الفيلم الذي دَوَّى في رؤوس المشاركين بمؤتمر تغير المناخ في كوبنهاجن
الحد الفاصل بين الواقعي والأسطوري في جبال القدس
زيادة كفاءة الطاقة وترشيد الاستهلاك يشكلان أهم الأدوات لتعميم الطاقة النظيفة
الفيلم الذي دَوَّى في رؤوس المشاركين بمؤتمر تغير المناخ في كوبنهاجن
خاص بآفاق البيئة والتنمية
"أنتم أمل البشرية". هذا ما قاله "لارس لوقا راسموسن" رئيس الحكومة الدنمركية، في خطابه الذي افتتح به مؤتمر التغير المناخي في كوبنهاجن. كما ألقى الخطباء الآخرون كلمات منمقة ملؤها الأمل بأن ينجح المؤتمرون في التغلب على خلافاتهم، من أجل النضال العالمي ضد ارتفاع حرارة الكرة الأرضية.
وقد حصل المؤتمرون على العديد من التقارير والأبحاث العلمية، والتقديرات المهنية والتحليلات الاقتصادية والقضائية التفصيلية التي عرضت بمجملها صورة قاتمة لحالة الكرة الأرضية.
إلا أن الرسالة الأقوى التي حصل عليها المؤتمرون، كانت، تحديدا، من خلال الفيلم القصير الذي عرض على المؤتمرين في افتتاح المؤتمر، وقد استغرق نحو أربع دقائق، وهو من إخراج السينمائي Mikkel Blaabjerg . وقد تمكنت طفلة مجهولة في الفيلم من تذكير المشاركين في المؤتمر بسبب مجيئهم إلى مدينة كوبنهاغن المتجمدة من البرد القارص، وتحذيرهم من هول الكوارث المناخية المرعبة التي تنتظر سكان الأرض، في حال عدم التحرك السريع والجدي....تابعوا معنا الفيلم...
من منظور بيئي سياسي جغرافي طبيعي شامل للمكان:
الحد الفاصل بين الواقعي والأسطوري في جبال القدس
تحسين يقين*
المشهد عادي، جبل أجرد ضمن سلسلة ممتدة من الشرق إلى الغرب، طرأ على قمته شيء جديد، آليات تظهر بياضاً بدلاً من السواد وبياضاً أشد بدلاً من بياض الصخور التي غيرت لونها ظروف المناخ .. لكن هذا الشيء الجديد هو عادي أيضاً، ومتوقع الحدوث فلا غرابة في الأمر، الرياح لطيفة وأوراق شجر العنب تتسارع في سقوطها، ذلك اللون البرتقالي مثير للتأمل؛ لذلك نحب الشمس الشتائية وقت المغيب، تصبح لوحة من الفن التشكيلي المعاصر، قد تبدو سريالية، وقد تشكل أنت وهي (الشمس) ما تريدان من الصور العادية التي تحاكي الكائنات الحية والجمادات، أو قد تشكلا لوحات تجريدية وحتى سريالية، لكننا نحبها، نحب تلك الصور سواء فهمناها أم لم نفهمهاا .
الهواء عليل، لا ماء، لا مطر، والقرويون ينضحون بقايا مياه الآبار ليحضروها للموسم هذا، بعض الآبار المنضوحة موجودة في الكروم، ها أنذا أزيل ما تبقى من ماء راكد ومن تراب وجذور أعشاب واهية وبعض العلب التي أسقطها الأطفال في الصيف محاولين تعبئتها؛ كي يطفئوا عطشهم وعطش الكبار الذين ينهمكون في قطف محصول العنب في آب .
الهواء عليل، لا مطر، لكنني لم أسأل نفسي عن هذا الخرير، تقول الأرصاد الجوية، إن هناك مطراً في المساء، إنها إذاً، فرصة للبلدية كي تتخلص من مياهها العادمة وتوجهها إلى وادي سلمان، وهذا ما كان، لن يدري فلاحو بيت دقو والطيرة وبيت عنان أن البلدية كررت فعلتها المشينة مرة أخرى لأن الأمطار على الأبواب.
القادم من رام الله أو القدس، سيضطر أن يعبر قليلاً قليلاً، وهو متوجه إلى قرى شمال القدس، ومن ضمنها قرية بيت دقو، ولأن بطاقاتنا برتقالية فمعنى ذلك أننا مرتبطون برام الله أكثر رغم أننا أقرب إلى القدس، ستسير بك العربة وسوف نبدأ بالهبوط من بداية رام الله إلى ما قبل المنطقة الصناعية، ثم تسير قليلاً في بيتونيا، وعندما تصل قرية بيت إجزا ستبدأ في الهبوط مرة أخرى، وسيكون مثيراً في الليل حيث أمامك الساحل المضاء، وخلفك مستوطنتا "حداشا" و "جفعات زئيف"، ستسأل نفسك بحسرة : قد قبلنا أضواء مستوطنات الساحل لكن ماذا عن أضواء مستوطنات الجبل؟ ستتابع حسرتك وستهبط، وعندما ستصل البلدة الصغيرة التي تنام مبكراً ستجد مسجد القرية، فإذا كنت مشاهدا أعمال التجريف التي يقوم بها المستوطنون على الجبل المسمى في بيت دقو بـ " حيط الراس " فإنك سوف تهبط مرة أخرى، وسوف تتابع " النزلة " فعند منتصف القرية، عند مسجدها ذي المئذنة الأسطوانية، ستبدأ بالهبوط إما عن طريق عين سلمان ذات ألأدراج الأسرع في النزول والوصول والأصعب في العودة، وإما عن طريق السلطاني؛ وليس في الأخير نسب إلى أحد سلاطين تركيا، بل هي طريق أقامتها الحكومة الأردنية قبل العام 1967، وفلاحو القرى المجاورة هم الذين أنجزوها، وهي تربط بيت دقو بقرية الطيرة حيث كان يوجد معسكر للجيش الأردني هناك، الآن يوجد معسكر حورون لكن تلك الطريق بعيدة للسير على الأقدام، فإذا كنت تملك سيارة فإنني أنصحك بها لأنه قد رمم بعضها حديثاً. وعندها ستصل بعد دقائق إلى " عين سلمان " سيكون الوادي على بعد أمتار قليلة ... وعند الوادي لك خياران:
إذا كنت أديباً أو مهتماً ببناء نص يشبه نص جبرا إبراهيم جبرا عن الحجرات فستسير في الوادي الذي سيسلمك إلى الوديان الغربية التي تصب في الساحل وربما تصل بعض المياه للبحر الأبيض المتوسط، عندها تابع هبوطك وانزل البحر ولا داعي لتنزع ملابسك لأنك ستبحر وستعوم عن طريق الخيال، وستصل قاع البحر وستواصل السير من قاع إلى قاع، فالجغرافيا تدلك على الصلة بين البحر المتوسط، والمحيط الأطلسي ... هناك تصل إلى قاع القيعان، ولا قاع بعده، ولذلك فإنك يا صديقي ستلجأ إلى الجيولوجيا لتدخل إلى باطن الأرض بطبقاتها لتصل إلى المركز الأكثر حرارة والمتصلب بسبب الضغوط، وقد تتابع صعودك من الجهة الأخرى لتخرج من البر أو الماء، ها هو مجسم الكرة الأرضية انظر فيه لترى من أين سيكون الخروج .
أما إذا كنت مهتماً بمسألة الاستيطان فإنك ستصعد الجبل الأجرد، وستكون رحلة صعودك أصعب كثيراً من رحلة الشاعرة فدوى طوقان صاحبة رحلة جبلية المتحدثة فيها عن سيرتها ... ستقطع الوادي بصعوبة بسبب المياه العادمة .
الآن سنصعد، وستصل إلى القمة وما أدراك ما القمة؟ لا بد لنا من تداعيات لا نستطيع وصفها، فرغم عدم وجود صلة مائية تربط أمريكا بفلسطين، وبالتالي كي تربط وادي " واي ريفر " أو وادي " واي بلانتيشن " أو حتى " وادي العبيد " بوادي سلمان، فإنك ستجد نفسك تربط بين الواديين، ما زالت مياه وادي واي ريفر تسير، تجري، إلى قمة واي ريفر، وهنا ما زال وادي سلمان يسير، يجري بمياه عادمة من مستوطنة جفعات زئيف.
بعد بضع سنوات من إقامة مستوطنة جفعات زئيف، التي أصبحت شهيرة في هذه الأيام، عمدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في بداية الثمانينيات، إلى محاولة السيطرة على سلسلة الجبال الممتدة من قرية الجيب التي أقيمت عليها المستوطنة حتى المنطقة القريبة من " بيت حورون " وركز الاحتلال بشكل رئيسي على منطقة جبل حيط الراس، وهنا بدأت المواجهة، التي قادها أهل القرية " بيت دقو " وعلى رأسهم المرحوم الحاج راشد عبدالله داود، مختار القرية وأحد الوجهاء المعروفين؛ وقد لجأت سلطات الاحتلال إلى ما تبقى من قوانين قديمة، حتى وصلوا القوانين العثمانية، التي هي قوانين إسلامية من حيث المنشأ !!! وقد تبرع القرويون بدراهمهم وأوكلوا محامياً ونجحوا في العام 1984 في الحفاظ على ممتلكاتهم، ولهذا لم يستطع الاحتلال مصادرة سوى بعض الدونمات لأغراض عسكرية !!!
الدلائل كلها كانت تشير وبشكل حاسم مع مجيء الليكود للحكم في إسرائيل، إلى نية الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اللعب المكشوف بأرض الضفة الغربية، وخط اللطرون هو من هذه الأمثلة، وهذا المثال أصبح واضحاً للعيان، وما عليك إلا أن تنظر بالعين المجردة لترى ماذا يحدث من استيطان في قرية النبي صموئيل والجيب وبدو وبيت إجزا وبيتونيا أيضاً، وهناك نية لتوسيع هذه المستوطنات للربط ما بين جفعات زئيف، وبيت حورون، وستبتلع الآلاف من الدونمات، وقد نشطت الحركة الاستيطانية في غرب جفعات زئيف، ونرى منذ أشهر الآليات الكبيرة جداً ذات اللون الأصفر وهي تشق الطرق وتمهد للبنية التحتية وقد وصلت الأرض المنبسطة بين الجبال، أي أنها لم تكتف بالقمم كما هو التقليد الاستيطاني .
ويتناقل الناس أن الإسرائيليين يريدون إنشاء متنزه في تلك المنطقة السهلة؛ وإن صح ذلك، فإنه ينسجم مع التوسع الاستيطاني واستقدام سكان جدد لهذه المنطقة، وبذلك فإنهم سيحكمون الطوق ليس على القدس فحسب بل على مدينتي رام الله وبيتونيا، والقرى المجاورة، إنها الكتلة الاستيطانية المنسجمة مع سياسة الأمر الواقع .
في العام 1948، اقتحم الجيش الإسرائيلي عدداً من القرى الفلسطينية في المناطق القريبة من ما يسمى بالخط الأخضر، وذكر المؤرخ الإسرائيلي بني موريس في كتابه " تاريخ حرب الاستقلال " أن الإسرائيليين اقتحموا " سلبيت " في 15 – 16 تموز 1948، وكان ذلك جرى في سياق عملية داني بعيد احتلال اللد والرملة، فبعد أن طرد سكان هاتين المدينتين أمرت بعض الوحدات الإسرائيلية بالتقدم شرقاً وانتزاع عدد من القرى من يد الجيش العربي، لذلك استولوا على قرى برفيلية والبرج وسلبيت في 15/7/1948، وحاول الجيش العربي أن يسترجع السيطرة على تلك القرى بفصيلتين من المشاة ورتل مدرع قوامه عشر مصفحات".
ويبدو أن الإسرائيليين حاولوا التوجه شرقاً أكثر لاحتلال قرى اللطرون مع هذه القرى، لكنهم لم يفلحوا إلا في العام 1967، ودلالة ذلك أنهم قاموا بتهجير أهلها منها ( عمواس، بيت نوبا، يالو )، وكان مقصد الإسرائيليين واضحاً وهو تطويق القدس. وفي العام 1948 في معارك القدس حاولت العصابات الصهيونية احتلال قرى شمال غرب القدس، وإحداث قرى بدو وبيت سوريك وبيت إكسا، وتهديم البيوت هي أحداث معروفة بالإضافة لمعركة خربة "أم اللحم" التي شارك فيها مناضلون من المنطقة بقيادة المناضل المرحوم فخري إسماعيل مرار وهو من قرية بيت دقو، وهذا يعني أن النية الإسرائيلية مبيتة بالنسبة لهذه المنطقة، لذلك لم يكن غريباً أن يكشف الإسرائيلي "جوزف الفر" عبر سيناريوهاته الخطط الإسرائيلية والبدائل لما يتعلق بموضوع الحدود والمستوطنات؛ وقد سمعت حديثه هذا قبل 4 سنوات (بعد أوسلو بقليل)، وفيه حديث عن الكتل الاستيطانية الموجودة حول القدس، لذلك لم يكن جديداً إنشاء بلدية مشتركة لهذه المستوطنات على أن تكون ملحقة ببلدية الاحتلال في القدس.
لذلك ليس غريباً قيام الإسرائيليين عام 1998 بوقف نمو مدينة بيتونيا بإحداثهم الطريق الالتفافي سيء الذكر القريب من معسكر رافات وهو معسكر أردني سابق، والذي يجري مقابله شق طريق كبيرة جرى الحديث عنها وعن دورها الاقتصادي الإقليمي! المهم في هذه الطريق أنها ستكون حاجزاً آخر على طريق تفتيت وحدة الأراضي ووقف نمو المدن والقرى، وستخلق وضعاً معقداً في عملية ترسيم الحدود؛ والذي يسير بعربته متوجهاً من الجيب إلى بيتونيا فرام الله سيجد نفسه محاطاً عن اليمين وعن الشمال بمستوطنة " جفعات زئيف " التي جرى توسيعها فوق الشارع، حيث تبدو البيوت كالقلاع، عندها، وعلى طريق اللطرون نفسه ستجد نفسك في منطقة قد هوّدت، وأن نسبة العربات الفلسطينية إلى نسبة العربات الإسرائيلية هي نسبة صغيرة، وهذا إيذان بنية الإسرائيليين خلق طريق للقرويين في شمال غرب القدس والقرى الغربية، وفي حالة تأمين هذه الطريق عبر الجيب وعبر بيتونيا بطريق التفافي آخر لأهل القرى الغربية سيمنع الإسرائيليون القرويين من المرور لأنهم سيعتبرونها تابعة للقدس،لإسرائيل، وسيعاقب من يمر بها دون تصريح.
ثم ليكتمل فصل الحصار والتهويد ببناء الجدار العنصري على أرض الفلاحين في المنطقة، منذ 5 أعوام..
إنها مجرد دقائق بل ثوان تستغرقها في الانتقال من العالم القروي الفلسطيني العربي الشرقي بأنماطه وتقاليده إلى العالم الاستيطاني المصنوع اليهودي الغربي بأنماطه وتقاليده، وستمر بين شقي جفعات زئيف بعض الدقيقة في سيارتك لتسأل السؤال الحضاري وسوف تتساءل عن سر هذا النموذج الأوروبي الغربي الجميل والأنيق والمتقدم خدماتياً ومعمارياً وتكنولوجياً واجتماعيا والذي أقيم بطرق غير مشروعة على أرض محتلة، حتى تلك البيوت الجميلة فقد قام ببنائها العرب، وهؤلاء هم العمال الفقراء متسخو الثياب، وحاملو " الزاد والزوادة " ما زالوا يعملون في الخدمات وورشات البناء. صورتان متضادتان مثيرتان للسؤال .
إن هؤلاء الناس الأنيقين هم الذين يتركون مياههم العادمة لتصل كروم الفلاحين الفلسطينيين الخضراء التي تبدو للمسافر عبر اللطرون بحراً أخضر. كروم العنب وبعدها كروم الزيتون في مشهد حضاري وجمالي منقطع النظير،فأهالي بيت دقو مشهورون بالعنب وينتجون أطناناً كثيرة من المحصول الذي كانوا يبيعونه خارج الوطن، وظلوا كذلك حتى ضن عليهم أهل القربى على توريد العنب.... ورغم المعاناة في الحفاظ على شجرة العنب التي تتطلب جهوداً كبيرة حتى نقطف محصولها، ورغم المعاناة في البيع وتقصير المسؤولين في تسهيل التسويق، ورغم الاستيطان الذي يطوقنا، إلا أننا مصرون على أن تظل الأرض خضراء كي يهنأ آباؤنا وأجدادنا في قبورهم.
في هذه الأثناء لم تنقطع زيارات المستوطنين لعين سلمان وهي العين العذبة الموجودة مقابل حيط الراس، جزء منهم يأتي من جهة جفعات زئيف، وفي كل مرة يأتون يظهرون مسلحين. حدثني أطفال من القرية وبعض من المراهقين حكايتين وقعتا عند العين التي توجد عندها بركة مياه يسبح فيها الأولاد، كان حديثهم يخلط الخجل بالضحك، شجعتهم على الرواية فذكروا أن شابين إسرائيليين مستوطنين جاءا إلى البركة وخلعا ملابسهما وسبحا في البركة رغم إخبار الأولاد المستوطنين أن البركة " وسخة " وغير ملائمة للسباحة، في حين نحن ما زلنا نصعد نحو القمة، قمة حيط الراس حيث الآليات
v ثمة علاقة بين هذا الصعود الصعب لهذا الجبل شديد الانحدار وبين الانحدار الذي نعيشه على المستوى القومي ... لماذا يعاني الفلسطيني والعراقي والسوداني والليبي والجزائري واللبناني وغيرهم؟
تقول القصة التي حدثت في قرية مصرية :
إن الطفلة " حميدة " ذات السنوات العشر، كانت ترعى أغنامها في الجزء الشمالي من القرية بجوار حجر كبير يقال له " الساقية الكفرية" .
وحسب رواية البنت فقد جاء رجل غريب ووقف أمام الحجر وقرأ كلاماً غريباً ثم نثر بعض البخور، حتى انفتحت في قلب الحجر طاقة صغيرة دلف منها الرجل بعد أن أوصى الفتاة بأن تظل تنثر البخور الذي أعطاه لها ولم تملك الفتاة في ظل الرعب الذي تملكها سوى طاعة أمر الرجل .
وظلت الفتاة تنثر البخور حتى خرج الرجل من الحجر- يحمل – حسب رواية الفتاة – كيساً كبيراً من الذهب – وأعطى الرجل للفتاة بعض الذهب كمكافأة لها – ثم مضى بعيداً .
ويبدو أن الفتاة الصغيرة تشجعت قليلاً فوضعت الذهب جانباً وألقت البخور الذي معها على الباب المفتوح للحجر ودلفت إلى داخل الحجر، ولما انتهي مفعول البخور – وانطفأت النار – أغلق الباب الصغير على الفتاة!!
كان من الطبيعي أن يقلق أهل البنت الصغيرة على تأخرها فانطلقوا يبحثون عنها في مكان المرعي، وما لبثوا أن وجدوا الأغنام نائمة في استسلام، وبعد بحث وعناء شديدين تعالت النداءات اليائسة في محاولة أخيرة للعثور عليها وكانت المفاجأة حين جاء صوت " حميدة متحشرجاً من قلب الحجر ووسط ذهول الجميع وبكاء البنت حكت البنت الجزء الذي سبق من القصة، وأرشدت الأهل على مكان الذهب الذي أعطاه الرجل لها كدليل على صدق كلامها؛ وللمفاجأة المذهلة فقد وجد الأهل الذهب فعلاً في المكان الذي دلت عليه البنت .
ووصفت البنت بعقلية الطفلة كميات الذهب الموجودة في المكان وكيف أنها في أول طريق يتجه جنوباً ولا تبدو نهايته، ثم تقطع صوتها وعادت لا تقوى على الكلام حتى سكتت تماماً وأيقن الأهل أنها ماتت .
الطفلة العنانية ( من بيت عنان ) التي ظهر لها الرصد على شكل خروف، وقد فقدت تركيزها ويقال إنها وجدت معها قطع ذهبية، وما زال " العنانية " والدقاقوة يروون هذه القصة. وهي تشبه قصة حدثت هنا عند طرف الوادي على عين الماء، وتذكر كيف انتظر شيخ الرصد فجاء على هيئة امرأة من الجن جميلة، فظل يضربها بالمطارق طالبا من مرافقه ألا يتكلم لضمان الوصول الى الكنز، لكن الصاحب لم يصبر فقال يكفي ضرب حرام عليك استر عليها، حيث لم يكن بد من الضرب حتى يقطّع فساتينها السبعة.. فضاع الكنز!
إن الأرض الجرداء حسب القوانين القديمة تصبح أراضي دولة... فماذا نحن فاعلون في جبالنا الجرداء؟ حتى لو لم يكن هناك خطر الاستيطان، ماذا يمكن أن نستفيد من الجبال ؟ ربما في الزراعة والإسكان والصناعة والسياحة ... هناك أمثلة كثيرة، ومجالات كثيرة للعمل، حين تسلقت الجبل أول مرة كنت طفلاً، ووقتئذ رأيت السلاسل الجبلية الحجرية المهدمة، ورأيت أن هذه الأرض كانت مزروعة من قبل؛ من بعيد لا نرى الصورة كما هي عن قرب .. عندما وصلنا مغارة تسمى " قباعة " دخلناها فلم نجد أحداً غير آثار الرعاة ومواشيهم ... لكننا سمعنا رجلاً كبيراً في السن يسعل .. فخفنا، لكننا تشجعنا ودلفنا إلى الداخل وتعرفنا عليه، وهو رجل بدوي، سألنا عن ابنه الذي ذهب لتعبئة الماء من الوادي، إنني أسأل نفسي الآن هل يمكن لنا أن نشرب من الوادي بعد هذا التلوث البيئي ؟ ولي أن أتذكر كيف أن والدي كان يبعثنا كي نملأ الإبريق من الوادي، كم كانت المياه باردة وعذبة ..رحمك الله يا والدي، الآن ليس من السهل أن نروي عطشنا من ماء الوادي .
ستعود الماء عذبة إلى وادي واي ريفر، لكن هل ستعود كذلك إلى وادي سلمان ؟
المشهد عادي، جبل أجرد ضمن سلسلة ممتدة من الشرق إلى الغرب، بعض الآليات تجرف الصخور والأتربة والناس يروحون ويجيئون لكنهم خائفون من هذا البياض وذاك السواد .. المشهد عادي جداً فقط في هذا الزمن غير العادي.
*كاتب وإعلامي مختص بأدب المكان
زيادة كفاءة الطاقة وترشيد الاستهلاك يشكلان أهم الأدوات لتعميم الطاقة النظيفة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
يقول بعض خبراء الطاقة إن بإمكاننا التوفير في استهلاك الكهرباء، وبالتالي التوفير المالي، إذا ما عملنا على زيادة كفاءة أنظمة الكهرباء، وذلك عوضا عن تركيز الاهتمام على الطاقات البديلة، كالطاقة الشمسية مثلا. ويزعم أولئك الخبراء أن انخفاض أسعار الكهرباء، لا يشجع المستهلكين على الاقتصاد في الكهرباء، كما أنه يقلل من جدوى مشاريع ترشيد استهلاك الطاقة. إلا أن تدني تعريفة الكهرباء يسمح بفرض رسم هدفه صالح الجمهور، وتحديدا، استعمال هذا الرسم لتمويل عمليات زيادة كفاءة الطاقة. وذلك، كما هو حال رسوم الصرف الصحي التي تفرضها السلطات المحلية على مواطنيها لتمويل تكلفة الاستثمار في صيانة وتحسين وتطوير البنية التحتية المحلية للمجاري.
لذا، كما يقولون، من خلال فرض رسم ضريبي بقيمة واحد بالمئة من حساب الكهرباء، يمكننا، على المدى البعيد، خفض قيمة حسابات الكهرباء.
وبعد تحليلهم للمعيقات القائمة حاليا في السوق والتي تحول دون تحقيق كفاءة أكبر في الطاقة، يقترح الخبراء الحلول لإزالتها.
ومن أبرز الحلول المقترحة: استثمار نحو واحد بالمائة من حساب الكهرباء الوطني لصالح "إدارة الطلب"، وذلك تحديدا من خلال تحسين عملية ترشيد استهلاك الكهرباء بدلا من زيادة القدرة الإنتاجية لتلبية الزيادة المتصاعدة في الطلب.
ويمكن تنفيذ الاستثمار من خلال صندوق خاص يؤمن دخله من الموازنة الحكومية، ومن رسم خاص يفرض على مستهلكي الكهرباء، أو من خلال تعويض شركة الكهرباء بسبب زيادة فعالية استخدام زبائنها للكهرباء.
وبالرغم من الارتفاع الأولي في الأسعار، إلا أنه يتوقع، في المدى البعيد، أن تهبط مدفوعات حساب الكهرباء. وقد وجد أن مشاريع زيادة الكفاءة توفر حتى 11 ضعفا من قيمة المبالغ المالية التي استثمرت فيها. بمعنى أن هذه المشاريع ستخفض، في المدى البعيد، استهلاك الكهرباء، بما يتجاوز الارتفاع الأولي في التسعيرة. وفي المحصلة، ستنخفض مدفوعات الكهرباء.
ومن ناحية أخرى، يقدر الخبراء، أن استثمار مبلغ أقل في وسائل لزيادة كفاءة الطاقة، وعلى سبيل المثال، مليار شيقل سنويا ولمدة 12 سنة، سيقلل استهلاك الكهرباء عام 2020 بنسبة لا تقل عن 20%، مما سيخفض نفقات الكهرباء في الاقتصاد المحلي بمليارات الدولارات.
ويوجد شبه إجماع لدى خبراء الطاقة، حول أن زيادة كفاءة الطاقة وترشيد الاستهلاك يشكلان الأدوات الأساسية لتعميم ونشر الطاقة النظيفة. وتكمن الحكمة البيئية في أن الطاقة الأكثر اخضرارا هي تلك التي لا يتم إنتاجها، سواء بالطرق التقليدية أو بالوسائل البديلة والمتجددة. وبالرغم من هذا الإجماع، فإن القرارات والاستثمارات توجه، بالدرجة الأولى، نحو الأنظمة الكهرو-ضوئية المكلفة.
|