في دراسة لجامعة بيرزيت: انتشار التدخين في الاراضي الفلسطينية ظاهرة وبائية بازدياد
التدخين يستشري بين الطلبة والمراهقين وقانون منع التدخين في الأماكن العامة لعام 2005 مجمد حتى اشعار آخر
غزة رغم الظروف الصعبة تشرع في تطبيق قانون حظر التدخين في المركبات والأماكن العامة
لجنة مكافحة التبغ: تفعيل القانون بحاجة لتكاتف جهود عدة وخاصةً المحاكم والشرطة
طالب من احدى المدارس الثانوية الحكومية في رام الله: معظم طلبة صفي يدخنون
شركس: التبغ العربي الذي يباع من الأرض الى المستهلك قد يحوي مواد سامة ويجب اخضاعه للفحوصات
|
دخان نفل ينتشر في القرى الفلسطينية دون ذكر أي معلومات أو مكونات، وكل عشرين سيجارة تباع بأربعة شواقل |
تقرير: ربى عنبتاوي
خاص بآفاق البيئة والتنمية
"التبغ هو سبب الوفاة الأهم الذي يمكن الوقاية منه في عالم اليوم، وكما يُرَجَّح إلى حد بعيد فيبدأ عادة الناس تعاطي التبغ في مرحلة المراهقة أو الشباب" مقتبس عن منظمة الصحة العالمية. استناداً إلى البند الثاني من مقولة الصحة العالمية -حيث لن يتطرق التقرير لمضار التدخين وتسببه بأنواع مختلفة من السرطان، لأن الأمر أصبح بديهياً ومفهوماً للملايين- من هذا الشق، زارت "مجلة آفاق" إحدى المدارس الحكومية في رام الله، واستوقفها صبي اسمه يزن من اسرة ميسورة الحال في الـ 16 من عمره، تحدث لآفاق بعد أن طلبه المدير ليروي تجربته مع التدخين حيث صدمت "المجلة" من السن الصغير (على حد قوله) الذي بدأ فيه الصبي يزن شرب السجائر حيث كان في السابعة، مشيراً في الحوار القصير معه الى أن الأمر تحول معه بمرور السنوات الى إدمان فأصبح يدخن يومياً علبة كاملة، ومع تراكم السموم في رئتيه لم يعد يزن قادرا على ممارسة النشاط الرياضي بحيوية ونشاط، وبالرغم من توبيخ اهله له بين الفينة والأخرى إلا انه يواصل التدخين بحرية ويؤكد:
"من كل صفنا البالغ عدد طلابه (35)، فقط ثلاثة طلبةٍ منه لا يدخنون" أكد الفتى ان التدخين مستشرٍ في مدرسته الحكومية ضارباً المثل بالمراحيض التي يشعر داخلها بغباش في الرؤية بسبب سُحب الدخان التي تملؤ الغرفة.
حقيقة الفتى يزن لم تعد تخيف الكثيرين او تثير الذعر في قلوبهم، فانتشار الظاهرة لدى المراهقين والطلبة في ظل غياب التوعية الكافية أو القوانين الرادعة أصبحت معدية كالوباء، ما يدعو للتساؤل: هل ستترك الظاهرة لتتفشى بأريحية تامة راسمةً مستقبلاً لمجتمع مدخن من الطراز الأول ؟؟ أم ستفرض قوانين رسمية كما يجري في الكثير من دول العام تحظر التدخين في الأماكن العامة، ما اثبت قدرته الفعّالة في الحد من انتشار التدخين؟
أملاً في تسليط الضوء إعلاميا، رغبةً في مستقبل يعمّه هواء أنقى وأجساد أنظف من آثار النيكوتين، وانسجاماً مع ضرورة فرض قانون رسمي ملزم بلوائح تنفيذية صارمة لحظر التدخين في الأماكن العامة، توسعت مجلة آفاق البيئة والتنمية للإضاءة اكثر على واقع الحال الفلسطيني مع التدخين وخاصةً بين الطلبة والمراهقين.
الدراسات تؤكد أن تفشي التدخين بين الطلبة في ازدياد
أنطلقت آفاق من معطيات دراسة صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية أعدت بدعم من منظمة الصحة العالمية ومركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) حول مدى انتشار ظاهرة التدخين بين طلاب المدارس الذين تتراوح أعمارهم بين 13-15 سنة في الأعوام 2000-2005-2009. كان من أهم نتائجها التوصل إلى أن 25.8% من الطلاب قد جربوا تدخين السجائر قبل سن العاشرة خلال العام 2009 مقارنة مع 22.1 % عام 2005، و22.7 % عام 2000، ما يشير الى ان الظاهرة في ازدياد. بالإضافة إلى ذلك تبين أن ما نسبته 40.2 % من الطلبة قد جرب أي نوع من التبغ خلال عام 2009.
ولخصت الدراسة ان نسبة الطلاب الذين كانوا يدخنون خلال دوام المدرسة ما بين أعوام 2000-2009 قد ارتفع من 14% الى 21%. ففي عام 2009 وصل عدد الطلبة المدخنين عموماً داخل وخارج المدرسة إلى 36% والإناث 7.5 % .
أما بالنسبة للتعرض للتدخين السلبي لعام 2009 فقد أشارت الدراسة الى أن 63% من الطلاب يعيشون في منازل يوجد فيها مدخنون يمارسون التدخين بحضورهم وأن 53.1% من الطلاب يعيشون مع والد واحد مدخن على الأقل، وبالنسبة للحصول على التبغ، فتبين أن33.3% من الذين يمارسون التدخين يشترون السجائر من المحلات التجارية، وأن 79.8% من الذين يشترون السجائر من المحلات يتم بيعهم دون الاعتراض على صغر سنهم مع العلم ان القانون يمنع بيع السجائر لمن يقل عمره عن 18 عام. وحول الإقلاع عن التدخين للعام 2009، فتبين أن 56.7 % من المدخنين يرغبون بالتوقف عن التدخين.
أما بالنسبة للطواقم المدرسية فتشير النتائج لعام 2009 إلى ما يلي: 34.3% من الطواقم يدخنون السجاير، مقارنة مع %21.6 يدخنون النرجيلة. وأن 22.7 % من الطواقم المدرسية تمارس التدخين في اطار ملكية المدرسة (36.4% من الذكور و11.5% من الإناث). كما أن 81.5% من الطواقم أفادوا أن سياسة حظر استخدام التبغ تطبق قي مدارسهم.
مدارس رام الله الحكومية والخاصة تواجه خطر انتشار التدخين بين الطلبة
في جولات ميدانية على ست مدارس حكومية في رام الله والقرى المحيطة بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، تم ملاحظة انتشار الظاهرة داخل جدران المدرسة في مدارس الذكور وندرتها في مدارس الإناث. وبالرغم من تأكيد المدراء على متابعة الطلبة، إلا ان السيطرة التامة تكون ضعيفة في ظل انتشار الظاهرة بين طاقم الأساتذة أنفسهم وعدم ممانعة أصحاب المحلات التجارية بيع الطلبة تحت الـ 18 سواءٌ بالعلبة أو النفل. ففي زيارة أولى لمدرسة ذكور رام الله الثانوية المؤلفة من 490 طالباً في الصفين الحادي عشر والثاني عشر، أشار مدير المدرسة ضياء معلا من خبرته في التعليم لسنوات عديدة إلى بدء الظاهرة منذ الصف الخامس ومن ثم تصل ذروتها في الصف العاشر.
وأشار بحكم موقعه منذ عام كمدير للمدرسة، الى انه يرسل الأذنة باستمرار لمراقبة المراحيض، وفي حال ضبط طالب يدخن فيخضع لإنذار اولي وان كررها لمرة ثانية، ينقل الطالب لمجلس الضبط بعد ابلاغ ولي امره ثم فصل مؤقت وأخيرا نقل من المدرسة. ويشير للأسف بأن 60% من الاساتذة يدخنون داخل المدرسة في غرف الاجتماعات والأروقة، ولكن يمنع عليهم التدخين امام الطلاب وخاصة وقت الطابور الصباحي ولكن هناك دائماً تجاوزات. ( أشار مدير مدرسة أخرى إلى رؤيته لتلاميذ في مدرسة رام الله يدخنون في الساحات).
وعن جواب الطالب الأول عن سبب تدخينه قال أبو المعلا: "ابي ورفاقي"، محذراً في نفس الوقت من انحراف الطلاب في اماكن اللهو، وموصياً بضرورة تطبيق قانون عام 2005 ومعاقبة المدخن في الشارع ومنع بيع السجائر لمن هم اقل من 18 عاماً.
النرجيلة شغف المراهقات والأهل يشجعون
نفت مديرة بنات البيرة الثانوية السيدة شادية شاهين، المشرفة على 650 طالبة في صفوف الحادي عشر والثاني عشر، وجود او انتشار ظاهرة التدخين بين الطالبات داخل اروقة المدرسة، مشيرة الى قصة يتيمة حدثت مع طالبة ضبط معها علبة سجائر في الحقيبة المدرسية، حيث تم ابلاغ ذويها بالأمر.
أما ما لاحظته شاهين فهو تهافت الطالبات على شرب النرجيلة في الرحلات الأمر الذي منعته منذ ادارتها للمدرسة على الرغم من تذرع الطالبات بان اهلهن يعلمون بالأمر. ولم تنف وجود معلمات يدخنّ، لكن داخل غرفة المعلمات فقط. وحين تسأل شاهين الطالبات عن سبب حبهن للنرجيلة فيجمعن: "المتعة والرغبة في الحصول على صديقات كثر".
مدير الهاشمية وعلى النقيض من الاحصائيات العلمية: التدخين ليس في ازدياد!!
مدير مدرسة الهاشمية الثانوية في البيرة عصام عزت، والمشرف على 460 طالباً من محافظة رام الله ومخيمي الأمعري وقلنديا، أشار في بداية الحديث معه إلى ان التدخين ليس ظاهرة في ازدياد بل هو منتشرٌ مثلما كان في الماضي، حيث يذكر في صباه كيف كان يقوم مع رفاقه من دافع حب الفضول بلف اوراق العنب والتين الجافة بشكل اسطواني ثم إشعالها كأنها سيجارة، معتقداً (المدير) بأن توفر المال في يد الطلبة اليوم، أكبر خطأ يدفعهم عادةً إلى ارتياد المقاهي وصالات البلياردو ونوادي الانترنت ومنها يتعلمون التدخين.
وأكد عزت أن الصف العاشر يعكس ذروة التدخين فلاحقاً في الصفوف العليا إما تقل النسبة او تبقى على حالها، مشيراً إلى أن التدخين لدى طلبته يكون عادةً في الحمامات والمناطق الضيقة وربما الساحات، وفي فصل الشتاء نادراً يلاحظ الأمر في الصفوف.
ولا تختلف اجراءات الضبط في الهاشمية عن ذكور رام الله، حيث اشار عزت الى فصله لطالب مؤخراً ونقله الى مدرسة أخرى بسبب قيام الأخير ببيع السجائر النفل لطلبة المدرسة، مؤكداً في نفس الوقت أن مدرسته ضد الجوسسة وتفتيش حقائب الطلبة لأنها تشعرهم بالإهانة وتسبب لهم أضراراً نفسية غير مرغوبة.
وانتقد عزت وجود محل تجاري مجاور للمدرسة يبيع السجائر بالنفل للطلبة، الأمر الذي استفزه سابقاً فأحضر بسببه الشرطة لتحذير البائع، لكن الأولى لم تفعل شيئا. كما انتقد وجود نادي للانترنت يعمل في الساعات الصباحية لاستيعاب الطلبة المتسربين من المدرسة. مشدداً على دور الاهل في منع طلابهم من التدخين ومراقبة صحبتهم وخاصة "أصدقاء السوء".
وحول جواب الطالب عن سبب تدخينه فيقول وفق عزت: "متأسف وأنا مخطئ وهي المرة الأولى وتكون في الحقيقة المرة العشرين على حد قول المدير، موصياً محافظة رام الله والبيرة والشرطة ووزارة التربية والتعليم بمنع بيع السجائر لأقل من سن الـ 18 وتشديد الاجراءات القاسية على المخالفين ليكونوا عبرة لغيرهم.
اما مدرستا بنات سنجل وترمسعيا الشاملتين، فقد اكدت مديرتيهما غياب اي ظاهرة للتدخين لدى طالباتهن، كون البيئة محافظة، لكنهن شددن على ضرورة التوعية لبناتهن من قبل الاهل، ثم فرض قوانين تحظر التدخين في الاماكن العامة.
حين يدخن الطالب في القرية الصغيرة يعلم بذلك الجميع
أما مدرسة ذكور ابو فلاح المؤلفة من 250 طالبا وطالبة يتعلمون في قرية صغيرة ذات طابع ريفي محافظ، فأشار مديرها نسيم حمايل ,وهو مدير مدخّن ,بأن ظاهرة التدخين ثابتة منذ القدم، حيث يتنقل التدخين عبر الأجيال بالوراثة. مؤكدا ان التدخين يظهر لدى الطلبة منذ الصف الثامن ويتطور حتى يصبح ادماناً في العاشر، مؤكداً ان تدخين الطالب في الساحة او الصف أمر ممنوع دون أن يخلو الامر من التدخين في الحمامات او الارض القريبة من المدرسة نظرا لكون المدرسة مفتوحة على البرية.
وحول العقاب فيلجأ حمايل الى الترغيب والترهيب، ونظراً لصغر القرية فهو يعرف جميع الأهالي ويمكن ان يتوجه فورا لأهل اي طالب ويسيطر على الموضوع، مؤكدا انه لم ير اي طالب يدخن في طريقه الى المدرسة. وخلافاً للجميع لا يؤيد حمايل فرض قانون يمنع المدخن عن التدخين لأن كل ممنوع مرغوب حسب رأيه، مشيراً إلى أنه يدخن منذ الـ 13 وحين أصبح مديراً منذ أكثر من عشر سنوات يتجنب أن يراه الطلبة يدخن، فيلتزم التدخين في غرفة الإدارة.
غرفة خاصة لتدخين المعلمين في الفرندز
ومن المدارس الحكومية إلى الخاصة أشار نائب مدير مدرسة الفرندز المختلطة -التي تضم الطلبة من ذوي الدخل الميسور- جريس ابو عظام، إلى أن انتشار التدخين بين الطلبة، لا يكون علناً إنما بسرية تامة في اماكن غير مكشوفة، ويبدأ عادة من الصف السابع وقد يستمر حتى التوجيهي، وفي حال ضبط الطالب فيحصل على انذار مع استدعاء لذويه، وعند تكرار الحالة عدة مرات يتم فصله مؤقتاً من المدرسة، كما ينال علامة منخفضة في السلوك.
وأكد منع الموظف او الاستاذ من التدخين في الساحات او حتى في غرف المعلمين، حيث يسمح فقط بالتدخين في غرفة خاصة (شاهدتها المجلة)، وبالنسبة للساحات فهي مراقبة ومتابعة من خلال اساتذة وكاميرات، ذاكراً تنظيم مارثون سنوي حول: "لا للتدخين في شوارع رام الله" مؤكداً أنهم بصدد الغاء غرفة المدخنين للقضاء على التدخين نهائياً بين طواقم المعلمين.
وعن جواب الطالب المدخن قال ابو العظام: "اهلي يعلمون اني أدخن وأنا متعود". وذكر أبو العظام وجود ميني ماركت مقابل للمدرسة لا يمتنع عن بيع الطلبة علب السجائر، موصياً الى الانتباه اكثر للمقاهي الموجودة في البلد والتي يرتادها الشباب مطالباً بضرورة فرض العقوبة على المدخنين، كما على التربية والتعليم وضع برامج ارشادية وتوعوية للتعامل مع المدارس.
وفي سؤال لمقهى ومطعم شهير في رام الله على اسم زهرة عطرة يشتهر بكون معظم زبائنه من طلبة الجامعات، أكدت موظفة "ماكنة النقود" المراقبة للزبائن بحكم موقعها، ان المطعم لا يرحب بمن هم اصغر من الـ 18 وبالتالي لا يسمح بتقديم النرجيلة لمن هم دون ذلك السن(التحقق من العمر وخاصةً القريب من السن القانوني يكون صعباً ما يشكك في الادعاء السابق حول المنع)، وفق قانون محافظة رام الله بمنع بيع الدخان لمن هم تحت السن القانوني، ولكن في حال كان الفتيان والفتيات مع اهلهم وسمحوا لهم بذلك، فلا يتدخل المطعم بين الابن ووالده، ولكن من مشاهدات عاملة "الكشير" ترى ان الاقبال على التدخين سواء النرجيلة ام السجائر يكون اكثر بين الشابات الإناث.
صحة البيئة المدرسية: الاعلام يحبط جهود التوعية
مدير دائرة الصحة المدرسية د. معمر اشتيوي قال في مسألة انتشار التدخين بين المراهقين وتحديدا داخل جدران المدرسة بأنه أمر هام وزارته على اطلاع عليه كما تعي مخاطره جيداً، ولكن يقتصر دورها على التوعية والتثقيف من خلال حملات ضد التدخين. معرباً عن قلقه من ارتفاع نسب الطلبة المدخنين في السنوات الاخيرة وفق الدراسات التي أعدت فلسطينياً، لائماً الاعلام العالمي والعربي لأنه يصور التدخين والشاب المدخن بشكل إيجابي بحيث يرمز للرجولة كما يحشد من حوله الأصدقاء ما يعيق جهود كل مشاريع وبرامج التوعية والتثقيف في المدارس.
وحول ضرورة سن قوانين ملزمة في المدارس تردع الطالب او الطالبة في حال تم ضبط أحدهما يدخن من خلال الفصل المؤقت أو التوبيخ، فأشار اشتيوي إلى أنه لا يفضلها، فوفق الدراسات الحديثة تبين أن التعنيف والقمع يزيد من انتشار التدخين والتسرب من المدارس، فدور الصحة المدرسية يتركز على التوعية بالدرجة الأولى.
وحول قوانين تمنع المعلم من التدخين داخل المدرسة فأشار بأن هناك مادة رقم (5) من قانون 2005 ( للإطلاع أكثر في الملحق) الذي يمنع المعلم منعا باتا من التدخين داخل الصفوف، وان دخن فيجب ان يحاسب من المدير ويعطى إنذارا، لكن تدخين المعلم في الساحات وغرف المعلمين امر شائع ومسموح، وحسب علمه فضبط الطلبة المدخنين يعتمد على مدى قوة وهيبة المعلم والمدير، فالطلبة عادة يدخنون في الحمامات ولكن في المدارس التي ادارتها ضعيفة ترى الطلبة يدخنون في الساحات على مرأى من المعلمين.
وزارة الصحة تشكل لجنة وطنية لمكافحة التبغ
د. ابراهيم عطية مدير صحة البيئة في وزارة الصحة، شدد على أن هناك قانوناً رئاسياً لعام 2005 يحظر التدخين في المناطق العامة المغلقة لكنه غير مطبق بعد، ودور وزارته هو السعي جاهداً من أجل منع الاعلانات في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وعلى نواصي الشوارع، مؤكدا انهم اجبروا البلديات على ازالة الكثير من الإعلانات، ولكن تبقى التجاوزات موجودة طالما كان القانون ضعيفاً. وأضعف الإيمان أشار د.عطية بأن مختبر الصحة العامة في وزارته نجح في تطبيق حظر التدخين بين الموظفين.
مشاريع التثقيف الصحي خجولة أمام ضعف القانون
لبنى الصدر مديرة دائرة التثقيف الصحي في وزارة الصحة، أشارت إلى مساهمة الدائرة عبر نشرات توعوية عديدة توزع على مديريات الصحة في محافظات الوطن، بالإضافة الى الافلام المرئية والمسموعة الموسمية حسب مصادر التمويل المتاحة.
لافتةً إلى أن الظاهرة في ازدياد وهناك ضرورة لتنفيذ قانون عام 2005 وسن غرامات على المدخنين في الاماكن العامة، مطالبة الكثير من المؤسسات مع الوزارات والجامعات بالوقوف وقفة قوية نحو الضغط بهذا الاتجاه. وحول طبيعة التثقيف فأشارت الصدر الى انهم يلجأون خلال التوعية للتنفير من التدخين عبر توجهات غير تقليدية أو مستهلكة فللإناث يتم تحذيرهن من ضرر التدخين على جمال البشرة ونقاوة الصوت، وللذكور فيتم تحذيرهم من العجز في أداء التمارين الرياضية واصفرار الأسنان ورائحة الفم الكريهة وضعف القدرة الجنسية وهكذا.
اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ تنتظر من السلطة الوطنية تفعيل قانون 2005
فريال زيدان مديرة الرصد الوبائي في وزارة الصحة ومنسقة اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ التي يرأسها د. اسعد الرملاوي، اشارت الى ان اللجنة تأسست في ايلول 2011 بهدف متابعة تنفيذ قانون رقم (25) المقر من الرئيس عام 2005 بحظر التدخين في المناطق العامة المغلقة والغير منفذ حتى الآن لأنه ما زال يحتاج الى تفعيل اللوائح التنفيذية والضوابط العدلية والتوعية المجتمعية بالموضوع.
وقد تشكلت اللجنة، تضيف زيدان، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بعد مؤتمر الصحة–الشرق الاوسطية لمكافحة التبغ، حيث طلب من وزارة الصحة الفلسطينية ضرورة ايجاد لجنة او جسم موحد يضم ائتلافات من الوزارات والمؤسسات الاهلية والدولية والجامعات لتتكاتف نحو تطبيق القانون.
وأشارت الى وجود مادة رقم (11) ضمن قانون 2005 ملزمة لوسائل الإعلام والصحف والبلديات بمنعهم من وضع اعلانات عن التدخين، ولكن للأسف تقول زيدان: "بالرغم من منعنا للكثير من الاعلانات إلا ان هناك مخالفات دائما وقد تابعنا بعض الصحف والبلديات ووجهنا لهم كتباً تحذيرية بمنع التعاطي او الترويج للتدخين والمخالف يتعرض للمساءلة القانونية، ولكن هناك مخالفات دائماً.
اللجنة تركز على المراهقين بالدرجة الأولى وتطبيق القانون ليس قريباً
د. اسعد الرملاوي مدير عام الرعاية الصحية في وزارة الصحة ورئيس اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ، اشار الى ان (قانون عام 2005 المؤلف من 17 مادة) يتم تطبيقه بشكل ضعيف وجزئي، ودور اللجنة اليوم ما قبل تطبيق القانون هو تنفيذ حملة اعلامية وإعلانية ضخمة لتهيئة الناس لفرضه، كما ان القانون حتى يطبق بحاجة إلى التنسيق بين عدة وزارات منها العدل والداخلية (الشرطة) والمحاكم من أجل ضمان المساءلة القانونية للمخالفين والموضوع حسب د. الرملاوي ليس سهل المنال في الوقت الحالي.
وحول دور اللجنة ومفتشي وزارة الصحة في مكافحة التدخين اشار الرملاوي الى تنظيم دوريات فجائية لحماية المراهقين على وجه الخصوص، حيث تقوم بها الوزارة عبر مداهمة محلات بيع سجائر النفل والتحذير من بيعها لطلبة المدارس، بالإضافة الى منع الاعلانات في البلديات والمحافظات ووسائل الاعلام ولكن هناك دائما تجاوزات، اما بخصوص القرار الاهم وهو منعها في الاماكن العامة فهو الأمر الاصعب كما سبق وذكر، حيث يحتاج لجهود وتكاتف عدة جهات وفق د. الرملاوي.
التبغ العربي يباع بأسعار زهيدة ما يشكل خطراً على الصحة اولاً والشباب ثانيا
ينتشر اليوم في البقالات والدكاكين سجائر تبغ عربي نفل تباع بأسعار زهيدة جداً ( 20 سيجارة توضع بكيس شفاف) بسعر 3-4 شواقل، وذلك بسبب عدم خضوعها للجمرك الفلسطيني، وهي تنتشر أكثر في القرى وأحيانا تباع في المدن ولكن بخفاء بعيداً عن أعين الضريبة. وبسبب سعرها البسيط يتخوف الكثيرون من إقبال المراهقين عليها ما يساهم في تفشي وباء التدخين غير المرغوب به. كما أنها تخالف مادة (7) من قانون عام 2005 التي تحظر استيراد او تصدير او بيع التبغ ما لم يكن مطابقا للمواصفات والمعايير المعتمدة.
أستاذ الجغرافيا الحياتية في جامعة بيرزيت د. عثمان شركس وتعقيباً على انتشار التبغ العربي الغير خاضع للجمرك والذي يباع بأسعار زهيدة دون خضوعه للمعالجة الصناعية أو الرقابة الجمركية، فأشار إلى أن هناك خطورة كبيرة في هذا النوع من التبغ الخام في حال استخدام المزارع للمبيدات الكيماوية دون مراعاة فترة الأمان أو الكمية المناسبة، ما يجعل عشبة التبغ تحتوي على سموم تخترق جسم الانسان وتسبب له الأمراض الخطيرة عدا عن الري بمياه ملوثة، مشيراً إلى أن المعالجة في المصانع والشركات دائماً أفضل، لأنها تساهم في تخفيف نسبة النيكوتين كما تضع للتبغ روائح وأطعمه تخفف من رائحته غير المحبذة.
الطفل في يعبد يتعلم التدخين من والده مزارع التبغ
وأشار د.شركس إلى ان الفلاح الفلسطيني وخاصةً في قرية بعبد المنطقة التي تشتهر بزراعة الدخان مع بعض المناطق بيتية الزراعة جنوب الضفة مثل يطا والظاهرية، قد اعتاد منذ بداية زراعة التبغ على تجفيفه وتدخينه فوراً ولكن لم تكن هناك استخدامات للمبيدات وخاصة المحرمة والممنوعة دوليا كما هي اليوم، لافتاً إلى أن هذا التبغ العربي يستهوي كبار السن حيث لا يحبه الشباب كونه حاد المذاق كريه الطعم. لكنه عاد وأكد وجود ظاهرة التدخين بين اطفال يعبد وذلك تقليداً لذويهم المزارعين حيث يتأثر الطفل بوالده وهو يشرب عشبة التبغ في الحقل، فيجرب بدوره ويبدأ رحلة الإدمان.
وأكد د. شركس بأن إخضاع هذا النوع للجمارك والضريبة الفلسطينية لا يعني خضوعه للمواصفات العالمية، حيث ان متابعة جودة هذا التبغ مسؤولية عدة وزارات ومؤسسات صحية وبيئية، عليها التأكد من جودة العشبة كونها في حال رشت بالمبيد، لن تضر فقط الإنسان بل أيضاً التربة والماء والهواء والحيوان.
وحول عشبة التبغ كجزء من نباتات الأرض، فقال أنها عشبة تعتبر سامة (أي لا تؤكل) وحرق تلك العشبة واستنشاقها يساهم في دخول المواد السامة الى الجسم ما يسبب السرطانات الخطيرة، هذا عدا عن أمراض أخرى تتعلق بالمبيد المرشوش عليها.
شركات استيراد السجائر: "نحن شعب مدخن"
وفي سؤال لشركات التدخين المستوردة للدخان الأجنبي أشار مدير مبيعات شركة عودة "نديم سليم" التي تأسست عام 1996 وتملك وكالة سجائر اليابانية JTI ، حيث تتعامل الشركة مع نوعين من السجائر وهما وينستون وجولد كوست، أشار إلى التزام الشركة بشروط وزارة الصحة الفلسطينية من حيث ملصق التحذير الذي تغطي مساحته 30% من العلبة وتختص بالتحذير من 12 نوع مرض جرّاء التدخين، وحول اجراءاتهم الداخلية في الشركة، قال: "تحظر الشركة داخل مقرها بيع الصغار ممن هم تحت الثامنة عشرة، كما تلتزم بعدم وضع الإعلانات بالقرب من المدارس او الجامعات. وحول رأيه بالتدخين قال: "المجتمع الفلسطيني مدخن ولا نستطيع منعه".
السيد خالد عنبتاوي مدير شركة العنبتاوي لاستيراد الدخان صاحبة وكالة الغلواز ودفي دوف، بما يغطي 15-20% من حاجة السوق، حيث تحتل الـ L&M والمالبورو الصدارة من حيث المبيعات، فأكد كما أشار سليم امتناعهم عن وضع الاعلانات قرب المدارس ودور العبادة أو حتى بيع من هم تحت الـ 18 من مقر شركتهم نفسها.( يتضح من سؤالهما أن موضوع منع الاعلانات حول التدخين وفق مادة (11) غير رادع).
أرقام واحصايات حول التدخين
بندي دحدح مدير دائرة الجمارك والمكوس في وزارة الاقتصاد الوطني، اكد من خلال المعطيات الرسمية المتوفرة لديه استهلاك المواطن الفلسطيني سنوياً لـ 205 الف كرتونة سجائر أي أن هذا الرقم سيضرب في محتوى كل كرتونة ( 500 علبة سجائر). وذلك من المستورد والمحلي الخاضع للرقابة الجمركية، ولكن دون احتساب المهرب او المشترى فرديا من الناس عبر المعابر الحدودية والذي يزيد على 20%، والنتيجة الحسابية: 132 مليون علبة سجائر سنوياً. (الرقم الرسمي الذي يعتبر – وفق آفاق- أقل بكثير مما هو واقعي نظراً لتفشي ظاهرة التدخين بما يزيد عن 20% من مجموع السكان الفلسطينيين.
وقال دحدح ان هناك قانوناً أردنياً فلسطينياً قديماً جديداً منذ عام 1927، ينص على رفع الرسوم الجمركية على مصانع وشركات التدخين والكماليات الأخرى مثل السيارات، المشروبات الكحولية...وغيرها نظراً لضررها على الصحة والبيئة وبناءً عليه فالضريبة تزيد على تلك المنتجات ولا تقل، وهذا ما لوحظ مؤخراً من ارتفاع سعر المعسل للنرجيلة من 50 شيكل لـ كغم الى 286 ثم خفض الى 115 شيكل وذلك منذ الـ13 من كانون أول.
وفي مقال حول التدخين صادر عن مجلة آفاق البيئة والتنمية في تموز 2011 بقلم محررها المسؤول جورج كرزم جاء فيه: " تعد نسبة التدخين في الضفة الغربية وقطاع غزة من أعلى المعدلات في العالم مقارنة بعدد السكان. ومما يساهم في ارتفاع هذه النسبة تشجيع السلطة الفلسطينية لاستيراد السجائر الأجنبية بهدف جباية رسوم ضريبية لخزينتها، علما بأن في السوق الفلسطيني يحوي نحو ستين صنفا من السجائر المستوردة. ويبلغ عدد المدخنين في الضفة والقطاع نحو 800 ألف، أي نحو 20% من السكان. وفي حال احتساب النسبة في إطار الفئة العمرية من 12 سنة فما فوق، ترتفع النسبة إلى نحو 25 % ."
كما أشارت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في العام 2010 أن 22.5% من الأفراد 18 سنة فأكثر في الأراضي الفلسطينية مدخنون؛ 26.9% في الضفة الغربية مقابل 14.6% في قطاع غزة. وسجلت أعلى نسبة للمدخنين في محافظة جنين (32.2%) وأدناها في محافظة شمال غزة (11.3%).
وفي عدد سابق لمجلة آفاق وضمن موضوع شذرات التي يعدها الصحافي عبد الباسط خلف فقد تطرق لمعلومات ذات صلة نقلاً عن الباحثة الفلسطينية خلود الدجاني، أشارت إلى أن مجموع ما ينفقه الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة على التدخين يقارب الـ 365 مليون دولار سنويا!( وهذا يعني مليون دولار في اليوم الواحد فقط!)
معتقدات تفشت بالأذهان
وتحت بند معتقدات وآراء للعام 2009 ضمن دراسة صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، فقد تم الاشارة إلى أن 55.3% من المدخنين يعلمون أن التدخين ضار بالصحة، كما أن 42.6 % من المدخنين يعتقدون ان التدخين يشعرهم بالراحة خاصة اثناء المناسبات مقارنة مع 16% من غير المدخنين. وأن 27.8 % من المدخنين يعتقدون أن الإناث يبدون أكثر جاذبية عند التدخين. و 33.6 % من المدخنين يعتقدون أن الذكور يبدون أكثر جاذبية عند التدخين.
غزة تثبت أن الظروف الصعبة لا تمنع من سن قانون صحي لمنع التدخين
وقد جاء في خبر صحفي نشر على موقع الحقيقة الدولية بقلم "علي البطة" وذلك في شباط 2012 إعلان اللجنة الوطنية العليا للتحرر من التبغ عن بدء تطبيق قانون يحظر التدخين في المركبات والأماكن العامة في قطاع غزة تنفيذاً لقرار اتخذته حكومة غزة.
وقال رئيس اللجنة الوطنية وزير الصحة في حكومة غزة باسم نعيم في مؤتمر صحفي عقد في غزة، إنه في الأول من شباط للعام 2012 سيتم تفعيل اللوائح القانونية للقانون واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من ظاهرة التدخين وفقا للقانون مشيراً إلى أن البدء بتنفيذ حملة منع التدخين ستبدأ بالمؤسسات والوزارات والمدارس والجامعات ووسائل النقل العام .
وأكد الوزير على أن الحكومة الفلسطينية وظفت خلال العام (2011) (400) موظف لملاحقة مهربي التدخين, مشيراً إلى ما أنفقته الحكومة على هذه الوظائف يكاد يساوي قيمة الضرائب المفروضة على التبغ. وذكر نعيم أن قطاع غزة يستهلك ما قيمة (450)مليون دولار سنويا على التدخين تكفي هذه المبالغ لتوفير (120) ألف فرصة عمل.
وتتساءل آفاق: إن كان القطاع بظروفه الصعبة والحصار الخانق المفروض عليه قد انتصر للصحة والبيئة بهذا القرار، فماذا يمنع الضفة الغربية لتحيا في ظل مثل هذا القانون االمطبق في عشرات الدول والذي أثبت نجاعته في الحد من التدخين؟ هل من تذرع بالظروف السياسية؟ لأن غزة قد كسرت هذه الشماعة المهترئة ؟؟
اللجنة توصي فهل من مجيب؟؟
وقد أوصت لجنة مكافحة التبغ وفق البيانات التي زودت بها فريال زيدان المجلة بالإجراءات المقترحة لحماية الشباب الفلسطيني من التدخين وآثاره وهي كالتالي:
- تطبيق وتفعيل قوانين منع الدعاية والترويج عن الدخان بأنواعه في وسائل الإعلام المختلفة حسب المادة (11) من القانون الفلسطيني رقم (25) لمكافحة التدخين.
- تطبيق وتفعيل قوانين منع التدخين في المدارس حسب المادة (5) من القانون الفلسطيني رقم (25) لمكافحة التدخين وبالأخص الطلاب و المعلمين .
- تطبيق وتفعيل إجراءات منع بيع السجائر لمن يقل عمرهم عن 18 سنة ومراقبة أصحاب المحلات حسب المادة (6) من القانون الفلسطيني رقم (25) لمكافحة التدخين.
- إصدار وتنفيذ تعليمات تمنع بيع السجائر المنفردة (فرط) ومراقبة أصحاب المحلات.
- إصدار وتنفيذ تعليمات تمنع تقديم الأرجيلة لمن يقل عمرهم عن 18 سنة في الأماكن العامة ومراقبة هذه الأماكن.
- تطبيق وتفعيل قوانين وزارة التربية والتعليم للحد من العنف الجسدي واللفظي ضد الطلاب في المدارس
وقد تم سن وتطبيق هذه القوانين والتشريعات في عدد من الدول المجاورة عن طريق اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ( للإطلاع أكثر في الملحق) وبالرغم من أنه قد تم إصدار قانون "مكافحة التدخين" في فلسطين عام 2005 لكنه لم يطبق بالشكل المطلوب حتى اليوم والنتيجة أن: وسائل الإعلام ما زالت تروج للتدخين. الطلاب ما زالوا يشاهدون المعلم يدخن داخل المدرسة وداخل الصفوف والبائعون في المحلات والمطاعم ما زالوا يقدمون السجائر والأرجيلة لمن هم دون 18 سنة.
وطالبت اللجنة وزارة الصحة والمجلس التشريعي الفلسطيني وكافة الشركاء المعنيين بمكافحة التدخين، الإصرار على متابعة ومراقبة تطبيق قانون مكافحة التدخين الذي تم إصداره للحد من ظاهرة التدخين. وعلى المجلس أيضا استكمال الخطوات التمهيدية للتوقيع على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ.
دراسة جامعة بيرزيت حول طلبة المدارس تدق ناقوس الخطر
وفي دراسة عن التدخين والعوامل المرتبطة به في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، صدر عن معهد الصحة العامة والمجتمعية، التابع لجامعة بيرزيت عام 2010 بدعم من برنامج البحوث الدولية من اجل مكافحة التبغ وهو برنامج مشترك لمركز بحوث التنمية الدولية في كندا ودائرة التنمية الدولية البريطانية، فقد استهدفت الدراسة طلبة الصفوف من السابع الى العاشر المقيمين في محافظة رام الله وسط الضفة الغربية ومحافظة جنين شمال الضفة الغربية، حيث لوحظ أن الأرض الفلسطينية تمر بمرحلة انتشار وبائي للتدخين وتدل على ذلك المعدلات المتزايدة للمدخنين الشباب على مدى الزمن، وقد تم تحديد مجموعة من العناصر التي يحتمل انها تساهم في هذا الانتشار ومن بينها نقص الوعي بمخاطر التدخين على الصحة، التعرض لنماذج من المدخنين سواء من الوالدين والمدرسين او حتى الاطباء الذين يعتنون بالمرضى، وضعف تنفيذ القوانين المتعلقة ببيع السجائر للقاصرين بالإضافة الى الظروف السياسية وتعرض الناس العاديين لعنف الاحتلال الاسرائيلي، ما يثير اسئلة حول علاقة التعرض للعنف والقدرة على التحمل واليات التدبر الايجابية في التعامل مع مشاكل التدخين باعتبارها عوامل اضافية ترتبط بسلوك التدخين بشكل خاص في هذه البلاد.
ويبدو ان انتشار التدخين بين الشباب في ازدياد في الضفة الغربية ففي الموجة الاولى من المسح العالمي للتدخين بين الشباب الذي اجري في 2001 فقد كانت نسبة التدخين 14% وقد ازدادت النسبة الى 18% ثم إلى 19% في عام 2008، وبالرغم من ان انتشار التدخين بين الاناث هو منخفض بسبب التقاليد والعادات وقيم العائلة، إلا ان النتائج التي اظهرتها هذه الدراسة، تدل على تزايد مستوى تدخين النرجيلة مع التقدم في الصف المدرسي وهي علامة تحذير لما هو آت وضرورة عمل حملة مضادة للتدخين بين الفتيات.
كما تشير نتائج هذه الدراسة الى ان 25% من العينة قد قاموا بتدخين السجائر او النرجيلة، وأن استهلاك السجائر من خلال الاعلانات وخاصة على شاشات التلفاز ولوحات الاعلانات ومن خلال الكبار الذين يمثلون القدوة للطلبة بمن فيهم الاهل وطاقم المدرسة يساهم في زيادة الظاهرة، كما تقدم هذه الدراسة دليلا على مدى سهولة وصول الطلبة في الارض الفلسطينية المحتلة السجائر والنرجيلة، وان هذه السهولة في الوصول تلعب دورا في بدء التدخين واستمراره بين هؤلاء الطلبة. وتشير الى ارتباط قوي بين التعرض للعنف والتدخين، وأن ارتفاع مستوى التعرض للعنف في البيت او المدرسة او من قبل الاحتلال. الأمر الذي يدعو الى الحد من العنف ضد الطلبة في المدرسة والبيت، ان لم يكن القضاء عليه كلياً، وهو ما يعود بالنفع اولا على سلامة هؤلاء الطلبة، ويفيد ثانيا في جهود تقليل التدخين.
قانون رقم 25 لعام 2005 يعد خطوة صحيحة باتجاه التفعيل، كما أن توفر الدراسات العلمية والمهنية حول واقع المجتمع الفلسطيني والتدخين والأخرى الدولية يدعم الموقف الرسمي باتجاه منع التدخين في الأماكن العامة، ولكن القانون "مجرد حبر على ورق" منذ أكثر من سبع سنوات. فما المانع من السعي نحو تفعيله؟! وهل الاحتلال والمفاوضات المتعثرة تقف حائلاً امام الحفاظ على صحة شعبنا الذي بات يتنفس النيكوتين كما يتنفس الهواء!!
______________________________________
ملاحق التقرير
الاتفاقية الإطارية بشأن مكافحة التبغ
أوّل معاهدة عالمية يتم التفاوض عليها برعاية منظمة الصحة العالمية في هذا الشأن. حيث تعد هذه الاتفاقية معاهدة مسندة بالأدلة العلمية التي تؤكّد مجدداً على حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة. وتمثل الاتفاقية معلماً بارزاً في تعزيز الصحة العامة، وتوفر أبعاداً قانونية جديدة للتعاون الدولي في مجال الصحة .
يندرج في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية لمكافحة التبغ جميع عناصر مكافحة التبغ بشكل متكامل، أهمها:
- مطالبة البلدان المصدقة على الاتفاقية بمنع الإعلان عن التبغ والترويج له وتقديم المنح ما عدا استثناءات محدودة للبلدان التي يمنع دستورها هذا الحظر التام.
- المطالبة بوضع بطاقة تحذيرية بمساحة تشغل على الأقل 30% من كل عبوة للسجائر
- حث الدول على اعتماد بطاقات توسيم تحذيرية أكبر بحيث تشغل 50% أو أكثر من كل عبوة
- المطالبة بحظر استخدام الأوصاف المضللة لمنتجات التبغ مثل "الخفيفة" و "المعتدلة"
- التزام الدول بحماية غير المدخنين من التعرض لدخان التبغ في الأماكن العامة
- الحث على إصدار تشريعات صارمة وعاجلة بشأن محتوى منتجات التبغ
- الدعوة لفرض ضرائب أعلى، والتنسيق العالمي لمحاربة تهريب التبغ، وتعزيز برامج الوقاية من التبغ والإقلاع عن التدخين والبرامج البحثية
- منع تهريب التبغ غير المشروع
- منع بيع التبغ بكل أنواعه للقاصرين
- إيجاد بدائل عمل للعاملين في مجال التبغ
- الحث على عمل حملات توعية للحد من التدخين
- تسهيل عملية الوصول إلى الطرق الفعالة لوقف التدخين
- حتى الآن انضمت 172 دولة من دول العالم لهذه الاتفاقية مع العلم أن 19 من 22 دولة في إقليم شرق المتوسط انضمت أيضا لهذه الاتفاقية مثل: البحرين، مصر، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، المغرب، عُمان، قطر، السعودية، سوريا، تونس، الإمارات المتحدة واليمن.
ثبت أن حالات الحظر الشامل المفروضة على الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته بفعالية عالية تساهم في الحد من التدخين بين المتعاطين من جميع مستويات الدخل والتعليم. وتشير التقديرات إلى أن كل زيادة في أسعار بيع منتجات التبغ بالتجزئة بنسبة 10% تؤدي إلى تقليل تعاطيه بنسبة 4% في البلدان المرتفعة الدخل و 8% في البلدان المنخفضة الدخل. إن رفع أسعار التبغ ومنتجاته من خلال زيادة الضرائب المفروضة عليها، هو أكثر الوسائل فعالية للحد من التدخين. بعض البلدان فرضت معدلات ضرائب تتجاوز نسبة 80% من سعر بيعها بالتجزئة.
القانون الفلسطيني لحظر التدخين في الأماكن العامة لعام 2005
|
قانون مكافحة التدخين رقم (25) لسنة 2005 الموقّع من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس وجاء فيه كالتالي: بعد الإطلاع على القانون الأساسي المعدل لسنة 2003م. وعلى قانون التبغ رقم (22) لسنة 1921م المعمول به في محافظات غزة. وعلى قانون التبغ رقم (32) لسنة 1952م المعمول به في محافظات الضفة. وعلى القرار رقم (158) لسنة 1995م بشأن تشكيل الهيئة العامة لاستيراد وتوزيع التبغ ومنتجاته.
وبناءً على ما أقره المجلس التشريعي في جلسته المنعقدة بتاريخ 5/1/2005م. وباسم الشعب العربي الفلسطيني. أصدرنا القانون التالي :
مادة (1)
يكون للكلمات والعبارات الآتية الواردة في هذا القانون المعاني المخصصة لها أدناه ما لم تدل القرينة على خلاف ذلك:
-الوزارة: وزارة الصحة
الوزير: وزير الصحة
المكان العام: المكان الذي لا يدخله الهواء إلا من خلال منافذ معدة لذلك مثل المدارس- الجامعات- المستشفيات- النوادي – المطاعم- قاعات الاجتماعات- صالات العرض... الخ وتعتبر وسائل النقل العام وأي أماكن تحددها الوزارة مكاناً عاماً.
التبغ: جميع أنواع التبغ المعد للتدخين بأي طريقة كانت مثل السجائر والسيجار والتمباك ونحو ذلك.
مادة (2)
يهدف هذا القانون إلى مكافحة تدخين التبغ في الأماكن العامة للمحافظة على الصحة العامة والبيئة .
مادة (3)
تقوم الوزارة بالتعاون مع الجهات المختصة بما يلي: العمل على مكافحة التدخين، دعم المؤسسات التي تعمل على مكافحة التدخين، نشر الوعي بمضار التدخين، الرقابة على مدى مطابقة التبغ المحلي والمستورد للمواصفات والمعايير الواردة في الأنظمة الصادرة بموجب القانون، إقامة المراكز المتخصصة لمساعدة المدخنين للإقلاع عن التدخين .
مادة (4)
يحظر تدخين أي نوع من أنواع التبغ في المكان العام .
مادة (5)
يحظر التدخين في ساحات المدارس ورياض الأطفال .
مادة (6)
يمنع بيع أو توزيع أو عرض أو الإعلان عن التبغ للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن (18) سنة .
مادة (7)
يحظر استيراد أو تصدير أو إنتاج التبغ أو عرضه للبيع ما لم يكن مطابقاً للمواصفات والمعايير المعتمدة .
مادة (8)
1- يجب أن يبين على كل علبة تبغ منتجة محلياً أو مستوردة نسبة مادة النكوتين والقطران أو أي مواد أخرى تحددها الوزارة.
2- يجب أن يثبت على كل علبة التحذيرات الصحية التي تحددها الوزارة من مضار التدخين على أن لا تقل مساحة التحذير عن 20% من الواجهة الأمامية لعلبة التبغ.
3- تسري أحكام هذه المادة على كل مغلف تبغ معد للبيع أو الاستهلاك .
مادة (9)
يحظر استيراد أو بيع أو صنع مقلدات التبغ بما فيها أصناف الحلويات ولعب الأطفال التي تصنع على أي شكل من أشكال التبغ .
مادة (10)
يحظر وضع ماكينات بيع التبغ التي تعمل بالنقود في الأماكن العامة .
مادة (11)
يحظر إعداد أو طبع أو عرض أو تعليق أي إعلان لأغراض الدعاية عن التبغ أو الترويج له .
مادة (12)
كل من يخالف أحكام المواد ( 6 ، 7 ، 8 ، 9 ، 10، 11 ) من هذا القانون يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن مائتي دينار ولا تزيد على ألف دينار أو بما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً أو بإحدى هاتين العقوبتين كما يجب الحكم بمصادرة التبغ وماكينات بيعه ويجوز أن يشمل الحكم إغلاق المصنع أو المتجر الذي ضبطت فيه الجريمة .
مادة (13)
يعاقب كل من يخالف أحكام المواد ( 4 ، 5 ) من هذا القانون بالحبس بمدة لا تزيد على أسبوع وبغرامة لا تقل عن عشرين ديناراً ولا تزيد على مائة أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً أو بإحدى هاتين العقوبتين .
مادة (14)
تؤول كافة الغرامات المستوفاة والأموال المصادرة بموجب هذا القانون للخزينة العامة للدولة .
مادة (15)
على مجلس الوزراء بناءً على تنسيب الوزير إصدار الأنظمة اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون .
مادة (16)
يلغى كل ما يتعارض مع أحكام هذا القانون .
مادة (17)
على الجهات المختصة كافة-كل فيما يخصه- تنفيذ أحكام هذا القانون، ويعمل به بعد ثلاثين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية .
صدر في مدينة رام الله بتاريخ: 28/3/2005 ميلادية.
تحقيق رائع ومؤثر...نأمل أن يتعظ منه متعاطو التدخين من كبار وصغار ...
كارمن عطالله
شكرا لك يا أستاذة ربى على هذا التحقيق المهني، لكن ما أود أن ألفت إليه الأنظار أن الضرر الصحي غير نابع أساسا ن نبتة التبغ بحد ذاتها بل من المضافات الكيماوية ومتبقيات المبيدات السامة ...
عصام كسلاوي
تقرير مثير وخطير...الحقائق التي أوردها يفترض أن تحرك وزارتي التربية والتعليم والصحة فورا لإنقاذ أطفالنا من هذه الآفة القاتلة...ولا مجال بعد اليوم للمماطلة في تنفيذ قانون مكافحة التدخين لعام 2005، علما بأن المستفيد من هذه المماطلة هم وكلاء وسماسرة شركات الدخان، فضلا عن المسؤولين الحكوميين أنفسهم المدمنين على التدخين ويسوقون لنا الحجج والذرائع لعدم تنفيذ القانون ...
كايد شلبي
|