خاص افاق البيئة والتنمية / غزة
وافقت وزارة الصحة في قطاع غزة على إعادة فتح قاعات الافراح في الخامس من حزيران الماضي في ظل إجراءات منع تفشي فيروس كورونا، شريطة الالتزام بحوالي 19 شرطاً وضعتها الوزارة بالتعاون مع أصحاب القاعات والمطاعم وغيرها في غزة. وذك ضمن سلسلة من التعليمات الصارمة الواجب اتباعها، بما فيها الحفاظ على التباعد الاجتماعي، والتعقيم الدوري لهذه الفضاءات، ومنع دخول كبار السن والأطفال، وارتداء المدعوين القفازات والكمامات الطبية. هذه التعليمات، ظلت حتى لحظة إعداد هذا التقرير حبرا على ورق.
|
|
حفلات الأفراح في غزة دون الالتزام بالحد الأدنى لإجراءات الوقاية من فيروس كورونا
|
"ندعوكم بمحبة.. أفراحنا في قاعة "....." على شاطئ بحر غزة.. موعدنا الساعة السادسة مساءً.. يمنع اصطحاب الاطفال دون سن الـ 12عامًا، "بناء على قرار وزارة الداخلية".
ما سبق هو نص دعوة لحفل زفاف في مدينة غزة، استهدف نحو 220 سيدة بحسب الاتفاق المسبق مع مسؤول قاعة الأفراح.
وتلك الدعوة تتطابق مع حوالي 19 شرطاً وضعتها وزارة الصحة بالتعاون مع أصحاب القاعات والمطاعم وغيرها في غزة، من أجل الموافقة على إعادة فتح قاعات الافراح في ظل إجراءات منع تفشي فيروس كورونا بالقطاع.
ووفق وزارة الصحة في غزة، فقد بلغ عدد الاصابات منذ آذار الماضي أي بدء انتشار الوباء في فلسطين بـ 72 حالة، تعافى منها 58 حالة حتى نهاية حزيران الحالي، وتم تسجيل حالة وفاة واحدة لسيدة مسنة كانت تعاني من أمراض مزمنة.
لكن داخل القاعة؛ كان المشهد عكس ذلك، مع وصول حوالي 400 سيدة، كثير منهن كن يصطحبن أطفالًا وبينهم رضع دون التقيد بإجراءات الوقاية والسلامة الاحترازية.
ولم يتم توزيع كمامات أو قفازات الأيدي على الحضور في هذا الحفل بالتحديد، جراء عجز العريس عن توفير ثمنها، إضافة الى عدم تسجيل أسماء الحضور وأرقام هواتفهن في حال أي طارئ قد يحصل جراء "كورونا".
الأفراح في غزة تسير على قدم وساق في ظل الكورونا
ورغم كل التحذيرات التي تعممها وزارة الصحة ليل نهار بالتعاون مع الجهات المختصة من أجل سلامة المواطنين وابعادهم عن الإصابة بفيروس كورونا، إلا ان المفاجأة التي فاقت كل التوقعات خلال الحفل حضور طفلة من أقرباء العريس لم يتجاوز عمرها الست سنوات إلى القاعة، رغم أنها مريضة، وتمكث في المستشفى جراء معاناتها من نقص في الكالسيوم، حيث صالت وجالت بين الحضور، ورقصت على المنصة مع العروسين في أجواء من الفرح والسعادة!
ومع مرور الوقت؛ توقفت أجهزة التكييف داخل القاعة جراء انقطاع التيار الكهربائي، وغابت شفاطات الهواء التي جاءت ضمن شروط إعادة الافتتاح.
ليس ذلك فحسب، فقد رصدت "افاق البيئة والتنمية"، غياب المنظفات والمعقمات داخل حمامات تلك القاعة رغم استخدامها بشكل متكرر من قبل الحضور خصوصًا الأطفال.
هكذا بدا المشهد في الداخل، أما في الخارج، فقد كان عشرات الرجال من أقرباء العروسين يجلسون على كراسي بلاستيكية متلاصقة، في حين كان يلهو أطفالهم أمام باب القاعة دون وجود مكان آمن لهم، رغم ان الاتفاق المسبق مع عائلة العريس بحسب صاحب القاعة ألا يتجاوز العدد 30 رجلًا.
وتقول السيدة سمية خالد "40" عامًا، التي تحدثت لنا عقب خروجها؛ أنها عندما جاءت لاستئجار القاعة طلبت من صاحب القاعة توفير معقمات للحمام، وسيدة لتنظيفها وتوفير كمامة وقفازين لها، مشيرة الى انها جاءت لتتابع مجريات إجراءات السلامة لتؤكد انها غابت بصورة تامة، وبناءً عليه لن تستمر في استئجار هذه القاعة حتى لو خسرت ما دفعته للحجز.
وتشير خالد إلى أنها استأجرت قاعة ثانية تلتزم بالعديد من إجراءات الوقاية والسلامة منها تعقيم القاعة قبل بدء الحفل والتكييف ومضخات الهواء على مدار الساعة لفلترة الهواء، ووضع "بوسترات" على مداخل القاعة تحتوي على إرشادات صحية بالحفاظ على التباعد ومنع المعانقة والتقبيل والسلام بين المدعوين.
فيروس كورونا لا يعني شيئا بالنسبة للغزيين المشاركين في حفلات الأعراس
عودة الأعراس ولكن!
وقاعات الأفراح في قطاع غزة الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة، ظلت مغلقة لحوالي ثلاثة أشهر، ضمن الاجراءات الاحترازية التي فرضتها السلطات هناك، لمواجهة خطر تفشي فيروس كورونا الذي اجتاح معظم الدول حول العالم، وأسفر عن إصابة ملايين البشر وتسبب في وفاة مئات الآلاف من سكان كوكب الأرض.
إلا أن تلك السلطات قررت في الخامس من حزيران/ يونيو الماضي، عودتها إلى العمل من جديد ضمن سلسلة من التعليمات الصارمة الواجب اتباعها، بما فيها الحفاظ على التباعد الاجتماعي، والتعقيم الدوري لهذه الفضاءات، ومنع دخول كبار السن والأطفال، وارتداء المدعوين القفازات والكمامات الطبية.
ومع حلول فصل الصيف، تزداد أعداد حفلات الزفاف التي تتم إقامتها في قاعات الأفراح، فيما تكتظ الشوارع في قطاع غزة بالسيارات المزينة بالورود والتي تطلق العنان لأبواقها لتصدح تعبيرا عن السعادة بحفل الزفاف.
فيما تقول الشابة شيماء الحايك "26" عامًا، انها قد حضرت برفقة طفلتها التي لم تتجاوز ثلاثة أعوام احدى الأفراح التي غابت عنها إجراءات السلامة والوقاية، لافتة إلى انها مشابهة لما قبل "كورونا"، حيث العديد من النسوة اللواتي كن يعانين من الانفلونزا ومع كل "عطسة"؛ كان هناك استهتار واضح من قبل النسوة "بفيروس كورونا".
وتبين ان كل القرارات التي أعلن عنها قبيل افتتاح قاعات الافراح كانت حبراً على ورق ليس إلا، منوهة الى غياب المضيفات على مدخل القاعة، وعدم تحقيق التباعد الاجتماعي وعشرات الأطفال بصحبة عائلاتهم.
وتواصل: "أما فيما يتعلق بالكمامات فلم ترتديها أي مدعوة بالرغم من الازدحام الكبير ودرجة الحرارة المرتفعة". مضيفة وهي تبتسم: " وأنا واحدة منهن".
فيما قالت سها إبراهيم انها كانت قد حضرت فرحاً في قاعة "سما غزة"، التي تماشت مع جانب من الاجراءات التي نص عليها اتفاق افتتاح القاعات، لافتة الى انه تم تسجيل قائمة بأسماء الحضور وأرقام الهواتف الخاصة بهم، دون أي ممانعة من دخول الأطفال بمختلف أعمارهم إلى داخل القاعة، إضافة الى وجود تكييف مضخات للهواء.
وفيما يتعلق بالتوجيهات التي يجب عليهم الالتزام بها قالت ان منظمي الحفل لم يحرصوا على حث المدعويين بالالتزام بمسافات التباعد او استخدام المطهرات او ما شابه.
وفي جنوب القطاع؛ أقامت عائلتي الشاب محمد أبو زيد وعروسه خولة عبد الحميد ثلاث حفلات على مدار ثلاثة ليالي في جنوب قطاع غزة.
فوضى الأعراس في غزة زمن الكورونا
يقول العريس أبو زيد بعد أن أخفض كمامته للحديث مع المجلة: "هي فرحة العمر (...) وفرتُ كمامات ومعقمات بحوالي 700 شيقل (200 دولار)، لكن الحضور من عائلتي وعائلة زوجتي وأصدقائنا وجيراننا وأحبتنا كان كبيراً جدًا".
ويضيف أبو زيد (27 عامًا) "على مدار ثلاثة أيام احتفلنا هنا (قطعة أرض فارغة قرب منزله في مخيم رفح) بالهواء الطلق دون كمامات، لكن خلال الاحتفال بيوم الفرح داخل القاعة، الكمامات والقفازات نفِذت خلال أول نصف ساعة".
ومع مرور الوقت تخلص الحضور من الكمامات والقفازات في ظل ارتفاع درجات الحرارة داخل القاعة، وعدم وعي الحضور بأهمية الإجراءات الاحترازية، وبعضهم منح تلك الكمامات للأطفال من أجل اللهو.
وفي سؤالٍ لعدد من النسوة اللواتي حضرن العديد من الافراح خلال الشهر الماضي، فقد اجمعهن على أن جميع الأفراح لم تلتزم بإجراءات السلامة والوقاية، خاصة وان القطاع لم يشهد في مثل هذه الأفراح أي إصابة بفيروس كورونا.
حفلات الأعراس في غزة زمن الكورونا
وطالما حذر مختصون من أن التهاون في تنفيذ إجراءات الوقاية من شأنه ان يؤدى الى وقوع خطر الإصابة بفيروس كورونا، لاسيما وأن المدعوين من كافة المناطق ولا يوجد أي معلومات عن حالتهم الصحية. ودعوا الجهات المختصة الى الزام أصحاب هذه القاعات بتنفيذ شروط السلامة التي اعلن عنها قبيل افتتاح قاعات الافراح والمطاعم وغيرها، واجمعوا على أن درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج.