مدرسة الثُغّرة: بيئة حاضرة وفضاءات تعليم حديثة...
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تنافست زهرات مدرسة الثغرة الأساسية المختلطة في طوباس على نثر أوراق ملونة، خلال عرض تراثي احتفالًا بتدشين مدرستهن، في الحي الواقع شرق المدينة.
واختارت زهرات لم يكملن العاشرة ارتداء الزي الطوباسي التقليدي: اليانس وملاحقه، ورحن يستقبلن الضيوف، ولم يستطعن إخفاء فرحهن بمدرستهن الجديدة.
وحملن تحت سماء ملبدة بالغيوم، وعلى إيقاع السلامين الوطنيين لفلسطين وألمانيا، أوعية فخارية، وصدحت أصواتهن بنشيد الأمل، مثلما رددن أغانٍ تراثية، طغت على أجواء افتتاح المدرسة، التي تبرع بالأرض المقامة عليها أبناء المرحومين أحمد وحامد أبو مدراج.
مدرسة الثغرة الأساسية في طوباس
طاقة نظيفة
قال وزير التربية والتعليم العالي د. صبري صيدم في كلمة له بداية الاحتفال: نسابق اليوم قطرات المطر في مسيرة الخير، ونؤكد أن طوباس محافظة الفرح، وهي التي تمنحنا الإرادة. وأصر مهندسونا على صناعة الفرح في هذه المدرسة، واستغلوا كل مساحتها، واستثمروا سطحها لعمل ملعب لأطفالنا، واستخدموا الطاقة النظيفة لتوليد الكهرباء.
وتابع: يتفاخر الاحتلال بهدم مدارسنا وحصارها كما في مسافر يطا، وجب الذيب، والخان الأحمر، وإبزيق، والساوية اللبن وهي ليست مفاعلات نووية، أو قواعد عسكرية، أو منصات صواريخ.
ومضى صيدم: "رغم كل ما نعانيه نفكر ونخطط للتعليم المهني، ونفتتح مدارس بتبرعٍ سخي من المجتمع المحلي، ونحتفل بمشاغل التعليم المهني، ونوقع اتفاقية جائزة البحث العلمي التي مولها د. سالم أبو خيزران، ونتيقن من أن أقلام رصاصنا ستكون أقوى من رصاصهم".
وقال قائد منطقة طوباس العقيد حاتم واكد، نيابة عن محافظ طوباس (الأغوار الشمالية)، إن المدرسة الجديدة، التي مولتها حكومة ألمانيا الاتحادية، تثبت إصرار شعبنا على الحياة، وتستثمر مساحتها بشكل ممتاز.
وأضاف: إن أبناء طوباس بأيديهم البيضاء يقدمون لمدينتهم معاني الوفاء، ويأتي افتتاح المدرسة بعد أقل من ساعة من وضع حجر الأساس لمدرسة جميلة أبو خيزران.
وقال مدير تربية طوباس سائد قبها إن المدرسة وضعت حدًا لفترة صعبة، عاشها التلاميذ، بفعل تلقيهم حصصهم في بناء مستأجر لنحو 14 عامًا.
وأشار إلى أن المدرسة الجديدة ستعقبها مؤسسات تعليمية أخرى في طمون ووادي الفارعة، في وقت يلاحق الاحتلال طلبة إبزيق، ويحرمهن من تلقي تعليمهم، ويفكك غرفًا متنقلة لهم ويصادرها.
وعبر رئيس بعثة ممثلية ألمانيا الاتحادية لدى السلطة الوطنية كريستيان جلاكيس عن فرحه بالمدرسة، التي أكد أن مسؤولية معلميها لا تنحصر في تعليم الطلبة فحسب، بل بتأمين السعادة لهم، وهي تهتم بغرس الأشجار، واللعب، والطاقة النظيفة.
وقال: "رغم ظروف الحياة الصعبة، تشرع المدرسة نوافذ المستقبل لتلاميذها، في وقت تؤكد ألمانيا أنها ماضية في دعم التعليم في فلسطين".
مدرسة الثغرة في طوباس
دعم محلي
وسرد نائب رئيس بلدية طوباس محمد أبو خضر سيرة أبناء المدينة البررة الذين تبرعوا بتأسيس مدارس على نفقتهم وآخرهم د. سالم أبو خيزران، وعليان جميل وإخوانه، وأبو علي نافز، وأحمد صبري أبو محسن، وعواد قويدر، وعدنان مجلي.
وقال مدير عام الأبنية المدرسية في وزارة التربية والتعليم "فخري الصفدي" إن مدرسة الثغرة تتميز بباب مستقل لكل غرفة، وحدائق خاصة زرعت بالزيتون، السماق والورود، مسرح تعليمي، ملعب استغل السطح بشكل ممتاز وتجاوز ضيق المساحة وطبيعتها الجبلية، مكتبة، ألواح شمسية لإنتاج طاقة نظيفة، ومدرّج للأنشطة، صمم بناء المدرسة ليكون مقاوماً للزلازل.
وأضاف:" المدرسة واحدة من 10 مدارس مولتها ألمانيا بالمواصفات ذاتها، في وقت تعدُّ وزارة التعليم دراسة لتتبع آثار التصاميم والبيئة الجديدة على التحصيل".
مدرسة الثغرة
أنشطة خضراء
ولم تخفِ مديرة المدرسة هيلدا أبو محسن سعادتها، وقالت: كنا في شقة مستأجرة بدأت بـ 15 طالباً، ولم تكن هناك طاولات للمعلمات، واليوم انقلبت الصورة 180 درجة، وقفز عدد الطلبة إلى 142 وخمس معلمات ونصف مركز، وندرس حتى الرابع الأساسي.
وتابعت: "لكل صف مدخل ومغسلة مستقلة، ونظام لتزرع كل طالبة بيدها، وهناك مساحات للعب، والفن، والرسم، والرياضة، والمسرح، والموسيقى، وسننظم مسابقات في الزراعة، وسنحول المدرسة إلى شيء مختلف".
وتأمل أبو محسن أن تنعكس البيئة الجديدة على الأطفال، وهي على تواصل مع المهندسة الألمانية سونيا لتنفيذ مسابقة لاختيار أجمل طائر يرسمه التلاميذ ليكون شعار المدرسة، ويتعلمون منه الانطلاق في أعالي السماء.
وأنهت: غرس الأطفال والمعلمات في المرحلة الأولى الورود والأشجار قبل الشتاء، وسيواصلون مطلع الربيع عملهم لتكون الثغرة خضراء طوال العام، وستشجع المدرسة أطفالها على حب الأرض، وتنظيف البيئة، والاهتمام بالصحة.
aabdkh@yahoo.com