فصام بيئي
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تعاني بيئتنا الحالية من أعراض فصام القرار البيئي. في كثير من دول العالم المتقدمة والنامية يتم الإقرار بضرورة حماية البيئة ودعمها للوقوف على قدميها. لكن في المقابل يتم إتخاذ خطط هي عكس ذلك تماماً. يتم إتخاذ قرار أمام الملأ بحماية البيئة ولا يتم تنفيذه فعلياً أو يتم إجراء مشروع في منطقة ما ليخرب كل البيئة التي تم التصريح بضرورة حمايتها في الأمس.
للأسف هذا ما يحدث، وبفضل كثير من الشركات الكبرى عبر العالم والتي لا يمكن أبداً المساس بمصالحها. تلك القرارات البيئية يتم وضعها جانباً لتُعدل مراراً وتكراراً سنة بعد الأخرى، بناء على ظروف البيئة المتضررة من مشاريع الشركات الأخيرة.
عملية إتخاذ القرار في كثير من الدول تواجه صعوبة في جعل كفتي ميزان التنمية الاقتصادية والبيئية على سوية واحدة. إتخاذ القرار البيئي قد يواجه بكثير من الرفض المدعوم بقوى قد تكون لها الكلمة الأخيرة. في نواحي أخرى قد تكون الخطط تدعوا لحماية البيئة والتنوع الحيوي ضمن بلد محدد ولكن هذه الخطط قد لا يتم تطبيقها بالشكل المثالي البيئي أو حتى كما يجب، فيتم المطالبة بحماية البيئة والتنوع من طرف ليتم إحضار أنواع نباتية أو حيوانية أو حتى تقنيات مستوردة غير محلية ولا ترتبط بمنطقة الدراسة، وتُدخل باسم حماية التنوع. هذا الغلط قد لايكون ذا آثار سلبية على المدى القصير ، لكن هو تدمير للبيئة وليس إحياء لها على المدى الطويل.
يُنادى في كثير من البلدان بالسياحة البيئية. كنشاط؛ تعتبر السياحة البيئية نوع من عرض جمال الطبيعة على العموم ليقدّروا قيمتها ويستمتعوا بفوائدها الصحية والروحية. لكن؛ عند تشجيع السياحة البيئية يجب أن نقوم بوضع خطط تنظمها، لا أن ننادي بمشروع سياحة بيئية لمنطقة ما، فيتم بعدها تدمير بيئة المنطقة نتيجة أفعال غير منظمة من زوار المنطقة باسم البيئة والتوعية البيئية. إن أهم معيار لتنظيم السياحة البيئية هو السعة، أي قدرة المنطقة على استيعاب عدد معين من الأفراد ضمن فترة زمنية محددة دون الإضرار بها.
الحل لهذه المشاكل؛ هو بوضع سياسة بيئية واضحة وصارمة تطبق على الجميع، شرط أن تكون هذه السياسة عقلانية وتراعي كل أطراف النزاع البيئي الاجتماعي والاقتصادي. هذه السياسة قد تكون في بعض البلدان تطبق فعلياً على أراضيها لكنها غير مطبقة على أراضي غيرها فتعمد إلى نقل جميع أنشطتها إلى تلك المناطق. لذلك السبب يجب وضع سياسة ذات بعد دولي وليس بحدود جغرافية أو سياسية.
قد يكون الحل لبعض الدول التي لم يتبقَ لها إلا القليل من بيئاتها الطبيعية، أن تحول أراضي الدولة كلها إلى محمية كبيرة واحدة ذات إدارة مركزية، بخطط إستراتيجية وإدارات فرعية ذات مخططات محلية منسجمة مع ظروف تلك المناطق الفرعية. هذه الخطط قد تكون هي الحل الوحيد لبعض الدول التي تعاني فقداناً متسارعاً لمواردها الطبيعية أو تردياً في نوعية الأخيرة.
العلاج لهذا المرض الذي عنونا به هذه الكلمات هو وضع خطة بيئية ذات وجه واحد مُلزِمة لجميع الأطراف ومُلزَمة بجميع نواحي البيئة.