خاص بآفاق البيئة والتنمية
تدحرجت كرة نار الاحتلال الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية، فطال لهيبها مخيم جنين وأربعة أحياء في المدينة، وطولكرم ومخيميها "نور شمس وطولكرم"، والفارعة، إضافة إلى بلدة طمون في محافظة طوباس والأغوار الشمالية. وتسبّب العدوان غير المسبوق والطويل في نزوح 20 ألف فلسطيني من مخيم جنين وحي الهدف، ومثلهما في مخيمي نور شمس وطولكرم، فيما انهالت جرافات الاحتلال الثقيلة والقنابل على بيوت المواطنين وطرقاتهم ومتاجرهم ومركباتهم والبنية التحتية عمومًا. كما نزح نحو 3500 قسرًا لعدة أيام عن مخيم الفارعة، وعادوا ليجدوا الدمار الواسع قد حلَّ بمخيمهم. تبحث "آفاق البيئة والتنمية" في تبعات العدوان المتواصل على مخيمات شمال الضفة الغربية، وترصد انعكاساته الإنسانية، وتراقب حجم الخراب الكبير الذي لم يتوقف.
|
 |
الاحتلال الإسرائيلي دمر البنية التحتية في الحي الشرقي بمدينة جنين تدميرا شاملا |
تدحرجت كرة نار الاحتلال الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية، فطال لهيبها مخيم جنين وأربعة أحياء في المدينة، وطولكرم ومخيميها "نور شمس وطولكرم"، والفارعة، إضافة إلى بلدة طمون في محافظة طوباس والأغوار الشمالية.
وتسبّب العدوان غير المسبوق والطويل في نزوح 20 ألف فلسطيني من مخيم جنين وحي الهدف، ومثلهم في مخيميّ نور شمس وطولكرم. فيما انهالت جرافات الاحتلال الثقيلة والقنابل على بيوت المواطنين وطرقاتهم ومتاجرهم ومركباتهم والبنية التحتية عمومًا.
كما نزح نحو 3500 قسرًا لعدة أيام عن مخيم الفارعة، وعادوا ليجدوا الدمار الواسع قد حلَّ بمخيمهم.
تبحث "آفاق البيئة والتنمية" في تبعات العدوان المتواصل على مخيمات شمال الضفة الغربية، وترصد انعكاساته الإنسانية، وتراقب حجم الخراب الكبير الذي لم يتوقف.
 |
 |
الدمار والخراب أصبح المظهر الرئيسي في جميع أنحاء مخيم جنين |
بصمات التدمير الإسرائيلي بارزة في مختلف أنحاء مدينة جنين |
"زلزال" يضرب مخيم جنين
تقول فرحة أبو الهيجاء، عضو اللجنة الشعبية للخدمات في مخيم جنين، أنه من الصعب تقدير العدد الدقيق للبيوت المدمرة جزئيًا أو كليًا داخل المخيم؛ بسبب غياب التوثيق والحصر للمباني التي دمرها الاحتلال.
لكن بعض الأرقام بحسب أبو الهيجاء، تشير إلى أن عدد البيوت المدمرة، حتى اليوم الثامن والعشرين للعدوان، يراوح بين (120 و 150) منزلاً.

فرحة ابو الهيجاء عضو اللجنة الشعبية للخدمات في مخيم جنين
وأضافت أبو الهيجاء: "التدمير طالَ كل شيء، وكأن زلزالًا ضربَ المخيم، فقد استهدفَ الاحتلال الشوارع وشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، ولم يتكرر ما حدث حتى في اجتياح 2002، فيما عمد المقتحمون إلى تهويد أسماء طرقات المخيم".
وأكدت أن نحو 17 ألفًا من أهالي المخيم أُخرجوا الى بلدات مجاورة، أو توزعوا على أحياء المدينة، أو طرقوا أبواب أقاربهم، مبدية قلقها مما سيحدث بعد انتهاء العدوان، وخصوصاً مصير مئات العائلات التي خسرت بيوتها.
واستنكرت محاولات وخطط نقل النازحين إلى مدارس باعتبارها مراكز إيواء، كونها غير مهيأة وغير إنسانية، حسب رأيها.
وتنشط أبو الهيجاء في جمعية "كي لا ننسى"، التي تنضم لهيئتها الإدارية في برامج تفريغ نفسي للأطفال النازحين، وتحاول إخراجهم من محنتهم، وتدرس إمكانية إطلاق "برنامج التعليم الشعبي" للتعويض عن تدني تحصيلهم على مدار أـشهر.

محمد جرار رئيس بلدية جنين
جيش فقراء في جنين
من جانبه، أيّد رئيس بلدية جنين محمد جرار، أبو الهيجاء، بخصوص صعوبة حصر أضرار العدوان الواسع والمستمر للأسبوع الخامس على المدينة ومخيمها (حتى 18 شباط/ فبراير 2025)، لا سيما أنه لم ينتهِ بعد، وما من مؤشرات على توقفه في القريب.
وذكر أن المدينة أُصيبت بـ "الشلل الكامل" بعد توقف الأعمال الخاصة والتجارية والحكومية، ما أثقل كاهل المجلس البلدي إلى حد كبير.
ويزيد بالقول: "جنين أصبحت تعاني على كل الصعد، وقد تشكّل فيها "جيش جديد من الفقراء"، خاصة الذين كانوا يعتمدون على عمل المياومة في التقاط أرزاقهم".
ووفق جرار، فإن عدم وجود تدخل حقيقي لإسعاف المواطنين، "معناه أننا سنشهد كارثة إنسانية ضخمة جدًا".
دمار شامل في مخيم جنين، جملة يفصّلها هنا: "أتى الدمار على البنية التحتية من طرقات وشبكات مياه وصرف صحي، كما أن ثلاثة أحياء في المدينة وهي الهدف، وخلة الصوحة، وجبل أبو ضهير كانت عرضة للتدمير، عدا عن الاجتياح الواسع للحي الشرقي، الذي يوازي المخيم من ناحية المساحة والسكان، وفيه دُمرّت البنية التحتية تماماً".
والمفارقة، كما يخبرنا جرار، أن البلدية وجهات الاختصاص الحكومية فرغت قبل فترة وجيزة من ترميم الحي الشرقي الذي أعيد تدمير بنيته التحتية كاملة.
10 ملايين شيقل، مقدار ما كلّفه ترميم الحي الشرقي، لكن الاحتلال دمره مرة أخرى في غضون ساعات، وبعد وقت قصير من إنجازه، يواصل حديثه.
واصفاً حال المدينة ومخيمها بـ"المرير"، مع تدمير الخطوط الناقلة للمياه، علماً أن ثلاثة أحياء لم تتمكن الطواقم الفنية من إيصال المياه إليها.
 |
 |
تدمير إسرائيلي شامل لمخيم طولكرم |
تدمير إسرائيلي شامل لمخيم نور شمس وإذلال الأهالي |
شبكات المياه في عين العدوان
وبحسب حديث رئيس بلدية جنين لمراسل "آفاق"، فإن حجم التدمير في شبكات المياه وصل إلى أكثر من 50% من أحياء المدينة بعد تدمير الحي الشرقي.
وأكد أن الإغلاق اليومي يكبّد جنين خسائر تتفاوت من (13 إلى 15 مليون شيقل)، فيما تتضاعف أيام السبت والأحد، بينما بلغت خسائر البلدية غير المباشرة بعد 27 يومًا من العدوان نحو 100 مليون دولار.
وحذّر جرار من كارثة إنسانية مقبلة على جنين، خاصة مع استمرار توقف عجلة الاقتصاد والمصانع وإغلاق المتاجر، وانقطاع العمال عن مصادر رزقهم.
واستنادًا إلى رئيس البلدية فإن لقاءً جمعه رفقة رئيس الغرفة التجارية، عمار أبو بكر بمنسق ما تسمى "الإدارة المدنية"، بعد حصولهما على موافقة المستوى السياسي، وفيه أشار مسؤول الاحتلال إلى أن مخيم جنين سيصبح أحد أحياء المدينة. وقبل أن أسأله عن موقفهم، استرسل قائلاً: "رفضنا قطعاً التعاطي مع هذا الطرح، وعلمنا أنه لا آفاق واضحة لإنهاء العدوان الذي يرتبط بقرار سياسي، كما أعلن وزير جيش الاحتلال عند اقتحامه المخيم أول أيام العدوان ".
وأردف حديثه بالقول: "طلب الاحتلال منا ترميم بعض المناطق، فرفضنا ذلك مع استمرار العدوان، وشدّدنا على أننا نتلّقى تعليماتنا من مرجعياتنا الفلسطينية، ولا نمتثل لقرارات قوات الاحتلال".

وزير الجيش الإسرائيلي يقتحم مخيم جنين
جدير بالذكر أن البلدية أوقفت برامجها الاعتيادية، وتعمل فقط على إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي، وتقود عملية إغاثة النازحين، كما أن إيراداتها توقفت منذ ثلاثة أشهر، ونفدت قِطع الغيار من مستودعاتها جراء الإصلاح المتكرر لآثار العدوان.
ومقابل ذلك، زادت نفقات المجلس البلدي، وإذ ما استمر الحال على المنوال نفسه، ستضطر البلدية إلى إعلان إفلاسها، إذا لم يدعمها تدخل حكومي حقيقي، وفق كلامه.
واستبق جرار حلول الصيف، بإطلاق نداء استغاثه لتشغيل البئر الجديدة للبلدية، بتكلفة 800 ألف دولار؛ لأن عدم تشغيلها يعني أن المدينة ستعاني عطشًا شديدًا في الصيف، خاصة أن الموسم المطري ضعيف حتى الآن.

المهندس أحمد القسام رئيس لجنة الطوارئ المركزية في محافظة جنين
احتياجات إنسانية كبيرة
بدوره، أفاد المهندس أحمد القسّام، رئيس لجنة الطوارئ المركزية في محافظة جنين، أن احتياجات النازحين كثيرة ومتجددة، وتتعلق بمتطلبات الحياة اليومية، حيث هناك 20 ألف نازح أُجبروا على ترك المخيم وحي الهدف، وبدأوا البحث عن شقق وأماكن بديلة، وهي في الغالب غير مفروشة، وتتطلب مقتنيات عدة.
دور لجنة الطوارئ، عبر وزارة التنمية الاجتماعية والمجالس البلدية، يتمثل في الإشراف على توزيع يتفاوت من 60 إلى 70% من المساعدات الإغاثية، وهناك مساعدات تصل عبر جمعيات أو أفراد، لكن يغيب عن معظمها التنظيم الدقيق، وقد يتكرر حصول بعض النازحين على مساعدات أكثر من مرة، بينما يحرم بعضٌ آخر منها، والكلام للقسام.
ولا تتوفر إحصاءات دقيقة عن البيوت المدمرة، بعد 27 يومًا من العدوان، وذلك لعدم القدرة على الوصول إلى المخيم، تبعاً لقوله.
واللجنة حسب رئيسها، بحاجة إلى كميات وافرة من المساعدات الغذائية، والأغطية، ووسائل التدفئة، ومستلزمات الحياة اليومية للأطفال وكبار السن، "ففي بلدة برقين وحدها هناك نحو 900 أسرة نازحة".

د. وسام بكر مدير مستشفى جنين الحكومي
مستشفى مستهدف
يقول د. وسام بكر مدير مستشفى جنين الحكومي، إن الاجتياح طويل المدة ألقى بظلاله على المستشفى، حيث أُغلق 24 ساعة وحوصرت مداخله في الأيام الأولى، مما أعاق وصول الطواقم الطبية ومركبات الإسعاف والمرضى.
ويتعمد الاحتلال تدمير شبكات المياه والكهرباء والاتصالات التي تغذّى المستشفى، ما اضطره إلى الاستعانة بصهاريج المياه وتشغيل المولدات الكهربائية، وقد استحدث خزانات مياه كبيرة في الاجتياحات المتكررة، كما يذكر بكر.
وأكد أن أعدادًا كبيرة من النازحين يصلون إلى المستشفى المجاور للمخيم، ما يستدعي توفير احتياجاتهم الطارئة، وفي حال طال أمد الاجتياحات فإن ذلك يثقل كاهل المستشفى.
ووفق بكر، يصل المرضى، وخاصة غسيل الكلى، والعمليات الطارئة، وحالات الولادة، والأورام، بصعوبة بالغة، بسبب موقع المستشفى المجاور للمخيم، وتدمير الطرق المحيطة، فيما تتوقف العيادات الخارجية والعمليات المبرمجة، وتتفاقم معاناة المرضى، معرباً عن قلقه مما ستشهده الفترة التي تعقب الاجتياح من "اختناقٍ" في أعداد المنتظرين للعلاج.
ولا يسلم المستشفى من التأثر بإطلاق النار المباشر وغير المباشر، والتفجيرات المتكررة، التي تسبّبت في تحطم كثير من النوافذ وخزانات المياه والأسقف، كما أن إطلاق الغاز المسيل للدموع وصل في مرات سابقة إلى داخل المستشفى، وأثرَّ على المرضى، يضيف بكر.
 |
 |
تفجيرات إسرائيلية في مخيم جنين |
جرافات التوحش الإسرائيلي في مخيم جنين |
ركام ومياه عادمة
من موقعها، ذكرت لمى جراد مديرة مكتب سلطة جودة البيئة في جنين، أن عمليات التجريف المتواصلة منذ نحو شهر في بعض أحياء جنين ومخيمها، تتسبب في تراكم كميات هائلة من الركام والأنقاض، التي يصعب التعامل معها.
وتنبّه جراد أن إعادة تدمير شبكات المياه والصرف الصحي تتسبب في انسياب المياه العادمة بكميات كبيرة في الشوارع لفترات طويلة، كما تختلط مع مياه الأمطار، وتواصل جريانها وانسيابها نحو الأراضي الزراعية في أراضي مرج ابن عامر. وتواصل تحذيرها: "ستهدد المياه العادمة حتمًا سلامة المحاصيل والتربة والمياه إذا لم يتعامل معها المختصون على نحو سليم وآمن، ما قد يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية"، لافتة إلى أن اختلاط المياه وجريانها المستمر في الطرقات يتسبّب في تلوث الهواء وانتشار الأمراض، ويخلق مصاعب عدة أمام المواطنين.
ومن تبعات الاجتياح الواسع، وفقاً لحديثها، تسبّبه في تراكم النفايات الصلبة، وتراجع خدمة جمع ونقل النفايات، خاصة في الأسبوع الأول من العدوان.
وأكدت أن عمليات التدمير أدت لـــ "مكرهة صحية لن تتضح معالماً قريباً"، لكن لها آثارها طويلة الأمد، خاصة تلوث المياه والتربة.
وقالت مديرة مكتب سلطة جودة البيئة، إن الاجتياحات تترافق مع استخدام كميات كبيرة من القذائف والذخيرة والقنابل الحارقة، ما يعني انبعاثات ضارة وتلويث للهواء والتربة، والمسّ بطبقة الأوزون.
هذا، ويعرقل الاجتياح عمل الطواقم البيئية المعتاد، ويفضي إلى تراجع متابعة الشكاوى، ومن جهة ثانية، يستغل الاحتلال الأوضاع الراهنة لتهريب نفايات المستعمرات الخطرة إلى أراضي المحافظة والمحافظات الأخرى.
 |
 |
جنين تحت القصف الإسرائيلي |
دمار مئات المحلات التجارية والمنازل في جنين |
شمال غزة جديد
من جانبه، يقول نهاد الشاويش رئيس اللجنة الشعبية للخدمات في مخيم نور شمس، إن الوضع في نور شمس ومخيم طولكرم صعب جدًا، بعد نزوح 20 ألفًا منهما، ومع تواجد عدد كبير من المواطنين داخل نور شمس.
وأضاف أن العدوان الحالي مختلف عن سابقه، إذ يتركز العمل على توفير الاحتياجات الأساسية لنحو 20 ألف نازح، توزعوا على عدة بلدات في المحافظة، ومراكز إيواء، وجمعيات في المدينة.
وشبّه الشاويش ما حدث في المخيمين بـ"شمال غزة جديد"، فقد دمّر الاحتلال المرافق كافة، واستهدف البيوت والمتاجر والمركبات، وأجبر المواطنين على النزوح، ما ينذر بكارثة إنسانية تقابلها احتياجات يومية لا تتوقف.

مخيم نور شمس تحت القصف
وأفاد أن تباعد مراكز الإيواء واحتياجاتها الكثيرة، يتطلب جهداً مضنياً وموازنات كبيرة، يقابله حجم احتياجات متزايد وإمكانات دون الصفر، ما يخلق عجزًا هائلاً.
وأشار إلى أن "اليوم التالي للعدوان على المخيمات" سيقود لأوضاع معقدة، يتعذّر معها العودة إلى المخيم، جراء الدمار الهائل وانعدام مقومات الحياة.

ماكنة التدمير الإسرائيلية في طولكرم
"بالون اختبار"
يرى الشاويش أن هدف الاحتلال من التدمير المتلاحق للمخيمات، هو طمس المخيمات وتحويلها إلى أحياء للمدن، أو حتى إلى "ملاعب كرة سلة"، وإنهاء وجودها، مستغلًا الوضع العربي والدولي، واصفاً ما يحدث أنه "يفوق ما حدث في النكبة والنكسة معًا".
وتطرَّق إلى ارتفاع ملحوظ طرأ على أسعار الشقق والملابس، بعد النزوح بوقت قصير، منبهاً لنقطة مهمة: "كان التكافل الاجتماعي والتضامن المحلي حاضرًا في الأيام الأولى، لكن من الصعوبة بمكان أن يستمر بالزخم نفسه، إذا ما طالت الأزمة، الأمر الذي يتطلب حلولاً جذرية وخطة حكومية عاجلة".
ومما يثير مخاوفه، أن نجاح الاحتلال في مخططاته في مخيمات شمال الضفة، يعني تعميم الأنموذج على سائر المخيمات، ومن ثم ينتقل إلى البلدات المحاذية للمستوطنات.
وحسب تعبيره، فإن ما يحدث هو "بالون اختبار" لقياس ردة الفعل المحلية والعربية والدولية، معقباً: "إذا ما نجح الاحتلال في تغيير الواقع الديموغرافي وتدمير المخيمات سينتقل إلى مربعات أخرى".

د. رياض عوض رئيس بلدية طولكرم
طولكرم: 5 كيلو مترات دمار
انتقلنا إلى د. رياض عوض، رئيس بلدية طولكرم، الذي عدَّ الاجتياح المستمر منذ 20 يومًا (وقت إجراء المقابلة) غير مسبوق ومختلفًا عن الاجتياحات الماضية، فقد شمل مخيمي نور شمس وطولكرم، وأجزاء واسعة من المدينة لأول مرة.
وقال د. عوض: "طال التدمير عددًا كبيرًا من المنازل والمتاجر، وبما يصعب حصره أو صيانته مع استمرار العدوان، وقد امتد لشبكة المياه والصرف الصحي والطرق، قرابة 5 كيلو مترات منها في أحياء المدينة وحدها، ونجم عنه تدمير خط المياه الرئيس المغذي لأحياء المدينة، وشبكة الصرف الصحي فيها".
وعن دور البلدية، أكد أنها بالكاد استطاعت إصلاح بعض أضرار شبكة المياه في المناطق المتاخمة للمخيمين، بعد التنسيق مع هيئة الشؤون المدنية.
وذكر أن نحو 20 ألف مواطن أُجبروا على النزوح من مخيمي "نور شمس" وطولكرم"، لجأوا لمساكن أقاربهم ولمساجد ومدارس وقاعات مجتمعية، وقد تشكلت لجنة "الكرامة لإغاثة النازحين" برئاسة المحافظة من عدة مؤسسات لتوفير احتياجات النازحين، الذين توزعوا على عدة تجمعات.
ووفق عوض، فإن اجتياحات طولكرم ومخيماتها بدأت في تموز 2023، وتسبّبت أعمال الإصلاح المتكررة في استنزاف البلدية واستهلاك معداتها، ما كبدّها خسائر فادحة، كونها المزوّد الرئيس للمياه والكهرباء، وسط تراجع مداخيل البلدية إلى أكثر من 40%.

ليلى سعيد عضو اللجنة الشعبية للخدمات في مخيم الفارعة
"الفارعة" خسائر خيالية
كالمتحدثين السابقين، أكد عاصم منصور رئيس اللجنة الشعبية للخدمات في مخيم الفارعة، صعوبة إحصاء الخسائر الناجمة عن الحصار والهجوم العنيف الذي استمر 11 يومًا، إذ دمّر جيش الاحتلال البنية التحتية والطرق فيه، وحوّل حياه المواطنين إلى جحيم.
وأفاد أن العدوان الحالي على المخيم كان الخامس عشر، في غضون عام ونصف العام، "لكنه الأقسى والأطول والأكثر تدميرًا".
ومن واقع اطلاعه، يقول إن جيش الاحتلال أجبر عائلات عدة على إخلاء منازلها لتفجيرها، أو لاستخدامها "ثكنات عسكرية"، كما هدم خمسة منازل هدماً كلياً.
كما دمَّر بواسطة جرافات (D10)، منازل وممتلكات خاصة ومركبات، وهدمَ أجزاء من مقر اللجنة الشعبية للخدمات، ومقهى.
ويقدّر منصور الخسائر الأولية في البنية التحتية وحدها 350 ألف شيقل، من جراء التدمير العميق للشوارع، والوصول إلى أنابيب المياه والصرف الصحي، وتخريب الناقل المغذي للمياه بطول نحو 200 متر.
بينما ذكرت ليلى سعيد، عضو اللجنة الشعبية للخدمات في المخيم، أن الاحتلال اقتحم نحو 80% من منازل المواطنين وحطّم محتويات عديد منها، وصادرَ أجهزة ومقتنيات.
وشبّهت ما حدث بـ"كارثة" طالت الممتلكات العامة والخاصة على حد سواء، وحسب تقييمها "الخسائر كانت خيالية"، وقد استغرقت الطواقم وقتًا لإعادة ربط شبكات المياه والصرف الصحي.
والصادم هذه المرة، وفق ليلى سعيد، أن الاحتلال أجبر 3500 مواطن في العدوان الأخير على النزوح من بيوتهم، وهو ما أعاد إلى الأذهان مشاهد النكبة القاسية.