خاص بآفاق البيئة والتنمية
في ظل التحديات الكبيرة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع الزراعة الفلسطيني، بما في ذلك القمع المستمر، حرق الأشجار، تدمير المساحات الزراعية والرعوية، ونقص الموارد المائية، تقول وزارة الزراعة الفلسطينية بأنها تعمل على عدة مبادرات لدعم المزارعين وتعزيز قدرتهم على الثبات في أراضيهم. في هذه المقابلة، نلتقي مع مدير عام العلاقات الدولية والعامة في وزارة الزراعة، محمود فطافطة، للحديث عن خطط الحكومة الفلسطينية الحالية لدعم المزارعين، بما في ذلك مشاريع الأمن المائي والغذائي، وتخضير فلسطين، إضافة إلى التحديات المالية واللوجستية التي تواجه القطاع الزراعي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتأثير العدوان الإسرائيلي على الزراعة وسبل التغلب على القيود المفروضة من قبل الاحتلال.
|
 |
جندي إسرائيلي يلاحق الفلاحين الفلسطينيين في أرضهم |
يعد قطاع الزراعة الفلسطيني ركيزة أساسية في صمود المواطن الفلسطيني أمام التحديات اليومية التي يفرضها الاحتلال، بما في ذلك القمع المستمر، وحرق الأشجار، وتدمير المساحات الزراعية والرعوية، ونقص الموارد المائية. في ظل هذه التحديات الكبيرة، تقول وزارة الزراعة الفلسطينية إنها تعمل على مبادرات عدة لدعم المزارعين وتعزيز قدرتهم على الثبات في أراضيهم. في هذه المقابلة، نحاور مدير عام العلاقات الدولية والعامة في وزارة الزراعة، محمود فطافطة، للحديث عن خطط الحكومة الحالية لدعم المزارعين، بما في ذلك مشاريع الأمن المائي والغذائي، وتخضير فلسطين، إضافة إلى التحديات المالية واللوجستية التي تواجه القطاع الزراعي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتأثير العدوان الإسرائيلي على الزراعة، وسبل التغلب على القيود المفروضة من قبل الاحتلال.

م. محمود فطافطة مدير عام العلاقات الدولية والعامة في وزارة الزراعة
إليكم نص المقابلة:
ما هي خطط الحكومة الحالية، خاصة وزارة الزراعة، لدعم المزارعين، باعتبار قطاع الزراعة هو خط الدفاع الأول لصمود المواطن الفلسطيني؟
وزارة الزراعة تعمل على مبادرات عدة لدعم المزارعين وتعزيز صمودهم في مواجهة التحديات. من بين هذه المبادرات:
- مبادرة الأمن المائي: نركز فيها على المناطق المتأثرة بالاستيطان، حيث أطلقنا مشروعاً بقيمة 6.8 مليون دولار لإنشاء 2000 بئر لجمع المياه. هذه الآبار ستمكن المزارعين من الوصول إلى المياه دون الحاجة لشراء "التنكات" أو التعرض للمخاطر المرتبطة بالاحتلال.
- مبادرة الأمن الغذائي: الهدف هنا هو زيادة وفرة اللحوم الحمراء والبيضاء من خلال التوسع في الإنتاج وضبط الأسعار. نعمل على تعزيز الإنتاج المحلي، وكل مبادرة مترابطة مع الأخرى، بحيث تُسهم مبادرة الأمن المائي في تحقيق أهداف الأمن الغذائي.
- مشروع تخضير فلسطين: نعمل على توزيع ما بين نصف مليون إلى مليون شجرة سنوياً، تشمل الأشجار الحرجية والمثمرة. كما نوزع بذوراً مقاومة للجفاف، حيث سنوزع هذا العام 3000 طن من بذور العلف المقاوم للجفاف في المناطق القريبة من المستوطنات والمناطق الحدودية والجافة.
مبادرة الاستجابة العاجلة: تتلخص المشكلة في بطء أو عدم الاستجابة لإغاثة المزارعين، وبالتالي لا بد من وجود آلية سريعة وفعالة للإغاثة وتعزيز الصمود.
وقد شكلنا لجنة عليا للاستجابة العاجلة، بحيث يتم التعويض عن الأضرار بشكل فوري إذا كانت تؤثر على بقاء المزارع في منطقته. لدينا 800 ألف دولار جاهزة لهذا الغرض، بالتعاون مع شركائنا، إلى جانب توفير الشعير المخزن لدينا وبعض مستلزمات الزراعة وشبكات الري.
المبادرة عبارة عن استجابة عاجلة لما يتكبده المزارعون من خسائر بسبب اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه. حيث سيتم توفير المستلزمات الزراعية الأساسية الضرورية للحفاظ على الحد الأدنى من العملية الإنتاجية الزراعية.
تشمل المبادرة توفير مواد عينية (تخزن إما في مخازن الوزارة أو التعاقد مع موردين وتبقى لديهم)، لحين الحاجة وتلبية احتياجات المتضررين، بحيث نوفر لهم: الشوادر والخيام، ولفات بلاستيكية، ومستلزمات قطف الزيتون، والأشتال، والأعلاف، والخزانات المتحركة، والخلايا شمسية، وشبكات الري، والهياكل المعدنية، والسياج والزوايا، والبذور، وغيرها.
وسيتم حوكمة كافة العمليات الإجرائية ذات العلاقة (حصر الأضرار وتوثيقها الى صرف الاحتياجات واللوازم حسب الأصول) من خلال لجان مهنية متخصصة ومدربة.
كما سيتم حشد التمويل من شركاء وزارة الزراعة (الدوليين والمحليين) وما يتوفر لدى الوزارة من مشاريع قائمة يمكن اقتطاعها لصالح المبادرة.
- مبادرة دعم القطاع الزراعي في قطاع غزة: خصصنا 540 مليون دولار لكل ما يتعلق بإغاثة وإنعاش القطاع الزراعي في قطاع غزة بعد الحرب. نحن نعمل حالياً على تنفيذ هذه الخطة.

مزارعو فلسطين
بالنظر إلى أن ميزانية وزارة الزراعة محدودة جداً ولا تتناسب مع أهمية القطاع الزراعي، كما تم إغلاق صندوق المخاطر الزراعية الذي كان يُعتبر سنداً للمزارعين، كيف يمكن تمويل المزارعين وتعويضهم في حال تعرضوا لخسائر كبيرة بسبب الاحتلال أو عوامل أخرى؟
صحيح أن ميزانية وزارة الزراعة صغيرة جداً، حيث لا تتجاوز 1% من إجمالي موازنة الحكومة، لكن يجب النظر الى الأمر من زاوية النسبة والتناسب، حيث أن عدد موظفي الوزارة حوالي 1000 موظف على سبيل المثال، بينما وزارة التربية والتعليم مثلاً لديها أضعاف هذا العدد، بالتالي الميزانية التشغيلية لا تكون عالية، ولا تكون موازية للميزانية التشغيلية لوزارة كبيرة مثل وزارة الصحة أو وزارة التربية والتعليم، بالتالي نسبة 1% لموازنة كلية تقل عن 5 مليار دولار لكافة الوزارات ومؤسسات الدولة هي موازنة ليست كارثية تماماً من حيث المصاريف التشغيلية. كما يجب الأخذ بالاعتبار تقلص المساحات الزراعية وما الى ذلك.
ورغم ذلك، لدينا ميزانية تطويرية قدرها 120 مليون دولار من الحكومة، إضافة إلى 500 مليون من الشركاء.
أما بخصوص صندوق درء المخاطر، فهو لم يهدف لتقديم التعويضات المباشرة للمزارعين، بل لتوفير بوالص تأمين للمزارعين. والآن، بعد دمج الصندوق مع الوزارة، استمر العمل بنفس الشكل، ولكن من خلال الوزارة، وبتوفير في المصاريف التشغيلية.

مطاردة عسكرية إسرائيلية للفلاحين الفلسطينيين
ارتفاع أسعار اللحوم والخضار بشكل كبير، ما الأسباب؟ وكيف يؤثر هذا على المزارعين والمستهلكين؟
ارتفاع الأسعار يعكس بشكل جزئي قلة الإنتاج. في السابق، كنا نعتمد على قطاع غزة بنسبة 35% لتزويدنا بالخضار، ولكن مع الحرب، فقدنا هذه النسبة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار. كذلك، في الأغوار، هناك عدة أشهر تتوقف فيها الزراعة لبعض المحاصيل بسبب الحرارة العالية (أشهر تموز وآب وأيلول)، ما يزيد من مشكلة نقص العرض في الخضار، كما يساهم في رفع الأسعار.
نخطط حالياً لاستعادة الإنتاج الزراعي من قطاع غزة، وعند عودة الإنتاج سيعود الاستقرار إلى السوق وتنخفض الأسعار. لدينا اكتفاء ذاتي في معظم أنواع الخضار باستثناء البصل، والثوم، والبطيخ وبعض المزروعات، بينما نحقق الاكتفاء الذاتي في العديد من المحاصيل. جزء من إنتاج الضفة يذهب إلى قطاع غزة، وجزء آخر يتم تهريبه إلى إسرائيل، ما يؤثر على التوازن في السوق. هذا الموضوع بحاجة إلى تدخل من الأمن، ونحن نعمل على إيجاد حلول مناسبة من خلال الاجتماع مع الأجهزة الامنية لإيجاد طرق لضبط الوضع.

الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2023
كيف تتعامل الوزارة مع قيود الاحتلال على إدخال الأسمدة والمبيدات؟
لم نتلق شكاوى رسمية بخصوص منع دخول الأسمدة بشكل عام، لكن هناك بعض الأنواع التي يتم التركيز عليها من قبل إسرائيل بشكل أكبر، وقد تسبب هذا في بعض المشاكل. رغم ذلك، لدينا بدائل لهذه الأسمدة. كما تعمل رئاسة الوزراء على رفع قضايا بهذا الخصوص، لأن الزراعة لا يمكن أن تستمر بدون أسمدة.
أما بخصوص المبيدات، فهناك بعض الأنواع الممنوعة لأنها غير صالحة للاستخدام البشري. نحن نعمل على توفير المبيدات المسموح بها لضمان استمرار حماية المحاصيل.
يشار الى أن القطاع الزراعي الفلسطيني يساهم بحوالي 7-10% من الناتج المحلي الإجمالي، حسب تقديرات السنوات الأخيرة. هذه النسبة تتغير بناءً على الظروف السياسية والبيئية، بما في ذلك التحديات التي تواجه المزارعين نتيجة الاحتلال.
ومن أبرز المحاصيل الرئيسية في فلسطين الزيتون، الذي يمثل نحو 50% من الأراضي الزراعية، وكذلك الخضروات، والحمضيات، والحبوب، والعنب.
وتنتج فلسطين حوالي 100 ألف طن من زيت الزيتون سنوياً، حيث تعد شجرة الزيتون رمزاً مهماً للزراعة الفلسطينية.
كما أن القطاع الزراعي في فلسطين لديه تحديات كبيرة تتعلق بأمور رئيسية، في جانب المياه يعاني القطاع الزراعي من نقص حاد في المياه بسبب سيطرة الاحتلال على معظم الموارد المائية. يستهلك المزارعون الفلسطينيون 8% فقط من موارد المياه المتاحة، بينما تسيطر إسرائيل على النسبة المتبقية.
من جهة أخرى يصادر الاحتلال الإسرائيلي الأراضي الزراعية باستمرار لإقامة المستوطنات والجدار الفاصل، ما يؤدي إلى تدهور الزراعة في كثير من المناطق.
كما تواجه الصادرات الزراعية الفلسطينية قيوداً صارمة من الاحتلال، وخاصة فيما يتعلق بالتفتيش على المعابر والحواجز، ما يؤدي إلى تضرر المنتجات أو تأخير وصولها إلى الأسواق العالمية.

موسم تخليل الزيتون الفلسطيني
تعقيب هيئة التحرير: خلافا لما ورد في المقابلة حول استيراد واستخدام المبيدات والأسمدة الكيميائية في مناطق السلطة الفلسطينية، فإن مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تشجع وتدعم ممارسة الزراعات البيئية والإيكولوجية والطبيعية، وبالتالي التخلي عن الأوساخ الكيميائية التي لا يستفيد منها سوى حفنة من تجار الكيماويات ووكلاء الشركات وبعض المزارعين، بينما المستهدف الأساسي من العملية الزراعية، أي المواطن المستهلك للمنتجات الزراعية الملوثة بالكيميائيات، هو أكبر المتضررين صحيا، ناهيك عن المخاطر البيئية والإيكولوجية. وقد كشف تحقيق استقصائي أخير جرى بالتعاون بين مجلتنا ومؤسسة "أريج"/ إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (تحقيق: استيراد السُّم... شركات أوروبية تصدّر للدول العربية مبيدات محظورة في أراضيها) عن استمرار حالة الفوضى في سوق المبيدات بالضفة الغربية، وسط غياب الرقابة والتساهل في ترخيص مبيدات محظورة الاستخدام في دول أوروبية. وكشف التحقيق أيضا عن شركات أوروبية تصدّر للدول العربية مبيدات محظورة في أراضيها.