تثير الأجهزة الذكية قلق الأهالي كونها تشتت تركيز الطالب وتحدُّ من قدرته على الإبداع، لذا فنحن بحاجة لمبادرات وتجارب تفاعلية علمية لا تعتمد على التكنولوجيا فقط وإنما تعود بالطالب إلى الطبيعة، التي وجب عليه التفاعل معها وفهم ديناميكيتها وتعزيز أهميتها وقيمتها لديه، ومن هذه التجارب صندوق البذور الذي يعد تجربة متكاملة متعددة الأهداف وتخدم أكثر من مستوى، وبخاصة في المنهاج التعليمي، وهو وسيلة تعليمية تفاعلية تهدف إلى التعرف على الزراعة ومراحل نمو النباتات، ومحاولة لإعادة ربط الجيل الجديد بالأرض، وبخاصة أن مفهوم الأرض والاهتمام بها اختلف عن السابق.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تغزو الأجهزة الذكية منذ زمن وجيز أيدي الأطفال مسيطرة على عقولهم ومستنزفة وقتهم في أغلب الأحيان، وذلك في أمور غير مفيدة ما يسبب لهم مشاكل صحية تطال النظر وأعصاب اليد وتؤثر على النشاط البدني العام، عدا عن المشاكل الاجتماعية وتلك المتعلقة بتطور الطفل.
"معروف الربّاع" مؤسس مشروع "بيتريكور أكوابونيكس" المتخصص في الزراعة المائية في نابلس، بادر بفكرة هدِف من خلالها إلى تعزيز قيم الانتماء للأرض والطبيعة، إذ صمم صندوقاً زراعيا تعليمياً يستهدف فيه الأطفال وطلاب المدارس، مقابل مبلغ رمزي لا يتعدى العشرين شيقلاً.
صندوق البذور هو عبارة عن وسيلة تعليمية تفاعلية تهدف إلى التعرف على الزراعة ومراحل نمو النباتات، بدءاً من البذرة حتى الجذر والساق والأوراق إلى الأزهار والثمرة، كما ويعطي فرصة لمعرفة أنواع الوسط الزراعي الذي يمكن الزراعة فيه، وكذلك طرق العناية بالنباتات وأفضل البيئات لنموها.
يقول الرباع: "تثير الأجهزة الذكية قلق الأهالي كونها تشتت تركيز الطالب وتحدُّ من قدرته على الإبداع، لذا فنحن بحاجة لمبادرات وتجارب تفاعلية علمية لا تعتمد على التكنولوجيا فقط وإنما تعود بالطالب إلى الطبيعة، التي وجب عليه التفاعل معها وفهم ديناميكيتها وتعزيز أهميتها وقيمتها لديه، ومن هذه التجارب صندوق البذور الذي يعد تجربة متكاملة متعددة الأهداف وتخدم أكثر من مستوى خاصة في المنهاج التعليمي وهو محاولة لإعادة ربط الجيل الجديد بالأرض، خاصة أن مفهوم الأرض والاهتمام بها اختلف عن السابق ".
 |
 |
صندوق البذور التعليمي |
مكونات صندوق البذور التعليمي |
قصة الصندوق
يسدُّ الصندوق، حاجة الطلبة لوسائل تعليمية تكون متوفرة بتكاليف بسيطة وتسهّل فهمهم للزراعة، وتعطيهم مساحة لتجربة علمية في الوقت الذي تنحسر فيه موارد المختبرات والتجارب العلمية في المدارس، مقارنة بعدد الطلاب حسب رباع.
كان لتجربة الرباع خلال دراسته في المدرسة أثرٌ في مبادرة طرحه للصندوق، إذ يقول إنه على الرغم من الاهتمام بالزراعة في وقته الذي كان أكثر من اليوم، إلا ان الفرص والوسائل كانت قليلة، على عكس الوقت الحاضر والذي يشهد تطوراً كبيراً في التكنولوجيا التي سهلت الوصول إلى المعلومات، رغم أن الجيل الجديد، وفق رباع، لا يبدي اهتمامه بها كما يجب وينشغل عنها بأمور أقل فائدة.
يحتوي الصندوق المبتكر على مغلفات تحتوي كل منها على عدة أنواع من البذور منها البندورة والملفوف والجرجير والحمص والعدس، بالإضافة إلى بطاقة إرشادية خاصة بكل نوع تبين للطالب كيفية العناية بكل صنف من البذور.
يمكن للمستفيد من الصندوق زراعة صنف أو صنفين من البذور، ويمكن لأكثر من طالب أو طفل الاشتراك في زراعة البذور، الأمر الذي يشجع على العمل الجماعي.
يتضمن الصندوق أيضاً نوعين من الوسط الزراعي مثل التراب والقطن ما يسمح للطالب المشتري للصندوق التعرف عن كثب على الأوساط التي يمكن استخدامها في الزراعة، وكذلك تفاصيل نمو النباتات. كما يشمل الصندوق أعواد خشبية يمكن كتابة تاريخ كل بذرة يتم زراعتها عليها، وأوعية بلاستيكية للزراعة فيها.
تمكّن الرباع من بيع نحو 1300 صندوق منذ طرحه الفكرة حتى اليوم في كل من رام الله ونابلس وقلقيلية وجنين.
لاقت فكرة الصندوق ردود فعل جيدة بين المشترين وأهاليهم، الذين أبدوا اهتمامهم بها ودعوا إلى نشرها أكثر لتعم الفائدة على عدد أكبر من الطلبة.
 |
 |
إرشادات للزراعة ضمن مكونات صندوق البذور التعليمي |
بعض مكونات صندوق البذور التعليمي |
انطباع المشترين
"فاطمة الكيلاني" من نابلس، اشترت الصندوق التعليمي وأهدته لطفلة صديقتها ابنة الـ 7 سنوات، تقول "إنها هدية فريدة من نوعها ومفيدة للطفل وتنمي لديه حب الأرض والزراعة، وخاصة انه يعطي فرصة التعرف عن كثب على مرحل نمو النبتة والظروف التي تحتاجها لكي تنمو".
ترى الكيلاني"أن الجيل الجديد اهتمامه في الأرض ضعيف جداً، والصندوق وسيلة ممتعة رغم بساطتها لكنها قد تشجعهم على العناية بالأرض وتزيد من معرفتهم بها".
الطفلة "جنى الزوربا" 10 سنوات من نابلس، كانت إحدى المستفيدات من العلبة التعليمية قبل سنتين، تقول والدتها غادة الزوربا:" فكرة الصندوق ممتازة كونها تقدم فائدة علمية بصورة مبسطة وسهلة وتشجع الأطفال والطلاب على الزراعة".
وتضيف، إن ابنتها جنى زرعت كل البذور الموجودة في الصندوق وكانت تسقيها كل يوم وتراقب كيف تنمو، ما شجعها على غرس المزيد من النباتات في المنزل وحببها أكثر بالزراعة.
صندوق الزراعة المائية
لم يكتف الرباع من الصندوق التعليمي الأول فحسب، بل طرح صندوقاً آخر، لكن بمستوى أعلى وهو عبارة عن صندوق الزراعة المائية الذي يعتبره المبادرة الأولى في فلسطين.
يقول الرباع : "الزراعة المائية هي شكل متقدم في قطاع الزراعة، ولها مستقبل واعد، لذا من المهم ان تتوفر وسيلة تعليمية كالصندوق المائي لتشجيع الصغار على فهم هذا النوع من الزراعة".
يقدم الرباع عبر الصندوق المائي طريقة تسهل على الطالب أو المستفيد منه، فهم ومعرفة وملاحظة ومتابعة واستكشاف كل الجوانب الأساسية للزراعة المائية العضوية وآلية عملها والدورة البيئية للنيتروجين، وكل العملية التي تحدث عبر كل المكونات الحيوية من بذور وأسماك ومواد، لكي تنمو النباتات التي تتم وفقاً لتعليمات توضيحية مرفقة في كل صندوق.
يرى الرباع، "ان استخدام الصندوق سهل ويراعي مستوى الطلبة بحيث يقدم لهم المعلومات بصورة واضحة ومبسطة".
 |
 |
بعض أنواع البذور في صندوق الزراعة المائية |
مكونات صندوق الزراعة المائية |
يتكون الصندوق الذي يعمل بنظام "ألفا" من حوض مائي سعته 17 لتراً بالإضافة إلى أربعة أنواع من البذور كالريحان والفلفل الأصفر والبندورة، ومكعبات صوف صخري (وسيط زراعي يعمل على تثبيت البذرة والجذور لضمان نمو سليم)، وأوعية خاصة بالزراعة المائية، إلى جانب مضخة هواء مؤكسدة للمياه، مع أنبوب وحجر فقاعات وأحجار فيها نتوءات تساعد على نمو البكتيريا النافعة والمسؤولة عن تحويل فضلات الأسماك، إلى نتيرات مفيدة لتغذية النباتات، بالإضافة إلى نشرة تعليمية حول دورة النيتروجين، وسمكتين من نوع "GOLD FISH" وعلبة طعام للأسماك.

تربية أسماك جولد فيش بحسب منهج صندوق الزراعة المائية
وفق رباع، يمكن زراعة كل أنواع النباتات من خلال الزراعة المائية إلاّ ان العلبة المبتكرة تحتوي على بذور خضار كمرحلة أولى.
 |
 |
أحجار تحتوي على نتوءات تساعد على نمو البكتيريا النافعة التي تحول فضلات الأسماك إلى نيترات مفيدة لتغذية النبات |
نمو الأشتال من خلال صندوق البذور التعليمي |