شذرات بيئية وتنموية...دروس ووصف ومقاصّة ورثاء وحمى...
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تجارب
تعلّمت 20 عاماً في روضة ومدرسة وجامعتين، واجتزت تدريبات عملية في 18 مدينة شرقية وغربية، وتعاملت مع 24 رئيس تحرير ومسؤولاً مباشراً خلال 28 عاماً ونيف، واجتزت أكثر من 1000 اختبار، وقابلت أكثر من 5 آلاف مسؤول وشاهد في رحلة الصحافة التقليدية والبيئية. أبرز الدروس طوال التجربة: لا تفرطوا في الكره والود. لا تصفقوا لأحد. لا تطلبوا شيئاً خاصًا من مسؤول مهما بلغ قربكم منه. لا تندموا على غرس شجرة، حتى لو استظلها قاطع طريق وابن ضال ومارق. أفرطوا في التطوع والشفافية والانحياز للبيئة حد الملل. احتفظوا لأنفسكم ببعض الرسائل والصور القديمة مع أحبتكم دون نشر، خشية من ساعة خصام. فرقوا بين نقد الفكرة وشيطنة صاحبها. لا تصدقوا كل ما يُقال لكم وعنكم في العلن فبيت القصيد في الخفاء، وبعد انتهاء محادثاتكم الهاتفية. لا تندموا على شيء فات. امنحوا أنفسكم حصانة من خيبات الأمل. تيقنوا بأن الغالبية تسارع في حمل همومها إليكم، وتبخل في إشراككم بلحظات فرحها، كبعض التجار الذين يسارعون في البكاء لو خسروا سنتاً، ويخفون عنكم أرباحهم الفلكية. مارسوا قناعاتكم ولو كنتم مع الأقلية أو وحدكم. إذا رأيتم صواباً اندهشوا!
هروب
هروب
تصور أنك في جنازة، ويأتي أحدهم ليُطبق مثلاً شعبياً ينعت فاقد الإحساس بمن "يرش على الموت سُكّراً"، ويشرع في نثر المسحوق الأبيض على النعش فعلاً!
سيتهم هذا بالجنون، وقد يحظى بوجبة دسمة من الشتائم واللكمات.
بعيداً عن بيدر المجاز، وقريباً من منطق الحقل، تحدث هذه الفظاعة فعلاً، حين يُطعمك سياسي أو مسؤول أو صانع قرار أو محلل سياسي "جوزاً فارغاً"، فيخبرك أننا في أزمة طاحنة، وزمن صعب، ونعيش مقتلة، ونتواجد على مفترق طرق، ونواجه تحديات مصيرية ووجودية، وغيرها!
نفهم أن الوصف مهنة للشعراء الذين يهربون من الواقع إلى الترف، ومهم للصحافيين في تصوير قصصهم، وضروري للأطباء كمدخل لمداواة علل مرضاهم، لكنه معيب بحق غيرهم، الذين يهربون من مسؤولياتهم وواجباتهم وأدوارهم، ويغرقوننا في شعارات جوفاء، دون الحد الأدنى من التخطيط.
المقاصة بين دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية
عائدات
تعني المقاصّة، وفق معجم المعاني الجامع، "عمليّة مصرفيّة قوامها أن تُسَدَّد جميع المدفوعات والمقبوضات بواسطة حوالات متبادلة، اتِّفاق بين بلدين على فتح حساب لكلّ منهما لدى الآخر يُسجّل في الجانب الدّائن صفقات التّصدير وفي الجانب المدين صفقات الاستيراد ويُسَوَّى الفرق بينهما في آخر المدَّة المحدّدة"، لكنها فلسطينياً مختلفة في وقعها.
فقد كُتب علينا أن نكون الشعب الوحيد في الكون، الذي تصبح هذه "المقاصة" خبراً له وابتزازاً عليه.
وتشكل العائدات الضريبية الفلسطينية المحتجزة لدى دولة الاحتلال، حجر الزاوية، لاتفاق باريس الاقتصادي، الذي ربط اقتصاد الشعب الواقع تحت الاحتلال بالدولة التي تسيطر على أرضه وتنهبها، ودون تصويب هذا الاتفاق، فستظل "المقاصة" العنوان الذي لا يغيب عن مجالسنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
الحاح خليل طالب
وداع
ترجل في حزيران الفائت، الحاج خليل محمد خليل طالب (أبو جمال)، فتى نورس تجرع علقم فقدان فردوسها.
رحل العم الطيب إلى استراحته الأخيرة، دون أن يتمكن من تحقيق حلم العودة إلى عيون ماء قريته وترابها وسهولها التي تستلقي باسترخاء في قلب مرج ابن عامر.
والتحق الجد بحفيده الذي يشاركه الاسم الرباعي نفسه، ولم يتمكن من وداعه، حين قضى إلى علياء المجد في نيسان/أبريل 2022، واختطفته ثلاجات القهر.
عمل الجد في الزراعة وتجارة الخضراوات، وعاش في مخيم جنين، وذاق حسرة رحيل ابنه عبد الكريم، وبكره جمال، وتجرع مر النكبة المتجدد، حين هدم بيته في 2002.
كان الراحل بشوشاً هادئاً، أضاف الشيب له وقاراً إلى وقاره، وصاحب روح مرحة، وحاول قبل أن تتآمر الأيام على عافيته استرداد ذكريات أرضه، فزرع في بيته بحي الهدف ما اعتاد على فلاحته في قريته المسلوبة.
درس الحفيد خليل التمريض، لتطبيب جراح الجد العميقة، التي لا تُرى، وتسكن في جدران ذاكرة متعبة.
حمى النيل الغربي
فايروس
سجلت وزارة الصحة، صباح 6 حزيران/يونيو الفائت، أول إصابة بمرض حمى النيل الغربي، في محافظة جنين. واشتبه الأطباء -وفق بيان الوزارة- بوجود أعراض مطابقة للمرض، وبعد إجراء الفحوصات اللازمة تم تأكيد الإصابة.
وبحسب الوزارة، فإن "حمى النيل الغربي" ينتقل عبر البعوض، وتشبه أعراضه إلى حد كبير الإنفلونزا مع ارتفاع في درجات حرارة الجسم، حيث تظهر الأعراض بعد 3 أيام من لدغة البعوضة، ويكون كبار السن الأكثر عرضة للإصابة بها.
وأكدت "الصحة" أن طواقم الرعاية الصحية الأولية وصحة البيئة، بالتعاون مع كافة الجهات المختصة في محافظة جنين بدأت بحملة لمكافحة البعوض في أحياء جنين ومخيمها، وستنفذ حملات لمكافحة البعوض في محافظات الوطن.
واللافت، وفقاً لبيان الوزارة، أن الاقتحامات المتكررة لجيش الاحتلال واستهدافه للبنية التحتية خصوصاً شبكات المياه والصرف الصحي في جنين، وغيرها من المدن والمناطق، أدت الى زيادة انتشار البعوض بشكل كبير خاصة في جنين ومخيمها.
ودعت الوزارة المواطنين إلى الوقاية الشخصية من الإصابة بارتداء ملابس طويلة تغطي الأيدي والأرجل أثناء التواجد خارج المنزل في أوقات نشاط البعوض ليلاً، واستخدام الناموسيات عند النوم، واستعمال كريمات للجلد طاردة للبعوض، ووضع شبك على نوافذ البيوت، وتجفيف المياه الراكدة والمستنقعات في ساحات البيوت، وحول الأشجار، وأحواض الزهور.
و"حمى النيل الغربي" مرض فيروسي ينتقل للإنسان بواسطة البعوض، وتم اكتشافه عام 1937 في ولاية غرب النيل في أوغندا.
على كل حال، ستجد الجهات الصحية صعوبة كبيرة في اتخاذ أية إجراءات وقائية تتطلب فرض قيود، بعد تجربة جائحة "كورونا"، التي رافقتها حالة طوارئ، والشائعات، وحملات التشكيك بتوظيفها، وشهدت مبالغة في القيود المرافقة لها، وهي إجراءات لم تُفعّل خلال الأحداث العصيبة في غزة والضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.