خاص بآفاق البيئة والتنمية
الضفة الغربية تواجه صيفًا حارًا واستثنائيًا هذا العام، في ظل موسم مطري شحيح وفشل مشاريع السدود المائية، وسط استمرار الاعتماد شبه الكامل على إسرائيل لتلبية الاحتياجات المائية، دون أي زيادة تذكر في الحصة الفلسطينية منذ سنوات. كل ذلك يهدد بتفاقم أزمة مائية تؤثر على السكان والقطاعين الزراعي والحيواني.
|
 |
الثروة الحيوانية مهددة بالعطش- اتحاد لجان العمل الزراعي |
تواجه الضفة الغربية صيفًا حارًا واستثنائيًا هذا العام، في ظل موسم مطري شحيح وفشل مشاريع السدود المائية، وسط استمرار الاعتماد شبه الكامل على إسرائيل لتلبية الاحتياجات المائية، دون أي زيادة تذكر في الحصة الفلسطينية منذ سنوات. كل ذلك يهدد بتفاقم أزمة مائية تؤثر على السكان والقطاعين الزراعي والحيواني.
تشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ودائرة الأرصاد الجوية إلى أن موسم الأمطار 2024/2025 حتى بداية آذار/مارس الماضي، كان منخفضًا بوضوح، بسبب ارتفاع درجات الحرارة وقلة الهطولات. وتركّزت الأمطار في شمال ووسط الضفة، فيما عانت مناطق الجنوب من معدلات أمطار متدنية.
في محطة سلفيت، سُجل أعلى هطول مطري بـ 332 ملم (نحو 48% من المعدل السنوي)، بينما كانت أريحا الأقل بـ 54.8 ملم (33%).
في المقابل، لم تتوفر بيانات عن كميات الأمطار في قطاع غزة، كون جميع المحطات الاثنتي عشرة الموزعة من شماله إلى جنوبه، قد تعرضت للتدمير الكامل منذ بدء العدوان الإسرائيلي في 7 تشرين أول/ أكتوبر 2023، ما أدَّى إلى فقدان بياناتها بالكامل.

العطش عنوان دائم لفصل الصيف-وكالة الأناضول
الرطوبة والتبخر.. إشارات إلى موجة جفاف
أظهرت البيانات المتوفرة لمحطات الرصد التابعة لدائرة الأرصاد، أن معدل الرطوبة النسبية للعام 2024، قد تراوح ما بين 74 بالمئة في محطة الخليل، و44 بالمئة في محطة أريحا، مع الإشارة إلى أن ارتفاع نسب الرطوبة لا يكون دائماً مؤشراً للهطول المطري، وقد يكون على شكل ظواهر مائية أخرى هي الضباب والغيوم الملامسة لسطح الأرض أو تشكل الندى.
أما معدلات التبخر، فكانت مرتفعة عن المعدل العام في معظم المحطات، وسُجلت أعلاها في أريحا بـ 2,811 ملم، وأدناها في نابلس بـ 1,706 ملم، وهو ما يعكس تأثر المنطقة بارتفاع الحرارة ونشاط الرياح.
درجات الحرارة أعلى من المعدلات.. وأريحا تتصدر
أظهرت بيانات الأرصاد الفلسطينية أن درجات الحرارة خلال 2024 ارتفعت عن المعدل السنوي في جميع أنحاء الضفة. كانت الزيادة الأكبر في أريحا بـ 3.6 درجات مئوية، مع ارتفاع الحرارة العظمى بنحو 2.9 درجة، والصغرى بـ 5.6 درجات مقارنة بالمعدل. وسجلت أريحا أعلى معدل لساعات سطوع الشمس (8.8 ساعات/يوم).

دفيئات زراعية في الأغوار الفلسطينية- آفاق
الزراعة في دائرة الخطر
تتوقع وزارة الزراعة أن يكون التأثير الأبرز لشح الأمطار على إنتاج الحبوب مثل القمح والشعير والعدس، إضافة إلى المحاصيل الشجرية التي قد تتراجع كميًا ونوعيًا. وحثت الوزارة المزارعين على تطبيق تقنيات الحصاد المائي للحد من فقد المياه.
وأشارت في تصريح صحفي، إلى أن انخفاض الهطولات سيؤثر أيضًا على الخزان الجوفي، وهو ما يستدعي إدارة أكثر كفاءة للآبار الجوفية، إلى جانب استخدام المياه المعالجة، وإنشاء برك ترابية جديدة. وقالت الوزارة إنها أنشأت العام الماضي نحو 50 إلى 70 بركة بسعة 100 ألف كوب للمساعدة في تخزين المياه.
لكنّ العقبة الكبرى تبقى في سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على غالبية مصادر المياه الجوفية، وحرمان الفلسطينيين من تطوير بنيتهم المائية، في وقت يهيمن فيه المستوطنون على العديد من الينابيع والآبار في الأغوار والمناطق الشرقية.
الثروة الحيوانية.. ضحية الجفاف والاستيطان الرعوي
تشير بيانات وزارة الزراعة إلى وجود نحو 900 ألف رأس من الأغنام، في الأغوار ومسافر يطا والمناطق الشرقية تعتمد إلى حد كبير على المراعي الطبيعية. وبسبب شح الأمطار، تراجع إنبات الأعشاب، ما سيؤثر سلبًا على إنتاجية هذا القطاع. كما أن الاستيطان الرعوي يفاقم من صعوبات الرعي ويُقلّص المساحات المتاحة.

شتاء فلسطيني جاف - اتحاد لجان العمل الزراعي
تداعيات على قطاع الزيتون
بحسب محمد جرار، رئيس قسم الأشجار في المركز الفلسطيني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإن ارتفاع درجات الحرارة خلال نيسان، وأحيانًا قبل ذلك، يؤثر مباشرة على الإزهار والعقد في أشجار الزيتون، ما يقلل إنتاجيتها.
وأوضح جرار في حديث سابق مع "آفاق" أن استمرار الحرارة المرتفعة خلال أيار وتموز وآب يؤدي إلى "سقوط مبكر للثمار"، ويُضعف الثمار المتبقية، فتظهر نكهات الجفاف في الزيت. وأضاف أن الأمطار غير المنتظمة، أو التي تتوزع بشكل سيئ، تُفقد الشجرة محتواها الغذائي وتضعف إنتاجها.
ويرى جرار أن الحل يكمن في الري التكميلي، خصوصًا بعد تصلّب نواة الثمرة في منتصف تموز، ما يساعد في الحفاظ على اللب وزيادة إنتاج الزيت، لا على نمو النواة وحدها.
الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، والفشل في استغلال مياه الأمطار، إلى جانب السيطرة الإسرائيلية على الموارد المائية، جميعها عوامل تتضافر لتصنع صيفًا قاسيًا على الضفة الغربية. ومع غياب حلول استراتيجية فعالة، تبقى الزراعة والثروة الحيوانية في مواجهة مفتوحة مع تداعيات التغير المناخي والواقع السياسي المعقد.