شذرات بيئية وتنموية.. إعصار وبحث علمي وبلديات ومدارس وأحوال واتصالات وبدايات
خاص بآفاق البيئة والتنمية

إعصار ميلتون
"ميلتون"
اجتاح الإعصار ميلتون الخطر للغاية، في الثلث الأول من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، سواحل ولاية فلوريدا جنوبي الولايات المتحدة، مصحوباً برياح عاتية وأمطار غزيرة وفيضانات فجائية. وبدأت ليلة طويلة وبالغة القسوة على سكّان منطقة ضربها قبل أسبوعين فقط إعصار مدمر آخر.
وقال المركز الوطني للأعاصير إن ميلتون وصل إلى اليابسة بقوة إعصار "خطر للغاية" من الفئة الثالثة على سلم من خمس فئات تصاعدية.
وأضاف أن "البيانات تشير إلى أن عين الإعصار ميلتون وصلت إلى اليابسة بالقرب من سييستا كي بمقاطعة ساراسوتا" المكتظة بالسكان، والواقعة على الساحل الغربي لفلوريدا.
وقبيل وصول عين الإعصار إلى سواحل فلوريدا، قال رون دي سانتيس حاكم الولاية خلال مؤتمر صحافي "حسنا، لقد وصلت العاصفة، حان الوقت للجميع للاحتماء".
ووفق المركز الوطني للأعاصير فإنّ الإعصار "البالغ الخطورة" تسبب في سائر المناطق الواقعة، وسط شبه جزيرة فلوريدا بزوابع مهددة للحياة ورياح عاتية وفيضانات فجائية.
وحذر المركز من أمواج مد وجزر يتوقع أن تغمر ساحل الخليج المكتظ بالسكان في غرب فلوريدا، وسط مخاوف من حدوث دمار هائل واحتمال سقوط قتلى، وهو ما حصل بالفعل.
ما حدث في فلوريدا يشبه القيامة الصغرى، لكنها قيامة تعيشها غزة منذ أكثر من عام، وتكررت كثيراً خلال سنوات. كما أنها رسالة تؤكد أن الإفراط في تلويث البيئة من الدول الصناعية الكبرى، وعدم التحرك لوقف سياسات الحكومات والشركات العملاقة في مجال التغيرات المناخية، ستجعل مشاهد فلوريدا و"ميلتون" متكررة في كثير من مناطق العالم.

اتصالات
إهمال
تفتح تفجيرات أجهزة الاتصالات في لبنان خلال أيلول/سبتمبر الماضي، باباً كبيراً للتوقف عند ما جرى، وما تبعه.
دون جدال، وبعيداً عن التحليل، وبلا بلاغة وإطالة، ما حدث سببه إهمال البحث العلمي، وعدم السعي لتحقيق السيادة على الغذاء.
من لا يصنع طعامه، ولا ينتج أدواته، ولا يستخدم عقله، ويقبل بهجرة العقول، ويضع الأشخاص غير المناسبين في مناصب حساسة عليه أن ينتظر حصاد نتائج الخطيئة، التي اقترفناها.
مجتمعات وحضارات دون بحث علمي يفضي إلى تقدم صناعي وتقني وزراعي، وتقبل باستيراد كماليات كمجففات طلاء الأظافر، واللحوم اليابانية، وزبدة الفول السوداني، وتتفاخر بإنتاجها علبة رب بندورة، وتقيم مهرجاناً لملكة جمال الإبل، وتدفع بمن هم غير أهل للمناصب العلمية والإدارية والسيادية، وتؤسس جامعاتها كشركات تجارية لجمع المال وتوزيع المناصب والمكاسب على المحبين، ووزارات تعليم عالٍ لا تجد فيها كفاءات مناسبة، ومناهج تشجع على البصم، وقطاعات ومجالس اتصالات رقمية لا تمارس الحد الأدنى من دورها، وأجهزة اتصالات مستوردة بمبالغ فلكية تستخدم لألعاب "الببجي" وللابتزاز الإلكتروني وللبحث عن غانيات، عليها أن تنتظر المزيد من خطايا ما زرعته. إننا لن نجني من الشوك العنب.

برنامج انتخابي
شعارات
نفشل في إدارة الهيئة المحلية، ونُبدع في شعارات دعايتها الانتخابية، وبعد مرور نحو 3 سنوات على استلام المجالس البلدية المنتخبة لزمام الأمور، نجد أن هيئات محلية كبرى لم تنفذ الشعارات الكبيرة التي طرحتها، في برامجها الانتخابية، وذهبت الوعود التي بالغت في بثها أدراج الرياح.
كان يجب أن يكون التوقيت العصيب الذي مرت به محافظات الوطن، وتكرار الاجتياحات، والتدمير المستمر للبنية التحتية، فرصة مثالية لمضاعفة العمل، وتحييد الصراعات الداخلية، وعدم اعتبار العدوان ذريعة للتوقف عن العمل.

مدارس
مهمات
الأعزاء "اتحاد المعلمين" و"التربية والتعليم": نرجو الكف عن تداول مصطلح "مهمات بيتية"؛ لأنه مجرد خيال. والمؤسف في يوم "المهمات البيتية" أنه يُعلّم أطفالنا عدم الصدق، ويؤسس لثقافة التضليل والادعاء.

تناقضات
تناقضات
بعضهم لا يناصرون السلام، ولا تعجبهم الحرب. يهاجمون المقـاومة، وينتقدون المعارضة. لا يساندون اليمين، ويشتمون اليسار. لا يحبون "الجزيرة"، ويكرهون "العربية". يناصرون حزب الله، ويشتمون إيران، ولا تعجبهم الأنظمة العربية ولا يدعمون المعارضين لها. لا يوالون منظمة التحرير، ولا يقفون مع خصومها. لا يرضون عن الجامعة العربية، ولا الجامعة الإسلامية. لا يطيقون الصيف، ويهاجمون الشتاء. لا يشاهدون الأخبار، ولا يطالعون الكتب. يريدون كل شيء، ولا يفعلون أي شيء. بارعون في النقد، ويهاجمون الفعل. لا يعجبهم العالم، ويظنون أنفسهم أنهم محوره. يهاجمون السلطان ويسارعون لمصافحته. يلعنون الاحتلال ويستهلكون بضاعته ويعملون في مستعمراته. يشتمون واشنطن ويحبون "اليو أس إيد" ويلهثون خلف "الجرين كارد". يسبون أوروبا ويهاجرون إليها. يهاجمون الأمم المتحدة ويطالبونها بالتحرك. لا يعترفون بالقانون الدولي ويدعون لاحترامه. لا يصنعون الخبز ولا يزرعون القمح ويدعون للاكتفاء الذاتي. يزعمون حب الوطن ويحولونه إلى مكب نفايات كبير!

مواقع تواصل
تواصل
بعد تكرار جرح لبنان في 18 أيلول/سبتمبر: سيكون شكل العالم بلا اتصالات لا سلكية أفضل.
مثلاً، لن نقرأ للسفهاء.
سترتاح عيوننا وأعصابنا.
سنتوقف عن مشاهدة صور تافهة.
لن نقرأ مباركات بأعياد الميلاد.
سنعفي أنفسنا من الشعور بالقهر والعجز والخذلان.
لن نلاحق الأخبار العاجلة، وغالبيتها عاطلة.
سيعود للورق وبياناته وصحفه الهيبة المفقودة.
سنكتب شعاراتنا على الجدران.
ستجتمع عائلاتنا في الصباح والمساء.
سنشاهد مسلسل السهرة.
سنجد وقتًا للتحديق بعيون أحبتنا.
لن ننشغل عن آبائنا وأمهاتنا.
سنكف عن التفاخر بأطفالنا ونشر مواعيد نومهم وألعابهم وأناقتهم.
سنقرأ كتاباً.
لن نجد ما ننسخه أو نلصقه.
سنكتفي بالدوام الوجاهي، ولن نعقد لقاءات مدرسية عن بعد مفترى عليها.
لن نسجل الدخول إلى وجهات سفرنا.
سنشعر بالراحة من سيل عبارات جوفاء.
سنجد وقتاً لتأمل المطر والغروب والفراشات.
لن نرى منشورات الطعام والشراب.
سننتظر سعاة البريد.
سنكتب رسائل غزل ورثاء وحب.
لن نجد وسيلة لالتقاط صور حوادث السير.
سيعتذر إرسال بطاقات الفرح وصور الجنائز لنا.
سنقلع عن نشر خصوصيتنا.
سنفرح.
لن نشاهد الدماء ببث مباشر.
لن نشارك صور الأشلاء.
لن نتملق.
لن نقرأ مناشدات.
سنتوقف عن التمثيل والتهريج.
لن نرى الشتائم ولا أخبار النجوم التافهة.
لن نشاهد مهرجين سياسيين ومؤثرين مزعومين.
سينتهي مفعول: السعر على الخاص، والبغاء، والابتزاز.
سنقرع أبواب الجيران التي نسيناها.
لن نلاحق العولمة وسلعها وأفكارها.

نهارات
نهاراتنا
يستفيق الناس في بقاع الدنيا على زقزقة الطيور، ويتمتع بعضهم بمراقبة الشروق، ويرتشف السعداء قهوتهم على شرفة مطلة على نهر وغابة وبساتين ورود، ويخططون لبدء نهار عطلة الأسبوع، ويتبادلون تحية الصباح، أما في فلـسـطين المصابة بحريتها فنصحو على أزيز الرصاص، وعدوان لقادمين من بلاد باردة يسكنهم القتل، وتودع الأمهات مبكراً قطعاً من لحمهن الحي، ونتابع ببث مباشر صعود الأرواح الجماعي إلى السماء، ونحمل على الأكتاف فرساناً يغسلون هوان الأمة النائمة، وتشطر الأخبار العاجلة المخضبة بأنهار الدم وجبال القهر قلوبنا، ولا نجد وقتاً إلا للحديث عن الموت وتبعاته.