أشارت الورقة البحثية التي أعدها مدير دائرة الرقابة والمعلومات في وزارة الإعلام الفلسطينية، والزميل في (آفاق)، عبد الباسط خلف، وقدمها خلال المؤتمر الفلسطيني الأول حول الصحافة البيئية، إلى غياب تصنيف البرامج البيئية عن تلفزيون فلسطين، فمن أصل140 برنامجًا، هناك 3 يمكن تصنيفها كبيئية، وثمة 16 برنامجًا تحمل أبعادًا بيئية، ومن السهولة تطويرها إلى برامج خضراء. كما تبيّن أن تلفزيون فلسطين مباشر، يمنح البيئة مساحة معقولة من بثه، ولكن يظهر غياب القضايا البيئية بالمطلق من قناة مساواة. كما أن البيئة لا تأخذ حقها في برامج تلفزيون فلسطين و"صوت فلسطين" فهناك في الأرشيف (362) برنامجًا، وفي أحدث دورة برامجية 45، بينها واحد بيئي فقط. كما يغيب التصنيف البيئي عن الإذاعة. وأظهرت الورقة غياب التصنيف البيئي من وكالة "وفا"، مقابل منح موقع المعلومات في الوكالة حيزًا مستقلا للبيئة من أصل (29) تصنيفًا.وأوضحت النتائج وجود العديد من المواد التأسيسية للوعي البيئي في المركز الإعلامي لسلطة جودة البيئة، تتنوع في الشكل، لكنها مُصنفة بطريقة غير جذابة. كما أفادت بغياب أي تبويب للبيئة عن موقع "الحياة الجديدة"، مع حضورها في أقسام أخرى.
|
خاص بـ(آفاق البيئة والتنمية)
(قدمت هذه الورقة البحثية في مؤتمر الصحافة البيئية، 8 أكتوبر 2019، رام الله)
 |
طاقم الكتاب والصحافيين في مجلة آفاق البيئة والتنمية |
كشفت ورقة بحثية حملت عنوان (دور الإعلام الحكومي في تعزيز الوعي البيئي) غياب تصنيف البرامج البيئية عن تلفزيون فلسطين، فمن أصل140 برنامجًا، هناك 3 يمكن تصنيفها كبيئية، وثمة 16 برنامجًا تحمل أبعادًا بيئية، ومن السهولة تطويرها إلى برامج خضراء. كما تبيّن أن تلفزيون فلسطين مباشر، يمنح البيئة مساحة معقولة من بثه، ولكن يظهر غياب القضايا البيئية بالمطلق من قناة مساواة.
وأشارت الورقة التي أعدها مدير دائرة الرقابة والمعلومات في وزارة الإعلام، والزميل في (آفاق)، عبد الباسط خلف، وقدمها خلال المؤتمر الفلسطيني الأول حول الصحافة البيئية، أن البيئة لا تأخذ حقها في برامج "صوت فلسطين" فهناك في الأرشيف (362) برنامجًا، وفي أحدث دورة برامجية 45، بينها واحد بيئي فقط. كما يغيب التصنيف البيئي عن الإذاعة.
وأظهرت الورقة غياب التصنيف البيئي من وكالة "وفا"، مقابل منح موقع المعلومات في الوكالة حيزًا مستقلا للبيئة من أصل (29) تصنيفًا.
وأوضحت النتائج وجود العديد من المواد التأسيسية للوعي البيئي في المركز الإعلامي لسلطة جودة البيئة، تتنوع في الشكل، لكنها مُصنفة بطريقة غير جذابة. كما أفادت بغياب أي تبويب للبيئة عن موقع "الحياة الجديدة"، مع حضورها في أقسام أخرى.
وأفاد استطلاع تضمنته الورقة أن (70,1 %) من المشاركين يتابعون الإعلام الحكومي، فيما رأى (75,6%) من المستطلعين بوجود اهتمام بيئي في الإعلام الرسمي، واعتقدوا أن الوسيلة الأكثر متابعة للشأن البيئي هي "وفا"، وتلفزيون فلسطين، وصوت فلسطين، والحياة الجديدة، وموقع المركز الإعلامي لسلطة جودة البيئة على التوالي.
وعزا المبحوثون أسباب عدم حصول البيئة على اهتمام مماثل كالرياضة، في وسائل الإعلام إلى تراجع الوعي البيئي، والتربية، وتقصير القائمين على الاعلام، وغياب صحافيين متخصصين، وعدم وجود جمعيات بيئية قوية ومؤثرة، وضعف البيئة كمادة جاذبة للإعلانات والتسويق، وسيطرة الهموم الحياتية المباشرة على اهتمامات الناس، والاهتمام بالأخبار السياسية والتطرق للبيئة فقط في حال ارتباطها بالاحتلال.

"كوتا" خضراء
وأوصت الورقة بمنح البيئة تصنيفًا مستقلًا، وبنسبة ثابتة (3% كاقتراح بحدود دنيا) في وسائل الإعلام الرسمية؛ وتخصيص مساحة تفاعلية في المواقع الإلكترونية للإعلام الرسمي للقضايا البيئية، والاستدامة في البرامج البيئية، والتنسيق أكثر بين سلطة جودة البيئة والإعلام الرسمي والأهلي لتأسيس إعلام بيئي متخصص وفاعل، والاستفادة من التجارب السابقة، خاصة لـ"صوت فلسطين" و"تلفزيون فلسطين" لجهة تطوير المضامين التراثية والزراعية والصحية والتعريفية بالمواقع إلى برامج بيئية، والتي لا تحتاج إلى مجهود هائل.
ودعت الورقة إلى تبني خطة وطنية بشراكة حكومية وأهلية لتدريس الإعلام البيئي في الجامعات كمساق اختياري في المرحلة الأولى، وتدريب الإعلاميين والصحافيين على المعالجة الفعالة للقضايا البيئية، ومساعدتهم في بناء وتطوير قدراتهم.
واقترحت تنسيق إلزام وسائل الإعلام الخاصة، عبر وزارة الإعلام، بمنح البيئة مساحة (2% من نسبة الـ 20% المنصوص عليها كبرامج منتجة محليًا)، ومساعدة الوزارة للمحطات بتطوير كادرها في الإعلام البيئي، بالشراكة مع جهات العلاقة.
وناقشت الورقة دور الإعلام الرسمي في تعزيز الوعي البيئي، وتُحلّل مضمون البرامج الإعلامية المختصة بالبيئة في: هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية بتفرعاتها، والموقع الإلكتروني لوكالة (وفا)، وموقع سلطة جودة البيئة. كما تتبع محتوى الموقع الإلكتروني لصحيفة "الحياة الجديدة".
وسعت للإجابة بطريقة منهجية على مدى حضور البيئة وبرامجها في وسائل الإعلام الرسمية. كما تفحصت درجة تصنيف البيئة كاهتمام دوري أو موسمي. وأجابت عن شكل العلاقة بين الإعلام المتخصص والوعي.
وهدفت الورقة إلى قياس نسبة حضور البرامج البيئية المتخصصة في المنابر الرسمية، وتحليل مدى التفاعل مع هذه البرامج، وتفحص درجات توظيف نظرية وضع جدول الأعمال Agenda-Setting Theory، والتي تفترض أن وسائل الإعلام من خلال عرضها للمعلومات والحقائق تقرر القضايا التي يتداولها الجمهور.
تحليل ومضمون
وحلّلت مضمون البرامج المختلفة في أرشيف موقع الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الفلسطيني (فلسطين، ومساواة، والأخبار، وصوت فلسطين)، ووكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، والمركز الإعلامي لسلطة جودة البيئة، و"الحياة الجديدة". وتتبع حضور المواد الإعلامية المتخصصة بالبيئة، والتفاعل الذي أحدثته، والرسائل التوعوية التي نقلتها.
وانقسمت المصادر التي استخدمها الباحث إلى عدة أنواع، فراجعت الدراسات النظرية المماثلة جزئيًا. وحلّلت مضمون البرامج والمواد الإعلامية، وأخضعت المعلومات التي توصل إليها للتحليل، وخرجت باستنتاجات وتوصيات. كما ووزع الباحث استبانة إلكترونية عبر Google لقياس الآراء حول حضور البيئة وغيابها في الإعلام الرسمي، وأجرى مقابلات، مع رئيس تحرير وكالة (وفا)، ومدير عام البرامج في "صوت فلسطين"، ومدير التحرير في "الحياة الجديدة".
ملامح غائبة
قالت الورقة إن وسائل الإعلام أداة هامة لنشر الوعي البيئي، والترويج للحفاظ على البيئة باعتبارها حاجة وضرورة، "لأنه بغير هذا الوعي تظل حماية البيئة مجرد شعار يصعب تطبيقه، ومن العسير مراقبته."(عبد المجيد 1999، ص50 ). وهكذا، شُرع بالتأسيس لحقلٍ تخصصيٍ جديدٍ من حقول الإعلام، وصار يتبلور ويتأصل وتتضح هويته في دول العالم المتُقدّم، في وقت لا زال الإعلام العربي يعاني غيابَ ملامحَ بارزةٍ وواضحةٍ لهذا الحقل، أو يشهد اهتمامًا موسميًا بالقلق البيئي، بالرغم من أهميته الكبيرة.
وأوضحت أنه لا يخفي على أي متابع أو متخصص أن وسائل الإعلام: المطبوعة، والمسموعة، والمرئية، والإلكترونية، لا تمنح البيئة الحيز الذي توازيه من الأهمية. وقد يكون عدم اعتبار البيئة أولوية بسبب الاحتلال وإفرازاته، وطغيان السياسة وشوؤنها، والاقتصاد وتحدياته، والميل نحو الترفيه والفن والرياضة، مبررات لـ "ندرة" البيئة وإعلامها، وغياب إعلاميين مختصين فيها.
اهتمام موسمي
وتمحورت إشكالية الورقة حول حداثة اهتمام الإعلام الفلسطيني الرسمي بالشأن البيئي، ومدى حضور أو غياب برامج متخصصة بالبيئة، وارتباطها غالبًا بفترات موسمية، أو كردات فعل على أزمة بيئية ما، أو اتصالها بانتهاكات الاحتلال. وتتحرك في فضاء صعوبة الحديث "عن هوية خاصة للإعلام البيئي العربي، مشابهة لهوية الإعلام السياسي أو الثقافي أو الاقتصادي أو الفني أو حتى الرياضي؛ "لأنها تتطلب وجود بعض الشروط الأساسية لاعتبارها هوية مستقلة، بما فيها من أنماط إعلامية احترافية تتعلق بكيفية تقديم الخبر والتحليل، عبر إطار معرفي مُحدد لقضايا البيئية"(صعب 2008، ص 1).
وبحثت الورقة في تداعيات عدم ترتيب البيئة كأولوية في الإعلام الفلسطيني، وتشابكها مع التحديات "الأكثر إلحاحاً" كالفقر، وارتفاع البطالة، والأوضاع الاقتصادية والسياسية، وما تسببه للبيئة من غياب عن "سلم الأولويات" كسن التشريعات، والسياسات المستدامة."( الدجاني، 2011، 14)
أسئلة وأهداف
وسعت الورقة للإجابة بطريقة منهجية على مدى حضور البيئة وبرامجها المتخصصة في وسائل الإعلام الرسمية. كما تفحص درجة تصنيف البيئة كاهتمام دوري أو موسمي. وتجيب عن شكل العلاقة بين الإعلام المتخصص والوعي، من خلال التعليقات والتفاعلات ومدى المتابعة لهذه البرامج، وتبحث في انعكاسات الإعلام البيئي، إن وجد، على تشكيل الوعي وتأطيره.
وناقش الباحث دور الإعلام الرسمي في تعزيز الوعي البيئي، وتحليل مضمون البرامج الإعلامية المختصة بالبيئة في هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية بتفرعاتها (القنوات المتلفزة المختلفة)، و(إذاعة صوت فلسطين)، والموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، والمركز الإعلامي لموقع سلطة جودة البيئة، وموقع صحيفة "الحياة الجديدة" الإلكتروني.
وقاس نسبة حضور البرامج البيئية المتخصصة في المنابر الرسمية، وحلّل مدى التفاعل مع هذه البرامج، وفحص درجات توظيف نظرية وضع جدول الأعمال( (Agenda-Setting Theory، التي أطلقها Walter Lippmann عام 1922، والتي تفترض أن وسائل الإعلام من خلال عرضها للمعلومات والحقائق تقرر القضايا التي يتداولها الجمهور.

منهجية ومصادر
واستندت الورقة على المنهج الوصفي، فراجعت دراسات مماثلة، وحللت مضمون البرامج المختلفة في أرشيف موقع الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الفلسطيني https://www.pbc.ps/ (فلسطين، ومساواة، والأخبار، وصوت فلسطين)، وموقع وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) http://www.wafa.ps /. والمركز الإعلامي لسلطة جودة البيئة http://environment.pna.ps/ar/، وموقع"الحياة الجديدة" http://www.alhayat-j.com/، في الفترة بين نهاية آب 2019 ومطلع تشرين الأول 2019 وتتبعت حضور المواد الإعلامية المتخصصة بالبيئة، والتفاعل الذي أحدثته. كما احتوت استمارة وزعت من خلال google على الإعلاميين والمهتمين بالشأن البيئي، واشتملت مقابلات مع مسؤولين في الإعلام الرسمي، وأخضغت المعلومات التي توصل إليها للتحليل، وخرجت باستنتاجات، وانتهت بتوصيات.
بدايات دولية خجولة
وقالت الورقة إن هناك نُدرة في الدراسات العربية بوجه خاص، التي ربطت بين الإعلام من جهة والوعي البيئي من جهة أخرى. ولأسباب موضوعية، نجد أن معظم الدراسات العربية الراهنة، قد أنطلقت من دراسات أجنبية سابقة، بالرغم من أن بعضها ظهر في الستينات والسبعينيات من القرن الماضي.
وأوردت دراسة أجريت في الولايات المتحدة حول حجم اهتمام صحيفة "نيويورك تايمز" بالموضوعات البيئية، وبينت أن عدد هذه الموضوعات ارتفع من (200) عام 1960 إلى ( 1600) عام 1970، ثم عاد للانخفاض إلى (700) عام 1978، ليرتفع إلى أكثر من (1000) نتيجة لأحداث "ثري مايلز آيلاند"، وهي حادثة تلوث إشعاعي وقعت في آذار 1979، أدى اإلى إجلاء نحو (22000) شخص من المناطق المحيطة بالموقع، وكانت جملة تكلفتها ملياري دولار (عبد المجيد 1999، ص55).
وتحدثت عن اختلاف كبير في أسلوب معالجة قضايا البيئة في وسائل الإعلام المتخصصة؛ إذ ترُكز بعضها على طرح قضايا بيئية بصورة ودورية بتعمق وأسلوب علمي، فيما ترتبط هذه التغطية في وسائل الإعلام العامة على الأحداث والتطورات المثيرة، والأحداث السياسية والعلمية المستجدة. وكان لوسائل الإعلام أكبر دور في بث الوعي البيئي للجمهور، مثلما "لعب اهتمام الجماهير بقضيا البيئة دورًا هامًا في تحريك الإعلام للاهتمام بهذه القضايا، ويحسب للإعلام دوره في الضغط على الحكومات في بعض الدول للتعامل مع بعض المشكلات البيئية القومية والإقليمية (الحناوي 2004، ص25).
دراسة فلسطينية
وسعى بحث حول دور الإعلام الفلسطيني في التوعية البيئية: دراسة تطبيقية على الصحافة المطبوعة والإلكترونية" لطلعت عبد الحميد عيسى إلى التعرف على الدور الذي تؤديه وسائل الإعلام الفلسطينية المطبوعة والإلكترونية في التوعية بقضايا البيئة المختلفة، ومشكلاتها، وخطورتها، وسبل علاجها، وكيفية تغطية الصحافة المطبوعة والإلكترونية لها، وحجم هذه التغطية، ومدى اعتماد الجمهور عليها في التعرف على القضايا البيئية، والفائدة المتحققة له من هذه الوسائل في زيادة وعيه البيئي. وانطلقت الدراسة من مدخل أساسي هو نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام، واستفاد عيسى من هذه النظرية في صياغة فروضه، والتأكد من مدى صحتها، وحاول معرفة مدى اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام الفلسطينية المطبوعة والإلكترونية في الحصول على معلوماته حول قضايا البيئة ومشكلاتها، ومحاولة قياس اثنين من التأثيرات التي تفترضها النظرية، وهي: التأثيرات المعرفية: من خلال قياس الوعي البيئي لدى المبحوثين، وعلاقته بمدى اعتمادهم على الصحافة المطبوعة والإلكترونية في معرفة المعلومات البيئية، والتأثيرات الوجدانية، عبر قياس اتجاهات المبحوثين نحو مجموعة من المواقف والقضايا البيئية.
أما دراسة الباحث السوري محمد خليل الرفاعي (1997) والتي ربطت بين الإعلام والوعي البيئي، فقد شددت بعنوانها "أثر وسائل الإعلام في تكوين الوعي البيئي" على أهمية دور وسائل الإعلام في رفع مستويات الوعي للجمهور. وذكر الباحث أن هذا الأمر يتطلب الاستمرار في بث مواد إعلامية متخصصة بموضوعات البيئة (الرفاعي 1997، ص 80).
فيما أكدت دراسة ''الإعلام العلمي العربي وقضايا التنمية" لجمال محمد غيطاس، والتي قدمها في إطار مؤتمر ''الإعلام العلمي العربي وقضايا التنمية: رؤية معلوماتية''، بالكويت حول الإعلام العلمي، على حيوية الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في سبيل تنمية الوعي البيئي للجمهور. ( غيطاس 2005، ص 2).
تجارب وطنية
واستندت دراسة علاء كنعان "دور الإعلام في تطوير الوعي البيئي" (2016)، والتي قدمها للمؤتمر الفلسطيني السابع للتوعية والتعليم البيئي لمركز التعليم البيئي، عام 2016، على آراء 53 صحافيًا، وتتبعت مدى تأثير الإعلام المحلي في خلق الوعي والسلوك المجتمعي. وناقشت دور الإعلام بعد انضمام فلسطين إلى الاتفاقيات البيئية الدولية.
وقالت إن دور العلاقات العامة والإعلام في سلطة جودة البيئة، لا يقتصر على نشر الخبر الصحافي، والقيام بحملات إعلانية أو دعائية، وإنما يكمن "في تحقيق الصورة الإيجابية وترسيخها لدى أفراد المجتمع"، وتتمثل وظائفها في "إعلام المواطنين عن دورها الوطني والوظيفي والأخلاقي في حماية البيئة، والحفاظ على مكوناتها."
وقالت الدراسة إن الصحافي يستخدم "الإعلام الحكومي لمعرفة الأخبار البيئية، ويتجه نحو إعلام سلطة جودة البيئة، وإعلام المنظمات الأهلية البيئية بالتوازي للحصول على المعلومات البيئية المختلفة."
وأفادت الدراسة بأن تلفزيون فلسطين أعد برنامجًاً خاصًا عن البيئة والأرض والطبيعة، وتناول الواقع البيئي للبحر الميت، وتهريب الخردة في جنوب الضفة الغربية وحرقها. والإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، ومفاهيم الرقابة والتفتيش ودورها في حماية البيئة، والتعاون الدولي في مجال البيئة، والتشريعيات والآليات القانونية وآليات إنفاذها، والتنوّع الحيوي، والانتهاكات الإسرائيلية. وقالت إن تلفزيون فلسطين "يناقش في برامجه ونشرات الأخبار القضايا البيئية" كالاعتصامات والاحتجاجات في سبيل الحفاظ على البيئة، ومنع إقامة المشاريع التي تؤثر على البيئة، مثلما حدث في طولكرم إبان سعي شركة سند للصناعات الإنشائية إنشاء مصنع إسمنت فلسطين في قراها الشرقية.
ورصدت دراسة "واقع البيئة في الإعلام الفلسطيني: فضائية "الفلسطينية" نموذجًا" (2016) للآء كراجة، تأثير الإعلام المحلي على متابعة القضايا البيئية الأكثر حساسية، بشكل متواصل اعتمادًا على سياسية الضغط والمناصرة في طرح القضايا البيئية، من خلال البرامج التي تستهدف جمهورًا متنوّعا.
مثال عُماني
وتناولت دراسة( العبد، 1993) قضايا البيئة في الإعلام العماني، وأكدت نتائجها نجاح الإعلام العماني في إمداد الأفراد بالمعلومات البيئية، وتشكيل الآراء والاتجاهات الداعمة للجهود التي تبذلها سلطنة عمان في هذا المجال. وقد جاء التلفزيون في مقدمة المصادر التي أمدت القائمين بالاتصال بمعلومات حول قضايا البيئة ومشكلاتها (100%)، يليه الصحف (%91,7)، والراديو(83,3%) والمجلات العامة (75%)، والمجلات المتخصصة والندوات والحلقات الدراسية (41,7% لكل منها).
وقالت Hamis Kahera(2002) في دراسة تحليلية لدور وسائل الإعلام والسياسات الحكومية، وقالت إن وسائل الإعلام جزءٌ لا يتجزأ من عملية صناعة القرارات وتنفيذها، باعتبارها دائرة تتشارك ثلاثة أركان في بلورتها: وسائل الإعلام، والجمهور، والسياسات العامة. وتناولت الدراسة التغير الحاصل في أعداد الصحافيين المهتمين بالبيئة في الولايات المتحدة، ففي العام 1968 كان عددهم (1)، وبعد الاحتفال بيوم الكرة الأرضية لأول مرة في العام 1970 ارتفع العدد إلى(100). (Kahera 2004, p1-116)
أجندة وأدوار
وأورد Berger(2002) أن الإعلام البيئي يتحرك في ثلاثة أدوار: وضع الأجندة، والمراقبة، والدور الاحتفالي [الإعلان عن قضايا أو نجاحات ]. ووضع الأجندة هي نظرية قالت إن وسائل الإعلام هي التي تحدد وترتب الأولويات التي يهتم بها الجمهور .(Berger 2002, p8-11)
ورأى Karl Grossman(2005)أن وسائل الإعلام الأمريكية لم تتعامل مع موضوعات البيئة؛ لاستخدامها على نطاق واسع. وكانت وسائل الإعلام التجارية قبل 15 عامًا من إجراء الدراسة، لا تتناول موضوعات البيئة والطاقة النووية والطاقة النظيفة، غير أن وسائل الإعلام الجديد، والإلكتروني، جعلت الجمهور العادي يساهم في قضايا البيئة، وصار بالإمكان مشاهدة برامج تهتم بالبيئة (Grossman 2005,p318).
الإعلام البيئي: خلفية تاريخية
وقالت الورقة: يرجع الإعلام البيئي في نشأته إلى أكثر من مئة عام، ومع أنه لم يكن واضحًا أو بارزاً، إلا أنه ارتبط بإنشاء جمعيات أهلية للحفاظ على الحياة البرية. ويرى الباحث د. عصام الحناوي إلى ان الجمعيات البيئية المتخصصة في شؤون الحياة البرية والحفاظ عليها، كانت تشمل في نشاطاتها على إعلام الناس عن فوائد الحياة البرية وضرورة صونها."واتخذت تلك الجمعيات من الصحافة والمجلات وسائط لنشر رسالتها، وأصدر بعض منها المجلات العلمية العامة التي أولت البيئة الطبيعية اهتماماً خاصًا، مثل National Geographic التي صدرت في أمريكيا، ومنذ منتصف القرن العشرين، ومع تزايد نشاط الحركة البيئية خاصة في أمريكيا وأوروبا، أهتمت وسائل الإعلام الأخرى مثل الإذاعة والتلفزيون اهتمامًا متزايدًا بقضايا البيئة المختلفة"(الحناوي 2004، ص 24).
وبشكل تدريجي، ظهر تخصص جديد في مجال الإعلام البيئي، بدأ الاهتمام به يتزايد يوماً بعد يوم، عبر المؤلفات النظرية والمؤتمرات والأبحاث. والإعلام البيئي: "تعبير مركب من مفهومين عريضين هما: الإعلام والبيئة، ويعتبر الإعلام أحد المقومات الأساسية للحفاظ على البيئة، حيث يتوقف إيجاد الوعي البيئي واكتساب المعرفة اللازمين لتغيير الاتجاهات والنوايا نحو القضايا البيئية على نقل المعلومات، وعلى استعداد الجمهور نفسه ليكون أداة في التوعية لنشر القيم الجديدة، أو الدعوة للتخلي عن سلوكيات قائمة. وتتجلى أهم أهداف الإعلام البيئي في تحقيق وعي بالبيئة وتنمية الحس بها لدى كل متلقي الرسالة الإعلامية البيئية حتى يصبحوا مواطنين فاعلين حقًا، ويكونوا من عوامل التنمية المستدامة المتواصلة بمحافظتهم على البيئة أو الدعوة للتخلي عن سلوكيات قائمة" (السعود 2007، ص254-255).
أهداف وتنمية
واعتبرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (إلكسو)، أن هدف الإعلام البيئي يتجلى في" تنمية القدرات البيئية وحمايتها ما يتحقق معه تكييف وظيفي سليم اجتماعيًا وحيوياً للمواطنين، ينتج عنه ترشيد السلوك البيئي في تعامل الإنسان مع محيطه، وتحفيزه للمشاركة بمشروعات حماية البيئة والمحافظة على الموارد."( المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم د ت، ص 156-157).
إن المهمة التي يسعى الإعلام البيئي إلى انجازها، تتمثل في "توظيف وسائل الإعلام -التقليدية والجديدة- وتطويعها بهدف حماية البيئة والمحافظة على جودة الحياة، والتنبيه لمخاطر الكوارث الطبيعية المحتملة، وحماية التنوع الحيوي، والتوقف عن تدخل الإنسان بتوازنه، وكشف الجهات التي تتسبب بتلويث البيئة وتدميرها بشتى السبل. (خلف 2011، ص2).
تخصص مفقود
ويمُكن للإعلام البيئي لعب دور حيوي في التأثير على سلوك الأفراد، كما أنه "يتميز عن وسائل الإعلام الأخرى كالعلم والقانون والأسرة وغيرها، لأنه يشترك مع كافة وسائل حماية البيئة الأخرى، ويوفّر قنوات اتصال ملائمة لإيصال الرسائل بفعالية وسرعة، كما أن هذه الوسائل تستهدف قطاعات المجتمع كافة، ويمثلون الفئة المستهدفة لوسائلTarget Popoulation في مجال التوعية البيئية"(السعود 2007، ص 258).
ويختفي عن معظم وسائل الإعلام العربية وجود محررين مختصين، في ما عدا التصنيفات التقليدية: المحليات، الدوليات، الثقافة، الاقتصاد، الرياضة، التحقيقات." وقد نجد ما يتعلق بالبيئة في الأخبار المحلية، من مشروع طريق أو سد أو مصنع أو تشجير أو كارثة طبيعية. لكن هذه كلها تكتفي بنقل الخبر وتفتقر الى الاستقصاء والتحليل. أما التحقيقات المحلية حول شؤون البيئة فغالباً ما تتركز حول موضوع مثل النفايات في الشوارع، وهو موضوع يسترعي الانتباه البصري المباشر، أو كارثة مثل تسرب نفطي أو اشتعال الآبار، وتهمل مسائل مهمة أخرى مثل أثر الصناعة في البيئة، واستنزاف الموارد الطبيعية، وتلوث المياه، وتخريب الشواطئ، وتضخم المدّ العمراني على نحو عشوائي. هذه المسائل البيئية الأخرى المهمة، تكتفي وسائل الإعلام العربية بالنشر عنها حين تحصل على مواد جاهزة من منظمات دولية أو وكالات أنباء" (صعب 2008، ص8).
البيئة في الاعلام الحكومي الفلسطيني

تلفزيون فلسطين: 3 تجارب
تٌصنف البرامج في تلفزيون فلسطين، كما تبدو في الموقع الإلكتروني، إلى 9 هي: سياسية، ونشرات الأخبار، وثقافية، واقتصادية، واجتماعية، ورياضية وشباب، ومنوعة، وأطفال، وبرامج رمضان. أما عدد البرامج السياسية 83، ونشرات الأخبار 3، والثقافية 140.
يتضح من تحليل البرامج الثقافية لتلفزيون فلسطين وعددها 140، وجود 3 برامج يمكن تصنيفها كبيئية بشكل واضح (فلسطين والطاقة) و( الطاقة البديلة)، و(حياة خضراء)، وهناك 16 برنامجًا تحمل أبعادًا بيئية، ومن السهولة تطويرها إلى برامج خضراء، خاصة لأنها تشكل أبعادًا تراثية، وزراعية، وتتحدث عن الطاقة، والتعريف بالأماكن التاريخية والسياحية، والتعمق في العادات والتقاليد. كما يلاحظ التشابه في مضامين بعض البرامج مثل (موسوعة القدس، وأسوار القدس، وحجارة القدس). مثلما تتوقف برامج منذ سنوات، ويعاد إطلاق برامج أخرى مشابهة ولكن مختلفة في الاسم بعد سنوات، كما في (فلسطين والطاقة) الذي توقف في 2015، وحل مكانه ( الطاقة البديلة)، كما انقطع برنامج (حياة خضراء) بعد حلقتين فقط.

"مساواة" و"الإخبارية": اختفاء البيئة
تختفي من قناة مساواة البرامج البيئية بشكل كامل، رغم وجود العديد من القضايا التي تستوجب المتابعة، كالتمييز في الخدمات البيئية المقدمة للبلدات والمدن العربية مقارنة بالإسرائيلية، والتلوث، والنفايات الخطرة، والتعريف بالقرى المدمرة، والمحميات الطبيعية التي جرى تدميرها، وغيرها من مضامين بيئية حياتيه.
تخلو القناة الإخبارية لتلفزيون فلسطين من أي حيز بيئي خاص، وتتشابه بعض البرامج مثل (هوانا بحري)، و(حكايا الأزرق). يمكن لإدارة القناة إدماج البيئة في برامجها ومتابعاتها، فمثلًا عند تقديم (هوانا بحري) يجري منح حيز للحديث عن التلوث ومستقبل البحر والنفايات البلاستيكية التي تهدده، وليس الحديث عن مهنة الصيد، أو هواية ركوب البحر.

"صوت فلسطين": برنامج يتيم
ما ينطبق على تلفزيون فلسطين يندرج على الإذاعة، فبالرغم من عدد البرامج الكبير والبالغ (362 ) لا تمتلك البيئة مساحة خاصة بها، وهناك برنامج وحيد (البيت الزراعي) يقدم مضمونًا ببيئًا من خلال التعريف بالقضايا الزراعية، رغم عدم وضعه في أيقونة خاصة بالبيئة. وثمة 8 برامج أخرى يسهل تحويلها لتكون ذات طابع بيئي، فهي تتحدث عن التراث، والموروث الشعبي، والقدس.
ووفق مقابلة أجراها الباحث مع مدير عام البرامج في "صوت فلسطين" ريما الجمرا، فإن الإذاعة تولي "اهتمامًا كبيرًا بقضايا البيئة"، بتخصيص مساحة ضمن الخطط البرامجية للبرامج البيئية المتخصصة مثل "أرض وسما "الذي استمر لسنوات طويلة كبرنامج بيئي متخصص، يطرح ويسلط الضوء على "المشكلات والقضايا البيئية في كل المناطق، ويعزز الوعي البيئي لدى المواطن، وقد حقق نجاحًا ونسبة استماع عالية جدًا، وحاز على جوائز عربية ومحلية كأفضل برنامج اذاعي عربي يناقش ويعالج قضايا بيئية".
وأكدت الجمرا أن "صوت فلسطين" وبالتعاون مع اتحاد الإذاعات العربية لديه برامج دورية متخصصة بالبيئة مثل " كوكبنا في عيون عربية"، والذي يسلط الضوء على التحديات والقضايا البيئية في فلسطين، وطرق معالجتها مع جهات الاختصاص، ويبث عبر شبكة الاتحاد، وأثير عدد من الاذاعات العربية.
ووفق الجمرا، فإن "صوت فلسطين" يفرد مساحة واسعة عبر البرامج الخدماتية وبرامج المساءلة المجتمعية اليومية، ولديه نافذة يومية لمتابعة البيئة والتوعية عبر برنامج "فلسطين صباح الخير"، الذي "يتلقى كافة الملاحظات والقضايا والإشكاليات البيئية مثل قضايا ( المياه، والنفايات الصلبة، والصرف الصحي، والتلوث الجوي وغيرها)، ويتابع إيجاد الحلول مع جهات الاختصاص كسلطة جودة البيئة، ودوائر الصحة والبيئة في البلديات والمحافظات، والجمعيات والمؤسسات المتخصصة.
وقالت إن برنامج "على الطاولة" الحواري، يطرح حلقات خاصة عن البيئة بشكل دوري، ويتابعها مع الجهات المتخصصة.
وأفادت الجمرا أنه خلال الدورة البرامجية الحالية، التي بدأت في تموز وتستمر حتى نهاية العام، ثمة برنامج متخصص عن الطاقة المتجددة، والذي يحمل اسم ( شمس فلسطين)، ويسلط الضوء على ضرورة الاستثمار بموضوع الطاقات المتجددة والنظيفة وصولاً الى تنمية مستدامة. بالإضافة الى الومضات التوعوية البيئية، والتي "ترسخ القيم والسلوكيات البيئية الإيجابية، وتعزز مفاهيم ضرورة الحفاظ على البيئة، والتي تخصص مساحة لها على مدار ساعات البث".
وردًا على سؤال أسباب غياب تصنيف خاص للبيئة عن الإذاعة، رغم وجود برامج تعالج قضايا بيئية، قالت الجمرا:" لدينا تصنيف خاص لبرامج البيئة من خلال دوراتنا البرامجية الدورية". وأفادت بأن "البرامج التي تحمل أبعاداً بيئية وتراثية تحمل رسالة توعوية وبيئية ووطنية أحدثت أثرا كبيرا على المستمع وحثته على الاهتمام بالتراث البيئي والانساني."
وقالت: لدينا دائما توجهات وخطط استراتيجية لتطوير أداء إعلاميينا بقضايا البيئة، من خلال ابتعاثهم إلى دورات محلية وخارجية متخصصة، ولدينا عدد من الزملاء هم أعضاء ضمن شبكة الإعلام البيئي.
وأكدت أن الدورة البرامجية الحالية تحتوي على نحو 45 برنامجًا، بينها برنامج بيئي واحد هو "شمس فلسطين"، وسبق أن تعاونت الإذاعة مع مركز العمل التنموي في برنامج (أرض وسما).
يتضح من إجابات الجمرا، وجود اهتمام بالبيئة، وسعي لخطط إستراتيجية لتطوير الإعلام البيئي، لكن لا يترجم هذا التوجه إلى تصنيف واضح بين برامج الإذاعة، ولا يتم تمثيله بنسبة معقولة بين برامج الإذاعة. كما يظهر ذلك على الأقل في موقعها الإلكتروني، ولا يجري نشر أو تداول أو ترويج زوايا بيئية مقارنة بالزوايا العامة. ويجري تداول الومضات البيئية بشكل موسمي، وبالتعاون مع جهات اختصاص كسلطة جودة البيئة.

"وفا": 81 زاوية دون بيئة
يشمل موقع المعلومات في "وفا": مـعـلـومـات عـامــة، مـلـفـــات وطـنـيــــة، قـضـايــا الصـراع، تـاريــخ فـلسـطـيــن، الــقـــدس، الـنــظــام الـســيـاسـي، قوانـيـن وتـشـريـعـات، الــسـكـان، طوائف ومذاهب وجاليات، الــصــحــــة، الـتــعـلـيـــم، شــؤون اجـتـمـاعـيـــة، سـيـاحــة، اقـتـصــاد، الإســكـان، عـمــل وعـمّـال، زراعـــة، جغرافيا، نقل واتصالات، المياه، البيئة، ثقافة، إعلام، الرياضة، خدمات عامة، شؤون إسرائيلية، منظمات غير حكومية، وثـائـق، تقارير، القرارات الدولية بشأن فلسطين.
تمتلك "وفا" 9 زوايا ثابتة، و6 مرئية، و3 زوايا لموضوعات أخرى، وفي خريطتها 81 زاوية تشمل العديد من التخصصات والحقول، منها 19 رياضية محلية وعربية ودولية، لكن يغيب التصنيف البيئي عن الموقع، ولا توجد أية إشارة للقضايا البيئية. وتختلط المعالجات البيئة في زوايا أخرى كالتقارير والأخبار.
ووفق مقابلة مكتوبة أجراها الباحث مع رئيس تحرير الوكالة، خلود عساف، قالت إن الوكالة "تؤمن بأن البيئة قضية هامة على اعتبار أنها تتعلق مباشرة بالظروف والعوامل التي تساعد الإنسان على البقاء والاستمرار في الحياة، فهي مكون أساسي له." وتسعى الوكالة وحسب إمكاناتها لتسليط الضوء على قضايا البيئة وتوعية المواطنين بها.
وقالت: يحرص قطاع الأنباء في "وفا" على تغطية كل النشاطات والفعاليات، وتقع البيئة ضمن خطة الوكالة الإستراتيجية وخططها اليومية، وسبق ونشرت العديد من التقارير والأخبار التي تتمحور حول المواضيع البيئية سواء بمبادرة منها أو تلبية لدعوات من جهات مختصة.

وأفادت أن الوكالة تتعامل مع القضايا البيئية من عدة جوانب "أهمها ما تتعرض له من اعتداءات وإجراءات تعسفية من الاحتلال"، وتسعى لتسليط الضوء على هذه الممارسات؛ لحث مؤسسات ومنظمات دولية ذات العلاقة على التدخل لوقف التدهور البيئي الناتج عن هذه الاعتداءات.
وقالت عساف: تركز الوكالة على قضايا التلوث البيئي، وتتعامل إدارة التحرير في نشر المواضيع حسب أهميتها، وكثيرا ما احتلت قضية بيئية أو تقرير أو خبر بيئي صدارة الموقع، وكذلك في الأخبار العاجلة للوكالة، فيتم التعامل مع موضوع البيئة بطريقة لا تقل أهمية عن باقي المواضيع.
وأضافت: "نرى متابعة مقبولة من الجمهور لقضايا البيئة خاصة عندما تكون مرتبطة باعتداء من جيش الاحتلال، أو المستوطنين على مصادر المياه أو التربة أو قطع الأشجار وغيرها."
ووفق عساف، تسعى الوكالة في إطار خطتها الشاملة الى نشر العديد من المواد البيئية؛ بهدف تعزيز الوعي الشعبي، وتنظم بين فترة وأخرى دورات تدريبية لصحافييها حول مختلف القضايا، وستبقى قضية البيئة حاضرة في هذه الدورات مستقبلا، كما كلفت إدارة التحرير على مدار السنوات الماضية أحد الصحافيين بمتابعة قضايا البيئة وحضور مختلف فعالياتها، فكانت ولا زالت الأخبار والتقارير البيئية دائما حاضرة على الموقع.
رغم تأكيد عساف، على حضور البيئة وموقعها في الوكالة، لا ينعكس ذلك بوجود تصنيف مستقل للبيئة، وتغيب عن خريطة الموقع، وتختلط بالقضايا العامة، ولا يجري الترويج لها داخل الموقع، رغم "الحرص" الذي أشارت إليه رئيس تحرير (وفا)، ووجود صحافي متخصص في متابعتها، وهذا يجعل من الصعب قياس درجة التفاعل أو التأثير الذي أحدثه الموقع في قضايا غير مصنفة، يناقشها ويدمجها في قضايا أخرى، أو يتعامل معها بعمومية.
معلومات "وفا": أزمة محتوى
يمنح موقع المعلومات في الوكالة حيزًا مستقلا للبيئة من أصل (29) تصنيفًا. وتغطي الجوانب البيئية عبر (14) تصنيفًا، تشمل (15) موضوعًا بيئيًا. ولكن السمة الأبرز غياب مصادر المعلومات المنشورة لمعظم الموضوعات خاصة ذات الطبيعة العلمية (مثلاً لا ذكر للمصدر في قضايا: المياه، والأرض، والهواء والمناخ، والتنوع الحيوي، وتلوث التربة، وتلوث المياه، وتلوث الهواء، والمستوطنات الإسرائيلية، والتنوع الحيوي. وبالكاد هناك مصادر محدودة للبيانات مثل: الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، والجهاز المركزي للإحصاء، وسلطة جودة البيئة، وملحق آفاق البيئة والتنمية، ودائرة شؤون المفاوضات. كما لا يستعين الموقع بعنصر الصور التوضيحية في غالبية أقسامه البيئية، ولا يمتلك ميزة تفاعل المتصفحين مع المعلومات وقياس درجة التوعية، ولا يقدم الموقع تعدادًا للزوار، مثلما لا يخصص حيزًا للإعلام البيئي، ولا يستعين بالمختصين البيئيين المحليين في نشر دراسات وأبحاث. ولا يجري تحديث المعلومات والتقارير المنشورة، فمثلًا، بعضها منذ 2005 كالتقرير التحليلي حول السياسة الإسرائيلية التي تستهدف تلويث البيئة، ودور المصانع الإسرائيلية في تلوث البيئة.

"جودة البيئة": حضور مشروط
يحتوي المركز الإعلامي لسلطة جودة البيئة منذ عام 1999 على 94 عنصرًا (45 بالإنجليزية). جرى إضافة 24 مادة منها عام 2019.
وبتصفح محتوى أقسام المركز، نجد: تقارير ودراسات 39، مطوية 9، أدلة إرشادية 10، إستراتيجيات 14، خطط 8، قرارات 8، قوانين 3، أنظمة 2. أما محتوى زاوية التوعية البيئية، فهو غير متاح، وفي حقل المناسبات البيئية هناك (12 مناسبة) تغيب عنها يوم البيئة الفلسطيني (5 آذار 2019). وفي الخرائــط البيئية هناك 9 (3 منها لا تعمل). وفي البوم الصور هناك (18 ألبومًا تم البدء بنشرها من 2015 عام). أما قناة يوتيوب فغير فعالة.
يتضح من تحليل المركز الإعلامي لسلطة جودة البيئة، وجود الكثير من المواد التأسيسية للوعي البيئي، والتي تتنوع في الشكل بين دراسة، وتقرير، وقانون، ومطوية، وخارطة، لكنها مُصنفة بطريقة غير جذابة، وينقصها عدد الزوار، ولا تتوفر ميزة التعليق والتفاعل حولها، وهي بصيغة PDF، وبحاجة إلى تحديث مستمر، كما أن قناة يوتيوب غير فعّالة، ومحتوى الزاوية البيئية التوعوية غير متاح.
بالإجمال، يحتاج الموقع إلى تطوير لتشجيع الصحافيين والزائرين والباحثين على التفاعل والنقاش، وللتسهيل في وضع مختارات مهمة كأبرز الأرقام والمؤشرات، وعرض مقتطفات من نصوص قانونية، وترجمة المحتوى الإنجليزي، وإبراز عدد الزائرين، واستثمار قناة يوتيوب، والزاوية التوعوية، والترويج لمواقع تفاعلية للمركز عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتخصيص حيز لتشجع الإعلاميين والمواطنين على المشاركة في إثراء المحتوى كالرصد للانتهاكات والتعديات على البيئية، والإشارة إلى قصص النجاح والمبادرات البيئية.

"الحياة الجديدة": أزمة تصنيف
بتحليل موقع الصحيفة، يختفي وجود تبويب للبيئة، ولكنها تنشر قضايا بيئية محلية، وعربية، ودولية في أقسام أخرى وخاصة (صحة وجمال)، و(منوعات)، و(تحقيقات استقصائية).
ففي زاوية صحة وجمال هناك2000 مادة منشورة في الأرشيف، وبتحليل مضمون أحدث 120 مادة منها، ثمة 32 متابعة بيئية أو مرتبطة بقضايا بيئية وصحية. أما في قسم (منوعات) يضم الأرشيف 4750 منشورًا، ومن بين أحدث 120 مادة هناك 16 مادة تتصل بالبيئة. وبتتبع زاوية (تحقيقات استقصائية) هناك 34 تحقيقًا من بينها 10 ذات مضامين بيئية. وبمتابعة قسم (خاص الحياة) هناك 1230 مادة في الأرشيف، بتحليل أحدث 490 هناك 115 معالجة بيئية.
ولا تضم الصحيفة الورقية (التي تصدر منذ فترة بـ 16 صفحة) تبويبًا للبيئة، ويجري نشر الأخبار والتقارير البيئية غالبًا في القسم الاقتصادي أو في المحليات، وسابقًا في ملاحق (حياة وسوق)، و(استراحة الحياة). وقد توقفت ملاحق الصحيفة الثلاثة (الحياة الرياضية) منذ أيار 2018 بعد 6083 أعداد، و(استراحة الحياة) في أيار 2016 بعد 45 إصداراً، وحياة وسوق في آذار 2019 بعد 335 عددًا، وهذا يعكس أزمة الصحافة الورقية، بفعل المواقع الإلكترونية.
وعند البحث داخل موقع الصحيفة (كما ظهر في 1 تشرين الأول 2019) عن كلمة قضايا البيئة هناك 9 نتائج، و369 لـ"القضايا البيئية"، مقارنة بـ 1115 نتيجة عند البحث عن كلمة الرياضة.
وأكد مدير تحرير "الحياة الجديدة، أمجد التميمي أن الصحيفة تولي المادة المتعلقة بالشؤون البيئية عناية واهتماماً كبيرين، استناداً لإدراكها لأهمية هذا الحقل وانعكاساته على صحة وسلامة وحياة المواطن. كما تدرك خصوصية البيئة الفلسطينية التي تعرضت وما تزال لانتهاكات كبيرة من الاحتلال.
وقال إن عدم وجود تصنيف للبيئة على الموقع الإلكتروني لـ "الحياة الجديدة"، مسألة ليست مقصودة أو عدم إدراك لهذ الحقل المهم، إنما هو عائد لـ "أسباب فنية"، تتعلق بتصميم الموقع في بداية تأسيسه، وهناك خطة لتحديث الموقع وبالتأكيد سيكون للبيئة تصنيف رئيس فيه.
وبيّن أن ما يؤكد اهتمام الصحيفة بالبيئة، أن صحافيين فيها حصلوا على جوائز في مسابقات عديدة عن مواد بيئية.

الإعلام الرسمي: متابعون ونقّاد
نفذ الباحث استبانة إلكترونية على موقع Google، وامتدت فترتها من 1 أيلول وحتى 29 أيلول 2019، واستهدفت عينة من الإعلاميين، والمهتمين بقضايا البيئة. وكان عدد الردود: 186 ردًا، وبلغت نسبة الذكور 71.4 % والإناث 28,6%. أما المستوى التعليمي فكان على النحو: ثانوية عامة (10,7%)، بكالوريوس (60,7%)، ماجستير (19%)، دكتوراه (9,6%)، وكانت الإقامة مدينة (50,2%)، وبلدة (44 %)، ومخيم (4,8%). أما توزيع الفئات العمرية فجاء على النحو: 20-30 (21,4 %)، 30-40 (23,8 %)، 40-50 (31%)، 50-60 (21,4%)، 60 فأعلى (2,4).
أفاد (70,1 %) من المشاركين بأنهم يتابعون الإعلام الحكومي، ورد (29.9 %) بالسلب. وحول الوسيلة الأولى التي يجري من خلالها متابعة الإعلام الرسمي، أفاد المستطلعون بأن تلفزيون فلسطين يحظى بـ (38,9%)، وصوت فلسطين (10,6%)، وصحيفة الحياة الجديدة (5,5%)، وموقع كالة وفا (40,8%)، وموقع المركز الإعلامي لسلطة جودة البيئة (4,2 %).
وحول اهتمام الإعلام الرسمي بالبيئة، رد (75,6%) بنعم، وأجاب (24,4) بلا. وبشأن الوسيلة التي تعتبر الأكثر متابعة للشأن البيئي من بين وسائل الإعلام الرسمي، جاءت وكالة وفا أولًا بـ(29,5%)، تلالها تلفزيون فلسطين بـ(25%)، ثم صوت فلسطين (19,3%)، فالحياة الجديدة (17%)، فموقع المركز الإعلامي لسلطة جودة البيئة (9,2%).
وبشأن السؤال المفتوح حول أسباب عدم حصول البيئة على اهتمام مماثل (كالرياضة مثلا) في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة، كانت الإجابات الأكثر تكراراً: طبيعة الموضوع غير مشجعة كالرياضة، التقصير من القائمين على الاعلام، عدم الاكتراث بالمواضيع المجتمعية، عدم وجود صحفيين متخصصين في الإعلام البيئي، غياب الوعي بأهمية القضايا البيئية، غياب جمعيات بيئية قوية ومؤثرة، البيئة لا تجلب الإعلانات والتسويق، الموضوع البيئي جديد على الاعلام، التربية والثقافة المجتمعية التي لا تراعي البيئة، سيطرة الهموم الحياتية المباشرة على اهتمامات الناس، الاهتمام بالأخبار السياسية والتطرق للبيئة فقط في حال ارتباطها بالاحتلال، عدم وجود وعي كافٍ بأهمية البيئية، غياب ثقافة تقوم على تحريك وبناء هذا الوعي، البيئة من الكماليات لدى المواطن ولوسائل الإعلام، الجمهور بعيد عن البيئة، عدم الرغبة في المحافظة على البيئة.
أما السؤال المفتوح الثاني، لو كانت حصة البيئة في الإعلام الرسمي كبيرة، ما الذي سيتغير؟ فجاءت الإجابات الأكثر تكراراً على النحو: تغيير واقع البيئة إلى الأفضل، نشر ثقافة صحيحة، زيادة نسبة الوعي البيئي، تغيير في تعاطي الشعب مع الحفاظ على البيئة، ممارسات يومية حساسة للبيئة، الاعتداءات على البيئة ستقل بشكل ملحوظ، حفاظ أكثر على التنوع الحيوي، الانتماء والتأثير في الرأي العام، تفعيل قانون البيئة، تنشيط السياحة البيئية، تقليل التلوث، نظافة البلد، ستصير البيئة واحدة من أولوياتنا المهمة.
ملاحظة: للاطلاع على الورقة البحثية الكاملة يرجى النقر على الرابط التالي:
https://www.maan-ctr.org/magazine/files/server/7olol/FPaper.pdf