خاص بآفاق البيئة والتنمية
تمضي سبعة أيام في تدريب إعلامي لستين جامعيًا، تتنقل في التمارين بين الإعلام والاتصال الفعّال والعلاقات العامة، وتطوّع الأمثلة بمعظمها لقضايا بيئية، علها تدخل قلوب طلبتك، وتكون البداية في تشكيل وعيهم، وتشجعهم على الانحياز لشؤون بيئتنا.
للوهلة الأولى، تبدو المهمة شائقة، بالنسبة للمتدربين، الذين لم يسبق لهم أن تتبعوا هذه المساحة في حياتهم، ولكن بالتدريج تكتشف أنه بالإمكان فعل شيء، وتنفيذ مبادرات خضراء في محيط جامعتهم بطوباس، أو غرس أشجار في مدينتهم وما حولها، أو الخروج في يوم طويل للتعريف بعناصر تنوعنا الحيوي في أغوارها المسلوبة.
تنوع حيوي
لا يعرف الطلبة عدد الأقاليم النباتية الأربعة في فلسطين، ولم يسبق لهم أن توصلوا إلى عدد ولو تقريبي لما يمكن لبلادنا المصابة في حريتها أن تحتويه من تنوع حيوي فريد يفوق 2600 نبتة وأكثر من500 طائر.
بالعودة للأمثلة على إدماج البيئة في قضايا التدريب الإعلامي، تقدم مهادًا نظريًا لما يجعل الأخبار صالحة للنشر، وكجزء من تسليط الضوء على عنصر الصراع، توضح أمثلة ذات صلة بالمعركة الدائرة بين الإنسان وبيئته، ففيها يجري تدمير الأراضي الزراعية الخصبة، وتتم عملية الزحف الإسمنتي على حساب الأمن الغذائي المهدد، أو حتى يتم الاعتداء على الغابات وتحويل مجرى الأودية للبناء، وغيرها.
أول الأمر، تبدو البيئة كطارئ على أسماعهم، ورغم هذا فإن طرحها أمر مهم، فهو يحفّز الشاب أو الفتاة الذين يوشكون على التخرج على الإبحار فيها، والتعرف إلى ما تعانيه، ومحاولة فعل شيء ولو متواضع للانتصار لها.
سؤالان
في إحدى التمارين، توزع ورقة وتكتب سؤالًا: ما هي البيئة؟ ولماذا لا نهتم في قضاياها؟ في الإجابات الأولية، تأتي بعض الأوراق بيضاء إلا من السؤال واسم صاحبها. وفي إعادة السؤال مرة أخرى بعد تقريب المسألة، يتشجع الطلبة ويكتبون بلغتهم الخاصة ما يعرفون. تأتي الإجابات مثل لوحة متداخلة وحافلة بالمحاولات، وتدلل على الرغبة لفعل شيء من أجل البيئة.
كأمثلة على بعض الإجابات، تكتب سكينة سروجي:"لا نهتم بالبيئة؛ لأننا لا نمتلك القدرة والسيطرة على تغيير القضايا، لأسباب كثيرة أهمها الاحتلال. أما التحديات الأبرز في طوباس فهي الصقيع والآثار الناجمة عنه في الأغوار، والترحيل الذي يواجهه المواطنون في الأغوار من جيش الاحتلال."
وتسرد زميلاتها قائمة هموم أخرى تعترض طريق طوباس برأيهن: تلوث التربة، الضجيج، الازدحام السكاني، الزحف العمراني، عدم الاهتمام بتدوير النفايات، النفايات الصلبة ورميها العشوائي.
طوباس
لائحة
فيما تضع لينا العنبوسي لائحة تحديات بما تواجهه طوباس: نقص التوعية حول أهمية الثقافة البيئية، ونقص التمويل لمشاريع البيئة، والإهمال في قضايا البيئة، وغياب الخدمات اللازمة للاهتمام بالبيئة."
ويكتب فادي مطاوع: لا يهتم الطلبة وغيرهم بالبيئة؛ لأن المسؤولين عن التوعية لا يقومون بدورهم، ولا نجد من يحاسب من يدمر البيئة ويعتدي عليها.
ويرى أنس بني عودة أن الاهتمام بالشؤون الخاصة للناس يجعل البيئة غائبة؛ لأنها شأن عام. والتحدي الأكبر في طوباس عدم وجود شبكة للصرف الصحي فيها.
وتقول نوال الخراز: "البيئة هي روح الإنسان، وهي ما يؤثر على حياته وطبيعة معيشته."
وتؤكد وعد بشارات أن النفايات هي التحدي الذي يمس كل طوباس، ولو وجدت التوعية لتغيرت سلوكيات غالبية الناس.
والشيء ذاته تقريباً تكرر في إجابة علاء صوافطة وفاطمة أبو ريحان، فطوباس ونفاياتها العشوائية، وصرفها الصحي الغائب هما أبرز التحديات.
وتقول سهير بشارات: لا يهتم شبان الجامعة وغيرهم بالبيئة؛ لقلة الوعي بها، ولعدم التربية البيئية في المنزل، ولنقص حملات التوعية.
اتفاق
قبل نهاية التمرين، يقترح كاتب هذه السطور تنظيم مسار بيئي ينطلق مطلع آذار من قلب الأغوار نحو أعالي بيت لحم، وفيه سيلتقط المشاركون التحديات البيئية التي يصنعها الاحتلال وتنتجها ممارسات أيدينا، وسيتتبعون التنوع الحيوي لفلسطين بأزهاره الساحرة، وبطيوره التي تعطي دروساً في الشموخ والحرية، بحيث يتفاعل المتدربون مع المقترح، ويجمعون عليه، ويتحمسون لتنفيذه ويتتبعون تباعاً من خلاله أهم قضايا بيئتهم.
aabdkh@yahoo.com