January 2010 No (21)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
كانون ثاني العدد (21)2010
 

بفعل مجاري المستعمرات الإسرائيلية:
وادي قرية بيت أمين يتحول إلى مكرهة صحية

رائد موقدي
خاص بآفاق البيئة والتنمية

   مع بداية موسم الأمطار الحالي  وبالتزامن مع  استمرار تدفق مياه مجاري مستعمرة "شعار هتكفا" في وادي قرية بيت أمين جنوب محافظة قلقيلية، ارتفع منسوب المياه الملوثة بمياه المجاري التي تجري في الوادي، قادمة من المستعمرة والتي تختلط مع مياه الأمطار وتغمر أجزاء كبيرة من أراضي قريتي عزون عتمه وبيت أمين المعروفة بخصوبتها وأهميتها الزراعية؛ إذ يوجد في محيط واد بيت أمين العديد من البيارات الزراعية المزروعة بمختلف أنواع الحمضيات، والبيوت البلاستيكية التي تعتبر مصدر دخل أساسيا ومهم لأبناء القرية  وقريتي عزون عتمه وعزبة سلمان المجاورتين.

مستعمرة شعار هتكفا بالقرب من الوادي

ينبع وادي بيت أمين بالأصل من منطقة حوارة جنوب نابلس، ثم يتفرع في واد قانا إلى عدة تفرعات منها تفرع يصب في وادي بيت أمين الذي ينتهي في البحر الأبيض المتوسط.، وكان الوادي في الماضي مجرى تسير فيه مياه الأمطار النقية التي كانت تروي الأراضي الزراعية والبيارات التي انتشرت على ضفاف هذا الوادي.
ومنذ إنشاء مستعمرة "شعار هتكفا" عام 1981 على  أراضي قرية عزون عتمة  توسعت لتصادر ما يزيد على 200 دونم من أراضي القرى المجاورة، وأصبحت  تشكل جسما سرطانيا حوّل حياة ما يزيد على 18الف فلسطيني في المنطقة إلى جحيم لا يطاق، حيث تعتبر اليوم مصدراً لتلويث الطبيعة، وخطراً حقيقياً يهدد قطاع الزراعة والتنوع الحيوي  في المنطقة.
تجدر الإشارة إلى انه نتيجة للضغوط الدولية والشعبية ضد سياسة الاحتلال الهادفة إلى تلويث البيئة الفلسطينية، أقيمت عام 2002 شبكة مجاري مشتركه تربط المستعمرات المحيطة بخط ناقل واحد يسير بمحاذاة الخط الأخضر إلى داخل إسرائيل. وإذا ما حدث أي خلل في الشبكة بسبب عدم صيانتها، تتدفق مجاري المستعمرات باتجاه الأراضي الفلسطينية، مما يؤدي إلى استمرار تلوثها.  ويتنصل الاحتلال من صيانتها، مما يواصل تدفق المياه العادمة وتلويثها مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية.  وما جرى خلال فترة الأمطار الماضية يعتبر أكبر دليل على ذلك، علما  بأن شبكة الصرف الصحي التابعة لمستعمرة "شعار هتكفا" معطلة منذ بضعة أسابيع؛ مما دفع مستوطني مستعمرتي "شعار هتكفا" و"أورانيت" المجاورة إلى  استغلال فيضان وادي بيت أمين بمياه الأمطار، لضخ أكبر كمية من مياه المجاري، من خلال العبارات إلى الوادي، في خطوة لحل مشكلتهم؛ مما زاد  احتمالية انتقال هذه المياه الملوثة إلى البيوت البلاستكية المجاورة للوادي، وكذلك إلى البيارات المنتشرة في المنطقة، مما يزيد من احتمالية تلويثها وجعلها غير صالحة للاستهلاك البشري، حيث من المعروف أن تناول الخضار الملوثة يتسبب في العديد من الأمراض وأبرزها مرض الفشل الكلوي الناتج عن فشل عمل الكلى في التخلص من الملوثات الموجودة في الأطعمة والخضار.

مياه الامطار المخلوطة بالمياه العادمة في وادي بيت امين والى الخلف قرية بيت امين

يشار إلى أن المياه العادمة المتدفقة من مستعمرتي "شعار هتكفا" و"أورنيت" (المقامة منذ عام 1981 غرب قرية عزون عتمة) في وادي بيت أمين المار بجوار قرية بيت أمين وعزون عتمة وعزبة سلمان تشكل مصدر تلويث للتربة المحيطة بذلك الوادي، وتهدد المياه الجوفية القريبة منه، علما بأن هنالك ثلاث آبار جوفية تقع القرب الوادي، إحداها بئر العبيط في قرية بيت أمين والتي تضخ بقوة 60 كوبا في الساعة تستخدم في عملية الشرب والزراعة في المنطقة، بالإضافة إلى بئر السلمان في عزبة السلمان والتي تضخ بقوة 60 كوبا/ ساعة، حيث إن احتمالية تلويث تلك الآبار الجوفية جراء تلك المجاري قائمة في أي لحظة، مع العلم أن بئر العبيط لا تبعد سوى أمتار قليلة عن مجرى هذا الوادي،  مما سينتج عنه كارثة كبيرة في المنطقة.
علاوة على ما تقدم، تعتبر الروائح الكريهة المنبعثة من تلك المجاري مصدر إزعاج لكل شخص يمر في المنطقة، حيث تحولت الأرض الممزوجة برائحة بيارات البرتقال إلى مكرهة صحية تنفر المارين منها، كما يعتبر هذا الوادي الملوث مصدراً لجلب الحشرات والأجسام الضارة إلى المكان، مما يسبب إتلاف البيوت البلاستكية والأراضي الزراعية القريبة.  
يعقب السيد عزمي العزوني رئيس مجلس قروي عزون عتمة قائلا: "قبل عامين ونتيجة للمياه العادمة المتدفقة من مستعمرة "شعار هتكفا" تلوثت بئر السلمان بالملوثات البرازية؛ مما دفع وزارة الصحة إلى ضخ كمية كبيرة من الكلور للحد من الملوثات البيولوجية؛ ولا يعتبر هذا الإجراء كافيا للتخلص من المشكلة الحقيقية المتمثلة في ضخ مياه المجاري من المستعمرات المحيطة، والتي في حال استمرارها سوف تسبب معاناة حقيقية لأهالي المنطقة، وستتحول المنطقة الزراعية الجميلة الخلابة إلى منطقة منكوبة من قبل الاحتلال".

مياه المجاري المخلوطة بمياه الامطار محاذية للبيوت البلاستيكية في وادي بيت امين

الدوائر التابعة للسلطة الفلسطينية تبذل جهودا للحد من المشكلة، من خلال إجراء اتصالات مكثفة مع الاحتلال الإسرائيلي كلما تعطلت الشبكة التابعة للمستعمرات، إلا أن مماطلة الاحتلال تحول دون حل المشكلة، علما بأن السلطة والمنظمات الحقوقية  لا تملك سوى مخاطبة الاحتلال فقط  لحل المشكلة.
المزارعان بلال محمد وصدقي عبد الله صالح يملك كل منهما خمسة دونمات من الأراضي الزراعية المزروعة بواسطة الدفيئات والقريبة من وادي بيت أمين، بالإضافة إلى الأراضي المزروعة زراعة مكشوفة والقريبة من مجرى الوادي، وتعتبر تلك الأراضي مصدر دخلهما الوحيد بعدما فقدا عملهما داخل منطقة 1948.  ويقول المزارع صدقي معلقا على الوادي الملوث وأثره على الزراعة: " إن الملوثات تجلب الحشرات الضارة إلى المزروعات، مما يرغمنا على إنفاق مبالغ طائلة لمكافحة تلك الملوثات؛ الأمر الذي يزيد من عبء المزارع الفلسطيني الذي بالكاد تسد الزراعة جزءا من حاجياته الأساسية.وهذا علاوة على الروائح الكريهة والضارة والأمراض التي تصيبهم جراء الحشرات والمياه العادمة، مثل الأمراض الجلدية والفشل الكلوي وغيرها، بينما ينعم المستعمرون في مستعمرة "شعار هتكفا" وغيرها بمياه وفيرة ونظيفة على حساب الفلسطينيين في المنطقة.
يشار إلى انه منذ بداية مشروع الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية  لم تنشئ إسرائيل منشآت متطورة لتنقية المجاري في الضفة الغربية، على غرار المتشآت التي أقامتها داخل إسرائيل. نتيجة لذلك، فإن 81 مستوطنة فقط من بين 121 مرتبطة بمنشآت لتنقية المجاري، وهي قديمة وتعاني من الأعطاب بصورة متواترة، ولا يمكنها تنقية كميات المجاري المتدفقة إليها. بالإضافة إلى ذلك، فإن حوالي 5.5 مليون متر مكعب من أصل نحو 17.5 مليون متر مكعب من مياه المجاري الناتجة سنويا في المستوطنات، لا تعالج بتاتا ويتم التخلص منها على شكل مياه عادمة خام إلى الوديان والجداول في أنحاء الضفة الغربية. ولا تطبق وزارة حماية البيئة الإسرائيلية القانون في المستوطنات التي تسبب تلوثاً.  إن موقع المستوطنات على التلال وفي الأراضي المرتفعة يؤدي إلى تدفق مياه المجاري غير المعالجة إلى البلدات الفلسطينية المجاورة التي تقع في مناطق منخفضة.

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
 
في هذا العدد


كوبنهاجن القصة وما فيها


لكي لا "ترسب" قضية المبيدات


!!!النفط فوق الشعب

المعاول الإسرائيلية المدمرة للنظام البيئي الفلسطيني

رسالة سوريا حول الكوكا كولا

في غزة .. عام بيئي ملوث

فريق بحثي بجامعة الإمارات ينجح باستخلاص وقود الديزل الحيوي من الطحالب

كوبنهاغن القمة التي لم تقم بواجبها

!عاد الرؤساء من كوبنهاغن وبقي أبطال المناخ داخل السجن

"اينوك" توّفر خدمات صديقة للبيئة

أزهار الزينة تخفض كثيرا مستوى تلوث الهواء داخل المنازل وأماكن العمل

الفيلم الذي دَوَّى في رؤوس المشاركين بمؤتمر تغير المناخ في كوبنهاجن

من منظور بيئي سياسي جغرافي طبيعي شامل للمكان:الحد الفاصل بين الواقعي والأسطوري في جبال القدس

أزهار الزينة تخفض كثيرا مستوى تلوث الهواء داخل المنازل وأماكن العمل

زيادة كفاءة الطاقة وترشيد الاستهلاك يشكلان أهم الأدوات لتعميم الطاقة النظيفة

ما بين الزمان والمكان في الريف والبادية المقدسية

مع الطّير والحيوان في الشعر العربي

زهرة من أرض من بلادي الزعرور

الزراعة والتسويق المدعومان شعبيا

حيفا وجبل الكرمل

إسرائيل في الزراعة المصرية: اختراق خطير وتخريب أسود

أنور خلف: زرعنا 30 ألف شجرة في جبل صخري ونحلم بإطلاق محمية طبيعية ضخمة

 

 
:دعوة للمساهمة
دعوة للمساهمة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية"
يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (نماذج زراعية صديقة للبيئة...) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 23 كانون ثاني 2010.
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 

 

   
  | الصفحة الرئيسية | افاق البيئة والتنمية |الارشيف |