خاص بآفاق البيئة والتنمية

أقامت هيئة الصناعات الغذائية، منتصف تشرين الثاني معرض "غداؤنا 2018" في جنين. تجولت (آفاق) في أجنحة المعرض، الذي ضم 50 زاوية كلها مختصة في إنتاج الغذاء، وبحثت المجلة عن الزوايا الصحية والاقتصادية التي تعزز مفهوم السيادة على الغذاء.
في حفل الافتتاح، أشار رئيس الوزراء رامي الحمد الله إلى أن المعرض يأتي في وقت مواجهة مصيرية مع الاحتلال الذي يُصعّد، بدعم أمريكي مطلق، عدوانه السافر على حياة شعبنا ومقدراته، ويهدم البيوت والمنشآت، ويواصل مخططات التهجير في الأغوار والخليل وفي القدس ومحيطها وتجمعاتها البدوية، ويحاصر اقتصادنا، ويستهدف عوامل الإنتاج، وتلتف المزيد من المستوطنات حول أرضنا لمنع إقامة دولة ذات سيادة على مواردها ومقدراتها.
وأشار رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات الغذائية بسام ولويل، إلى إن الهدف من المعرض "دعم المنتج المحلي، وإصدار عدد من الإجراءات للنهوض بالاقتصاد، والحد من الاستيراد، والتشبيك مع رجال الأعمال من مختلف المحافظات وداخل أراضي الـ48، وزيادة قيمة الصادرات إلى الأسواق الخارجية".
وأكد مدير عام شركة "جوال"، والراعي للمعرض عبد المجيد ملحم "مسؤوليتنا المجتمعية تجاه اقتصادنا الوطني تلزمنا ببذل كافة الجهود التي تساهم بالنهوض في كافة قطاعاته، خصوصًا في ظل استباحة الاحتلال لسوقنا، ومحاولة إغراقه بمنتجات المستوطنات، لضرب مفاصل الاقتصاد الفلسطيني".
وبيّن مدير مجلس إدارة اتحاد الصناعات الغذائية بسام أبو غليون أن "غذاؤنا" من أكبر المعارض التخصصية، ويعد قطاع الصناعات الغذائية، الأكثر تقدمًا في فلسطين، إذ يستحوذ على أكثر من 23% من قطاع الصناعة، أما الشركات العاملة فيه فمعروفة بالتزامها في خدمة المجتمع وترسيخ الجودة.

استيراد وسُكّر
يقول مأمون نصر مدير شركة "سنابل النصر" التي انطلقت عام 2013 وتختص بإنتاج الفريكة، والمفتول، والسمسم، والبهارات، بأنها تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح الذي تستعمله، لكنها تستورد البهارات والسماق التركي، وتزرع بنفسها الزعتر والنعناع والفلفل في منطقة الجديدة بمحافظة جنين، وتحرص على عدم استخدام المواد الحافظة.
بينما أكدت خولة جنيدي في ركن "عسل أزهار فلسطين" أن عسل السدر الطبيعي يباع بـ "250 شيقلاً للكيلو، أما عسل الزعتر فيصل ثمنه إلى 130 شيقلاً. ومصدره جبال الخليل.
وتابعت: منذ تأسيس الشركة عام 1992، لا يتم استخدام السكر في مواسم الإزهار، التي تبدأ منذ شباط وتستمر حتى أيلول، ولكن إذا لم يأخذ النحل السكر لتغذية نفسه في مواسم غياب الأزهار الطبيعية، فإنه سيموت.
وأضافت: "نحرص على فحص منتجاتنا في مختبرات جامعة بيرزيت، ومن يريد معرفة غش العسل من عدمه، فإن السكر يتبلور، أما العسل النقي فيبقى على حاله، وهو أكثر كثافة من غيره".

أنماط استهلاكية
ورأى شادي البلبل من شركة الزهراء للمنتجات الغذائية كالعصائر والسحلب ومكونات الكعك، أن كل المصانع تستخدم المواد الحافظة، وأن رئيس مجلس إدارة "الزهراء" د. نضال زعيتر، هو رئيس قسم الكيمياء في جامعة النجاح، ولا يستخدم إلا ما هو مسموح به من وزارتي الصحة والاقتصاد الوطني.
وقال مسؤول شركة السلام للتبريد، سمير وراسنة أن العادات الاستهلاكية تغيرت، وأصبحت الحياة أكثر سرعة حتى في الغذاء، وخاصة للموظفين، الذين يميلون للوجبات السريعة، ويتزاحمون على المطاعم التي تقدمها، ولم يعودوا يملكون الوقت الذي كان متاحًا للأجيال السابقة في إنتاج ما يحتاجونه بأنفسهم، فغابت الكثير من الممارسات كتجفيف وتخليل الغذاء.
وتابع: 90% من احتياجات الشركة من مزارع الجفتلك، ونستورد البطاطا من منطقة البقيعة، أما الملوخية والبامية فمن مصر، وبعض أصناف البازيلاء والذرة من إسبانيا.
وأضاف وراسنة: "نخزن ونوزع منتجاتنا في سيارات مبردة، تقل حرارتها عن 18 درجة دون الصفر، ونعرف أن الطاقة الكهربائية مكلفة، وخاصة أننا لا ننتج معظمها، لكن عاداتنا ونمط حياتنا تغير، فعلى الصعيد الشخصي أزرع حديقة منزلي، وأجفف بعض المحاصيل، وأصنع الدبس والرب، لكن هذا التوجه ليس متوفراً للغالبية، ولا وقت لمن يريد التجفيف، أو التمليح".

أعشاب ومواد حافظة
في قسم ثانٍ روجت الممرضة باسمة يعقوب لأعشاب "الحاجة أم فايز"، وعرضت ما قالت إنها مستحضرات طبيعية للحروق بكافة درجاتها، ودون إضافة مواد كيماوية.
وقالت: "بدأت والدتي قبل نحو 40 عامًا في تحضير مستخلصات طبيعية ضد الحروق، وللتجميل، وللعناية بالبشرة، وحصلت على ترخيص من وزارة الصحة، وافتتحت متجرًا في منطقة كفر عقب، وشاركت في معظم المعارض.
ورأت أن الإقبال على المنتجات الطبيعية ضعيف للأسف في المعرض، إذ يفاوضها الزبائن لتخفيض الأسعار، مع أنها معقولة، وتفسد عملها البضائع المستوردة الرخيصة، مع أنها تمضي وقتًا طويلًا وتشرح للمتسوقين أهمية المنتجات وفعاليتها، وتقدم أدلة على معالجتنا لحالات عديدة، إلا أنها لا تغير من تدني الإقبال.
وسرد المدير التنفيذي لشركة "السنابل" أسباب التحول إلى استخدام المواد الحافظة، وتوقف الناس عن تبني المواد العضوية، فقال "الأمر مرتبط بالسرعة وبالأسعار المنخفضة، وبتغير الثقافة".
وتابع: تأسس مصنعنا عام 1986، ونستورد معظم ما نصنعه من ماء ورد، وفانيلا، والمواد الأخرى التي تدخل في صناعة الحلويات، والأصباغ، والزيوت، وحتى المواد المحلية التي ننتجها نضعها بعلب مستوردة.
وأشار مشرف المبيعات في شركة دواجن فلسطين، محمد الصيفي إلى أن "عزيزة" تتميز باستخدام علف نباتي في تسمين دواجنها، وإكمال دورة الحياة لما تبيعه، فتبدأ من الأمهات، والبيض، والتفقيس، والصوص نفسه، ولا تذبح إلا في مسالخ مستوفية للشروط الصحية.
وأضاف: العلف النباتي تشرف عليه وزارة الصحة، وهو "خليط من الذرة، والشعير، والصويا، ويتابع أطباء بيطريون عمليات التسمين، والذبح"، كما لا تخرج أية شحنة إلى المتاجر إلا بتصريح من وزارة الزراعة، وتنظف كل دجاجة باستخدام 15 لتر ماء، وتفتح أبواب الشركة للزائرين في أي وقت، ولا تتعامل المطاعم العالمية إلا مع الشركة. أما مشكلة تدني أسعار الدواجن المزمنة فتعود إلى عمليات التهريب من السوق الإسرائيلي.
وأوضح الصيفي أن مشكلة نفايات الشركة وشكاوى المواطنين المجاورين للمصنع من المخلفات والروائح الكريهة، قد حلت بوحدة معالجة مركزية، بالتعاون مع بلدية عنبتا.

ألبان ولحوم
وعرض مسؤول قسم الأسماك في جمعية المشروع الإنشائي العربي، سامر جبريل، التي انطلقت عام 1945، منتجات أجبان وألبان تصل جنين لأول مرة، وقال: تتميز الجمعية بتربية 400 رأس من الأبقار، وزراعة ما تحتاجه من برسيم وأعلاف، وتربي الدواجن وأسماك المشط، في مشروع ممتد على 8 آلاف دونم، يعمل فيه 70 موظفًا.
وأضاف أن الجمعية حصلت على المرتبة الأولى في من ناحية الجودة، وتم منح منتجاتها عشرة أيام صلاحية إضافية، واليوم تتميز المنتجات بتاريخ صلاحية 40 يومًا، وبعضها لا يضيفون عليها أية مواد حافظة، مثل الحليب الطازج الذي تمتد صلاحيته لأسبوع، وسيفتتحون العام القادم مصنع ألبان جديد، ويأملون في تغطية محافظات أخرى لا يصلونها، واليوم يسوقون بضائعهم في أريحا، والقدس، ورام الله، وجزء من الخليل، ونابلس.
وتابع: "نسبة التصافي في الحليب عالية، والمقصود أننا نصنع من الحليب كمية ألبان وأجبان أقل، ولا نضيف له مُركبات أخرى، فإذا كانت شركات أخرى تستخلص من كل لتري حليب كيلو واحد لبنة، فإننا نحصل عليه من كل 3 لترات".
وأكد مشرف الترويج في شركة "زيتا" محمد أبو حمدة أنهم يصدرون 180 صنفًا من المخللات، والكاتشب، والصلصات المختلفة، وغيرها إلى عدة دولة منها كندا والإمارات.
وقال إن "زيتا" لم تفكر في انتهاج أسلوب التجفيف، فقد بدأت بالتخليل والصناعات الغذائية، وهي "تستعمل المواد الحافظة بالنسب المسموح بها من جهات الاختصاص".
وبيّن مندوب المبيعات في"سنيورة" للحوم المصنعة التي تأسست منذ عام 1920، وجود نظام حماية غذائي في الشركة، يفرض قيودًا لضمان الجودة، وهي الوحيدة التي تسمح للزوار بالدخول إلى مصانعها.
وقال: "صحيح أن ثمن منتج مصنوع من لحوم الحبش يباع بـ 14 شيقلاً، وأن تكلفة كيلو لحوم الحبش أكثر من هذا، إلا أن ما يميزنا الانطلاق من قاعدة أن ما نصنعه يأكله أولادنا، وإذا كان فيه مشكلة فسيتضررون أولاً، كما أن موظفينا يتناولون فطورهم اليومي مما يصنعونه، ولو شاهدوا عيباً فيها، لما أكلوها".
واختتم أبو حمدة: ننتج 600 طن في الشهر من اللحوم المصنعة، ونصدر بضاعتنا إلى 18 دولة، ولا نستخدم الجلود والريش في مصنوعاتنا، وهناك لحوم مصنعة تباع بنحو 80 شيقلاً للكيلو، وهي لحم صاف، والأهم أن ما نعرضه مراقب من وزارة الصحة.
aabdkh@yahoo.com