قرار رسمي للزراعة بمنع القطف المبكر للزيتون لتجنب خسارة بملايين الدولارات، ووعود بموسم مضاعف
يبدأ عددٌ من المزارعين، في العديد من مناطق الضفة الغربية، بقطف ثمار الزيتون قبل موعد موسم الجني، وقبيل سقوط "أمطار الزيتون"، والتي تكون بمثابة الإعلان عن بدء الموسم، وذلك لأسباب عديدة قد يكون أهمها استفادة العمال في المستوطنات أو داخل فلسطين المحتلة (أراضي الـ48) لعطلة الأعياد اليهودية في هذه الفترة، والتي تبدأ أواخر شهر أيلول وبداية شهر تشرين الأول. وليس موضوع العمل في إسرائيل أو المستوطنات السبب الوحيد في القطف المبكر، إنما تجنب سرقة ثمار الزيتون، وهي ظاهرة انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يأتي على حساب نضج الزيتون. ويتوقف نجاح جني ثمار الزيتون على اختيار الوقت المناسب والملائم لنضج الثمار والذي يؤثر ايجابيا في كمية ونوعية الانتاج. ويتم تحديد موعد قطف الزيتون، بناءً على معطيات عديدة، أهمها: موعد عقد الأزهار، ونضج الثمار، ومقدار حمل الشجرة، إضافة إلى الظروف الجوية التي تمر خلال فترة نضج الثمار.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
 |
القطاف الأسري للزيتون |
يبدأ عددٌ من المزارعين بقطف ثمار الزيتون قبل موعد موسم الجني، وقبيل سقوط "أمطار الزيتون"، والتي تكون بمثابة الإعلان عن بدء الموسم، وذلك لأسباب عديدة قد يكون أهمها استفادة العمال في المستوطنات أو داخل فلسطين المحتلة (أراضي الـ48) لعطلة الأعياد اليهودية في هذه الفترة، والتي تبدأ أواخر شهر أيلول وبداية شهر تشرين الأول.
مؤخراً، أعلنت وزارة الزراعة الفلسطينية أن موعد قطف موسم الزيتون لهذا العام 2019/2020، هو يوم الثلاثاء الموافق 15/10/2019، مع السماح لمدراء الزراعة في المحافظات تأخير القطف حسب المصلحة العامة، وعدم السماح بتشغيل معاصر الزيتون قبل تاريخ 10/10/2019 ومن يخالف القرار؛ يضع نفسه تحت طائلة المسؤولية.
المواطن عدنان نعيم من سلفيت وهو عامل داخل أراضي الـ48، ولديه ثلاثة دونمات مزروعة بالزيتون. يقول "نستغل الأعياد اليهودية الطويلة التي تبدأ أواخر شهر أيلول، لجني ثمار الزيتون بغض النظر عن الفترة التي تحددها وزارة الزراعة لذلك".
وليس موضوع العمل في إسرائيل أو المستوطنات السبب الوحيد في القطف المبكر وفق نعيم، إنما تجنب سرقة ثمار الزيتون، وهي ظاهرة انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يأتي على حساب نضج الزيتون.
ويضيف نعيم: "في العديد من الأوقات ننتهي من القطف قبل أن تفتح المعاصر أبوابها لاستقبال المزارعين، وأضطر لخزن الزيتون لفترة من الوقت في الأكياس، لكن الأمر الايجابي أني أعصره قبل ازدحام الناس على المعاصر".

تحضير مستلزمات قطاف الزيتون
الوقت المناسب للقطف هو نجاح موسم الزيت
ويتوقف نجاح جني ثمار الزيتون على اختيار الوقت المناسب والملائم لنضج الثمار والذي يؤثر ايجابيا في كمية ونوعية الانتاج.
"نخسر نسبة معينة من الانتاج أفضل من أن نخسره جميعه بسبب حرامية الزيتون"، مشيرا إلى أن عمليات سرقة الزيتون تحدثُ للأسف" يقول نعيم.
ويوضح أن عمله في أراضي الـ48 يجبره على القطف المبكر، لأن كل يوم لا يذهب فيه إلى العمل هو عبارة عن خسارة، ولا يستطيع أن يصرف على العائلة، خاصة أن عمله في الداخل هو ما يتكل عليه لكسب قوت يومه فقط، متابعاً: "في حال قررت انتظار الموسم من سيقوم بجني محصولي؟ .. أطفالي لا يستطيعون ذلك لوحدهم بطبيعة الأمر، وإن فكرت بتضمينه فسأخسر نصفه، وبالتالي يكون جنيه مبكراً أفضل أحيانا".
وفي سياق ظاهرة سرقة ثمار الزيتون، طالب المواطن ضياء وليد وزارة الزراعة بإصدار قرار بمنع أصحاب المحلات شراء ثمار الزيتون من الناس قبل موعدها، لأن هذه العملية هي ما يشجّع سرقة محصول الزيتون قبل أن يقطفه أصحابه.
كما طالب بضرورة التشديد على المعاصر، ومخالفة تلك التي لا تلتزم بقرار الوزارة من أجل ان يضطر المزارعون للانتظار لوقت القطف المناسب.
وأجرت وزارة الزراعة تجربةً لعصر كمية من الزيتون في إحدى قرى محافظة طولكرم، وتبيّن أن محصول الزيتون لم ينضج بعدُ للعصر، حيث أن كل 10 كيلو غرام من الزيتون أنتج كيلو واحد من الزيت فقط، وهذه خسارة فادحة.
ويتم تحديد موعد قطف الزيتون، بناءً على معطيات عديدة، أهمها: موعد عقد الأزهار، ونضج الثمار، ومقدار حمل الشجرة، كلما كان حملها أكبر تحتاج إلى فترة نضج أكبر، إضافة إلى الظروف الجوية التي تمر خلال فترة نضج الثمار، فمناطق الشمال الأكثر دفئا تنضج الثمار أبكر من المناطق الأخرى، ونوع شجرة الزيتون له تأثير أيضاً.

تراث قطاف الزيتون متجذر عميقا في التاريخ الفلسطيني
خسارة بالملايين بسبب القطف المبكر
ويشير مدير زراعة سلفيت المهندس إبراهيم الحمد الى أن الثمار تحتاج الى 180 يوما على الأقل من وقت عقد الأزهار حتى تنضج، وهذا العام تأخر عقدها وكان في الثُلث الأخير من شهر نيسان تقريبا، ما يوجب تأخير موعد قطف الثمار لأن النضج يبدأ في هذا الثلث من شهر تشرين أول.
وقال الحمد إن القطف المبكر للزيتون قبل موعد النضج يؤدي إلى خسارة قد تصل إلى نحو 70 مليون شيقل بسبب وجود متبقيات من زيت الزيتون في "الجفت" وتقدر بحوالي 3000 طن على مستوى الوطن.
وتبلغ خسارة الاقتصاد الوطني سنويا بتبكير قطف الزيتون 2500 طن زيت، أي حوالي 18 مليون دولار.
ورغم أن كمية الزيت تتوقف في الثمرة منذ بداية شهر تشرين أول ولا تزيد مع مرور الزمن عليها، إلا أن للقطف المبكر مساوئُ كثيرة.
ومن المهم الإشارة إلى أن عدد أشجار الزيتون في فلسطين يبلغ قرابة 12 مليون شجرة، 9 ملايين شجرة منها مثمر والباقي غير مثمر. وقدرت وزارة الزراعة بأن الموسم الجديد سيكون إنتاجه غزيراً للزيت والزيتون، وقد يصل إلى حوالي 25 - 30 ألف طن زيت، أي حوالي ضعف إنتاج السنة الماضية الذي قدر بـ 14 ألف طن زيت.
يوضح مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة رامز عبيد، أن ثمرة الزيتون بحاجة إلى حوالي أسبوعين من بعد اكتمال الزيت فيها من أجل زيادة القدرة على تحرره، فزيت الزيتون يكون داخل جيوب صغيرة في قلب خلية الثمرة، وهذا الزيت لا يمكن استخلاصه الا عندما تتجمع عدة قطرات صغيرة من هذه الجيوب، لتشكل قطرة كبيرة ليسهل على المعصرة استخراجها.
ويوجد فرق بين اكتمال تجمع الزيت بالثمرة وبين القدرة على استخلاصه، فكلما نضجَ الزيتون يسهل استخراج قطرات الزيت من جيوبه.
وفي دراسة لوزارة الزراعة على متبقيات الزيت في "الجفت" تبين أن من يقطف مبكرا في بداية شهر10 يخسر 20% من زيته في الجفت، بالمقارنة مع من يقطف بعد النضج (الثلث الأخير من شهر تشرين أول).
وينوه عبيد إلى أن الزيت الأخضر الناتج من العصر المبكر يكون غني بالمادة الخضراء "الكلوروفيل" التي تعتبر سامة إذا زادت كميتها عن حدود معينة، وهذه المادة تبقى قابلة للتحلل والتفاعل لمجرد رؤية الضوء وتوفر الحرارة المعتدلة، فسرعة تدهور الزيت غير الناضج تكون أسرع بكثير من الزيت الناضج.
ويضيف: "هناك فرق في محتوى الزيت من الأحماض والبوليفينولات (متعددات الفينول) ومضادات الأكسدة لصالح القطف بعد النضج".
ويشير إلى أن القطف المبكر يعمل على رفع حموضة الزيت والبروكسايد، وبالتالي يؤثر على جودة الزيت، والإخضرار الزائد في الزيت يقصّر العمر التخزيني له ما يؤثر على جودته.

قطاف الزيتون
المستهلك العادي لا يمكنه الكشف عن غش الزيت
من جانبه، يقول خبير الزيتون المهندس فارس الجابي "ليس بإمكان أي شخص تحديد مدى جودة الزيت، فالناس تختلف في أذواقها، منهم من يحب الزيت الأخضر ومنهم الأصفر، ومنهم من يحب الحار وغيرهم الخفيف".
ويضيف: "لكن المهم أن الزيت ببداية موسمه باستطاعتنا معرفته من خلال حاستي الشم والذوق، فالزيت ببداية الموسم تكون رائحته قوية جدا كالزيتون، كما يحتوي على حرقة عالية، وكلما كبر عمر الزيت تقل الرائحة".
ونصح الجابي من يريد شراء كمية كبيرة من الزيت التوجه لفحصها مخبريا.
وفي السياق ذاته، يقول مدير مجلس الزيت الفلسطيني فياض فياض إن المستهلك العادي لا يمكنه الكشف عن غش الزيت حسيا 100%، لذلك ينصح بفحصه مخبريا.
ويضيف في مقال له: "اعتماد لون الزيت قبل وضعه أو بعد وضعه في الثلاجة لمدة ساعتين ليس عنصرا أساسيا للحكم على جودة الزيت، لأن لون الزيت يتغير ويتبدل من الأخضر إلى الأصفر الذهبي إلى البني الأخضر، وذلك وفقا لعدة عوامل منها نوع الزيتون المعصور ومدى نضج الزيتون، ونوع آلية العصر، فهي تختلف من المكابس والطرد المركزي، ولهذا السبب فإن الفحص الحسي يتم للزيت في كاسات لونها أزرق لا تظهر لون الزيت، ولا يتوجب على الفاحص معرفة اللون، وأيضا درجة تخثر الزيت وانجماده في الثلاجة، ايضا يختلف حسب نوع الزيتون والتركيبة الكيماوية.
ويتابع: "كما ان سرعة ترسيب العوالق لا يُعتبر دليلا على مدى غش الزيت لأن الزيوت الأخرى التي سيتم غش زيت الزيتون بها ليس لها رواسب وليس بها شوائب، وغالبا ما تقلل من نسبة الحموضة لزيت الزيتون".

موسم قطاف الزيتون
أكبر عملية غش بالتاريخ
يشار إلى أن أكبر عملية غش لزيت الزيتون في العالم تمت عام 1981 وكانت بخلط زيت CAROLA بزيوت معدنية تم جلبها من أوكرانيا، والعملية تمت في اسبانيا واستهدفت دولاً لا تزرع زيت الزيتون ومنها كندا، وكانت النتيجة وفاة 1000 شخص وتسمم 25 ألف آخرين، وبقائهم في المستشفى فترة طويلة قبل التماثل للشفاء.

أرقام ومؤشرات
في فلسطين، يبلغ عدد الحائزين في قطاع الزيتون 77 ألف حائز، إضافة إلى حوالي 23 ألف شخص يعتمدون على القطاع الفرعي للزيتون وزيت الزيتون في أعمالهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويقدر عدد العائلات التي تعتمد على الزيتون بصورة مباشرة أو غير مباشرة حوالي 100 ألف عائلة وهذا يشكل ما نسبته 14% من الشعب الفلسطيني، ويشكل الفقراء والنساء منهم نسبة كبيرة.
ويقدر معدل قيمة إنتاج الزيتون، بأسعار موقع الإنتاج، حوالي 45 مليون دولار، وهذه تشكل 5.3% من قيمة الانتاج الزراعي، إضافة إلى مساهمته في الصادرات والتي تقدر بحوالي 5.16 مليون دولار أميركي وما نسبته 2.13% من مجموع الصادرات الزراعية المقدرة بـ125 مليون دولار عام 2011. حسب تقرير لوزارة الزراعة بعنوان "الاستراتيجية الوطنية لقطاع الزيتون في فلسطين 2014-2019".