"الحمى القلاعية" مرض يصفه مسؤول بوزارة الزراعة الفلسطينية بأنه شديد العدوى، وكان أول ظهور له في قطاع غزة قبل نحو شهرين، ويصيب الحيوانات المشقوقة الظلف مثل الخراف والماعز والأبقار والجاموس.
إن عدداً ليس بقليل من المزارعين لم يستطيعوا معالجة أبقارهم وعجولهم المصابة بسبب انعدام اللقاحات، مما أدى إلى فناء العشرات منها وإلحاق خسائر مادية بهم.
وزارة الزراعة بغزة خاطبت نظيرتها في رام الله وكذلك عدة جهات دولية، منها منظمة الأغذية العالمية "فاو" من أجل الضغط على إسرائيل لتسريع إدخال اللقاحات التي تم طلبُها بعد ظهور المرض. وقد أجرت الوزارة تحصينات لحوالي 40 ألف رأس غنم قبل انتشار المرض، بينما هناك حاجة لتحصين 32 ألف رأس أخرى، خشية من إصابتها المرض.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية / غزة

تطعيم العجول في غزة ضد مرض الحمى القلاعية
كانت عودة أحد العاملين في مزرعة لتربية المواشي من مسلخ شهير في قطاع غزة، كافية لإصابة كل ما فيها بـ"الحمى القلاعية"، وذلك على حد ما يقول زميله "أبو خالد"، قبل أن تتم السيطرة على المرض بفعل لقاحات مستوردة من إسرائيل، لا تكفي أعدادها المتوفرة في غزة لتلبية ما هو مطلوب منها لتحصين باقي ذوات اللحوم الحمراء في المزارع الأخرى التي طالها المرض.
"الحمى القلاعية" مرض يصفه مسؤول بوزارة الزراعة بأنه شديد العدوى، وكان أول ظهور له في قطاع غزة قبل نحو شهرين، ويصيب الحيوانات المشقوقة الظلف مثل الخراف والماعز والأبقار والجاموس.
يقول "أبو خالد" العامل في المزرعة الواقعة على الحدود الشمالية الشرقية لقطاع غزة، إن الفرضية الراجحة لتفشي الوباء في تلك المزرعة، التي ظلت لأسابيع خالية منه تمامًا، هي عن طريق ملابس أحد زملائه في العمل بفعل احتكاكه بعاملين في مزارع أخرى اجتمعوا في المسلخ من أجل الإشراف على ذبح عشرات العجول ممن أصابها المرض ولا أمل يرجى بشفائها.
ويشير هذا العامل الذي طلب الاكتفاء بذكر كنيته فقط لحساسية الموضوع، إلى أن القائمين على المزرعة التي تضم خمسمائة رأس من العجول والأبقار اضطروا إلى ذبح خمسين منها أصيبت بالمرض بعد أن فتك بخمسة، وكاد الرقم أن يزيد عن ذلك.
ويؤكد أن القائمين على المزرعة حظروا دخول أي من العاملين في المزارع الأخرى إليها خشية من إمكانية نقل الوباء مرة ثانية.
ويطمئن القراء بأن الوضع أصبح تحت السيطرة بعد وصول لقاحات خاصة للقضاء على المرض، حيث عملت وزارة الزراعة على توفيرها من إسرائيل بعد مناشدات متكررة.
ولم يستبعد الدكتور حسن عزام نائب مدير عام الخدمات البيطرية في وزارة الزراعة بغزة، ما جاء في رواية العامل "أبو خالد"، إذ أن المرض ينتشر بسرعة قياسية داخل المزرعة الواحدة، كما يقول.
ويشير إلى أن الوباء قد ينتقل عن طريق الهواء أو احتكاك العاملين من المزارع المختلفة، أو تبادل الأدوات المعدنية الخاصة بعملية ذبح وتقطيع الحيوانات.
وعن أعراض المرض يتحدث "أبو سالم" صاحب مزرعة في المنطقة الوسطى من قطاع غزة طالتها العدوى، بأن العجل يصاب بالتهابات في لسانه أولًا ثم تنتقل الأعراض إلى أطرافه وعندها يعجز عن تناول الأكل الموضوع أمامه.
ويضيف "أبو سالم أن العجل عندما يشعر بالجوع الشديد يجتهد في تناول الأكل، لكنه في النهاية يضطر إلى بلعه مباشرة دون هضم وفي حال عجز عن تناوله ليومين متتاليين فإنه يموت.
واللقاحات التي يتم تطعيمها للعجل المصاب بالمرض تفتح شهيته إلى الأكل فيعود إلى تناوله، كما يقول.
وينبه إلى أن عدداً ليس بقليل من المزارعين كما هو حاله، لم يستطيعوا معالجة أبقارهم وعجولهم المصابة بسبب انعدام اللقاحات، مما أدى إلى فناء العشرات منها وإلحاق خسائر مادية بهم.
ويبين أنه عند اكتشاف أي عجل مصاب في المزرعة يتم التعامل مع الأمر من خلال عزله عن العجول الأخرى بحيث لا تنتقل العدوى إليها عن طريق التنفس.

حقن الأبقار في غزة بمضادات الحمى القلاعية
السبب: الأنفاق وإسرائيل
ورغم اعتقاده بأن تهريب بعض الأغنام من الأراضي المصرية عن طريق الأنفاق الأرضية كان السبب الأول في انتشار المرض بقطاع غزة، يشير في الوقت ذاته أن وزارة الزراعة منعت إلى أجلٍ غير معلوم استيراد العجول من إسرائيل خشية من إمكانية نقل العدوى.
وفي هذا السياق يؤكد الدكتور عزام أن قرار منع الاستيراد جاء من يوم تسجيل إصابة أول رأس بالمرض اكتشف أن مصدره المواشي التي يتم استيرادها من اسرائيل.
وأضاف أنه كحلٍّ لإشكالية الاستيراد طلبت وزارة الزراعة من أي تاجر يريد أن يستورد العجول بأن يوفر لقاحاتها مسبقا حتى يتم توفير تصريح له بذلك. وأشار إلى أن الوزارة ستشترط الحجر على العجول وعمل الإجراءات الكاملة عليها (فخص مختبري، عملية تحصين). وتابع أنه يمكن توفير هذه اللقاحات من الجهات التي توفر للتاجر العجول.
ويعتقد عزام أنه ربما حدثت إشكالية لدى إسرائيل في عملية تحصين الأبقار أثناء فترة إدخالها إلى الحجر وإجراء التحصينات قبل إدخالها إلى غزة.
وأفاد بأن نسبة الإصابة في المزرعة الواحدة تكون كبيرة جدًا تصل إلى 90%، أما نسبة النفوق فقد تصل إلى 5%، وتتأثر أكثر شيء المواشي صغيرة السن لأنها لا تتحمل المرض.
وكشف عن أن نسبة الإصابة بالمرض في كافة مزارع قطاع غزة التي وقعت بها الإصابة حسب الأرقام الصادرة من مديريات الزراعة تصل إلى 25% منها 10% نفوق والباقي تم شفاؤه أو ذبحه.
وأشار عزام إلى سلسلة من الإجراءات الوقائية قامت بها وزارة الزراعة في غزة عند اكتشاف المرض منها توقيف أسواق الحلال في محافظات القطاع الخمس لفترة معينة حتى يصل اللقاح من إسرائيل.
لكنه ينبه إلى أن طول فترة انتظار وصول اللقاحات، اضطر الوزارة إلى إعادة فتح تلك الأسواق بسبب نسبة الضرر الكبيرة على المزارع والذي لا يتمكن من تطعيم حيواناته ما لم يبع جزءاً منها في الأسواق وتحريك عجلة التجارة لديه.
وأضاف أن هناك منع لتنقل الأبقار بين المحافظات، كذلك التنبيه على أصحاب المزارع بعزل الأبقار المصابة داخل المزارع عن السليمة وعدم إدخال أية حيوانات إلى مزارعهم من أماكن موبوءة أو قد يكون فيها شكوك، فضلًا عن ضرورة عدم اختلاط العاملين في المزارع المختلفة فيما بينهم.

لقاحات مرض الحمى القلاعية في غزة
التعامل مع المرض
وحول طبيعة المرض بين عزام، أنه يسبب تقرحات في أنف العجل وفي لسانه، ثم يُحدث التهابات في الحوافر وترتفع درجة حرارة الحيوان تباعاً.
وأكد أنه في هذه الحالة على المزارع أن يقوم بتخفيف حرارة الحيوان من خلال مخفضات الحرارة، حتى يمكنه من القدرة على تناول الأكل.
وينبهُ إلى أن المرض يسبب تراجعا في وزن الحيوان ويفقده قرابة الثُلث خلال فترة الإصابة.
ولفت الانتباه إلى أن وزارة الزراعة بغزة خاطبت نظيرتها في رام الله وكذلك عدة جهات دولية، منها منظمة الأغذية العالمية "فاو" من أجل الضغط على إسرائيل لتسريع إدخال اللقاحات التي تم طلبُها بعد ظهور المرض.
ويشير عزام إلى أن ما وصل في الفترات الماضية غطى ما يقرب نصف ما هو مطلوب من أجل تحصين المواشي أو علاج المصابة منها، مشيرًا إلى وعود متكررة من السلطات الإسرائيلية لإدخال باقي اللقاحات لكن من دون تطبيق على أرض الواقع.
ويبين أن وزارته أجرت تحصينات لحوالي 40 ألف رأس غنم قبل انتشار المرض، بينما هناك حاجة لتحصين 32 ألف رأس أخرى، خشية من إصابتها المرض.
ولم يعطِ رقمًا حول حجم الخسائر المادية التي لحقت بمزارعي المواشي.

مزرعة أبقار في غزة
مخاوف من انتقال العدوى للإنسان
وتطرق عزام إلى سريان الإشاعات بين المواطنين حول انتشار المرض، ما ساهم في الحد من رغبتهم في شراء اللحوم، نافيًا أن يكون لها أي تأثير على صحة الإنسان، وهو ما أكده أيضًا متحدثون مختصون خلال لقاء جماهيري عن مرض الحمى القلاعية نظمته مؤخرًا دائرة الصحة والبيئة في بلدية رفح بالتعاون مع وزارتي الزراعة والصحة.
وأشار المتحدثون إلى أن المرض لم يسجل إصابة أي إنسان به على مدار القرن الماضي، لكنه يطال الثروة الحيوانية، مؤكدين في الوقت نفسه ضرورة تكاتف الجهود من أجل محاصرة المرض والقضاء عليه.
كذلك أكدوا أن المرض يشكل خطورة اقتصادية كبيرة، وأدخل القطاع في أزمة، كونه مرض وبائيّ سريع الانتشار بين المزارع، في ظل نقص التطعيمات اللازمة لمحاربته.
وخلال اللقاء الجماهيري طمأن مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية رفح أسامة أبو نقيرة المواطنين بوجود رقابة صارمة من قبل البلدية على الذبائح التي تعُرض في الأسواق، وتشديد الفحوصات البيطرية قبل عملية الذبح، لضمان السلامة.