خبراء يدعون إلى تسريع عملية الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات

ابوظبي/خاص: في القاعات المبرّدة لمركز مؤتمرات في أبوظبي، طغى الحديث عن الحاجة الملحة للانتقال نحو الطاقة النظيفة على جلسات المسؤولين والخبراء ضمن مؤتمر الطاقة العالمي الضخم في نسخته الرابعة والعشرين. لكن العديد من ممثلي دول الخليج الغنية بالنفط شدّدوا على أنّ الوقود الاحفوري (النفط، الغاز، الفحم الحجري) سيبقى مصدر الطاقة الرئيسي لعقود، رغم إقرارهم بأن الانتقال للطاقة المتجددة أصبح أمرا ضروريا، خصوصا في ظل التغير المناخي.
ومنذ انطلاق أعمال المؤتمر في سبتمبر الماضي، دعا مشاركون في الجلسات الحوارية إلى تسريع عملية الانتقال للاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، ومحاولة تقليل الانبعاثات الكربونية. وتطرّقوا في المؤتمر إلى دور الطاقة النووية، وغاز الهيدروجين، ومصادر أخرى غير تقليدية لاعتمادها بدل الوقود الاحفوري الذي يشكّل حاليا نحو ثلاثة أرباع الاستهلاك العالمي من الطاقة.
إلا أنّ المسؤولين في الدول المنتجة للنفط، وخصوصا في الخليج، قالوا إنّهم لن يتمكّنوا من تلبية الطلب المتزايد على الطاقة النظيفة قريبا، رغم تأكيدهم على دعم عملية الانتقال. وأوضح وزير الدولة الإماراتي الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية أدنوك سلطان الجابر "سيبقى العالم يعتمد على النفط والغاز كمصدرين رئيسين للطاقة لعقود". وأضاف أمام المؤتمر الذي حضره نحو 400 مسؤول ورجل أعمال يمثّلون 150 دولة "هناك حاجة لاستثمارات في النفط والغاز بقيمة 11 تريليون دولار لتلبية الطلبات المتوقعة" خلال العقدين المقبلين. وتضاعفت أربع مرات نسبة الطاقة التي تنتجها المصادر البديلة والمتجددة خلال عقد فقط، لكن الطلب الكبير على الطاقة في الاقتصادات النامية أدى بالمقابل إلى ارتفاع الانبعاثات بنسبة 10%، حسبما جاء في تقرير للأمم المتحدة في أيلول الماضي.
وحسب رئيس شركة أرامكو أمين الناصر، فإنّ "كل عمليات الانتقال في قطاع الطاقة تحتاج إلى عقود، بسبب وجود عقبات". وأوضح أنّ المملكة السعودية تدعم زيادة نسبة مساهمة مصادر الطاقة البديلة في هذا المجال، لكنه انتقد السياسات التي اعتمدتها العديد من الحكومات والتي رأى أنّها لا تأخذ بالاعتبار "طبيعة عملنا الطويلة الأمد، والحاجة لعملية انتقال منظّمة".
إدمان على النفط
لا يزال النفط شريان الحياة الرئيسي في دول الخليج، كونه مصدر نحو 70% من الإيرادات الحكومية في المنطقة التي شهدت لعقود تدفق أرباح هائلة من عملية بيع "الذهب الأسود". واستثمرت دول الخليج عشرات مليارات الدولارات في الطاقة النظيفة، الشمسية والنووية بشكل خاص. وأطلقت دبي أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم بقيمة 13,6 مليار دولار وقدرة على تلبية ربع حاجة الإمارة الثرية من الطاقة بحلول العام 2030.
ورغم ذلك، يرى خبراء أنّ الإدمان على النفط في منطقة الخليج يصعب التخلص منه، خصوصا وأنّ الإمدادات وافرة وفي متناول اليد، بينما يبقى الاستثمار الضروري في البنية التحتية للانتقال نحو الطاقة البديلة بطيئا.
ورأى جوليان جريصاتي العضو في فريق الحملات في مجموعة "غرينبيس" أن "الانتقال العالمي من الوقود الاحفوري الملوث للبيئة إلى الطاقة المتجددة ممكن اقتصاديا وتقنيا وتكنولوجيا (…) وما ينقص هو الإرادة السياسية". وأشار إلى أن الإمارات تنفّذ الخطط التي أعلنتها في هذا المجال، لكن "السعودية التي لطالما صدرت عنها إعلانات ضخمة بشأن طموحاتها في مجال الطاقة المتجددة، لا تزال تسير ببطء ومشاريعها وأهدافها تبقى حبرا على ورق". وتابع "لا شك أن العالم سينبذ النفط. السؤال الوحيد هو: متى سـيحدث ذلك؟".
وتسهم مصادر الطاقة البديلة بنحو 18% فقط من إجمالي مساهمات مصادر الطاقة في العالم، بينما تسهم الطاقة النووية بنسبة 6%، رغم التقنيات الحديثة والتطور التكنولوجي الكبير في العقد الأخير. وازداد في السنوات العشر الأخيرة الاعتماد على الرياح والطاقة الشمسية، بينما كانت التكلفة تنخفض لتصل إلى مستويات قريبة من النفط والغاز.
لكن مؤتمر أبوظبي شهد دعوات جديدة لتسريع عملية الانتقال هذه، في وقت يتحضّر العالم لارتفاع في نسبة الطلب على الطاقة بين عامي 2020 و2025، حسب مجلس الطاقة العالمي. وقالت رئيسة استونيا كيرستي كاليولايد خلال المؤتمر أن الانتقال إلى "الاقتصاد الأخضر" على مستوى العالم قد يسرّع عملية التخلص من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون "بنحو 5 أو 10 أو 20 سنة".