قلق في جنوب ليبيا من الجراد الصحراوي

القاهرة/ آفاق البيئة والتنمية:
سرى قلق في المناطق الجنوبية من ليبيا بسبب الجراد الصحراوي، لما قد يمثله من تهديد للزراعات والمراعي حال تكاثره، مع عجز عن مكافحة الآفة؛ لنقص شديد في الإمكانيات والتجهيزات اللازمة.
وقد وقعت خسائر في المحاصيل بالفعل، ورغم جهود متواضعة تُبذل في مكافحة الجراد والحد من انتشاره، إلا أن الأمر يقتضي العجلة في تعزيز القدرات المحلية وتوفير المعدات والمبيدات.
ظهرت الآفة في أماكن مثل تهالا وتراغن وغات ووادي البوانيس، وإذا لم يُتدارك الوضع فسوف يتفاقم مع البدء في التزاوج ووضع البيض، ما ينذر بخسائر أكثر فداحة، وفق تصريحات لوكالة الأنباء الليبية، أدلى بها المتحدث باسم اللجنة الوطنية لمكافحة الجراد الصحراوي في ليبيا، حسين البريكي.
وثمة مقاطع مصورة تُتداول على مواقع التواصل الاجتماعي للجراد وهو يحط على المحاصيل الزراعية وحشائش الوديان، كما وثّق المركز الليبي لأبحاث الصحراء وتنمية المجتمعات الصحراوية، عقب زيارة ميدانية لتقييم الأضرار.
بالقرب من الحدود مع الجزائر، حيث غات في الجنوب الغربي، شوهدت مجموعات مشتتة من الحشرات الكاملة، الانفرادية والتجمعية، غير الناضجة والآخذة في النضج والناضجة جنسيًّا، وفق ما أثبتته نشرة منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة [فاو]، الراصدة للتطورات بدءًا من فبراير الماضي وتوقعاتها حتى أبريل المقبل.
أما في الجنوب الشرقي، فقد عُثر على مجموعات من الحشرات الكاملة التجمعية الناضجة جنسيًّا في المناطق المروية بالقرب من تازربو، وهرار زوية، والكفرة، بينما شوهدت الحشرات الكاملة الانفرادية المشتتة الناضجة جنسيًّا في جبل أركينو، تبعًا لنشرة ’فاو'.
أيضًا في وسط البلاد قرب سبها، كانت مجموعات من الحشرات الكاملة التجمعية الناضجة جنسيًّا موجودة في المناطق المروية، وعُثر كذلك على حوريات انتقالية مشتتة في العمر الرابع.
الأمطار التي شهدها شمال غرب أفريقيا في سبتمبر الماضي وفرت بيئة مواتية لتكاثر الجراد، الذي تحرك من شمال السودان وتشاد والنيجر، إضافة إلى الذي نشأ محليًّا.
التغيرات المناخية وما ترتب عليها من هطول الأمطار في مواسم غير معتادة، خلق تحديات غير مسبوقة في آليات مراقبة نشاط الجراد، وفق تصريح لشبكة SciDev.Net من شوقي الدبعي، رئيس فريق الجراد والآفات والأمراض النباتية الأخرى العابرة للحدود في ’فاو'.
ويوضح الدبعي أن ”الجراد لديه مرونة عالية في تغيير شكل جسمه وسلوكه ومعدل تكاثره وفقًا للظروف البيئية“.
ووفق دراسة نُشرت في دورية ’التقدم العلمي'، تفضل إناث الجراد وضع البيض في مناطق رطبة.
في نشرة ’فاو' الصادرة في 5 مارس الجاري، رصد الجراد -على اختلاف الأطوار والتجمعات والأسراب والأعداد- في المغرب والجزائر وتشاد والنيجر.
في ليبيا، سُجل نحو 335 هكتارًا من المساحات المتضررة، تمت معالجتها.
حالة ليبيا في نشرة ’فاو' كانت ”تحذيرًا“، وتوقعات المنظمة أنه سوف تستمر مجموعات الحشرات الكاملة في الجنوب الغربي، بينما قد تستمر مجموعات الحشرات الكاملة والأسراب الصغيرة في الوصول من الجنوب، وقد يؤدي الجيل الناتج من التكاثر الربيعي إلى ظهور مجموعات صغيرة، وربما بقع حوريات في أبريل، وزيادة الأعداد، أوصت المنظمة الأممية بوجوب ”أن تستمر المكافحة“.
والتساؤل السائد الآن في جنوب ليبيا ووسطها يدور حول أسباب عدم التعامل الجاد مع هذا التحذير، إذ لا تزال المكافحة ضعيفة.
بعد أسبوعين من وضع البيض يبدأ الفقس، ويخرج الجراد مستهلًّا حياته بطور الحوريات الذي يستغرق من 30 إلى 40 يومًا، وتتطور خلاله مارةً بخمس مراحل إلى ست، وتنمو غير قادرة على الطيران، ثم تصير بالغة وقادرة على الطيران والتكاثر، في غضون بضعة أسابيع (2 إلى 4، وقد تمتد إلى 8 في المتوسط).
والمكافحة يجب أن تركز على مرحلة ’الحوريات'، إذ يسهل القضاء عليها قبل أن تصبح قادرةً على الطيران، وفق عمرو عبد السميع، أستاذ العلوم الجزيئية والمتخصص في علم الحشرات التطبيقي بكلية العلوم في جامعة القاهرة.
”والأمر ليس سهلًا كما قد يظن البعض“، كما يقول عبد السميع للشبكة، وإنما ”يحتاج إلى فرق ميدانية مدربة مزودة بالمعدات اللازمة، مثل المرشات الأرضية والطائرات الصغيرة“.
هذه الإمكانيات والمعدات غير متوافرة في الجنوب الليبي، إذ يحذر البريكي من أن التجمعات الحالية مرشحة لمزيد من الانتشار مع استمرار التزاوج ووضع البيض، مؤكدًا أن نقص المبيدات ومعدات الرش والسيارات اللازمة للمكافحة يزيد من صعوبة الوضع، مما دفع اللجنة إلى مناشدة الحكومة والمسؤولين لتوفير الدعم العاجل.
ويوضح الدبعي: ”نحن على تواصل مستمر مع السلطات المحلية، ونقدم لهم النصيحة، ونتعرف على احتياجاتهم في المكافحة، ونسعى لتوفيرها في أقرب فرصة“.
ويؤكد الدبعي ضرورة التعامل بجدية مع تحذير ’فاو'، موضحًا أن ”سربًا واحدًا من الجراد بمساحة كيلومتر مربع واحد يمكن أن يحتوي على 80 مليون جرادة، ويستهلك من المحاصيل الزراعية في يوم واحد ما يكفي لإطعام 35 ألف شخص“.
المصدر: المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا