الطلاب اللبنانيون يقبلون على الدراسات البيئية

"كارين منذر" تحضر لنيل درجة الدكتوراة في العلوم البيئية في جامعة بيروت العربية
آفاق البيئة والتنمية/
دفع تلوث الهواء والمياه، ومشاكل التخلص من النفايات، وفقدان التنوع البيولوجي وإزالة الغابات، الجامعات اللبنانية إلى إدخال الدراسات البيئية والاستدامة في مناهجها مؤخراً.
ويكتسب هذا التخصص شعبية متزايدة في أوساط جيل الشباب من الطلاب الأكثر وعيًا بالتهديدات التي تتعرض لها البيئة في عصر تغير المناخ.
وصنف مؤشر التنمية المستدامة لعام 2019 لبنان في المرتبة السادسة من بين 22 دولة عربية. وذكر المؤشر أن لبنان يسير على الطريق الصحيح لتحقيق اثنين من أهداف الأمم المتحدة البيئية بحلول عام 2030: المياه النظيفة والصرف الصحي، وعمل ما يلزم بشأن تغير المناخ؛ لكنه بقي متخلفًا عن تحقيق أهداف أخرى، لا سيما جعل المدن والبلدات أماكن عيش مستدامة.
وقالت صفاء بيضون، مديرة مركز أبحاث البيئة والتنمية (RCED) في جامعة بيروت العربية (BAU): "لا يزال الأداء البيئي في لبنان بعيدًا عن أن يكون مرضيًا، والتكلفة الاقتصادية وتدهور البيئة آخذان في الازدياد".
وأُنشئَ المركز في عام 2010 لتوفير مرافق بحثية للطلاب المسجلين في برامج الماجستير والدكتوراة بجامعة بيروت العربية في العلوم والهندسة البيئية.
وقد تعاون المركز مع جامعة مونبلييه في فرنسا والمرصد اللبناني الفرنسي للبيئة، O-Life، من أجل سد الثغرات في المناهج الدراسية للحصول على درجة الماجستير.
وأضافت بيضون: "هناك حاجة إلى تعليم بيئي متعدد التخصصات يربط بين المعرفة والمهارات المهنية من أجل مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية وتحقيق الاستدامة البيئية".
وتقر بأهمية “تطوير البرنامج في جامعة بيروت العربية لجعله أكثر ملاءمة لاحتياجات البلد، حيث تركز البرامج الحالية بشكل أساسي على المعرفة النظرية دون إيلاء الكثير من الاهتمام للمهارات والكفاءات المطلوبة في سوق العمل.
وقالت: "نسعى لمعالجة هذه الثغرات، حتى نساهم في إعداد مهنيين بيئيين قادرين على تحديد وحل المشاكل البيئية الناشئة ضمن الأوضاع المعقدة من التحديات الطبيعية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والسياسية التي يواجهها لبنان".
وتشجع بيضون على فكرة أن تصبح المساقات المتعلقة بالبيئة مطلبًا عامًا لجميع طلاب الجامعة، موضحة: "إنها طريقة مناسبة لتعريف الطلاب بالقضايا البيئية ودوافعهم للتخصص في هذا المجال".
وينصب اهتمام مركز أبحاث البيئة والتنمية RCED على طلاب الماجستير والدكتوراة في جامعة بيروت العربية، لمساعدتهم في أبحاثهم التي تغطي موضوعات مثل تحسين جودة المياه والمعالجة النباتية – أي استخدام النباتات الحية لتنظيف التربة والمياه والهواء من التلوث.
كما يساعد المركز طلاب الهندسة في تطوير مواد البناء الحيوية من الرواسب في بحيرة القرعون الاصطناعية والحمأة الناتجة عن محطات معالجة مياه الصرف الصحي. البحيرة عبارة عن خزان تم إنشاؤه منذ أكثر من 60 عامًا عندما بُني سد على نهر الليطاني، أكبر أنهار لبنان.
فيما تقدم الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) الدراسات البيئية كمقررات ثانوية لجميع الطلاب بغض النظر عن موضوع تخصصهم الأساس.
وقال أحمد حوري، المحاضر عن البيئة في الجامعة اللبنانية الأميركية: "قدمنا أول دورة عن البيئة منذ حوالي 15 عامًا، وصُمم المساق ليقدم كدورة تدريبية للجميع. وتتمثل ميزته في أنه يُمكّن الطلاب من التسجيل في هذا التخصص الفرعي في السنة الثانية من دراستهم".
وأضاف: "اتضح بأن الدورة جذابة للطلاب إلى حد كبير. في وقتٍ ما، كان لدينا سبعة أقسام من الدورة مع 40 طالبًا في كل قسم".
مع ذلك، لم تقدم الجامعة اللبنانية الأميركية بعد برنامجًا رئيسيًا كاملًا حول الدراسات البيئية والتنمية المستدامة يجمع بين النظرية والتطبيق لطلاب المرحلة الجامعية.
وواصل حوري حديثه: "نحن بالتأكيد بحاجة لوجود برنامج شامل. يجب أن تكون البيئة موضوعًا يُدرّس في المرحلتين الجامعية وما يسبقها بهدف توعية الشباب بالتحديات البيئية. ونوصي بدمج المواد في مناهج المدارس الثانوية بذات الطريقة التي يتم بها دمج التاريخ أو الجغرافيا أو الرياضيات".
وقال سيزار أبي شديد، الأستاذ المشارك ورئيس قسم الهندسة المدنية في الجامعة اللبنانية الأميركية: "برنامج الهندسة البيئية ليس موضوعًا جديدًا في الجامعة اللبنانية الأميركية. لقد كان موجودًا عندما كنتُ طالبًا في التسعينيات. إنه مجال تقني للغاية على الرغم من تداخله بطريقة ما مع دراسات العلوم البيئية".
وتحضر كارين منذر، 25 سنة، لنيل درجة الدكتوراة في العلوم البيئية في جامعة بيروت العربية مع تركيز على جودة المياه في نهر الليطاني، إذ تلقى الكثير من النفايات المنزلية والحيوانية في النهر، الذي تلوث بالمضادات الحيوية.
وتتحدث عن دافعها بالقول: "أعتقد أن لبنان بحاجة ماسة لخبراء البيئة وعلماء الهيدرولوجيا للمساعدة في حماية المياه والموارد الطبيعية الأخرى والحفاظ عليها. لقد قرأتُ الكثير عن تلوث المياه والتحديات البيئية قبل أن أقرر الحصول على درجة دكتوراة في العلوم البيئية. إنه مجال مهم للغاية وليس لدينا ما يكفي من المتخصصين".
ومن الجدير بالذكر أن تسع جامعات في لبنان لديها برامج لنيل درجة الماجستير في علوم وتكنولوجيا وهندسة البيئة. إذ تختلف أهداف وهياكل ومتطلبات البرامج وفقًا للأهداف التعليمية لكل جامعة، ولم يُنظم تطوير المناهج على المستوى الوطني.