مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
نيسان 2012 العدد-43
 
Untitled Document  

مبادرات بيئية :

يصنع من النفايات فناً تشكيلياً
مواطن يكرس حياته لخدمة البيئة

1
زخرفه

ثائر فقوسة
خاص بآفاق البيئة والتنمية

لم ترق له تلك المناظر القاتمة من النفايات التي أصبحت تملؤ المكان وأخذت تشوه جنبات شوارع حارته الصغيرة في بلدة الشيوخ بمحافظة الخليل، حيث فكر في التخلص منها ... لكن على طريقته الخاصة، ورغم السخرية التي تعرض لها من قبل المواطنين أثناء خروجه يوميا لجمع المخلفات البلاستيكية، إلا انه استطاع ان يصنع منها تحفاً فنية تسر كل من تقع عيناه عليها، وتبعث الأمل في نفوس كل من يفكر بأن يكون صديقا للبيئة.
هذا ما قام به المواطن رزق عويضات (40 عاما) الذي يعاني من صعوبة في النطق بسبب مرض أصابه منذ الصغر، حيث استغل أوقات فراغه في الحفاظ على جمال ونظافة بلدته، واستطاع إنشاء حديقة منزلية من العبوات البلاستيكية والمعدنية والكرتون التي يتخلص منها المواطنون بصورة عشوائية هنا وهناك. بكلمات متلعثمة ومبعثرة يشير عويضات إلى إقدامه على تدوير تلك المواد (البلاستيك والمعادن) التي يراها تتراكم بشكل يومي دون أن تتحلل، ما دفعه إلى التفكير في استغلالها في أشياء مفيدة وتحويلها من مواد ضاره بالبيئة الى لوحات تشكيلية بأقل التكاليف والجهد، حيث بدأ بتزيين حديقة منزله بعد ان تمكن من جمع ما يقارب من نصف طن من هذه المواد.

زينة بالنفايات
لوحات فنية لزرق عويضات

ففي البداية واجه "عويضات" معارضة المواطنين وسخريتهم خاصة عندما كان يمضي ساعات طويلة وهو يجوب الشوارع ويحمل على ظهره كيسا لوضع العبوات والعلب والقناني التي يعثر عليها. ومن الذين يعرفونه قال المواطن احمد الحلايقة: "كان الجميع يتساءل عن السبب وراء جمعه هذه الكميات الكبيرة من النفايات البلاستيكية والمعدنية دون ان يقوم ببيعها كعادة من يعمل في هذه المهنة، وكانت إحدى عبارات السخرية التي تترد بين المواطنين "شوفو بنظف الشوارع وبوسخ بيته" و "عامل بيته مكب للأوساخ" ومنذ ان بدأ عويضات بتحويل هذه المواد إلى أشكال وزخارف جميلة، سرعان ما تحولت السخرية الى إعجاب سيما عندما شاهدنا حديقته التي نسجها من تلك المخلفات، ليصل الأمر إلى قيام بعض المواطنين بجمع هذه المواد من منازلهم  وإرسالها له من اجل مشاركته في هذا الإبداع".
مصائب حرق البلاستيك
محاولات عويضات البسيطة لحماية البيئة أصبحت جزءاً من هواياته التي يصعب التخلي عنها، لكنه ما زال يحلم في ذلك اليوم الذي يشاهد بلدته خالية من هذه النفايات. وان يعي المواطنون خطرها على صحتهم.
ومن الجدير ذكره ان المخلفات البلاستيكية آخذة بالازدياد في الأراضي الفلسطينية، وهي مواد غير قابلة للتحلل داخل التربة ولا يمكن التخلص منها من خلال عملية الطمر، وبالتالي تظل متواجدة مسببة تلوث التربة، كما ان عملية حرقها تلوث الهواء بسبب المواد الكربونية شديدة الضرر المنبعثة من تلك الحرائق، والناتجة عن تصاعد أبخرة غازات وأحماض سامة مثل الفوسجين والهيدروكلوريك، وأيضا تصاعد مركبات الدايوكسين وتلك الكلورونية شديدة الخطورة .

رزق عويضات يقف امام لوحاته
لوحة بيئية لرزق عويضات من تدوير النفايات

وبما ان عمليات الحرق والطمر المتبعة في الضفة الغربية للتخلص من هذه النفايات، ثبت أنها تعود بالضرر البالغ على الإنسان والتربة والمياه والهواء .... فما أحوجنا في هذه الأيام إلى أشخاص مثل عويضات يحاولون على طريقتهم الخاصة حمايتنا ولو بطرق بسيطة ... لكن الأهم، هو حاجتنا الماسة إلى إستراتيجية رسمية، تعمل بشكل جدي على حل مشكلة النفايات الصلبة من خلال إعادة تدويرها والاستفادة منها.

 

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية