خاص بآفاق البيئة والتنمية
باشر بعض الغزيين إلى إطلاقٍ المبادرات الفردية في زراعة أماكن النزوح، مثل المهندس يوسف أبو ربيع صاحب مبادرة "هنزرعها" لمواجهة المجاعة في شمال غزة، إذ يشجع "المزارع المخضرم" الشباب على تجربة الزراعة قدر المستطاع، والتوسع فيها حتى لو أجهز الاحتلال على هذه المحاولات. قبل السابع من أكتوبر عام 2023، كان لكل أسرة غزية حكاية، لنأخذ عائلة طنطيش مثالاً، فإن مشاهد حكايتها تذهب نحو المزرعة، هنا الجميع كان يعمل بجد في رعاية أشجار الفاكهة وبالأخص الحمضيات، حيث قاربت ثمارها على النضوج ولم يتبقّ سوى أيام قليلة، بدت الثمار وقتئذ غزيرة يانعة، وكانت تبشّر بخيرٍ وفير، خاصة محصول الخيار الذي لم يمر شهر على بدء إنتاجه، مغريًا بعائد مجزٍ يعوّض ما أنفقته "العائلة العريقة في الزراعة" في تطوير نظام الري وتشغيل مصدر الطاقة عبر تركيب الخلايا الشمسية في شهر أكتوبر من العام الذي سبقه.
|
|
المزارع زاهر طنطيش من بيت لاهيا |
قبل "السابع من أكتوبر"، كانت حياة زاهر طنطيش تسير على خير ما يرام، فقبل يومين من اندلاع الحرب على قطاع غزة، أتمً أعمال تشييد الواجهة الخارجية لبيت العائلة، الكل مشغول وفي سباق لإنهاء ترتيبات حفل زفاف ابن أخته المرتقب المقيم معهم في البناية ذاتها، وإذ بالمفاجأة تنزل مدوّية صباح يوم السبت، ما اضطرهم لتأجيل مراسم الفرح، ليمضي الجميع نحو ليل ونهار يتعاقب فيهما المجهول بعدّاد ما من كلمة تصفه، عدادٌ لم تُعرف نهايته بعد.
قبل بدء الحرب الدامية، كان لكل أسرة حكاية، لنأخذ عائلة طنطيش مثالاً، فإن مشاهد حكايتها تذهب نحو المزرعة، هنا الجميع يعمل بجد في رعاية أشجار الفاكهة وبالأخص الحمضيات، حيث قاربت ثمارها على النضوج ولم يتبقّ سوى أيام قليلة، بدت الثمار وقتئذ غزيرة يانعة، وكانت تبشّر بخيرٍ وفير، خاصة محصول الخيار الذي لم يمر شهر على بدء إنتاجه، مغريًا بعائد مجزٍ يعوّض ما أنفقته "العائلة العريقة في الزراعة" في تطوير نظام الري وتشغيل مصدر الطاقة عبر تركيب الخلايا الشمسية في شهر أكتوبر من العام الذي سبقه، بكلفة تزيد على 20 ألف دولار.
|
|
أبو زاهر وأم زاهر يتحرقان شوقاً للعودة إلى أرضهما |
الأيام الحلوة في المزرعة في بيت لاهيا |
الرحيل عن الأرض
عن الحياة ما بعد العدوان، هنالك الكثير في جعبة زاهر طنطيش الذي وجدت فيه مراسلة "آفاق البيئة والتنمية" ما يدعو إلى إجراء حديث يسوده الشجن، لكنه شجنٌ لا يقبل الاستكانة.
"حسناً يمكنك أن تبدأ من حيث شئت".. بدت لي هذه العبارة المفتوحة أنسب من توجيه سؤال افتتاحي، في حين أن زاهر اختار هذا الاستهلال: "مهما حاولت، لن أحصي عدد الأيام الرائعة التي عشناها في مزرعتنا في بيت لاهيا، البالغة مساحتها ما يربو عن 50 دونماً، كنت أبدأ يومي بصلاة الفجر ومن ثم أذهب مع رفاقي إلى البحر للسباحة مستقلاً الدراجة الهوائية، كنا ننسى هموم الدنيا بين أمواج البحر، وبعدها أعود إلى المزرعة مصطحبًا معي طعام الإفطار، لأتناوله في أحضان الخضرة والأشجار الوارفة من كل الجهات، أخبريني هل هناك أجمل من بداية يوم كهذه".. يتساءل بابتسامة متعبة.
من طقوس الصباح في غزة قبل العدوان الإسرائيلي
إذن هو "صباح الخير والسعادة" على طريقته.. وبعدها ينكبّ على العمل بكل جد. مرت أربع سنوات وهو ملتزم بهذا الروتين بعد تقاعده من الوظيفة العمومية، حيث كان يعمل مديرًا في جهاز الإحصاء الفلسطيني، مضيفًا: "كنت أقضي أسعد الأوقات أعمل في المزرعة وأستمتع بزيارة أحفادي وأصدقائي ونعيش معاً أجواء ساحرة بتنا نفتقدها وكأنها لم تكن".
|
|
أشتال الفلفل |
التفاح اللهواني من مزرعة عائلة طنطيش في بيت لاهيا |
من أول أسبوع بعد اندلاع الحرب توقفت العائلة عن الذهاب إلى المزرعة، بحسب حديث زاهر، باستثناء أحد أبنائها الذي استمر في خوض المغامرة والذهاب للأرض بمفرده، بغرض القيام بأعمال الري، مستمرًا على هذه الحال لأكثر من عشرين يومًا بالرغم من المخاطر المحدقة، إلى أن جاء صباحٌ ذهب فيه الشاب الشجاع لتشغيل بئر المياه، فإذ بخلايا الطاقة الشمسية قد أصابها الدمار، وعندئذ فرَّ هاربًا من المكان ليلحق بذويه الذين نزحوا آنذاك إلى جنوب وادي غزة.
يقاوم زاهر الحزن هنا عندما يتذكر: "أجبرنا الاحتلال على الرحيل والنزوح تحت وطأة القصف والتهديد للسكان في غزة وشمالها، رحلة تهجير قاسية بدأت بتوجه جزء منا إلى دير البلح وإلى "مركز الصناعة" التابع للأونروا في خانيونس، ثم بلغت الحرب درجة أعلى من درجات ذروتها، ومن جديد حزمنا أمتعتنا إلى رفح بعد ثلاثة شهور من الحرب على اعتبار "أنها منطقة آمنة" وهي ليست كذلك، ومنذ ذلك الحين نتجرع العذاب والخوف في الخيام، حيث استقر بنا المقام في أرض زراعية اِستأجرناها، لا تتجاوز مساحتها مئة متر مربع".
|
|
العائلة مع الأصدقاء يتناولون الفطور في المزرعة |
بطيخ مزرعة بيت لاهيا |
زرعٌ بجوار الخيمة
"هل فعلتَ شيئًا من أجل أن تستعيد عافيتك ولو بعض الشيء في حب الأرض والزراعة؟".. يحاول أن يتماسك متظاهراً "أنه بخير" وهو يخبرني عن هذا الجانب: "أدركتُ أن الوضع سيتعقد أكثر، وما شهدناه من غلاء فاحش في أسعار الخضراوات جراء تكدس النازحين، دفعني للتفكير بزراعة بعض أنواع الخضار سريعة النمو والإنتاج، بدأتُ أبحث عن البذور والأشتال اللازمة لكن لم أجدها بسهولة بسبب توقف المشاتل والمتاجر الزراعية في رفح عن العمل والإنتاج بعد الحرب، فضلًا عن قلة الإقبال على الزراعة، وأخيرًا أفضى البحث المضني إلى نتيجة جيدة، لقد استطاع أصدقاء لي من مزارعي المدينة توفير بعض البذور والأشتال".
يتنفس ضيفنا الفلاح الصعداء، مضيفاً بفخر: "زرعت الجرجير والفجل والبندورة والسلق والفلفل والباذنجان، وأربع أشتال من الشمام، وأربع أشتال "بطاطا حلوة"، وثلاث أشتال قرع أبيض "يقطين"، كنت أريد من زراعة هذه العينّات أن أحقق الاكتفاء الذاتي نسبيًا، وأزيّن المكان بالخضرة وأضفي مسحة من الجمال علّها تغلب البؤس".
سألته عن ردود فعل المحيطين به تجاه خطوة بنّاءة، ربما أراد بها أن يهمس لنفسه ويشد من أزرها "الحياة ستستمر"، يصارحني قائلاً: "من المؤسف أن بعضًا من أفراد الأسرة والأصحاب لم يستحسنوا مبادرتي، واعتبروها "نذير شؤم على أن الحال سيطول".
|
|
الحاج أبو زاهر طنطيش ينظف الأعشاب في محيط مزروعاته بمخيم النزوح |
زاهر يستمتع بالعمل في مزرعته ببيت لاهيا |
وعلى "طرف لسانه" كان الرد جاهزاً: "قلت لهم "هذه المزروعات لن تكون أغلى علينا من عشرات الدونمات والمباني التي أُجبرنا على تركها، إن كتب الله لنا الرجوع سوف نتركها ونعود بشوق لديارنا، وإن كتب طول الإقامة لن نخسر شيئًا، بل إن فكرة كهذه من شأنها أن توفر علينا ما نهدره في سلع بسيطة أسعارها جنونية، وتعوضنا عن جزء صغير مما فقدناه، والأهم أن نصنع فرصة الإبقاء على علاقة حميمة مع أرضنا".
ويأسف للتدهور الحاصل في قطاع الزراعة بعد الحرب، محذراً من أن "الغزيين مقبلون على وضع بالغ الصعوبة في هذا الصدد، بعد أن نفدت المحاصيل الزراعية الحالية، ما يعني أننا سنواجه نقصاً حادًا في محاصيل الخضار، وبالتالي ستضطر غزة إلى الاستيراد بعد أن شهدت نجاحاً في الاكتفاء الذاتي، علاوة على تصديرها الفائض عن حاجتها إلى الخارج".
وفي السياق ذاته، يعرب عن ارتياحه لما يسمع به من إطلاقٍ لبعض المبادرات الفردية المشابهة في زراعة أماكن النزوح، مستشهدًا بمثال المهندس يوسف أبو ربيع صاحب مبادرة "هنزرعها" لمواجهة المجاعة في شمال غزة، إذ يشجع "المزارع المخضرم" الشباب على تجربة الزراعة قدر المستطاع، والتوسع فيها حتى لو أجهز الاحتلال على هذه المحاولات.
حسب الصور الجوية الأولية فإن الدمار الهائل تركزّ في شمال القطاع، إذ أن 90% من الأراضي الزراعية دُمرت كاملة وحُرقت المحاصيل والمزارع، دمار يحتاج إلى سنوات من الإصلاح وجهود دولية، تبعاً لحديث إيمان جرار، المديرة العامة لخدمات المزارعين في وزارة الزراعة، لوكالة أنباء العالم العربي.
وأضافت جرار: "المساحات المزروعة في شمال غزة تقدر بحوالي 34 ألف دونم، وهي التي كانت عرضة للتجريف والتدمير، إضافة إلى عدم صلاحية الجزء الأكبر منها للزراعة بالنظر إلى كمية المتفجرات التي ألقيت عليها".
وتسببّت الحرب الضروس في تدمير مواسم الثمار، ما أدى إلى خسائر فادحة في الإنتاج الزراعي قُدّرت بنحو مليونيّ دولار يومياً، حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في شهر نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي.
|
وأقرب مثال، محصول الفراولة الذي تشتهر به بيت لاهيا، التي تغازل حمرتها الناصعة كل من تقع عينه عليها، وأمام أدق التفاصيل يعيش كل الأهالي فُجأة "غياب النعم" التي تقهر القلب قهرًا، يوافقني السيد زاهر الرأي، معقبًا: "الحسرة تملأ عيوننا في كل حين، نتجول في السوق ونرى المحاصيل التي كنا نزرعها لكن لم يعد بمقدورنا شرائها".
وتعزّ عليه نفسه عندما يوضح معنى الحرمان بمثال: "اشتريتُ البرتقال والكلمنتينا أقل من خمس مرات طيلة الشهور الستة الفائتة، لظروف خارجة عن إرادتي، أسأل عادة عن ثمنها وأمنع نفسي بالكاد من شرائها، في الماضي كنت آكلها دون ثمن، أكتم كمدي ما أن أتذّكر أن معدتي لم تكن تكتفي ببضع حبات من الفاكهة أو الحمضيات بأنواعها، أما الآن فتقاسم حبة من نوع واحد يعني "يوم الحظ".
|
|
تحضير الفاكهة للسوق |
عائلة طنطيش تجهز الثمار بعد حصادها |
عن أكبر شجرتين في العائلة
لدى زاهر أبُ وأم يتنفسان الأرض والزراعة عشقًا، فهما يعيشان في كنفها، ويكافحان من أجلها منذ ما يزيد على 80 عامًا، والحديث عن ارتباطهما بالأرض يطول، حسب تعبيره.
أطلقنا له العنان كي يحّدثنا بإسهاب: "والديّ ينتميان إلى عائلة ريفية ضاربة جذورها في بيت لاهيا منذ القدم، وقد عمل أجدادي أيضًا في زراعة كل ما يخطر على البال من فاكهة، وفي حِينه اشتهروا بالعنب والتفاح الذي يُعرف باسم "التفاح اللهواني"، كلاهما "أبي وأمي" شارك بعرق جبينه في تطوير وتنمية المزرعة، خاصة زراعة الفاكهة البعلية والحمضيات في حقبة الستينيات، ثم انتقلا إلى زراعة الخضار والفراولة في مطلع السبعينيات".
ويتطرق إلى دور أمه، صاحبة الوجه السَمح التي يعرفها القاصي والداني وتعودّنا منها في لقاءات سابقة أن تحفنا بأدفأ الدعوات، بقوله: "لا تنسى أمي فضل جدي وجدتي عليها لأجل أن تتشرّب كل ما يخص إدارة عملية الإنتاج والتسويق، بينما كان أبي منشغلاً بالدراسة الجامعية في مصر، ومن ثم في العمل مدرساً، فيما هي اختارت حباً أن تقضي معظم وقتها في المزرعة، إلى جانب الاعتناء بإخوتي الستة وأخواتي الثلاث".
كان أبناء عائلة طنطيش يستقرون في "بيوت عز" تقع في مركز بيت لاهيا، وتبعد نحو ثلاث كيلو مترات عن أرضهم الواقعة شمال البلدة، وبطبيعة الحال لم يكن قرار النزوح عن جنتهم هينًا، بل أنه أصعب ظرف مرَّ على هذه الأسرة كغيرها من الأسر، كما يقول، وخاصة على والد زاهر الذي رفض رفضًا قاطعًا الخروج من البيت وركوب السيارة، "لقد بكي بكاءً مراً لم نعهده منه أبداً، ولكنه في نهاية المطاف استسلم بعد أن اشتدّت وتيرة القصف في الشمال".
وها هما -الأب والأم- يتحرّقان شوقاً لعودة قريبة إلى عَالمهما الخاص، إلى درجة أنهما قد يدمعان فجأة حين يتذكران فقدانهم للأرض والبيوت و"شقا العمر"، ولا يسأمان من رفع الأكف إلى السماء حتى يمدّ الله في عمرهما ليعودا لزراعة وتعمير ما استهدفه الاحتلال الإسرائيلي.
وعما إذا كان الندم قد راود الابن البِكر على قرار النزوح من شمال القطاع لجنوبه، يشير إلى أنه لم يندم قط، لأنه اُتخذ بهدف الحفاظ على أرواح وسلامة أفراد عائلته الصغيرة التي يصفها بــ "الكبيرة في عطائها"، إلا أنه في الوقت ذاته يثّمن شجاعة وصمود من تشبثوا بالبقاء في بيوتهم وتحملّوا ويلات المجاعة والقتل التي تطاردهم كل لحظة.
ويحنّ الرجل إلى طقوس يومية مثل تناول طعام الإفطار والغداء في الأرض أو كما يحلو له أن يسميها "المزرعة" بصحبة العاملين فيها أو مع العائلة والأصدقاء، وفي المساءات تحلو أحاديث السمر مع أكواب الشاي وفناجين القهوة، وتناول الفواكه والخضار الطازجة والحمضيات، مضيفاً: "لطالما تغنّينا بإنتاجنا الذي كنا نمدّ به السوق، وبحِرصنا على أن تتحقق فيه مواصفات الأمن الغذائي السليم الخالي من أي مواد ضارة أو سامة".
|
|
قبل الحرب الأب والأم والابن البكر |
مع بركات زيت الزيتون في بيت لاهيا قبل العدوان |
مُتعبون لكن أملنا في الله
موقف صعب مر في الأيام الثقال التي تصب عذاباتها على أهالي القطاع كل يوم، يشير إليه في حديثه: "عندما نزحنا إلى دير البلح هاجمت الطائرات الحربية البيت المقابل لبيت الصديق الذي نقيم فيه، ما أدى إلى تهشّم نوافذ البيت واقتلاع أبوابه، والحمد لله لم يُصب أي منا بأذى".
ولكن ثمة موقف آخر رأوا فيه الموت يترّبص بهم، تحديدًا عندما نزحوا إلى خانيونس في المرحلة التالية، وحاصرت الدبابات مركز الإيواء في "مركز تدريب الصناعة" التابع لوكالة الغوث، إذ قُصفت إحدى المباني القريبة من خيمتهم، ما تسبّب في استشهاد عدد من النازحين واحتراق خيام عدة، يقول زاهر.
ويستمر في وصف ما حدث: "لم ينتهِ الأمر هنا، لقد واصل الاحتلال إطلاق الرصاص العشوائي صباح اليوم التالي فأصيب ابن عمي في رأسه، إذ دخلت رصاصة الجانب الأيسر وخرجت من الجانب الأيمن بينما كان يجلس في خيمته. لم يكن أمامنا إلا أن ننقله على عاتقنا إلى رفح بسيارتنا الخاصة لعدم استجابة النداء لتوفير سيارة إسعاف، ثم قررنا مغادرة مركز الايواء تحت صليات الرصاص، والذعر من الدبابات التي تتواجد على بعد مسافة قليلة، لننتقل إلى مركز الإيواء في رفح، وحمدًا لله أن نجونا جميعًا بأعجوبة بمن فيهم ابن عمي".
ومن المؤلم أن يعترف المرء بمشاعر تقترب من اليأس المتسلّل إلى قلوبٍ بلغت الحناجر، بعد أن أتمّت الحرب شهورها السبع، "عاش فيها معظم الناس فصول تغريبة فلسطينية أقسى من تغريبة الأجداد الأولى"، والكلام له، مستدركًا حديثه: "لكن يبقى الأمل في الله وحده أن يحفظنا من كل سوء، ويعيدنا إلى حياتنا بمعجزة تنتشلنا مما نحن فيه.. إنه سميع مجيب".
ويفكر بصوتٍ عال يشوبه الذبول: "ما ارتكبه الاحتلال من جرائم حرب وتدمير لكل مقومات الحياة الإنسانية فاق كل التوقعات، وربما فاق الحروب كافة في التاريخ القديم والحديث، لذا يبدو الأمل في العودة والإعمار وبدء الحياة من تحت الصفر أشبه بالمستحيل"، مناشدًا العالم بالعمل على وقف العدوان والمذابح الجماعية والتهجير القسري للسكان، "أنقذوا من تبّقي من البشر وأوقفوا الخسائر في الأرواح وما بقي من مقدرات قليلة".
"هل أعادت الحرب اكتشافك لنفسك؟" يصمت قليلاً قبل الختام: "علَمتني ضراوتها وطول مدتها أن أصبر على الشدائد، وأتحمل ألم الفقد لكل شيء في حياتي السابقة، أن أتأقلم بسرعة مع الظروف القاهرة التي عشناها في مراكز النازحين، مهما كان التِيه لا حدود له".
المحاصيل التي زرعها الفلاح الغزي زاهر طنطيش من بيت لاهيا في محيط خيمة النزوح بمدينة رفح |
|
|
|
|
|
|
|
|
|