:اريد حـــلا
فلنربِ أطفالنا على حب الطبيعة منذ نعومة أظفارهم
جورج كرزم
عالجنا في عدد سابق بعض الأفكار المفيدة والعملية التي تساعدنا في تربية أبنائنا تربية صحية ومنسجمة مع البيئة. سنستعرض في هذا العدد مزيدا من الأفكار والتوصيات البسيطة وسهلة التطبيق.
بدايةً، نشير إلى أن من أجمل العادات والسلوكيات التربوية والثقافية التي يجدر بنا ترسيخها في أطفالنا، هي المطالعة اليومية. وفي إطار التربية البيئية للأطفال، لا بد، بين الفينة والأخرى، من إعطائهم كتبا مبسطة وشيقة، تعالج ظواهر ومواضيع بيئية هامة وجذابة، تساعدهم، منذ الطفولة، على اكتشاف أسرار البيئة وجمالها ومشاكلها.
وننوه هنا إلى بعض السلوكيات الشائعة جدا والسيئة بيئيا وصحيا، والتي تنعكس سلبا على صحة أطفالنا بشكل خاص، والبيئة بشكل عام، ونقصد تحديدا، المبالغة في استعمال المناديل الورقية الرطبة، وأقمطة الأطفال المصنعة. إذ أن العديد من الأمهات يستعملن المناديل الورقية الرطبة يوميا، لتنظيف الأطفال من بقايا الطعام أو الخروج. وهنا يجب ألا تخدعنا الإعلانات التجارية التي تروج لهذه المناديل، باعتبارها مناديل سهلة الاستعمال ويمكن التخلص منها فورا. والحقيقة أن هذه المناديل تحوي مواد كيميائية ضارة وملوثة. لذا، فلنقلل إلى الحد الأدنى من استعمالها، وعند الضرورة فقط، ويفضل أن نستبدلها بالفوط القماشية.
أما أقمطة الأطفال المصنعة، فتشكل في العديد من المنازل، ما لا يقل عن 4 – 5% من النفايات المنزلية. وهي ترمى بعد الاستعمال لمرة واحدة. وتتكون هذه الأقمطة من مواد بلاستيكية وكيميائية بهدف الامتصاص. ويقدر المنتجون، بأن تصنيع كل 500 إلى 1000 قماط، يستهلك شجرة واحدة متوسطة الحجم، علما بأن نحو 150 مليار من أقمطة الأطفال تستعمل سنويا، وبالتالي ترمى بعد الاستعمال. إذن، تعد الكلفة البيئية والاقتصادية لاستعمال أقمطة الأطفال والتخلص منها مرتفعة جدا. ويضاف إلى ذلك، أن البلاستيك في هذه الأقمطة يسبب حرارة وحساسية للعديد من الأطفال. والأخطر من ذلك، أن العجينة الورقية المستخدمة في تصنيع الأقمطة يتم تبييضها بواسطة الكلور، ما يؤدي إلى التلوث بالديوكسين.
ومن الملفت للنظر، أن العديد من الناس في البلدان المتقدمة، أخذوا يستعملون الأقمطة القماشية. وهناك حاليا توجه لإنتاج الأقمطة القابلة لإعادة الاستعمال. وتنتشر في بعض البلدان الأوروبية واليابان والولايات المتحدة شركات تجارية متخصصة في جمع الأقمطة القماشية المتسخة من الأهالي أسبوعيا، وبيعهم، بدلا منها، أقمطة نظيفة ومعقمة.
ومن العادات التربوية البيئية، تعليم أطفالنا إعادة استعمال الثياب، وبالتالي تربيتهم على احترام الطبيعة، منذ الطفولة. فلنحافظ على ملابس الولد الأكبر لإخوته الأصغر منه، أو فلنقدمها إلى الأقارب والأصدقاء والجمعيات الخيرية.
وكما ذكرنا في أعداد سابقة، من الضروري تجنيب أطفالنا تناول السكاكر والحلوى والكريمات الاصطناعية التي تحوي مضافات وسكريات كيماوية قد تتسبب في العديد من الأمراض، فضلا عن الحساسية الحادة والإفراط في النشاط وخلخلة التوازن السلوكي. والجدير بالذكر، أن معظم أطعمة الأطفال المعلبة التي كتب على عبواتها "خال من السكر"، أو "سكر قليل"، تحوي على ما لا يقل عن 25% من السكر الصافي. وبدلا من السكر، تحوي العديد من الأطعمة المعلبة على سكريات اصطناعية، مثل الغلوكوز والفركتوز، فضلا عن المحليات الاصطناعية. إذن، لا تعودوا أطفالكم على تناول الحلويات كلما رغبوها. ولنقدم لهم الفاكهة والخضار الموسمية، مثل التين، والصبر، والعنب، والتفاح، والبرتقال، والجزر، والجوز، واللوز، والزبيب، والبندق، والقطين، والتمر.
علاوة على ذلك، يجب ألا نحول أولادنا إلى مدخنين لاإراديين، بسبب استنشاقهم دخان سجائر الآخرين، علماً بأن دخان السجائر يحوي مادتين خطرتين وهما الرصاص والكادميوم. وعندما يستنشق الأطفال النيكوتين باستمرار، يتحولون إلى عدائيين. ناهيك أن المدخنين اللاإراديين قد يعانون من النزلة الصدرية والسعال والزكام والربو.
ولا بد أن يعتاد الأطفال أيضا، الجلوس بعيدا عن شاشة التلفاز، علما بأن الإشعاعات تتضاءل كثيرا على مسافة مترين فما فوق من الشاشة. وتوجد في الأسواق أجهزة تلفاز ينبعث منها إشعاعات أقل. وفي كل الأحوال، يجب ألا تزيد فترة جلوس الأولاد أمام جهاز التلفاز عن ثلاث ساعات يوميا. كما يجب وضع أنظمة مشددة تتعلق بالأوقات المتاحة لألعاب الكمبيوتر والألعاب الإلكترونية الأخرى، لأنها تؤذي أعين الأطفال، وتوتر أعصابهم وتعزلهم عن البيئة الطبيعية من حولهم.
وفيما يتعلق بألعاب الأطفال، يفضل تعويد الأطفال على الألعاب التثقيفية، والألعاب الحرفية المعمرة، والألعاب المتينة، كالدمى القماشية والخشبية، والابتعاد عن الألعاب الميكانيكية. ويعد هذا التوجه منسجما مع البيئة، وأوفر تكلفة، وأقل توليدا للألعاب المهشمة، فضلا عن انتقال الألعاب التعليمية والمتينة من الأبناء الكبار إلى إخوتهم الأصغر. وإجمالا، علينا أن نُعَلِّمَ أطفالنا تجنب الاستهلاك غير المجدي. كما يجب الابتعاد عن الألعاب التي تحوي مواد سامة، كالدهان والورنيش، أو المصنوعة من البلاستيك أو التي تستهلك البطاريات.
أخيرا، فلنربي أطفالنا على اكتشاف البيئة التي يعيشون فيها، من خلال تشجيعهم على زراعة النباتات والأعشاب والأزهار بأنواعها المختلفة. ولنزرع وإياهم الخضار والفاكهة سريعة النمو، ولنَحُثَّهم على تناولها.
للمزيد من التفاعل، أو للحصول على معلومات إضافية، يمكنكم الكتابة على العنوان الإلكتروني التالي:
george@maan-ctr.org
|