ومسكن، وأدوات يحتاج إليها في معيشته.
والملاحظ أن وضعية البيئة في المجتمعات القديمة، تختلف كثيرا عن بيئة المجتمعات الصناعية. حيث كان الإنسان البدائي جزءا من البيئة يؤثر ويتأثر بها مثل غيره من الكائنات، لم يكن لديه رصيد ثقافي متطور، ولا رصيد تقني متقدم يستطيع به السيطرة على عناصر البيئة المختلفة، ولهذا كانت عناصر البيئة تمثل ألغازا كثيرة لدى تلك المجتمعات.
وباختراع الآلات حدثت نقلة كبرى في حياة البشر على جميع الأصعدة، وقد كانت سلاحا ذا حدين فهي من جهة أفادت الناس كثيرا، ولكن لم يتخيل أن تلك الفوائد لها ثمن باهظ وتكاليف مضاعفة على الإنسان نفسه وعلى البيئة الطبيعية التي يعيش فيها، فقد كانت سببا لتلوث الماء والهواء والتربة وكانت سببا في انتشار الكثير من الأمراض المستعصية ووصلت أضرارها إلى حد الكوارث الجسيمة، فقد امتدت وتجاوزت الملوثات الحدود الجغرافية وامتدت على مساحات واسعة كالأمطار الحمضية والمواد المشعة، وتلوث الهواء بالغازات السامة... مما أدى إلى زيادة تعقد الآثار الضارة بالبيئة.
كلنا نحب الأرض (الكوكب السجادي/غايا عند الإغريق)، وكلنا نحب العيش في سلام وأمن وآمان، وكلنا يكره العيش في ترقب وتهديد...وكلنا نصبوا لحقيق النمو والازدهار والتقدم، لكن ليس على حساب من نحب، فالحفاظ على الأرض يجب أن يكون من ضمن أولوياتنا....السؤال الجوهري والذي يتبادر إلى أذهاننا جميعا: كيف لنا أن نعيش في كنف من نحب دون إلحاق الضرر به ودون إيذائه ؟؟؟؟
المسألة تتعلق بإيجاد توليفة ترضي الجميع، وتكون في نفس الوقت تخدم مصلحة الأرض. في هذا الإطار بدلت جهود عدة من طرف المختصين في مجال البيئة والعلوم المرتبطة بها، وقدمت العديد من الحلول والمقترحات، وكانت للطاقات المتجددة حصة الأسد ضمن هذه الحلول.
I. السياق العام للجهود الدولية :
تتمحور الجهود الدولية الرامية إلى التصدي لتغير المناخ حول اتفاقية
الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ United Nation Framework Convention on Climate Change ( يرمز لها UNFCCC) ،
وبروتوكول كيوتو الملحق بها الذي يحدد أهدافاً وجداول زمنية للحد من الانبعاثات في البلدان الصناعية.
وقد اتفقت البلدان على الاتفاقية في 9 ماي 1992، وبدأ نفـاذها في 21 مارس 1994. وكانت الحكومات تدرك حتى عندما اعتمدت الاتفاقية أن أحكامها لن تكون كافية للتصدي على نحو كاف لتغير المناخ، وبدأت جولة من المحادثات لمناقشة ووضع التزامات أقوى وأكثر تفصيلاً، كانت البداية في مؤتمر الأطراف الأول، الذي عقد في
برلين بألمانيا، في أوائل عام 1995 (برلين COP 1 )، ثم جنيف بسويسرا ( COP 2جنيف، سويسرا1996)، لنصل في عام 1997 إلى اتفاقية كيوتو للتغير المناخي(3 COP)....وهكذا توالت هذه المؤتمرات الأممية التي تنعقد سنويا لمتابعة تنفيذ
اتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي، وأيضا تنفيذ
اتفاقية كيوتو التي بدأت سريانها عام 2005، للإشارة فقط أن آخر مؤتمر كان في باريس السنة الماضية 2015، حيث ويعتبر هذا المؤتمر النسخة 24 من
مؤتمر الأطراف في
اتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي، وكذلك النسخة 11 من الدول الحاضرة في اجتماعات الأطراف
لاتفاقية كيوتو.
فقد كان محتوى المحادثات مؤتمر باريس هو تقليل انبعاثات
الغازات الدفيئة للحد من ارتفاع الإحترار العالمي، وأثناء مفاوضات مناخية اتفقت الدول على متابعة المبادرات المتخذة من قبلهم باتفاقية عالمية، بحلول 1 أكتوبر 2015. سُميت هذه الاتفاقية
بالاشتراكات المقررة على الصعيد الوطني. وهي تسعى للتقليل من الإحترار العالمي من درجة مقدرة بـ 4-5 درجات مئوية (بحلول 2100) حتى 2.7 درجة مئوية، وتقليل الانبعاثات لكل فرد بنسبة 9% بحلول 2030.
ومن المقرر أن يحل الاتفاق محل برتوكول كيوتو الذي سينتهي العمل به سنة 2020. كما سيتم توقيع الوثيقة في نيويورك بمقر الأمم المتحدة في 22 أبريل 2016 وسيدخل حيز التنفيذ بعد المصادقة عليه من قبل 55 دولة تطلع ما لا يقل عن 55% من الغازات الدفيئة.
· تنص الاتفاقية في ديباجتها وفي المادة 2 على أن هدفها النهائي هو تثبيت تركيزات غازات
الاحتباس الحراري في
الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون إلحاق ضرر بالنظام المناخي، وذلك خلال فترة زمنية كافية حتى يمكن للنظم البيئية أن تتوافق مع التغيرات المناخية بصورة طبيعية، بحيث لا ينجم عن ذلك تهديد للتطور الاقتصادي أو أضرار بإنتاج الغذاء أو مساس بالتنمية.
· اتفقت الأطراف في الاتفاقية على عدد من الالتزامات للتصدي لتغير المناخ. إذ يجب على جميع الأطراف أن تعد وبصفة دورية تقريراً يسمى "البلاغات الوطنية". وهذه البلاغات الوطنية يجب أن تحتوي على معلومات عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في ذلك الطرف وأن تصف الخطوات التي اتخذها وما يعتزم اتخاذه من خطوات لتنفيذ الاتفاقية.
· تقتضي الاتفاقية من جميع الأطراف تنفيذ برامج وتدابير وطنية للتحكم في انبعاثات غازات الانحباس الحراري والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ. واتفقت الأطراف أيضاً على تشجيع استحداث واستخدام تكنولوجيات لا تلحق ضرراً بالمناخ؛ والتثقيف والتوعية العامة بشأن تغير المناخ وتأثيراته؛ والإدارة المستدامة للغابات وغيرها من النظم الإيكولوجية التي يمكن أن تؤدي إلى إزالة غازات الاحتباس الحراري من الغلاف الجوي، والتعاون مع الأطراف الأخرى في هذه الأمور.
· تقع التزامات إضافية على عاتق البلدان الصناعية، التي تسمى أطراف المرفق الأول بموجب الاتفاقية. وهذه الأطراف اتفقت أصلاً على الاضطلاع بسياسات وتدابير بهدف محدد إعادة حجم انبعاثاتها من غازات
الاحتباس الحراري إلى المستويات التي كانت عليها في عام 1990 بحلول عام 2000. ويجب أيضاً على الأطراف المدرجة في المرفق الأول تقديم بلاغات وطنية أكثر تواتراً، ويجب أن تقدم على حدا تقارير سنوية عن انبعاثاتها الوطنية من غازات
الاحتباس الحراري.
· يجب أيضاً على البلدان المتقدمة الأغنى (التي تسمى الأطراف المدرجة في المرفق الثاني) بتشجيع وتيسير نقل التكنولوجيات غير الضارة بالمناخ إلى البلدان النامية وإلى البلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقال. ويجب أيضاً أن تقدم موارد مالية لمساعدة
البلدان النامية على تنفيذ التزاماتها عن طريق مرفق البيئة العالمية، الذي يمثل الآلية المالية للاتفاقية، عن طريق القنوات الثنائية أو القنوات الأخرى المتعددة الأطراف.
2) عيوب نص الاتفاقية الإطار الأممية:
يعاب على نص هذه الاتفاقية أنه جاء بصياغة عامة، تثبيت تركيزات غازات الدفيئة....عند مستوى...دون أن يحدد المستوى الذي يمنع الاخلالات الخطيرة للنظام المناخي لأن مستوى التركيزات غير محدد بوضوح، فالنص يشير فقط إلا أن هذا المستوى لا يجب أن يكون خطيرا مما يعني أن العلم لم يصل بعد إلى حقائق علمية عن المستوى الذي تشكل فيه هذه الغازات خطورة على المناخ، كما أن المادة لم تحدد المدة الزمنية الكافية لتثبيت تركيزات غازات الدفيئة في الجو.
يستخلص من نص المادة القبول الضمني للتغيرات المناخية كأمر لا بد منه إلى مستوى معين، يتيح للنظم الايكولوجية أن تتكيف بصورة طبيعية مع تغير المناخ، وأن تحقيق الهدف مرتبط صراحة بإمكانية المضي قدمًا في تحقيق التنمية الاقتصادية على نحوٍ مستدام.
ربما ذلك يعود إلى النهج الذي تم إعداد الاتفاقية على أساسه وهو النهج الإطاري، وهذا النهج متبع بصفة عامة في مجال البيئة كاتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط من التلوث في 1976، اتفاقية التلوث الجوي العابر للحدود لمسافات طويلة 1979، اتفاقية حماية طبقة الأزون سنة1985.
وتعني الاتفاقية الإطارية: {{وثيقة قانونية تعلن عن المبادئ التي تخدم أساس التعاون بين الدول الأطراف في مجال محدد، تاركة كلية تحديد طرق وتفاصيل هذا التعاون لاتفاقات مستقلة مع النص على مؤسسة أو مؤسسات ملائمة في هذا الشأن، إذا ما كان ثمة محل لذلك}}.
3) بروتوكول كيوتو من أجل تحسين في الالتزامات
يتقاسم
بروتوكول كيوتو لعام
1997 مع الاتفاقية هدفها النهائي المتمثل في تثبيت انبعاث غازات الاحتباس الحراري في
الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون حدوث تداخل خطير مع النظام المناخي. وسعياً إلى تحقيق هذا الهدف، يعزز
بروتوكول كيوتو ويحسن الكثير من الالتزامات الموجودة فعلاً بموجب الاتفاقية. فقد دخل هذا ال
بروتوكول حيز التنفيذ في
فبراير بعد 90 يوماً من توقيع روسيا عليه، وأهم ما جاء فيه مايلي:
· وجود أهداف ملزمة للبلدان المتقدمة: على الرغم من موافقة جميع الأطراف على زيادة المضي قدماً في تنفيذ التزاماتها القائمة بموجب الاتفاقية، أخذت الأطراف المدرجة في المرفق الأول فقط على عاتقها التزاماً بتحقيق أهداف جديدة لنظم البروتوكول. وقد وافقت هذه الأطراف، تحديداً، على أهداف ملزمة بشأن الانبعاثات خلال الفترة الزمنية الممتدة من عام
2008 حتى عام
2012.
· أدوات جديدة للحد من الانبعاثات: بمساعدة البلدان الصناعية في تحقيق أهدافها الملزمة، وتشجيعاً
للتنمية المستدامة في البلدان النامية، اعتمد بروتوكول كيوتو ثلاث آليات مبتكرةـ هي آلية
التنمية النظيفة، والتنفيذ المشترك، والاتجار بالانبعاثات.
· رصد الامتثال : دعماً لتنفيذ هذه الآليات، وتشجيعاً لامتثال الأطراف المدرجة في المرفق الأول للأهداف المتعلقة بالانبعاثات منها، عزز
بروتوكول كيوتو إجراءات الإبلاغ والاستعراض الخاصة بالاتفاقية وأوجد نظاماً لقواعد بيانات إلكترونية، تسمى "السجلات الوطنية"، لرصد المعاملات بموجب آلية كيوتو. وأنشأ أيضاً لجنة للامتثال، لديها سلطة تحديد وتطبيق عواقب عدم الامتثال.
II. السيناريوهات المقترحة دوليا:
إن قائمة قضايا البيئة طويلة، وذلك راجع كما نعلم إلى الأنشطة البشرية التي فرضت تغيرات فيزيائية وكيماوية على محيطنا، وتتصف بعض القضايا بأنها خطيرة وتحتاج إلى معالجة فورية، ويتصف بعضها الآخر بأنه خفي ولا تبدأ مخاطره بالظهور إلا بعد مدة طويلة. حينئذ يصبح السؤال: كيف علينا مواجهة المشكلات القائمة والمتوقعة الناجمة عن الأنشطة البشرية ؟
تتركز النقاشات هنا في نهجين مختلفين؛ الأول هو البحث عن الحل العلمي التقني لكل مشكلة، إما استجابة لأضرار حصلت فعلا أو درءاً لمشكلات يمكن أن تحصل. وفي النهج الآخر، ثمة اهتمام كبير حاليا بالكيمياء الخضراء لاستعمالها في الصيرورات الصناعية، أو ما يمكن تسميته بالنهج الأخضر.
إن كلا هذين النهجين يتطلب فكرا خلاقا ويمكن أن يحسن البيئة كثيرا بتقليصه للمفاعيل المباشرة التي نتسبب بها.
· السيناريو الأول: تخزين الكربون
من السيناريوهات المقترحة من أجل تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسبب لتغير المناخ هناك ما يعرف بتقنية تخزين الكربون كما يصورها الباحثون. يتم أولا فصل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من محطة طاقة كهربائية، أومن بعض العمليات الأخرى المستهلكة للوقود عن غازات الاحتراق المتدفقة في عادم أو مدخنة المنشأة؛ بعدئذ تخزن باستخدام إحدى الأفكار الأربعة المبينة في الشكل أسفله.
أفكار مقترحة لتخزين الكربون
حيث تشمل ثلاثة من الأفكار تخزينا جيولوجيا للغاز، بينما الفكرة الرابعة يستخدم المحيط العميق كوسط للتخزين. في الحالة الأخرى يتم استعمال الحوض المستنقذ ليخزن ثاني أكسيد الكربون داخله......فقد بدأ العمل بهذه التقنية بدعم من الوكالة الدولية للطاقة في كندا حيث يتم ضخ 5000طن باليوم من غاز ثاني أكسيد الكربون عبر الأنابيب من منشأة تحويل الفحم الحجري إلى غاز عبر الحدود في شمال داكوتا،وبعد إذن يحقن في حقل نفط مهجور في ويبورن...
· السيناريو الثاني:عملية لا كربنة
يقصد بعملية اللاكربنة " الخفض المتدرج في مقدار الكربون المستخدم لإنتاج مقدار معين من الطاقة "أي التحول من الوقود الذي يحوي ذرات كربون عالية إلى وقود يحوي ذرات كربون منخفضة أو خالية من ذرات الكربون.
· السيناريو الثالث: التكيف والتلطيف
تم اقتراح كل من التكيف، الذي من خلاله تتعلم البشرية ببساطة أن تتكيف مع المناخ العالمي المتغير، أما التلطف الذي يؤخذ من خلاله الإجراءات للحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
هناك جدال يقول أن الجنس البشري قابل للتكيف ويستطيع دائما تعلم كيفية العيش تحت ظروف جديدة إذا لم تكن قاسية. على الرغم من أن التكيف ليس بالإستراتيجية المفضلة عند معظم العلماء والمهندسين وراسمي السياسات.
ومن بين المؤيدين لهذا السيناريو نجد العالم الانجليزي جيمس لفلوك صاحب نظرية الطاقة الحاملة والذي يتناول في كتابه "وجه غايا المتلاشي"
*، التغيرات المناخية والإحترار العالمي، برؤية مختلفة يرى انه لا يمكن القضاء على الإحترار العالمي بالإمكانات الحالية، بل كل ما يمكننا فعله هو التقليل من تأثيره والتكيف للعيش في العالم الحار، فإصدارات غازات الدفيئة اقتربت من حدوده القصوى، والتقدم التقني ونمط المعيشة الاستهلاكي يجعلنا نصدر غازات أكثر، ومع أكثر من 7 مليارات من البشر وحيواناتهم الداجنة التي تصدر 23% من ثاني أوكسيد الكربون، فإن الحلول الحالية من الهندسة الجيولوجية غير قادرة على خفض الإصدارات.
عموما تطوير تقنيات المناسبة لهذه السيناريوهات هو في مرحلة جد مبكرة، لكن قد تكون إحدى الطرق لتمديد الاستعمال المستمر للوقود الاحفوري.
· السيناريو الرابع: الطاقات المتجددة صديقة البيئة
هو السيناريو الأكثر قبولا وتطبيقا لدى غالبية المختصين والمهتمين بشؤون البيئة؛ بحيث وجدوا فيها الحل الأمثل على جميع المستويات، كما أنها تتماشى والتوجهات العالمية نحو تحقيق تنمية مستدامة مع الحفاظ على الموارد الطبيعية لأجيال الغد، كما تتماشى والتوجهات الدولية نحو الاقتصاد الأخضر الذي يعتبر من النماذج التنموية وتهدف إلى معالجة العلاقة التبادلية ما بين الاقتصاديات الإنسانية والنظام البيئي.
فبعد العديد من الدراسات المتنوعة عمدت هيئة الأمم المتحدة إلى استخلاص الإطارات السياسية والتشريعية وآليات داعمة لهذا النهج الجديد، خاصة وأن المختبرات العلمية توصلت إلى تأكيد على أن النمو الاقتصادي وارتفاع المستوى المعيشي لا يحتمان بالضرورة ارتفاعا مماثلا في استهلاك الطاقة، حيث أظهرت التجربة الميدانية صحة ما توصلت إليه هذه المختبرات…..
رغم كل هذه المميزات والفوائد التي تمدنا بها هذه الطاقات بأنواعها، إلا أنها تصطدم بالعديد من العراقيل والحواجز من أهمها عراقيل تهم الجانب السياسي والتشريعات المنظمة لها، وكذلك الميزانيات المخصصة لها...في الحقيقة هذه العراقيل ممكن جدا تجاوزها، لكن المشكل الحقيقي يكمن في عوامل المناخ وكذلك البحث عن تقنية تتناسب مع هذا العامل، وهذا ما دفع بالعديد من الباحثين إلى العودة للطبيعة من جديد، من أجل الاستلهام منها وهو ما يعرف بعلم "محاكاة الطبيعة"، ففي الوقت الحالي يتعلم الباحثون من الطبيعة كيف تصلح نفسها، كما هو الحال عندما يقطع الشخص إصبعه خطأ أو ينكسر عود النبات. وهو ما أمكن تقليده في المعمل، فأمكن إصلاح ثقوب في أنسجة تصل إلى 5 ملليمترات باستخدام الوسيلة نفسها التي تستخدمها الطبيعة. ويمكن القول أن تقنيات البيوميمتك لن تبدل التقنية المتعارف عليها حالياً، لكنها ستكملها، وستفتح مجالات جديدة تماماً.
الهوامش :
- ألفين توفلر: تحول السلطة المعرفة والثورة والعنف في بداية القرن21.(ترجمة:حافظ جمالي ولأسعد صقر)الجزء الاول منشورات اتحاد كتاب العرب1991.
- روبرت إيفن: شحن مستقبلنا بالطاقة، ترجمة فيصل حردان، المنظمة العربية للترجمة الطبعة الاولى2011.
- إيان بليمر: السماء والأرض الاحتراز الكوني: العلم المفقود(ترجمة عبد الله مجير العمري)، مركز دراسات الوحدة العربية، 2012.
- إدوارد س. كايسيدي: مدخل إلى الطاقة (ترجمة صابح صديق دملوج)، توزيع مركز دراسات الوحدة العربية، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم وتقنية، 2007.
- آيت زيان كمال وأ. اليفي محمد: واقع وآفاق الطاقة المتجددة في الدول العربية (الطاقة الشمسية وسبل تشجيعها في الوطن العربي) ورقة مقدمة إلي المؤتمر العلمي الدولي الأول لكلية العلوم الاقتصادية والتسيير في جامعة فرحات،الجزائر.
- كريستوفروهل: الطاقةالعالميةنظرةمستقبلية،تقريرعنندوةأكسفوردللطاقة، مجلةالنفط والتعاونالعربي. العدد 131 السنة 2009.
- كما يمكن الاطلاع عن نبذةمختصرةعناتفاقالأممالمتحدةالإطاريةبشأنتغيرالمناخوبروتوكول كيوتو،الصادرة عن المعهدالدوليللتنميةالمستدامة على الموقع التالي:
http://www.iisd.ca/climate/COP20/enb
· Pollin, R, Wicks-Lin, J. and Garrett-Peltier H: Green Prosperity: How Clean-Energy Policies Can Fight Poverty and Raise Living Standards in the United States, ; Department of Economics and Political Economy Research Institute (PERI), University of Massachusetts, Amherst, USA. Prepared under commission from the Natural Resources Defense Council. and Green For All. http://www.greenbiz.com/sites/default/files/document/Green-Prosperity.pdf
· Turn Down The Heat: Why a 4° C Warmer World Must be Avoided, 2012, World Bank, Washington, DC, USA
· Climate Change 2013: The Physical Science Basis, International Panel on Climate Change
· World Energy Outlook 2012, International Energy Agency
MED-CSP 2005/ MED-CSP Study Team, Concentrating Solar Power for the Mediterranean Region, Study commissioned by the German Federal Ministry for the Environment, Nature Conservation and Nuclear Safety, Stuttgart 2005,:www.dlr.de/tt/med-csp-
· Intergovernmental Panel on Climate Change IPCC: http://www.ipcc.ch/publications_and_data
-
* غايا: في الأسطورة اليونانية هي ربة الأرض التي تزوجت أورانوس,وهي أيضا الإلهة التي جلبت النظام من الفوضى..
هذا الكتاب صادر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية في شهر مايو2012 بترجمة الدكتور سعد الدين خرفان،العدد388.